عيد الأمل
أقبل العيد بكلّ عطبه على أجهزة القلب ، ومحرّكات الرّوح التي نفذ شحنها واهترأ صبرها وبلغت دموعها نواصي الشّجر والزّهر والسّحب حتّى صار يصعب علينا أن نفرح وغيرنا يعيش أحزانه ، أن نحرّك مراكب السّعادة وكلّ المحطّات من حولنا أغلقت شبابيكها حتّى المساجد التي نترك فيها أوجاعنا بركعة أو ركعتين ردمها صمت رهيب .وموحش صافحنا بهجران مبهم .
أقبل العيد والأبواب موصدة ، أقبل ونحن لا زلنا نؤمن بالفرح رغم الفراق الذي بتر حبال التّلاقي وجعلنا نغوص في الصّقيع ونعيش حالة غريبة ما اعتدنا عليها يوما .
ولا يسعنا في ظروف كهذه سوى أن نلوّح بأشواقنا من خلف النّوافذ والأبواب مهنّئين بقدوم هذا العيد المبارك ، وهذه الأيّام العظيمة التي لابدّ لنا من عيش قداستها رغم وحل الأحزان ، ووحشيّة الوباء والسّواد الذي أرغمنا على الحداد ونحن في عزّ الحياة .
عيد كلّه أمل رغم الخسائر ، رغم رذاذ الرّماد ، رغم هشاشة الصّور التي نلتقطها ونحن فقدنا الكثير من الأحبّة ... عيد كلّه أمل في خلاص قريب من شبكة الوباء القاتلة التي غزلت خيوطها في زوايانا وأسقف قلوبنا وتركتنا نعيش العيد بساق واحدة . .
عيد كلّه تكافل وتضامن وتعاطف مع بعضنا لأنّ عويل الأزمات ينجب عصافير من نور تحلّق فوق ظلمة الكثيرين الذين هم بحاجة إلى وتر الرّحمة لقضاء لحظات سعيدة في ظلّ هذا القلق ، ونلوّن قدر المستطاع عيون الصّغار التي ملئت بالدّخان رغم مسافات الأمان المفروضة علينا .
فكلّ عيد وأنتم وأحبّتكم سالمين ، كلّ عيد ونحن ننجو بالأمل ، نسعد بالتّضامن
نبتهج قلقا على بعضنا البعض ، نبكي فرحا على اتّساع العالم رغم الضّيق الذي يلفّنا في
كلّ عيد والحياة بنا لا تزال مستسلمة لفضاءات الأمل التي نعوم فيها رغم الوحل القابع تحت .
بقلم عبد النور خبابة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق