باب فضل يوم الجمعة ووجوبها والاغتسال لَهَا والتطّيب والتبكير إِلَيْهَا والدعاء يوم الجمعة والصلاة عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم. فِيهِ بيان ساعة الإجابة، واستحباب إكثار ذكر الله تعالى بعد الجمعة:
قَالَ الله تَعَالَى: {فَإذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ، وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ، وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10].
عن قتادة في هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]. قال: فالسعي: أن تسعى بقلبك وعملك، وهو المشي إليها. وكان عمر بن الخطاب يقرأ: فامضوا إلى ذكر.
وقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} يعني: الرزق. وهذا أمر إباحة.
قال ابن عباس: إن شئت فاخرج، وإن شئت فاقعد، وإن شئت فصلِّ إلى العصر، وكان عراك بن مالك رضي الله عنه، إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد، فقال: اللَّهُمَّ إني أجبت دعوتك، وصلَّيت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين.
وقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}، أي: في حال بيعكم، وشرائكم، وأخذكم، وإعطائكم، ولا تشغلكم الدنيا عما ينفعكم في الآخرة، {لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، أي: تفوزون.
«1147» وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ: فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا)). رواه مسلم.
في هذا الحديث: فضل يوم الجمعة على بقية الأسبوع.
وفيه: بيان ما وقع فيه وما سيقع من الأمور العظام. وفي رواية: ((وفيه قبض، وفيه تقوم الساعة)).
«1148» وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تَوَضَّأ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ وَزِيادَةُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَى، فَقَدْ لَغَا)). رواه مسلم.
قوله: ((وزيادة ثلاثة أيام))، لأن الحسنة بعشر أمثالها.
وقوله: ((من مس الحصى فقد لغا)) أي: ومن لغا فلا جمعة له.
وفي الحديث: النهي عن العبث في حال الخطبة.
وفيه: إشارة إلى الحض على إقبال القلب والجوارح على الخطبة.
«1149» وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّراتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ)). رواه مسلم.
يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31].
«1150» وعنه وعن ابن عمر- رضي الله عنهم: أنهما سَمعَا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ عَلَى أعْوَادِ مِنْبَرِهِ: ((لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونَنَّ مِنَ الغَافِلِينَ)). رواه مسلم.
فيه: وعيد شديد لمن ترك الجمعة لغير عذر شرعي.
«1151» وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ)). متفقٌ عَلَيْهِ.
فيه: الأمر باغتسال يوم الجمعة لمن أتى إليها.
«1152» وعن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ)). متفقٌ عَلَيْهِ.
المراد بِالمُحْتَلِمِ: البَالِغُ. وَالمُرادُ بِالوُجُوبِ: وُجُوبُ اخْتِيارٍ، كَقولِ الرَّجُلِ لِصَاحِبهِ: حَقُّكَ وَاجِبٌ عَلَيَّ. واللهُ أعلم.
في هذا الحديث: مشروعية الاغتسال يوم الجمعة، ويتأكد على من له عرق، أو ريح يتأذى به الناس.
«1153» وعن سَمُرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فبِها وَنِعْمَتْ، وَمَن اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أفْضَلُ)). رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
قوله: ((فبها ونعمت))، أي: فبالرخصة أخذ، ونعمت الرخصة.
وفيه: دليل على أن غسل الجمعة ليس بفرض، وهو قول الجمهور.
«1154» وعن سَلمَان رضي الله عنه قال: قَالَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إِلا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى)). رواه البخاري.
في هذا الحديث: استحباب الغسل، والتنظيف والتطيب يوم الجمعة، واستحباب التبكبير لئلا يتخطى رقاب الناس ولا يُفَرَّق بينهم. واستحباب الصلاة قبل الجمعة. ومشروعية الإنصات إذا خطب الإمام.
وفيه: الوعد بالمغفرة لمن فعل ذلك.
«1155» وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَن اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ في الساعة الأولى فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ في الساعة الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإذَا خَرَجَ الإمَامُ، حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ)). متفقٌ عَلَيْهِ.
قَوْله: ((غُسْلُ الجَنَابَةِ)) أيْ غُسلًا كغُسْلِ الجَنَابَةِ في الصِّفَةِ.
راح: أي ذهب، وأول الساعات ارتفاع الشمس.
قوله: ((فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة))، لفظ مسلم: ((فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر)).
ولابن خزيمة: ((على كل باب من أبواب المسجد ملكان يكتبان الأول فالأول)). وفي الحلية: ((إذا كان يوم الجمعة بعث الله ملائكة بصحف من نور وأقلام من نور)) ولابن خزيمة: ((فيقول بعض الملائكة لبعض: ما حبس فلانًا؟ فيقول: اللَّهُمَّ إن كان ضالًا فاهده، وإن كان فقيرًا فأغنه، وإن كان مريضًا فعافه)).
«1156» وعنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: ((فِيهَا سَاعَةٌ لا يُوافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْألُ اللهَ شَيْئًا، إِلا أعْطَاهُ إيّاهُ)). وَأشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا. متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: الحثُّ على الاجتهاد في الصلاة، والدعاء يوم الجمعة.
«1157» وعن أَبي بُرْدَةَ بن أَبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه قال: قَالَ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أسَمِعْتَ أبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنِ سَاعَةِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((هِيَ مَا بَيْنَ أنْ يَجْلِسَ الإمَامُ إِلَى أنْ تُقْضَى الصَّلاةُ)). رواه مسلم.
قال المحب الطبري: أصح الأحاديث فيها، حديث أبي موسى، وأشهر الأقوال، قول عبد الله بن سلام: أنها آخر ساعة بعد العصر.
قال الشارح: ولا يشكل على كلٍّ من القولين. قوله: ((يصلي)) لأن المراد أنه منتظرها، وهو في حكم المصلي كما أجاب به ابن سلام رضي الله عنه.
«1158» وعن أوس بن أوسٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ مِنْ أفْضَلِ أيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَأكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهِ؛ فَإنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ)). رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
في الحديث: دليل على استحباب تكثير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة.
عن قتادة في هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]. قال: فالسعي: أن تسعى بقلبك وعملك، وهو المشي إليها. وكان عمر بن الخطاب يقرأ: فامضوا إلى ذكر.
وقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} يعني: الرزق. وهذا أمر إباحة.
قال ابن عباس: إن شئت فاخرج، وإن شئت فاقعد، وإن شئت فصلِّ إلى العصر، وكان عراك بن مالك رضي الله عنه، إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد، فقال: اللَّهُمَّ إني أجبت دعوتك، وصلَّيت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين.
وقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}، أي: في حال بيعكم، وشرائكم، وأخذكم، وإعطائكم، ولا تشغلكم الدنيا عما ينفعكم في الآخرة، {لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، أي: تفوزون.
«1147» وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ: فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا)). رواه مسلم.
في هذا الحديث: فضل يوم الجمعة على بقية الأسبوع.
وفيه: بيان ما وقع فيه وما سيقع من الأمور العظام. وفي رواية: ((وفيه قبض، وفيه تقوم الساعة)).
«1148» وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تَوَضَّأ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ وَزِيادَةُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَى، فَقَدْ لَغَا)). رواه مسلم.
قوله: ((وزيادة ثلاثة أيام))، لأن الحسنة بعشر أمثالها.
وقوله: ((من مس الحصى فقد لغا)) أي: ومن لغا فلا جمعة له.
وفي الحديث: النهي عن العبث في حال الخطبة.
وفيه: إشارة إلى الحض على إقبال القلب والجوارح على الخطبة.
«1149» وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّراتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ)). رواه مسلم.
يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31].
«1150» وعنه وعن ابن عمر- رضي الله عنهم: أنهما سَمعَا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ عَلَى أعْوَادِ مِنْبَرِهِ: ((لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونَنَّ مِنَ الغَافِلِينَ)). رواه مسلم.
فيه: وعيد شديد لمن ترك الجمعة لغير عذر شرعي.
«1151» وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ)). متفقٌ عَلَيْهِ.
فيه: الأمر باغتسال يوم الجمعة لمن أتى إليها.
«1152» وعن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ)). متفقٌ عَلَيْهِ.
المراد بِالمُحْتَلِمِ: البَالِغُ. وَالمُرادُ بِالوُجُوبِ: وُجُوبُ اخْتِيارٍ، كَقولِ الرَّجُلِ لِصَاحِبهِ: حَقُّكَ وَاجِبٌ عَلَيَّ. واللهُ أعلم.
في هذا الحديث: مشروعية الاغتسال يوم الجمعة، ويتأكد على من له عرق، أو ريح يتأذى به الناس.
«1153» وعن سَمُرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فبِها وَنِعْمَتْ، وَمَن اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أفْضَلُ)). رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
قوله: ((فبها ونعمت))، أي: فبالرخصة أخذ، ونعمت الرخصة.
وفيه: دليل على أن غسل الجمعة ليس بفرض، وهو قول الجمهور.
«1154» وعن سَلمَان رضي الله عنه قال: قَالَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إِلا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى)). رواه البخاري.
في هذا الحديث: استحباب الغسل، والتنظيف والتطيب يوم الجمعة، واستحباب التبكبير لئلا يتخطى رقاب الناس ولا يُفَرَّق بينهم. واستحباب الصلاة قبل الجمعة. ومشروعية الإنصات إذا خطب الإمام.
وفيه: الوعد بالمغفرة لمن فعل ذلك.
«1155» وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَن اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ في الساعة الأولى فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ في الساعة الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإذَا خَرَجَ الإمَامُ، حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ)). متفقٌ عَلَيْهِ.
قَوْله: ((غُسْلُ الجَنَابَةِ)) أيْ غُسلًا كغُسْلِ الجَنَابَةِ في الصِّفَةِ.
راح: أي ذهب، وأول الساعات ارتفاع الشمس.
قوله: ((فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة))، لفظ مسلم: ((فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر)).
ولابن خزيمة: ((على كل باب من أبواب المسجد ملكان يكتبان الأول فالأول)). وفي الحلية: ((إذا كان يوم الجمعة بعث الله ملائكة بصحف من نور وأقلام من نور)) ولابن خزيمة: ((فيقول بعض الملائكة لبعض: ما حبس فلانًا؟ فيقول: اللَّهُمَّ إن كان ضالًا فاهده، وإن كان فقيرًا فأغنه، وإن كان مريضًا فعافه)).
«1156» وعنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: ((فِيهَا سَاعَةٌ لا يُوافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْألُ اللهَ شَيْئًا، إِلا أعْطَاهُ إيّاهُ)). وَأشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا. متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: الحثُّ على الاجتهاد في الصلاة، والدعاء يوم الجمعة.
«1157» وعن أَبي بُرْدَةَ بن أَبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه قال: قَالَ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أسَمِعْتَ أبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنِ سَاعَةِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((هِيَ مَا بَيْنَ أنْ يَجْلِسَ الإمَامُ إِلَى أنْ تُقْضَى الصَّلاةُ)). رواه مسلم.
قال المحب الطبري: أصح الأحاديث فيها، حديث أبي موسى، وأشهر الأقوال، قول عبد الله بن سلام: أنها آخر ساعة بعد العصر.
قال الشارح: ولا يشكل على كلٍّ من القولين. قوله: ((يصلي)) لأن المراد أنه منتظرها، وهو في حكم المصلي كما أجاب به ابن سلام رضي الله عنه.
«1158» وعن أوس بن أوسٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ مِنْ أفْضَلِ أيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَأكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهِ؛ فَإنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ)). رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
في الحديث: دليل على استحباب تكثير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق