كيف أخلص أطفالي من السلبية
قد تستغرب ما سأقوله، وهو أن الصفة التي تتعبنا في الطفل، وهو صغير قد تكون هي نفسها الصفة التي ستكون وراء نجاحه وتفوقه في قابلات الأيام، كالعناد مثلًا، فنحن لا نهدف إلى تحطيم هذا العناد، وإنما لتطويعه لمصلحة الطفل ومصلحة من حوله، وهذا الأمر ينطبق على عناد طفلك، فربما عناده هذا سيحميه من تأثير أصدقاء السوء إذا ما دعوه لفعل سلوك غير مقبول، وربما هنا أخشى أكثر على الطفل غير العنيد، والذي يسهل التأثير عليه، إيجابيًا أو سلبيًا، أكثر مما أخشاه على العنيد.
والنقطة الثانية: أن أهم سبب للسلوك المتعب عند الطفل هو جذب الانتباه، وربما الكثير من هذا العناد أيضًا هو سلوك لجذب انتباهك وانتباه من حوله، فحاولوا التعامل معه كمجرد سلوك لجذب الانتباه، وليس عنادًا يقصد منه إزعاجكم وإغاظتكم، ويمكنكم توجيه انتباهكم إليه عندما يتجاوب معكم ومن دون هذا العناد، وحاولوا صرف انتباهكم عنه عندما يصل عناده لحدّ لا ترتاحون له، فماذا نفعل مع الطفل الذي عنده العناد؟
كل طفل صغير في هذا العمر يحتاج إلى حدود واضحة للسلوك، وأن يعرف وبكل وضوح ما هو مسموح، وما هو غير مسموح، وأن يكون على وضوح هذا الأمر، ومن دون أي التباس أو شك أو تردد، ولا يعني هذا أن نعصب أو نستعمل العنف أو الضرب، وإنما أن يقال له وبهدوء ووضوح، أن سلوكًا معينًا لا نرضاه هو سلوك غير مسموح به أبدًا، وأن يعلم طفلكم وهو يستمع إليكم، ومن خلال نبرة صوتكم ونظرة عينيكم في عينيه، ومن دون ابتسام، أنكم جادون تمامًا فيما تقولون له، وأفضل من المنع عن العمل السلبي الذي يزعجكم، هو أن تشجعوه على القيام ببعض الأعمال البديلة عما لا تريدونه أن يفعل، أي أن نملأ وقته بما هو مفيد ومسليّ، فلا يحتاج للمزيد من الإثارة عن طريق مخالفة كلماتم.
وسأشرح هنا شيئًا أساسيًا يمكن أن يكون نقطة تحول في طريقة تربيتكم لطفلك.
إن من أكثر أسباب السلوك المتعب عند الأطفال، وربما كثير مما ذكرته في سؤالك عن سلوك طفلك ينطبق عليه هذا، وكما ذكرت لك سابقًا هو الرغبة في جذب الانتباه لنفسه، ومن المعروف أن الطفل يحتاج لانتباه من حوله كما يحتاج للهواء والطعام والماء، وإذا لم يحصل الطفل على هذا الانتباه على سلوكه الحسن، فإنه سيخترع طرقًا سلوكية كثيرة لجذب هذا الانتباه، والغالب أن يكون عن طريق السلوكيات السلبية.
ولماذا السلوكيات السلبية؟
ببساطة أننا، نحن الآباء والأمهات، لا ننتبه للسلوك الإيجابي، وكما قال أحدهم "عندما أحسن العمل، لا أحد ينتبه، وعندما أسيء العمل، لا أحد ينسى"!
فما يمكن أن تفعلوه مع طفلكم، عدة أمور منها:
أن تلاحظوا أي سلوك إيجابي يقوم به طفلك، ومهما صغر، وأن تـُشعروه بأنكم قد لاحظتم هذا السلوك الإيجابي، ومن ثم تشكروه عليه، ومثال هذا عندما يلعب بلطف مع أخيه الأصغر، ولو لدقائق قليلة.
أن تحاولوا تجاهل بعض السلوك السلبي الذي يمكن أن يقوم به، ومثال هذا عندما يظهر نوبات غضبه، فبالرغم من إزعاج الأمر، حاولوا تجنب ردات الفعل الشديدة، طبعًَا إلا السلوك الذي يعرض فيه نفسه أو غيره للخطر، فعندها من الواجب عدم تجاهل الأمر، وإنما العمل على تحقيق سلامة الطفل والآخرين مباشرة
وأنصح بدراسة كتابي في تربية الأطفال، فهذا مما يعين الكثير من الآباء، ويعلمهم الصيد، بدلًا من أن نعطيهم سمكة، والكتاب هو: "أولادنا من الطفولة إلى الشباب" وسيعينكم على تربية طفلك، ويمكنكم الحصول عليه من مكتبة دار الفكر في دمشق أو موقع نيل وفرات دوت كوم في لبنان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق