التربية هي عملية ( شاقة ) مستمرّة .. لا تقف عند نتيجة أو انجاز معيّن . .
لذلك ليس من الصحيح أن نتعجّل نتائج توجيهاتنا ونصائحنا وإرشادتنا لأبنائنا . . جميل أن نتحاور مع الطفل ، ونتكلم معه ، ونبين له الخطأ والصواب بطريق المحاورة والنقاش والحب .. لكن ليس صحيحاً أن نقول أنه لابد وان نصل إلى مرحلة معيّنة يجب أن لا يخطئ الطفل أو أن يتغيّر .
الأطفال يختلفون كثيراً في مستوى تقبّلهم ووعيهم وثقتهم وشجاعتهم .. لذلك مهم جداً أن تدركي أنت كأم أن التربية هي مهمّتك وعملك . . ولو أنها شاقة لكن الثمن ( الجنة تحت أقدام الأمهات ) ..
ولو كانت مؤلمة في بعض أحوالها لكن الثمن ( أمك ثم أمك ثم أمك ) ..
الطفل يفقد ثقته بنفسه عندما :
- تكون هناك مشاكل عائلية أو عدم استقرار بين الأبوين . سيما خصام البوين أمام الأطفال هذا من أعظم ما يحطّم في الأطفال الثقة بأنفسهم ..
الثقة هي نتيجة من نتائج ( الشعور بالأمان ) .. وجود مشكلات ظاهرة بين الأوبين يسبب نوعا من اهتزاز الثقة عند الطفل .
- الضرب والتوبيخ والتحقير وكثرة اللوم والعتاب والتهديد .. يصنع طفلاً ضعيف الشخصيّة .. وقد يصنع ( بالعكس ) شخصيّة عدوانيّة !!
- وجود مشكلات إعاقة عند الطفل او شبه إعاقة كتأخر في النطق أو لدغة في الكلام أو شيء مما يكون محل تعليق الآخرين .. هذا يشكل عقبة عند الطفل من أن يكون واثقا بنفسه .
النصيحة لك ..
- الثقة تأتي من الحب ..
أشعري أطفالك بالحب .. ضمّيهم كل ليلة .. قبّليهم .. أشعريهم بدفئ حنانك .
- شاركي أطفالك ..
عندما تطلبي من أطفالك أن يذهبوا ليلعبوا في الحديقة .. شاركيهم اللعب .. قومي معهم ..
لا تقيسي أطفالك بأنه ينبغي أن يكونوا مثل الآخرين .. لكن تعاملي مع أطفالك على أنهم أطفالك وليسوا أطفال الآخرين .. مشاركتك لهم ولو بشيء بسيط .. يزيد من الشعور بالأمان النفسي عندهم .
- احرصي دائماً وأنت ووالدهم أن لا تكون مشكلاتكما أمام الأطفال .
- ساعدي طفلك على أن يتعلم شيئا ينجزه .. علّميه مثلاً أن يطبخ طبخة بسيطة .. شعوره بالانجاز يعطيه تنوع من الدافعيّة والثقة ..
- امدحي طفلك أمام الآخرين .. أخبريهم أنه أنجز .. أنه كتب .. أنه حفظ ..
اعملي له حفلة بسيطة عندما يحفظ أو يكتب شيئا يعتبر انجازاً ..
- لا تكثري من المدافعة عن طفلك أمام الأطفال ... عندما يشتكي من ضرب الأطفال له .. لا تأخذك الحميّة لطفلك فتدافعي عنه .. هذه المدافعة تزرع في نفسه ( الاتكاليّة ) وتعمّق فيه الشعور بالضعف .
ليس معنى كون الطفل غير جريء أنه ضعيف الثقة بنفسه !
نحن أحياناً نرى أطفالاً في مثل عمره فيهم جرأة وحركة وثقة ونشاط .. لا تتوقعي أن الأطفال كلهم بطريقة معينة يمكن أن يكونوا كذلك ..
الله تعالى يقسّم بين خلقه كل شيء ( بمقدار ) .. فلا تقيسي أطفالك بغيرهم ..
ابتعدي عن المقارنة حتى أمام الطفل لا تقولي له شف فلان ولد فلان .. هذه المقارنة تعطيه نوع من الشعور بالعجز وأنه لا يستطيع .
وقد قصدنا الإشارة إلى بعض الأسباب التي تؤدي إلى ظهور حالة من قلة الثقة بالنفس، والخوف الزائد، ومن هذا النوع ما يقع لولدك –حفظه الله تعالى ورعاه– وهذا الذي يقع له، أمر شائع جداً في الأطفال، لا سيما في هذا العصر الحالي.
وأما طريق الخروج من هذا الأمر، فيحتاج منك إلى عدة أمور:
أولها: الاستعانة بالله تعالى، وطلب المعونة منه، فعليك بالدعاء والتضرع ليعنيك الله على حمل هذه الأمانة، كما قال تعالى عن العبد الصالح: (( قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ))[الأحقاف:15].
وثانيها: تقوية جانب الثقة بنفسه باعتماد الأسلوب التدريجي، فليس المطلوب تحويله فجأة وبسرعة، بل لهذا الأسلوب المتعجل نتائج سلبية غالباً، ولكن المطلوب تعديل الأسلوب معه تدريجياً، فمثلاً إذا كان يخاف من الحشرات كثيراً، فيمكن أن تقومي بإخراجها بلطف ممسكة إياها بمنديل ثم تقولين له مثلاً: إن الأمر سهل انظر كيف أني أمسكها بالمنديل ثم أرمي بها. فهذا أسلوب إن تكرر يمكن أن يشجعه كثيراً حتى يصبح يمسك المنديل ويرميه بنفسه.
ونحو هذا المعنى إن كان يخاف من الناس، كخوفه من أصحاب والده مثلاً، فيمكن أن يشجع على ذلك بتعاون بعض أصحاب والده، بحيث يركب مع زوجك في السيارة والولد في المقعد الخلفي ويتم الأمر وكأنه غير مقصود، بحيث لا يتعمد صاحب والده الكلام معه، وإنما يوجه الأحاديث اللطيفة إلى زوجك ليسمع الولد، وكأنه غير مقصود في الكلام، ثم يشترى له مثلاً قطعة حلوى يعطيها لوالده، ليناولها والده إليه، فهذا إن تكرر مرتين أو ثلاثة سيعتاد الولد على هذا الصاحب ويدخل عليه ويكلمه ويجالسه، ثم إن تكرر هذا مع غيره فسيختفي إن شاء الله تعالى.
بالإضافة إلى الحكاية القصصية المؤثرة في نفسه، كأن تحدثيه مثلاً عن بطل من الأبطال، لا سيما إذا كان هذا مشاهداً بالرسوم كقصة طارق بن زياد وصلاح الدين رحمهما الله تعالى، أو كبعض مواقف خالد بن الوليد رضي الله عنه، ونحو أولئك من الأبطال الصالحين، بحيث تصبحين مشجعة إياه بعد ذلك كأن تلقبيه مثلاً بالبطل صلاح الدين، ونحو هذه الأمور التشجيعية المناسبة.
ويدخل في هذا المعنى دخولاً أولياً، تقويه الجانب الديني لديه، وذلك بحثه على المحافظة على الصلاة –إن كان سنه يسمح بذلك– بل إن في محافظته على الصلاة في المسجد مع والده شد من عزيمته، وتقوية لقدراته الاجتماعية، لا سيما وهو يقف في الصف مع الناس المتغيرين المختلفين.
وأما ميله للقراءة وعدم حب الخروج من المنزل كثيراً، فهذه ميزة وليست بعيب، فإمكانك استغلال هذه الخصلة الحسنة، بتوجيهه إلى المطالعة النافعة لا سيما إذا وجهتهه لحفظ القرآن الكريم مثلاً، أو تشجيعه على الكتابة والإنشاء الأدبي؛ لأن طبيعة ولدك هي طبيعة أدبية وليست طبيعة آلية وهي المسماة في الاصطلاح (الطبيعة الميكانيكية) فالطبيعة الأدبية هي التي لدى ولدك، وهذا لا يستدعي قلقاً ولا خوفاً، ولكنه يستدعي عناية وتوجيهاً وإرشادا وتثميراً لهذه الطبيعة. ونسأل الله تعالى لكم التوفيق والهدى والسداد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق