لا يستطيع المرء من خلال هذه الصفحات القليلة
المتواضعة ، مهما كان محتواها وحجمها أن يستوفي ذلك التاريخ المشرق الذي خط أسطورته
الشعب الجزائري بدمائه الزكيّة ، ليفجّر على زفير الاباء ، وشهيق الكرامة ثورة مجيدة ولدت لتكبرفي حضن الاستقلال .لاسترداد الكرامة الجزائرية المهدورة
.... فكان كل التراب الجزائري رحما للمقاومة الشعبية بمختلف فئاتها..... فكانت
صرحا ثابتا لا تقهره أي قوة مزعومة ، هوت أمام عزيمة الرجال الذين آمنوا بالثورة قلبا وروحا فباعوا أنفسهم في سبيل الله
لتحيا الجزائر عربية إسلامية رغم انف المعتدين الطّغاة
اندلعت ثورة التحرير الجزائرية في 1 نوفمبر 1954 ضد الاستعمار الفرنسي الذي احتل البلاد منذ سنة 1830 ودامت طيلة 7 سنوات ونصف من
الكفاح المسلح والعمل السياسي وانتهت باعلان استقلال الجزائر يوم 5 جويلية 1962 بعد أن استشهد فيها أكثر
من مليون ونصف مليون جزائري مسطرة واحدة من اعظم ما شهد التاريخ من ثورات.
-
دارت الحرب بين الجيش الفرنسي والمجاهدين
الثوار الجزائريين الذين استخدموا حرب عصاباتالوسيلة الأكثر ملاءمة لمحاربة قوة جرارة مجهزة أكبر تجهيز خصوصا وأن
المجاهدين الجزائريين لم يكونوا يتوفرون على تسليح معادل، استخدم المجاهدون
الجزائريون الحرب البسيكولوجية بصفة
متكاملة مع العمليات العسكرية.
-
كان الجيش الفرنسي يتكون من قوات الكوموندوس
والمضليين والمرتزقة المتعددة الجنسيات، قوات حفظ الأمن، قوات الاحتياط والقوات
الإضافية من السكان الأصليين الخونة أو ما اطلق عليهم (الحركة)
-
حضت قوات جيش التحرير الوطني الفرع العسكري لجبهة
التحرير الوطني على تأييد تام من طرف الشعب الجزائري والجالية الجزائرية في المهجر
وخاصة في فرنسا.
- انتهت الحرب بإعلان استقلال الجزائر في 5 جويلية 1962 نفس التاريخ الذي أعلن فيه احتلال الجزائر في 1830 أعلن عنه الجنرال ديغول في التلفزيون للشعب الفرنسي. جاء نتيجة استفتاء تقرير المصير للفاتح
جويلية المنصوص علية في اتفاقيات
ايفيان 18مارس 1962 وإعلان ميلاد الجمهورية الجزائرية في 25 من سبتمبر ومغادرة مليون من
الفرنسيين المعمرين بالجزائر منذ1830
بدأت المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال مع نزول أرض الجزائر، وكان أقوى
حركاتها حركة الجهاد التي أعلنها الأمير عبد القادر الجزائري في [1848هـ=1832م]،
واستمرت خمسة عشر عامًا، استخدم فيها الماريشال الفرنسي "بيجو"، وقواته
التي وصل عددها (120) ألف جندي، حرب إبادة ضد الجزائريين، والحيوانات، والمزارع،
فوقع الذعر في قلوب الناس، واضطر الأمير عبد القادر إلى الاستسلام في
[161هـ=1847م]. لم تهدأ مقاومة الجزائريين بعد عبد القادر، فما تنطفئ ثورة حتى
تشتعل أخرى، غير أنها كانت ثورات قبلية أو في جهة معينة، ولم تكن ثورة شاملة؛ لذا
كانت فرنسا تقضي عليها، وضعفت المقاومة الجزائرية بعد ثورة أحمد بومرزاق سنة
[1288هـ=1872م]، وقلت الثورات بسبب وحشية الفرنسيين، واتباعهم سياسة الإبادة
التامة لتصفية المقاومة، وفقدان الشعب لقياداته التي استشهدت أو نفيت إلى الخارج،
وسياسة الإفقار والإذلال التي اتبعت مع بقية الشعب.
وقد أحدث
المشروع الاستعماري الفرنسي في الجزائر جروحًا عميقة في بناء المجتمع الجزائري،
حيث عملت فرنسا على إيقاف النمو الحضاري والمجتمعي للجزائر مائة واثنتين وثلاثين
سنة، وحاولت طمس هوية الجزائريين الوطنية، وتصفية الأسس المادية والمعنوية التي
يقوم عليها هذا المجتمع، بضرب وحدته القبلية والأسرية، واتباع سياسة تبشيرية تهدف
إلى القضاء على دينه ومعتقده الإسلامي، وإحياء كنيسة أفريقيا الرومانية التي أخذت
بمقولة "إن العرب لا يطيعون فرنسا إلا إذا أصبحوا فرنسيين، ولن يصبحوا
فرنسيين إلا إذا أصبحوا مسيحيين". وكان التوجه الفرنسي يعتمد على معاداة
العروبة والإسلام، فعملت على محو اللغة العربية، وطمس الثقافة العربية والإسلامية،
وبدأ ذلك بإغلاق المدارس والمعاهد، ثم تدرج مع بداية القرن العشرين إلى منع تعلم
اللغة العربية باعتبارها لغة أجنبية، وعدم السماح لأي شخص أن يمارس تعليمها إلا
بعد الحصول على ترخيص خاص وفي حالات استثنائية، ومن ناحية أخرى عملت على نشر
الثقافة واللغة الفرنسية، واشترطوا في كل ترقية اجتماعية ضرورة تعلم اللغة
الفرنسية، كذلك عملوا على الفصل بين اللغة العربية والإسلام، والترويج لفكرة أن
الجزائريين مسلمون فرنسيون.
واهتم الفرنسيون بالترويج للهجات المحلية واللسان العامي على حساب
اللغة العربية، فشجعوا اللهجةالجزائرية، واتبعوا كل سبيل لمحاربة اللسان العربي، واعتبروا اللغة العربية
الفصحى في الجزائر لغة ميتة. وقد سعى الفرنسيون إلى ضرب الوحدة الوطنية الجزائرية
بين العرب والبربر، فأوجدوا تفسيرات مغرضة وأحكاما متحيزة لأحداث التاريخ
الجزائري، ومنها أن البربر كان من الممكن أن يكون لهم مصير أوروبي لولا الإسلام،
واعتبروا العنصر البربري من أصل أوروبي، وحكموا عليه بأنه معاد بطبعه للعرب، وسعوا
لإثبات ذلك من خلال أبحاث ودراسات تدعي العلمية، وخلصوا من هذه الأبحاث
الاستعمارية في حقيقتها إلى ضرورة المحافظة على خصوصية ولغة منطقة القبائل
البربرية بعيدًا عن التطور العام في الجزائر. واتبع الفرنسيون سياسة تبشيرية
لتنصير المسلمين خاصة في منطقة القبائل، فتعرض رجال الإصلاح وشيوخ الزوايا للتضييق
والمراقبة والنفي والقمع، وفتحت كثير من المدارس التبشيرية وبنيت الكنائس ووجه
نشاطها للأعمال الخيرية والخدمات الاجتماعية لربطها بواقع السكان هناك، وقام
الرهبان والقساوسة بالتدريس في الكثير من المدارس. وحسب الإحصائيات الفرنسية
بالجزائر فإن منطقة القبائل كان بها مدرسة لكل (2100) طفل، في حين كانت هناك مدرسة
لكل أربعين ألف طفل في بعض المناطق الأخرى بالجزائر. وسعى الفرنسيون إلى عزل بعض
المناطق بالجزائر والحيلولة دون اتصالها أو تفاعلها مع باقي المناطق الأخرى، وكان
تركيزهم على منطقة القبائل، ورعوا نزعاتها الإقليمية التي تتنافى مع وحدة الشعب
الجزائري، وذلك بالاهتمام بالأعراف والتقاليد واللهجات والفولكلور على حساب
الثقافة العربية الإسلامية، وصدرت تعليمات واضحة لموظفي الإدارة الاستعمارية
الجزائرية تتلخص في ضرورة حماية القبائل وتفضيلهم في كل الظروف على العرب، ولولا
المواقف الشجاعة والتضحيات التي قدمها أبناء القبائل لأمكن للمخطط الاستعماري
تدمير البنية الاجتماعية للشعب الجزائري في تلك المناطق.
كانت بداية الثورة بمشاركة 1200مجاهد على المستوى الوطني بحوزتهم 400
قطعة سلاح وبضعة قنابل تقليدية فقط. وكانت الهجومات تستهدف مراكز الدرك والثكنات
العسكرية ومخازن الأسلحة ومصالح إستراتيجية أخرى، بالإضافة إلى الممتلكات التي
استحوذ عليها الكولون..شملت هجومات المجاهدين عدة مناطق من الوطن، وقد استهدفت عدة مدن وقرى عبر المناطق الخمس : باتنة، أريس، خنشلة وبسكرة في المنطقة الأولى، قسنطينةوسمندو بالمنطقة الثانية، العزازقة وتيغزيرت وبرج منايل وذراع الميزان بالمنطقة الثالثة. أما في المنطقة
الرابعة فقد مست كلا من الجزائر وبوفاريك والبليدة، بينما كانت سيدي علي وزهانة ووهران على موعد مع اندلاع الثورة في المنطقة الخامسة
(خريطة التقسيم السياسي والعسكري للثورة 1954 -1956).وباعتراف السلطات الاستعمارية،
فإن حصيلة العمليات المسلحة ضد المصالح الفرنسية عبر كل مناطق الجزائر ليلة أول
نوفمبر 1954، قد بلغت ثلاثين عملية خلفت مقتل 10 أوروبيين وعملاء وجرح 23 منهم
وخسائر مادية تقدر بالمئات من الملايين من الفرنكات الفرنسية. أما الثورة فقد فقدت
في مرحلتها الأولى خيرة أبنائها الذين سقطوا في ميدان الشرف، من أمثال بن عبد
المالك رمضان وقرين بلقاسم وباجي مختار وديدوش مراد وغيرهم، فكانوا ابطال الجزائر
وأسيادها الذين حققوا الانتصار..
استقلال الجزائر
1. مقدمة : بناءا على ما تضمنته المادة 17 من الباب الثالث من نصوص
اتفاقيات ايفيان والمتضمن إجراء استفتاء خلال فترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر
من تاريخ نشر النص على أن يحدد هذا التاريخ وفقا لاقتراح الهيئة التنفيذية بعد
شهرين من تنصيبها.
2. التحضـيرات للاستفتـاء: في إطار صياغة جملة الضمانات والشروط المفصلة بتنظيم الأحكام
العامة خلال المرحلة الانتقالية اعتبارا من يوم 19 مارس 1962 وبناءا على ذلك،
واستنادا إلى ما تضمنه نص الجزء الثالث من مواد ضمانات تنظيم الاستفتاء على تقرير
المصير والجزء الرابع من الاتفاقيات الذي ينص على تشكيل قوة محلية للأمن غايتها
الإشراف على استفتاء تقرير المصير وقد جاءت المواد 19، 20 و21 لتحديد مواصفاتها
والصلاحيات التي تضطلع بها، بقي جيش وجبهة التحرير الوطني يستعدان لإجراء
الاستفتاء في جو من الحيطة والحذر إلى أن حل الفاتح من جويلية 1962. وقد اجتمعت لهذا
الحدث التهيئة والتحضيرات العامة لتعبئة الشعب منها توزيع مناشير على المواطنين
لتوعيتهم وحثهم على المشاركة بقوة في هذا الحدث بعد أن ضبطت الهيئة التنفيذية
المؤقتة بمقرها في روشي نوار (بومرداس حاليا) موعد الاستفتاء بالفاتح جويلية 1962،
حيث استجاب المواطنون بنسبة كبيرة جدا لهذا الحدث الهام، وتضمنت استمارة الاستفتاء
الإجابة بنعم أو لا على السؤال التالي : هل تريد أن تصبح الجزائر دولة مستقلة
متعاونة مع فرنسا حسب الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962.
3. نتائج الاستفتاء: في 2 جويلية شرع في عملية فرز الأصوات، كانت حصيلة النتائج
لفائدة الاستقلال بأغلبية مثلما أكدته اللجنة المكلفة بمراقبة سير الاستفتاء صباح
يوم 3 جويلية 1962، فمن مجموع المسجلين المقدرين بـ 6.549.736 موزعين على 15
مقاطعة عبّر 5.992.115 بأصواتهم منهم 5.975.581 أدلى بنعم، و 16.534 بـ :لا.
4. الاعتراف بالاستقلال: بمقتضى المادة 24 من الباب السابع المتعلقة بنتائج تقرير
المصير وطبقا للمادة 27 من لائحة تقرير المصير:
§
§ تعترف فرنسا فورا باستقلال الجزائر.
§ يتم نقل السلطات فورا.
§ تنظم الهيئة التنفيذية المؤقتة في خلال ثلاثة أسابيع
انتخابات لتشكيل الجمعية الوطنية الجزائرية التي تتسلم السلطات.
وبناء على ذلك أعلنت نتائج الاستفتاء يوم السبت 3 جويلية 1962 وبعث الرئيس
الفرنسي شارل ديغول إلى السيد عبد الرحمن فارس رئيس الهيئة التنفيذية المؤقتة
للجمهورية الجزائرية رسالة تحمل الاعتراف باستقلال الجزائر. واعتبر يوم الاثنين 5
جويلية 1962 التاريخ الرسمي لاسترجاع السيادة الوطنية التي سلبت في ذات اليوم من
سنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق