نصائح وعِظات للأزواج والزوجات
أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، اتّقوا الله وأطيعوه، فإنَّ تقواه أفضل مكتسَب، وطاعته أعلى نسب، "يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً"
أيّها المسلمون، إنَّ الله تعالى بلطيفِ حكمتِه وما أودَعَه في إبداع العالَم من عجائبِ قدرتِه خلق الإنسانَ مجبولاً إلى السّكَن والاستقرار، وطبَعَه في أصلِ خِلقته على الحاجة لذلك والاضطرار، ويسَّر له برحمتِه وفضلِه زوجًا من نفسِه ليسكنَ إليها ويرتبطَ بها؛ "وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"
أيّها المسلمون، الرّابطة الزوجيّة رابطةٌ عظمى، صدرت عَن رغبةٍ واختِيار، وانعقدَت عن خِبرة وسؤال وإيثار، عقدُها مأمورٌ بِه شرعًا، مستحسَن وضعًا وطبعًا، والأسرةُ هي اللبِنة الأولى لبناء المجتمعات، بصلاحِها تصلح الأوضاع، وبفسادِها تفسد الأخلاقُ والطّباع، ركناها وقائداها زوجٌ وزوجَة، يجمَع بينهما ولاءٌ ووفاء ومودّة وصفاء وتعاطف وتلاطف ووفاق واتّفاق وآدابٌ وحُسن أخلاق، تحت سقفٍ واحد، في عِيشة هنيّة ومعاشرة مرضيّة. وفي كتاب الله وسنّة رسوله "من الإصلاح التامّ والعدل العامّ ما يؤيِّد قواعدَ هذه الرابطة فلا تنثلِم، ويؤكّد عقائدَها فلا تنخَرِم. أيّها المسلمون، إنَّ سببَ كثرةِ المشكلات وتفاقُم الخلافات وشُيوع الطلاق لأسبابٍ تافهة إنّما هو التقصير في معرفة آداب الحياة الزوجيّة وما تقتضِيه المسؤوليّة الأسريّة؛ إذ كيف تكون الأسرَة في هناءٍ وصفاء والزّوج ذو بذاءٍ وجفاء، إذا غضِب نفخ ونَفَث، واكفهرّ وازمجرّ، فيه حبّ الأنى والذّات، خيرُه مُقفَل وشرُه مرسل، كفٌّ يابِس ووجه عابس، ومعاملة فاسدة وأقوالٌ سافلة، تترك المرأةَ حسيرةً كسيرة، حائرةً بين مُرَّين: طلبِ تطليقها أو الصبرِ على تعليقِها. وإنّ مَن الأزواج مَن إذا أبغضَ المرأةَ كدَّها وهَدَّها، وكهَرَها وظلمَها، وأكلَ مالَها ومنعَها حقَّها، وقطع نفقتَها، وربّما أخَذ ولدَها وهو تحتَ حضانتِها ورعايتِها، وتركها أسيرةَ الأحزان، تعاني كُرَب الأشجان، فأين الإحسان؟! أيّها المسلمون، وكيف يكون للأسرةِ هناءٌ وصفاء والزّوجة ولاّجة خرّاجة، ثرثارةٌ مِهذارة، طعَّانة لعّانة، لا تُجيب إلى إنصاف، ولا ترضَى بعَيش كفاف، مقصِّرة مفرِّطة، ومسرفة مفرِطة، كثيرة النّوم واللّوم، تنسى الفضلَ وتُنكر الجميل، وتُكثِر على ذلك التّعليل والتّدليل، يقول النبيr "اطَّلعتُ في النار فإذا أكثر أهلها النساء"، فقيل: لِم يا رسول الله؟ قال: (يكفُرن العشير ـ يعني: الزوج ـ ويكفُرن الإحسان، لو أحسنتَ إلى إحداهن الدّهرَ ثمّ رأت مِنك شيئًا قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قطّ) أخرجه البخاري أيّها الزّوجان الكريمان، اتَّقيا الله في حياتِكما الزوجيّة، بُلاَّها بالحقوق، ولا تدمِّراها بالعُقوق، وليقُم كلّ واحدٍ منكما بما أوجبَ الله عليه تِجاه رفيق عمُره وشريك حياته، واخضعا لنصوص النّقل ومَنْطِق العقل قبل أن يستبدَّ بكما الشّقاق ويحصلَ الطلاق والفراق، واحتكِما لقول المولى جلّ وعلا: "وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِى عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ وَلِلرّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ"، وقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (ألا إن لكم مِن نسائكم حقًّا، ولنسائكم عليكم حقًّا) أيّها المسلمون، إنَّ من رام شريكًا للحياة بريئًا من الهفوات سليمًا من الزّلاّت فقد رام أمرًا مُعوِزًا، وطلب وصفًا معجِزًا، يقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً، إن كرِه منها خُلقًا رضيَ منها آخر) أخرجه مسلم ويقول عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: (أيّما امرأةٍ سألت زوجَها الطلاق من غير بأسٍ فحرامٌ عليها رائحة الجنة) أيّتها المرأة المسلمة والزّوجة المؤمنة، كوني لبعلك أرضًا يكن لكِ سماء، وكوني له مِهادًا يكُن لك عمادًا، تعهَّدي وقتَ طعامِه، والزَمي الهدوءَ عند منامِه، فإنّ مرارة الجوع ملهَبَة، وتنغيصَ النوم مغضَبَة، اصحبيه بالقناعة، وعاشريه بحُسن السّمع والطّاعة، ولا تُفشي له سرًّا، ولا تعصي له أمرًا، واحذري أنواعَ التقصير، واجتنبي أسبابَ التّكدير، ولا تصومي صيامَ تطوّعٍ إلاّ بإذنه، ولا تأذني في بيتِه لمن يكرَه ، واعلمي أنّك أشدّ ما تكونين له إعظامًا أشدّ ما يكون لك إكرامًا، واجتهدي على نفسك بما هو أدعى لرغبته وأملأ لعينِه، قومي بخدمتِه بنفسٍ راضية؛ فإنّ في خدمته تقويةَ مودَّة وإرساءَ محبّة، ولتكن أسماء بنتُ أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنها وعن أبيها لكِ في ذلك أسوةٌ وقدوة، تقول رضي الله عنها: تزوَّجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضحٍ وغير فرسه، فكنت أعلفُ فرسَه وأستقي الماءَ وأخرز غَربَه، وأعجن ولم أكن أحسِن أخبز، فكان يخبز لي جارات من الأنصار، وكنَّ نسوةَ صدق، وكنت أنقل النّوى من أرض الزّبير التي أقطعه رسول الله "على رأسي، وهي منّي على ثلثَي فرسخ. أخرجه البخاري وحسبُ المرأةِ طوبَى وبشرَى قولُ الصّادق المصدوق:(أيّما امرأةٍ ماتت وزوجُها راضٍ عنها دخلت الجنّة) وقوله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام:(إذا صلّت المرأة خمسَها وصامت شهرَها وحفظت فرجَها وأطاعت زوجَها قيل لها: ادخلي الجنةَ من أيّ أبواب الجنّة شئتِ) أيّها الزوج الكريم، اتّق الله في زوجك، لا تكلِّفها ما لا تطيق، وأعِنها عند الضِّيق، وأشفِق عليها إذا تعِبت، ودارِها إذا مرِضت، وراعِها عندَ ظرفِ حملِها ونفاسها ورضاعها، وأجزِل لها الشّكر، وتلقّاها ببرٍّ وبِشر، واعلَم أنَّ قوامتَك لا تعني القهرَ والغلبةَ والاستبداد والاحتقار، بل هي قوامة تحفَظ لها كرامتَها، وتستوجب تعليمَها وتأديبها وإعفافها، ولا يكن جلَّ همِّك مراقبة أخطائها وإحصاءُ زلاّتها، ولا تبالِغ في إساءة ظنٍّ بلا ريبَة، واحذَر شكًّا قاتِلاً وظنًّا مدمِّرًا، أيها الزوجُ الكريم، إيّاك والمعاتبةَ الكثيرة، فإنّها تورث الضّغينة. يقول النبيصلى الله عليه وسلم:(كفى بالمرء إثمًا أن يضيِّع من يقوت)كُن جوادًا كريمًا، عاملا بقول ربّك جلّ وعلا "أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيّقُواْ عَلَيْهِنَّ" ، "لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا ءاتَاهُ ٱللَّهُ لاَ يُكَلّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا ءاتَاهَا سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا"، ويقول عليه الصلاة والسلام:(إذا أنفقَ الرجل على أهله نفقةً يحتسبُها فهي له صدقة)متفق عليه. بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم .....
الخطبة الثانية : ....قد كان سيّدُ الأنام عليه أفضل الصّلاة والسّلام جميلَ العشرة، دائمَ البِشر مع أهله، يتلطَّف معهنّ، ويضاحكهنّ ويداعبهنّ، ويقول بأبي هو وأمّي صلوات الله وسلامه عليه:(خيركم خيرُكم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) ويقول r :(أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلَقًا، وخياركم خيارُكم لنسائهم) أخرجه البخاري ويقول عليه الصلاة والسلام حاثًّا وآمرًا:(استوصوا بالنّساء خيرًا) أخرجه البخاري أيّها الأزواج، لا تتجاوَزوا ما شرَع الله لكم من الضّرب غيرِ المبرِّح حالَ النّشوز إلى ما حرّم عليكم من الضّرب الموجِع المروِّع، فإنّ عواقبَه وخيمة وأضراره جسيمة، عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ويَضيع بسببه الأولاد فلذةُ الأكباد وثمرة الفؤاد، فاحذروا هذا السهرَ واجتنبوه ولا تقربوه. أيّها المسلمون، طهروا بيوتكم من جميع المنكرات و المحرمات تصف لكم الحياة حافظوا على تعاليم هذا الدين وكونوا من عباد الله الصالحين وإنكم في شهر شعبان شهر عظيم القدر عند الملك الديان فاغتنموه بصالح الأعمال اتقوا بذلك يوما ترجعون فيه إلى الله يوما تشيب فيه الولدان وتضع فيه كل ذات حمل حملها ... قال:(ولا تضربِ الوجهَ ولا تقبِّح) فويل للظالم، ويل للظالم يوم اقتصاصِ المظالم.أيّها الأزواج، إنَّ السهرَ والسمَر خارجَ المنزل من مثيرات القلق والأرق، ينغِّص على الزّوجة حياتَها،
السلام عليكم
ردحذفمشكور أخي على العظات و النصائح الزوجية
بارك الله فيك
مبروك لكل من هو مقبل على الدخول إلى الحياة الزوجية إن شاء الله السعادة و التوفيق في هذه الحياة
تحياتي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ردحذفبارك الله فيك أخي أععدتها خصيصا بمناسبة حفل الزواج الجماعي المقام على مستوى الدائرة التي أعمل فيها، والذي كان يوم الخميس تحت رعاية السيد والي ولاية البرج وقد كان حفلا بهيجا، تحياتي اخي الكريم