لفتة جميلة من الإمام ابن القيم رحمه الله:
قسم رحمه الله ( المن ) على الناس إلى قسمين فقال:
🌱فالمن نوعان:
🍃أحدهما :
مَنٌّ بقلبه من غير أن يصرح به بلسانه
وهذا إن لم يبطل الصدقة فهو من نقصان شهود منة الله عليه في إعطائه المال وحِرمان غيره
وتوفيقه للبذل ومنع غيره منه
فللّه المنة عليه من كل وجه
فكيف يشهد قلبه منة لغيره؟
🍃 والنوع الثاني:
أنْ يمنَّ عليه بلسانه
فيعتدي على من أحسنَ إليه بإحسانه
ويُريه أنه اصطنعه
وأنه أوجب عليه حقًا وطوَّقه مِنةً في عنقه فيقول :
أما أعطيتك كذا وكذا؟
ويعدد أياديه عنده.
قال سفيان: يقول : (أعطيتك فما شكرت) .
🌼وحظر الله على عباده المنَّ بالصنيعة
واختص به صفة لنفسه
🌱لأنَّ منَّ العباد تكديرٌ وتَعيير
🌱ومَنَّ الله سبحانه وتعالى إفضال وتذكير.
🍃وأيضًا: فإنه هو المنعم في نفس الأمر والعباد وسائط؛ فهو المنعم على عبده في الحقيقة.
🍃وأيضًا فالامتنان استعباد وكسر وإذلال لمن يمن عليه ولا تصلح العبودية والذل إلا لله.
🍃وأيضًا فالمنة أن يشهد المعطي أنه هو ربُّ الفضل والإنعام؛ وأنه ولي النعمة ومُسديها، وليس ذلك في الحقيقة إلا الله.
🍃وأيضًا فالمانُّ بعطائه يشهد نفسه مترفعًا على الآخذ مُستعليًا عليه غنيًا عنه عزيزًا
ويشهد ذلَّ الآخذ وحاجته إليه وفاقته، ولا ينبغي ذلك للعبد.
🍃وأيضًا فإنَّ المُعْطي قد تولى الله ثوابه وردَّ عليه أضعاف ما أعطى، فبقي عِوضُ ما أعطى عند الله، فأيُّ حق بقي له قبل الآخذ؟
فإذا امتن عليه فقد ظَلَمه ظُلمًا بيِّنًا، وادَّعى أن حقه في قلبه، ومن هنا - والله أعلم - بَطَلت صدقته بالمن، فإنه لما كانت معاوضته ومعاملته مع الله، وعوض تلك الصدقة عنده، فلم يرضَ به ولاحظ العوض من الآخذ والمعاملة عنده فمنَّ عليه بما أعطاه، أبطَلَ معاوضته مع الله ومعاملته له. ...
💚 فتأمل هذه النصائح من الله لعباده
🌱ودلالته على ربوبيته وإلهيته وحده
🌱وأنه يُبْطلُ عملَ مَنْ نازعه في شيء من ربوبيته وإلهيته، لا إله غيره ولا رب سواه.
🌼 ونبَّه بقوله: { ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى }
🌱على أن المنَّ والأذى ولو تراخى عن الصدقة وطالَ زمنه ضرَّ بصاحِبِه، ولم يَحصل له مقصود الإنفاق
ولو أتى بالواو وقال: ولا يتبعون ما أنفقوا منًّا ولا أذى، لأوهمَتْ تقييد ذلك بالحال
وإذا كان المنَّ والأذى المتراخي مُبْطلاً لأثر الإنفاق مانعًا مِنَ الثواب فالمقارن أولى وأحرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق