يعد قيام الليل والدعاء إلى الله سبحانه وتعالى من أعظم العبادات وأروعها التي يتقرّب بها العبد منه سبحانه، وتعد هذه العبادة دأبَ الصالحين والمتقين الذين يرجون رحمة الله ورضاه في الدنيا والآخرة، غير أن العبد بحاجة إلى الله في جميع أمور الحياة ومتطلباتها، ولا يتطلب القيام بذلك سوى القليل من الوقت والنية الخالصة لله تعالى.
يبدأ قيام الليل بعد صلاة العشاء إلى قبيْل طلوع الفجر، يُصلّى ركعتين ركعتين ويُختم بالوتر، وفيه يكون الدعاء والقنوت من الله تعالى، حيث يتوسل العباد له بالسؤال، ففي ذلك الراحة والطمأنينة والسعادة والأمل في الدنيا، فالكثيرون يشكون من الألم والهم والضّيق، وكذلك من يريد الرزق والولد الصالح وغير ذلك من متطلبات الحياة وحاجاتها، فالقيام والدعاء يحقق كل ما يتمناه العبد. ويفضل أن يكون القيام والدعاء في الثلث الأخير من الليل، حيث ينزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا وهو أعلم بعظمة نزوله، ويسأل عباده إن كان هناك من داعٍ يدعو فيستجيب له، وإن كان من مستغفر يغفر له، وإن كان من سائل فيعطيه، وهذا من رحمته وفضله على العباد الذي لا يبخل بإعطائهم ورزقهم من حيث لا يحتسبون.
فضل قيام الليل والدعاء
يعد قيام الليل والدعاء من أعظم الشعائر الدينية ومن أكثر العبادات التي تقرّب العبد من الله سبحانه وتعالى، وهي أعطية وهبة من الله لعباده المتقين الصالحين؛ فهي دأبهم وتجارتهم للحياة الآخرة للفوز بالجنة والابتعاد عن نار جهنم؛ حيث يقومون والناس نيام، يتركون فراشهم لمناجاة ربِّ الكون وسؤاله من فضله متيقنين بالإجابة منه، فهو القائل في محكم كتابه: "ادْعوني أستجِبْ لكم"، وذلك يعني أن الله سبحانه يحثُّنا على الدعاء ففيه الإجابة.
ولا يشترط بأن تكون الاستجابة مباشرة للدعاء، فقد تكون بعد حين وقد يبعد الله بها مصيبة عن داعٍ، وقد يؤخرها إلى يوم القيامة وذلك أفضل الإجابة، وقد يكون السبب في تأخرها أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يسمع صوت عبده وهو يناجيه ويدعوه ويسأله من فضله، لذلك يفضل الدعاء من الله سبحانه وتعالى في كل حين، وألا يقتصر دعاؤه فقط في القيام، ففي أوقات كثيرة مباركة يستجاب فيها الدعاء.
للقيام والدعاء فضل كبير لفاعله ففيه يستجاب الدعاء، وفيه التقرّب من الله سبحانه وتعالى، وهو من صفات المتقين الأبرار الذين يكونون أعلى منزلة عند الله، ويعد كذلك أفضل من الصلاة في النهار فالأجر والثواب أكبر، وسبباً في دخول الجنة بأعلى الدرجات مع الصدّيقين والشهداء، وفي الدعاء تتغير الأقدار، وفي ذلك الشفاء من الأمراض والسعة والبركة في الرزق، وبذلك يبتعد الشخص عن المعاصي والآثام، فكم من مريض شافاه الله بسبب القيام والدعاء منه، وكم من محتاج رزقه الله من فضله بسبب قيامه والالتجاء إليه، وكم من مهموم زال همه، ومهما عددنا عن فضل قيام الليل والدعاء لا يمكن حصر ذلك.
ولكي يقوم الشخص الليل وينال الأجر من الله لا بدّ من الابتعاد عن كل ما حرم الله، والقيام بالعمل الصالح، والالتزام بالطاعات والعبادات وذكر الله سبحانه وتعالى؛ فذلك ييسّر القيام والدعاء من الله.
فالنحرص على قيام الليل واستغلال الوقت بالدعاء والتضرع من الله سبحانه وتعالى والتقرّب منه، وذلك بأن يجعل العبد ساعة واحدة من الليل يستغلها في طاعة الله وعبادته بالصلاة والدعاء والاستغفار، فذلك لا يحتاج الوقت والجهد الكبيرين، ويكفي أنه في الثلث الأخير ينزل الله سبحانه إلى السماء الدنيا، وهو أعلم بعظمة نزوله ليجيب حاجات العباد ويغفر لهم ويعطيهم من من فضله، وبذلك الأجر والثواب و السعادة في الدارين الدنيا والآخرة.
فضائل قيام اللّيل
حثّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام المسلمين في أكثر من حديث على قيام اللّيل وبيّن فضيلته وثماره، ويمكن أن نوجز هذه الثّمار والفوائد فيما يلي :
قيام اللّيل هو شرف المسلم في الدّنيا؛ ففي الحديث الشّريف أنّ جبريل عليه السّلام أتاه فذكر له أمورًا من بينها ذكر قيام اللّيل وأنّه شرف المؤمن في الدّنيا.
قيام اللّيل هو اقتداء بالصّالحين من قبل، فقد حرص الأنبياء والصّالحون قديمًا على فضيلة قيام اللّيل لما لها من أجرٍ كبير وفوائد جمّة. يقرّب العبد إلى ربّه جلّ وعلا، فالمسلم حريصٌ على أن يتقرّب من الله تعالى بالأعمال الصّالحة والنّوافل من العبادات، وإنّ قيام اللّيل مما يحقّق له هذه الغاية السّامية .
يكفّر السّيئات ويمحو الخطايا ويرفع الدّرجات؛ فقيام اللّيل يعدّ من نوافل العبادات التي تكفّر خطايا المسلم وذنوبه، كما أنّه يرفع في درجاته عند الله تعالى ويزيد حسناته في الميزان .
ينهى عن الفحشاء والمنكر، فصلاة اللّيل تبقي المسلم على صلة بربّه جلّ وعلا وبالتّالي تقوّي إيمانه وتزيد خشوعه وتحصّنه من الوقوع في الفواحش والمعاصي . قيام الليل صحّة للجسد ووقاية من الأمراض، فلا شكّ بأنّ البدن الذي يتعوّد على الرّاحة والكسل هو بدنٌ ضعيف يكون عرضةً لهجوم الجراثيم والأوبئة، بينما يقوّي الحرص على الصّلاة في اللّيل جسد المسلم ويشحن عزائمه، ويوقظ خلاياه بذكر الرّحمن وتلاوة القرآن.
فضل قيام اللّيل في استجابة الدّعاء
لا شكّ بأنّ قيام اللّيل له ثمارة وفوائده في استجابة الدّعاء؛ ففي الحديث الشّريف عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام ذكر نزول الله سبحانه وتعالى إلى السّماء الدّنيا في الثّلث الأخير من اللّيل؛ حيث يُنادي جلّ وعلا هل من مستغفر فاغفر له، هل من داعٍ فأستجيب له، وهذا الأمر لا يدرك ولا يتأتّى بالأماني، وإنّما قيام اللّيل حيث مظنّة استجابة الدّعاء، وتوفّر أسبابه بالتّعرض لرحمات الله ونفحاته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق