وقفات مع الصائمات
يقبل علينا شهر الرحمة
والمغفرة والعتق من النار ، شهر الصيام والقيام والقرآن , شهر مضاعفة الحسنات
وتكفير السيئات ، يقبل ومعه نفحات الأجر والمثوبة ، وفرص الخير المتنوعة ، يقبل
ليروض النفوس ، ويحررها من رق الشهوات ، وأسر العادات ، فتفتح أبواب الجنة ، وتغلق
أبواب النار ، وتصفد الشياطين ، وينادى المنادي : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي
الشر أقصر .
أختي الصائمة :
اقدري نعمة الله وعظيم
فضله عليك ، حيث مد في عمرك وبلغك هذا الشهر لتتزودي فيه من العمل قبل حلول الأجل
، وأنت تعرفين من أخواتك اللاتي سبقوك إلى الدار الآخرة وحال الموت بينهن وبين
بلوغ هذا الشهر ؟! ، فليكن في ذلك أعظم واعظ لك للتزود من الطاعات والقربات ، وتجديد
العزم وإخلاص القصد ، قبل أن يحال بينك وبينه .
أختي الصائمة :
تذكري أن الغاية الكبرى
من الصوم تحقيق تقوى الله عز وجل ، التقوى التي توقظ القلوب وتحيي الضمائر ، وتصون
النفوس من دنس الآثام ، وما لم يكن الصوم طريقاً لتحصيل هذه التقوى فقد فَقَد
ثمرته وغايته ، فالصائم حقيقة هو من صامت جوارحه عن الآثام ، ولسانه عن الكذب
والفحش والغيبة وقول الزور ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم- : ( إذا كان يوم صوم أحدكم
فلا يرفث ، ولا يصخب ) متفق عليه ، وقال : ( من لم يدع قول
الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) رواه البخاري ، فاجعلي من صيامك وسيلة
لتحقيق هذه التقوى ، وتجنبي مجالس الفارغات ، وتخلقي بأخلاق الصائمات الحافظات
لألسنتهن وأبصارهن وجوارحهن عن كل مخالفة تخدش الصوم ، وألزمي نفسك الكلام الطيب
الجميل وليكن لسانك رطباً بذكر الله ، ولا يكن يوم صومك ويوم فطرك سواء .
أختي الصائمة :
احذري لصوصَ رمضان ،
الذين ينتظرون هذا الشهر بفارغ الصبر لكي يسطوا على أخلاق الناس ، ويسلبوا عقولهم
واهتماماتهم ، ويفسدوا عليهم روحانيته وعبق أيامه ولياليه ، ويحيلوا حياتهم إلى
اللهو والهزل ، وهدر الوقت والعمر ، في أرجى مواسم التوبة ، والسمو بالروح والنفس
، ففي الوقت الذي صفدت فيه شياطين الجن ومردتها ، يأبى هؤلاء إلا أن يقوموا بنفس
الدور ، وينوبوا عنهم في أداء هذه المهمة ، وما أن يقترب شهر الصيام حتى يحتدم
التنافس الفضائي ، والعروض الرمضانية التي لا علاقة لها إطلاقاً بالعبادة والطاعة ،
بل هي على النقيض من ذلك تماماً ، حتى تحول شهر الصبر والمصابرة والجهد والمثابرة
، والتنافس في الخيرات ، والمسارعة إلى الصالحات عند بعض من لا خلاق لهم إلى شهر
اللهو والعبث ومعاقرة الشهوات والإسراف فيما أحل الله وحرم إلا من رحم ربي .
فهل ستحفظين شهرك ،
وتصونين عمرك ، من عدوان المعتدين ، وإفك الظالمين ، واللصوص المحترفين ، أم
ستمنحيهم الفرصة وتخلين بينهم وبين وقتك وعبادتك وأخلاقك ؟!.
أختي الصائمة :
تجنبي ارتياد الأسواق في
هذا الشهر الكريم وبخاصة في العشر الأواخر ، واحرصي على عدم الخروج من البيت إلا
لضرورة ، أو طاعة ، أو حاجة لابد منها ، وإياك والإسراف والتبذير في المآكل
والمشارب ، ولا تجعلي من هذا الشهر موسماً للكسل والخمول ، وقضاء النهار في
النوم ، والليل في السهر ، وليكن همك الأكبر هو مضاعفة الجهد والاستكثار من
الطاعات المتنوعة من بر وإحسان وقراءة للقرآن ، وصلاة وذكر واستغفار .
أختي الصائمة :
اجعلي دائماً نصب عينيك
الجائزة الكبرى التي وضعت لمن يفوز في هذا السباق ، جائزة تتقاصر دونها كل الجوائز
، وتتضائل أمامها كل الحوافز ، من حرمها فهو المحروم ، ومن ضيعها أو فرط فيها فهو
الملوم ، كيف والثمن الجنة ، والجزاء مغفرة تجعل المرء في حل فيما سبق في حياته ؟!
(( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام
رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً
واحتساباً غفر له تقدم من ذنبه ) .
فهل ستقبلين المنافسة
والتحدي ما دام السوق قائماً ، والسباق جارياً ، وتكونين ممن يفوز بهذه الجائزة
الربانية ، والمنحة الإلهية ؟ اعقدي العزم ، واصدقي النية ، وتوجهي إلى الله
بالدعاء فمن صدق الله صدقه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق