الاقتصاد العربي ضحية الفساد والديكتاتورية والتمويل الاسلامي هو الحل
- وأكد الخبراء خلال ندوة "الشروق" بعنوان"مستقبل الاقتصاديات العربية بعد الثورة" على أن الاقتصاد العربي تكبد خسائر جمة من فساد الأنظمة العربية، وهو ما ظهر بمجرد سقوط الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، والرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، والذي تبين أن المئات من المؤسسات الاقتصادية لم تكن في الحقيقة سوى واجهات لمحيط الحاكمين وأقاربهما.
- وقال الخبير الاقتصادي، بشير مصيطفى، إن آخر تقرير حول حال الأمة للمؤتمر القومي العربي الذي يصدر سنويا في شهر أفريل من كل سنة، والذي تأخر نوعا ما هذه السنة إلى شهر ماي، أجمل وضع الاقتصاد العربي بالقول إنه يتصف بحالة من الهشاشة الخطيرة، وأن اندماجه في الاقتصاد العالمي، فقط من باب الواردات أو صادرات الهيدركاربونات، مشددا على أن العربية السعودية التي تعد أكبر قوة تصديرية في العالم للنفط.
- وأضاف مصيطفى، أن الجزائر التي تعتبر من بين الدول البارزة من حيث التقدم الاقتصادي كواحدة من 4 دول إفريقية مرشحة لتكون دول ناشئة، إلى جانب مصر وجنوب إفريقيا ونيجريا، تلقت ضربات موجعة جدا في نسيجها الصناعي الذي فقد تنافسيته بشكل تام، كما تراجعت مساهمته في الناتج الداخلي إلى 5 % سنة 2010 مقابل 25 % قبل 20 سنة، مما كرس حالة تبعية تامة للموارد الريعية.
- وتابع المتحدث، أن العالم العربي اليوم يعتبر من أسوأ النماذج الاقتصادية والتنموية في العالم، ببطالة أزيد من 65 مليون نسمة من أبنائه، وبما أكثر في حال اعتماد الأرقام غير الرسمية، لأن تركيبة البطالة تختلف من الأجهزة الرسمية إلى التعريف الاقتصادي للبطالة بمقاييس المكتب الدولي للعمل.
- وكشف مصيطفى، أن العالم العربي بات غير قادر على ضمان أمنه الغذائي، وأن الفجوة الغذائية في العالم العربي بلغت 35 مليار دولار، وإذا استمر العرب على السياسات الزراعية الحالية فستبلغ الفجوة الغذائية 70 مليار دولار سنة 2015 .
- وبالعودة إلى الحالة الجزائرية، بينت أرقام الثلاثي الأول من العام الجاري ارتفاع بـ10 % بالمقارنة مع أرقام نفس الفترة من العام الماضي، بشكل يناقض تماما الخطاب الرسمي والسياسات الزراعية الحكومية.
- مالك سراي: العرب يرفضون الاستثمارات البينية
- أشار الخبير الاقتصادي مالك سراي، إلى وجود جيل من المستثمرين ورؤساء المؤسسات العرب أصبح أكثر اقتناعا بضرورة توجيه استثماراته نحو المنطقة العربية من خلال الصناديق الاستثمارية أو البنوك الإسلامية، غير أنه أشار إلى الضغوط التي تواجه هؤلاء المستثمرين بسبب البيروقراطية والفساد.
- وقال سراي، إن هذا الجيل أصبح ينظر إلى المنطقة العربية والعالم الإسلامي، بأنه فرص استراتيجية مهمة، وخاصة دول مثل الجزائر تركيا وماليزيا، مشيرا إلى أن الثورات العربية يمكن أن تعطي فرصا جديدة، وخاصة في حال خرجت الثورات العربية بقرارات سيادية من قبيل العمل على استعادة الثروات العربية الموجودة في الغرب وفي البنوك الصهيونية على وجه الخصوص.
- وأضاف المتحدث، أن الثورات العربية كبدت الاقتصاد التونسي خسارة 30 % من اقتصادها و17.5 % بالنسبة لمصر، فيما يمكن للأموال العربية أن تسمح للبلدين الحصول على عافيتهما مجددا. وقال سراي، "إن صادرات 400 مليون عربي خارج المحروقات، لا شيء، سوى الودائع المهربة إلى البنوك الغربية".
- عبد الكريم بوذراع: "الاقتصاد العربي رهينة الفساد والديكتاتورية"
- أكد عبد الكريم بوذراع، وهو رئيس حلقة التفكير حول المؤسسة، والناطق الرسمي باسم مبادرة المواطنة "نبني"، الاقتصاد العربي في حاجة ماسة وآنية لزيادة تنافسيته، حسب ما أكدته جميع الدراسات العربية والغربية ومنها ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي، ناجي بلحسين، الذي أعدّ دراسة للبنك الدولي، حول اقتصاديات العالم العربي بعنوان "من الريع إلى التنافسية"، وقدم حصيلة ونظرة استشرافية.
- وقال بوذراع، إنه من الخطأ الكبير الذي يقع فيه الكثير هو الاعتقاد بوجود ما يسمى بالاقتصاد ما بعد الأزمة، بل هناك أزمات متتابعة، الاقتصاد الناجح هو الذي يتعامل بنجاح مع الأزمات المتعددة والمتواصلة، ويعرف كيف يتأقلم ويطور دائما تنافسيته، وينجح في إشراك الكفاءات في صياغة السياسات الاقتصادية.
- وأوضح المتحدث، أن "الاقتصاديات العربية لا يمكنها أن تتطور بدون إشراك أبنائها في صياغة السياسات العمومية، وكذلك تطوير روح المبادرة، وتطوير القدرة على إبداع الحلول مع المشاكل. روح المبادرة مهمة جدا".
- وشكك المتحدث في وجود نجاحات اقتصادية بدون نجاحات سياسية، مشيرا إلى أن الدراسات التي نشرت في العالم حول هذا الموضوع تبين أنها كانت هشة جدا ولم تتمكن من مواجهة التحديات التي فرضتها التغيّرات الاجتماعية في الكثير من مناطق العالم ومنها المنطقة العربية.
- وتابع المتحدث أن الفساد السياسي يؤثر سلبا على التطوّر الاقتصادي، وأن الخروج من الدوامة لن يتم سوى بالإصلاح. مشددا "ذلك كان صالحا مع الديكتاتوريات القديمة، ولكن في عالم اليوم لا يمكن إصلاح الاقتصاد بدون الإصلاحات السياسية الجادة، لأن الخلل يوجد في كيفية تقاسم الريع عن طريق الأزمات السياسية". ليخلص للقول "إن العلاقة الوهمية بين الديكتاتورية والنجاح الاقتصادي تجاوزها الزمن".
- وقال بوذراع، إن روح المبادرة قوية جدا في المنطقة العربية، لأن الشعوب العربية كلها ذات روح مبادرة، ولكن المشاكل السياسية والفساد هما السبب في إبطال روح المبادرة.
- عبد الرحمان تومي: "العرب أمام فرصة لن تتكرر قبل 100 سنة"
- قال الخبير الاقتصادي، البروفسور عبد الرحمان تومي، أن تقييم الاقتصاد العربي قبل وبعد حالة الحراك الراهنة في المنطقة، لا تتطلب التمييز بين الدول العربية الريعية والأخرى غير الريعية.
- وأشار تومي إلى أن الدول التي تعتمد على الريع، تعيش اختلالات هيكلية كبيرة جدا وخاصة على مستوى تمويل الاستثمار. لأنها لا تعتمد على القطاعات المنتجة للخروج من عنق الزجاجة والوصول إلى مساحة القيمة المضافة، مضيفا أن هذه الصورة في الجزائر مازالت محل إشكال كبير، بالمقارنة مع دول الخليج التي تمكنت من الاستثمار على مستوى البنية التحتية، أما الدول العربية غير النفطية، التي تعتمد على السياحة والفلاحة، وخاصة في تونس المغرب ومصر، فحالها أسوأ بالنظر إلى أن إشكالية التنمية في العالم العربي مرتبطة إلى حد كبير بالفساد.
- وكشف تومي، أن هناك نماذج تستفز الوجدان العربي بشأن سياسات التنمية، مشيرا من خلال مقارنة مع اقتصاد الصين التي بدأت نهضتها التنموية العام 1949 أي قبل 13 سنة من استقلال الجزائر، لتصبح اليوم القوة الاقتصادية الثانية في العالم، بينما الجزائر ترزح تحت وطأ التخلف.
- وبالمقارنة مع الاقتصاد الاسباني، يشير تومي، إلى أن الناتج الداخلي للجزائر كان في وضع أفضل من نظيره الاسباني، لكن اليوم قفز الناتج القومي الاسباني إلى 10 مرات نظيره الجزائري عند 1500 مليار دولار.
- ثالثا، النموذج البولوني في العلاج بالصدمة، حيث بدأت بولونيا برنامجا للتصحيح الهيكلي سنة 1992 وخرجت نهائيا منه عامين من بعد سنة 1994، اليوم أين بولونيا وأين الجزائر؟ رابعا وأخيرا، دولة مجهرية مثل استونيا التي كانت ترزح تحت الفقر قبل زوال الاتحاد السوفياتي، وهي اليوم تصدر أزيد من 50 مليار دولار، ليخلص المتحدث إلى القول، إن العالم العربي أمام فرصة تاريخية لن تتكرر قبل 100 سنة، مع هذا الحراك العربي الذي بقدر ما هو مضر، ففيه الكثير من المنافع والنتائج الأولية التي من أهمها تعرية أنظمة الحكام الفاسدة وارتباطها بزواج السلطة بالمال نتيجة هيمنة القرار السياسي لنخب حاكمة فاسدة على القرار الاقتصادي.
- على العكس تماما مما هو سائد في الديمقراطيات العريقة أين نجد القرار الاقتصادي دائما متقدما على القرار السياسي، وتعود القاعدة المعكوسة في الوطن العربي إلى تخلف وجهل وفقر الشعوب العربية نتيجة سياسات الأنظمة الفاسدة التي منعت أي فرصة أمام أية استراتيجية عربية للتكامل جعلت من كلفة الشرعية الشعبية باهظة على مستويات عدة ومنها المستوى الاجتماعي والاقتصادي، مشيرا إلى أن المشهد لم يكتمل ورياح التغيير سوف تمس الكثير. على أمل أن يتحوّل الحراك العربي إلى ثروة حقيقية ناضجة تدفع بالنظام الحالي إلى تقديم إصلاحات حقيقية تتجاوب مع تطلعات الشباب حتى نجد مكانا في قطار التنمية القادم في مستوى حقيقي من الشفافية الواسعة في الاقتصاد والسياسة وفي نظام الحكم.
- فارس مسدور: "مخاوف الجزائر من التمويل الإسلامي غير مبررة"
- ويرى الخبير الاقتصادي، فارس مسدور، أن هناك نموذجين لبعض الديكتاتوريات التي نجحت في تسيير جيد للاقتصاد، هما: النموذجين الماليزي والسنغافوري، وهما فريدين من نوعيهما، كونهما كانا يسيران بقوة السلطان.
- فسنغافورة عندما انفصلت عن ماليزيا بكى رائد النهضة السنغافورية، "لين كوان يو"، أمام الشعب، نظرا للإمكانات التي كانت تقدمها ماليزيا للاقتصاد السنغافوري.
- وهناك النموذج الثاني، وهو دولة ماليزيا التي يقول قائدها مهاتير محمد، إنه استلهم نهضة بلاده من شخص عجيب في التفكير وهو مالك بن نبي، في الوقت الذي كان فيه مالك بن نبي رحمة الله عليه، ممنوعا في بلاده الجزائر. وكانت النتيجة أن سنغافورة اليوم هي الدولة الأولى في العالم في مكافحة الفساد، في نفس الوقت وزرائها يأخذون أعلى الأجور في العالم. بفضل قوة السلطان مع الرشادة والعدالة اللذين خلقا نموذجا راقيا، هذا أولا.
- ثانيا: المحيط الذي نزرع فيه تمويلا إسلاميا، أو أي نشاط استثماري، لأن العالم العربي فيه فساد كبير ومشهور بفساده، على كل المستويات في الهياكل الإدارية. وأكبر إشكال هو الإدارة في الوطن العربي. لأن أسوأ الأجور والامتيازات تقدم في العالم العربي. وخاصة في الإدارة الاقتصادية.
- والخطر هو أن تدخل البنوك الإسلامية في هذه الدوامة بسبب التضييق والمنع من السلطات، في حين نجد أن بريطانيا لا تجد حرجا في السماح للبنوك الإسلامية بالنشاط والتوسع، وفرنسا تسعى لكي تقنع الفرنسيين بضرورة استقطاب المؤسسات المالية الإسلامية. والعجيب أنهم فتحوا في سترسبورغ ماستر في البنوك الإسلامية يشرف عليه جزائري درس في بريطانيا وتناول أول دراسة حول الصيرفة الإسلامية في بريطانيا، في حين تنتظر الجزائر، النموذج الفرنسي حتى تعتمد البنوك الإسلامية لنعود نحن وننقل النموذج الإسلامي الفرنسي في الاقتصاد.
- وأشار مسدور، إلى أن البنوك الإسلامية تحقق أفضل نتائجها خارج العالم الإسلامي لأن العديد من الدول الغربية تتسابق لتكون أقطابا للصيرفة الإسلامية، ومنها فرنسا وبريطانيا، مضيفا أن الدولة العربية الوحيدة التي حاولت أن تكون قطبا للصيرفة الإسلامية، هي البحرين، لكنها تضررت بسبب الثورة.
- وقال مسدور، إنه يستهجن مخاوف الحكومة من المضي نحو تطوير قطاع الصيرفة الإسلامية في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة الفرنسية بتطوير هذه الصناعة.
- وأشار إلى أن الاقتصاد العربي فقد قدرته التنافسية عالميا، باستثناء بسيط لمنطقة الخليج، غير أنه انتقد النموذج التنموي الخليجي القائم على العمالة الوافدة التي تشير إلى وجود اقتصاديات هشة لاعتمادها على كل شيء مستورد، كون القيمة المضافة التي تنتج في المنطقة تنتج كلها بعقول وسواعد مستوردة.
- وكشف المتحدث أن التهديد الأخطر الذي يواجه الاقتصاديات العربية مجتمعة يتمثل في الهجوم الصيني الذي أصبح يمثل تهديدا مباشرا، كون أن العامل الصيني الذي يتمكن من الدخول إلى دولة مثل الجزائر يقوم بتعطيل 5 عمال جزائريين.
- وتابع مسدور، أنه إلى جانب ضعف تنافسية الاقتصاد العربي هناك خطر الخيانة الاقتصادية العربية التي تتمثل في تكامل واندماج بعض الاقتصاديات العربية مع الاقتصاد الإسرائيلي، مما يمثل تهديدا مباشرا لوصول السلع الإسرائيلية إلى كل الدول العربية بسهولة، وهو من أسباب الخوف الرئيسية من فتح الحدود الجزائرية المغربية يقول مسدور.
المصدر عبد الله بوكروح جريدة الشروق اليومي الجزائري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق