كثيرًا ما يواجه مدراء الشّركات التّجاريّة المختلفة مشاكل في كيفيّة الوصول إلى القرارات المناسبة من أجل تطوير مؤسّساتهم وتطوير الموظفين فيها وتحفيزهم، فترى المدير يبذل الوقت الكثير للوصول إلى حلٍّ لمعضلة معيّنة دون أن يتوصّل إلى نتيجةٍ مفيدة صالحة أو فكرة مجدية، وقد واجه أحد مدراء الشّركات قديمًا ويدعى أليكس أوزبورن مشاكل كثيرة في شركته دعته إلى ابتكار طريقةٍ جديدة وفريدة من نوعها علّها تحدث تغييرًا في أسلوب حلّ المشكلات واتخاذ القرارات، وقد سمّيت هذه الطّريقة بأسلوب العصف الذّهني؛ حيث تخرج الأفكار من قبل المجتمعين في قاعةٍ معيّنة مثل: العواصف بكلّ اتجاه، ومن دون قيودٍ أو عوائق ما دامت نهاية تلك العواصف ستتمخّض عن هدوءٍ في نهاية الأمر، ووصولٍ إلى برّ الأمان؛ حيث يظفر المشاركون في جلسات العصف الذّهني بفكرةٍ معيّنة أو حلٍّ مناسب لمعضلاتهم ومشاكلهم. وقد كتب اليكس كتابًا أسماه التّخيّل التّطبيقي؛ حيث وضع فيه قواعداً لأسلوب العصف الذّهني، وكيف تتم جلساته بالشّكل الذي تنتج فيه الفائدة والثّمرة المرجوة منها، وقد وضع أربعة مبادىء لجلسة العصف الذّهني ترتكز عليها وهي:
التّركيز على الكمّ؛ إذ إنّ الهدف من هذه الجلسات هو أن يقدّم كلّ مشارك رأيه أو فكرته بكلّ صراحة ومن دون تحديد لعدد المقترحات أو الأفكار المطروحة من قبل كلّ مشارك، فلكلّ مشاركٍ أن يطرح ما يحلو له من أفكار مهما كثرت حتّى يتسنّى فيما بعد عرض تلك الأفكار ومناقشتها مناقشةً صحيحة.
البعد عن النّقد: فالهدف من جلسات العصف الذّهني ليس إضاعة الوقت على النّقد، بل الهدف طرح الأفكار بكلّ سلاسةٍ وحريّة . طرح الأفكار الإبداعيّة وغير الاعتياديّة: فقد يخشى الإنسان في بعض الأحيان من أن يطرح فكرةً قد تبدو غريبةً على النّاس، بينما تتيح جلسات العصف الذّهني للمشاركين حريّة طرح الأفكار الإبداعيّة الجديدة التي لا تخشى النّقد أو تتقيّد بالمحظورات أو ما يعرف بالتابو، فلكلّ مشاركٍ حريّة الانطلاق في فضاء التّفكير الرذحب .
خلط الأفكار مع بعضها بصورةٍ تنتج فكرةً صالحةً إيجابيّة، ويشبه هذا المبدأ فكرة (مكعّبات الليغو)؛ حيث يحاول الطّفل وضع المكعّب المناسب في مكانه المناسب، وكذلك الأفكار فإنّ جلسات العصف الذّهني تمكّن المشارك من البحث عن الفكرة المناسبة، واختيارها لوضعها مع الفكرة التي تلائمها لتكوين فكرةٍ عامّةٍ صالحة.
وأخيرًا فقد أثبتت أساليب الإدارة الحديثة جدوى العصف الذّهني في ابتكار الحلول والأفكار الخلاّقة لحلّ المشكلات والتّخطيط للمشاريع وإدارة الحملات التّجاريّة والإعلانيّة .
ويطلق عليه أيضاً اسم القدح الذهنيّ، هو عبارة عن طريقة إبداعيّة جماعيّة، حيث يتم بها محاولة إيجاد حلّ لمشكلةٍ ما عن طريق إطلاق حلول عفويّة ضمن إطار المجموعة، وتدوين تلك الأفكار والحلول، جاء تعريف العصف الذهني في كتاب التخيل التطبيقيّ لأليكس أوزبورون، حيث إنّ اقترح أوزبورون في كتابه هذا بالإضافة للعصف الذهنيّ، القواعد الفعّالة لاستضافة مجموعات تعقد جلسات من العصف الذهنيّ. نتيجةً لانتشار العصف الذهنيّ، أثارت هذه الجلسات انتباه الأكاديميين، حيث أجريت العديد من الدراسات استناداً لكتاب أوزبورون والذي يوضح فيه بأنّ جلسات العصف الذهني أكثر كفاءة من العمل الفردي لخلق الأفكار واستنتاجها، وتوصل العديد منهم إلى أنّ هذه الفرضيّة خاطئة، بينما توصّل آخرون لاكتشاف أخطاءه في هذه البحوث وقالوا بأنّ نواتج العصف الذهنيّ ليست حاسمة، فقاموا بإضافة بعض التعديلات والتغييرات المقترحة للعصف الذهنيّ، في محاولةٍ منهم لتحسين إنتاجية أفكار واقتراحات العصف الذهنيّ، وعلى الرغم من هذا لا يوجد أي دليل مطبّق يشير إلى حدوث أي تغيير أو تطوير فعّال عن الطريقة الأساسيّة.
استخدامات العصف الذهني
يمكن أن يكون للعصف الذهنيّ استخدامات كبيرة وفاعليّة، عن طريق تواجد مجموعة تعمل على تقليل العمليّات التي تقلل من كفاءة هذه المجموعة.
إيجاد حلول للمشاكل. بناء مجموعات وفرق للعمل. إدارة المشاريع على اختلافها. التخطيط العمليّ. الإعلانات التجاريّة.
القواعد العامة للعصف الذهني
قام أوزبورون بإيجاد العصف الذهني عام 1939م، كنوع من الطرق الإبداعيّة لمواجهة المشاكل وحلِّها، وذلك نتيجةً لشعوره بالإحباط من عدم قدرة الموظفين على إيجاد وتطوير أفكار بناءة وخلاقة لمواجهة الصعاب والتحديات التي تعترضهم أثناء الحملات الإعلانيّة، حيث جاء كتابه كرد فعل، حيث عمل على استضافة جلسات للتفكير الجماعي، ووجد بأن المشاكل أخذت تتلاشى تدريجيّاً نتيجة هذه الجلسات، ومن هنا جاء كتابه التخيّل التطبيقيّ، الذي احتوى على العديد من الطرق لحلّ المشاكل بطرق إبداعيّة، ومن هنا جاء مصطلح العصف الذهني، واستند في كتابه هذا على مبدأين اثنين هما :
تأجيل الحكم.
الوصول للحل عن طريق عدد من المباديء، وهي عبارة عن القوانين العامة للعصف الذهني، وهي : حجب النقد.
التركيز على الكم.
الترحيب بالأفكار الإستثنائيّة.
تدوين والعمل على تطوير هذه الأفكار.
ظهر مؤخراً العصف الذهني الإلكترونيّ، والذي يواكب التطوّر الحضاري في هذا المجال، وهو أحد الطرق التي تمكّن المدراء في مختلف المؤسسات من التوصل لقرارات واتخاذها، حيث يقومون بالاجتماع داخل غرفٍ مغلقة، ويوضع أمام كلّ عضوٍ شاشة كمبيوتر ترتبط مع جهاز تحكم مركزي، وتبدأ مرحلة تحديد المشاكل، حيث تحدد على الشاشات الإلكترونية جميع المشاكل، ويتمّ تدوين جميع الإقتراحات التي تخطر في ذهن أي عضو ضمن نطاق الغرفة المغلقة دون مناقشتها، وبعد الانتهاء من طرح الإقتراحات وتجميعها، ويتمّ اختيار البديل الأنسب في الإقتراحات عن طريق التصويت، ومن هنا يتم اتّخاذ القرار بأسرع وقت وباستشارة جموافقة جمبع المختّصين، ومن ميّزات هذه الطريقة السريّة، حيث يقوم كل عضو بتقديم اقتراحه بسرية تامّة، الأمر الذي يمنع الحساسيّات التي تحدث عادةً بين الموظفين، ومن هنا يتمّ التصويت بأريحيّة دون أي نوع من الحزازيّات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق