ما هي صفات الرسول الخُلقية والخَلقية ؟
لقد وصفت لنا كتب السّيرة والحديث صفات النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - الخَلقية والخُلقية، حيث وصف كتّاب السّيرة النّبوية أنّه كان - صلّى الله عليه وسلّم - شعر رأسه ولحيته وحاجبيه موصول ما بين اللبة، والسرّة بشعر يجري كالخيط، وأنّه كان - صلّى الله عليه وسلّم - أشعر الذّراعين والمنكبين وأعالي الصّدر، وقد قال هند بن أبي هالة التميمي للحسن بن علي رضي الله عنهما حين سأله عن وصف النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - وقد كان وصّافاً، فقال:" كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فخماً، مفخماً، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذب، عظيم الهامة، رجل الشعر إن تفرقت عقيصته فرق، وإلا فلا يتجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب سوابغ في غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرين، له نور يعلوه يحسبه من يتأمله أشم، كثّ اللحية، سهل الخدين ضليع الفم أشنب مفلج الأسنان، دقيق المسربة، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادن متماسك سواء البطن والصدر، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخيط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، سبط القصب، شثن الكفين والقدمين، سائل الأطراف، خمصان الأخمصين مسيح القدمين ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفيا ويمشي هونا، ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعاً، خافض الطرف نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه، يبدر من لقي بالسلام ".
لقد خصّ الله سبحانه وتعالى رسوله محمداً - صلّى الله عليه وسلّم - بأجمل الصفات وأحسنها وأتمّها من الظّاهر والباطن، وإنّ أهمّ ما خصّه به من الخلق العظيم هو الحياء والكرم والشّجاعة والصّفح والحلم، وغيرها من كلّ الأخلاق الجميلة. قال صلّى الله عليه وسلّم:" إنّ الله بعثني لأتمّم حسن الأخلاق "، رواه مالك في الموطأ، ويقول أيضاً:" أدّبني ربّي تأديباً حسناً، إذ قال: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين، فلما قبلت ذلك منه قال: وإنّك لعلى خلق عظيم "، رواه السّمعاني، وعندما سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن خلقه قالت فأوجزت وجمعت:" كان خلقه القرآن "، رواه مسلم.
والمقصود بذلك هو أنّه لا يوجد أي خلق حسن يأمر به القرآن ويدعو إليه إلا وقد أخذ هو - صلّى الله عليه وسلّم - به، ولا يوجد فيه خلق سيء نهي عنه إلا وهو متعال ومبتعد عنه صلوات الله وسلامه عليه، وأمّا عن صفاته الخَلْقية فقد روى البخاري عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: سمعت أنس بن مالك يصف النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - فقال:" كَانَ رَبْعَةً مِنْ الْقَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلَا سَبْطٍ رَجِلٍ أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَقُبِضَ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ ". وعن أنس رضي الله عنه قال:" ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كفّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا شممت ريحاً قطّ أو عرقاً قطّ أطيب من ريح أو عرق النّبي صلّى الله عليه وسلّم "، رواه البخاري، وفي وصف كعب له قال:" كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إذا سرّ استنار وجهه كأنّه قطعة قمر وكنّا نعرف ذلك منه "، رواه البخاري.
نسب النبي عليه السلام النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - هو ابن عبد الله الذّبيح، وقد سمّي بذلك لأنّ أباه أمر في منامه أن يحفر زمزم، وسمّيت بذلك لأنّها زمّت بالتراب، أو لزمزمة الماء فيها، فقامت قريش بمنعه من ذلك، ولم يكن له من الأولاد سوا الحارث، وكان سكنّى به، فنذر:" لئن ولد له عشرة نفر، ثمّ بلغوا أن يمنعوه، لينحرنّ أحدهم عند الكعبة لله تعالى "، فلما بلغوا ذلك، ضرب عليهم القداح، فخرج القدح على عبد الله وهو أصغر بنيه، وهذا ما قاله ابن إسحق، والصّواب بني أمّه، وإلا فحمزة والعباس رضي الله عنهما كانا أصغر منه. وأمّا أعمام النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - فأوّلهم: الحارث، وأبو طالب، ثمّ الزبير، وعبد الكعبة، والمقوّم، وجحل واسمه المغيرة، والغيداق، وقثم، ومنهم من أسقطه، وضرار، وأبو لهب، واسمه عبد العزى، وقد كنّي بذلك لجماله، وصار في الآخرة لمآله. وأمّا عمّاته فهم: صفيّة، وعاتكة، وأروى، وهناك خلاف في إسلامهنّ، إلا صفيّة، وهناك أميمة أيضاً، وبرّة، وأم حكيم البيضاء.
أولاد النبي عليه السلام ولد للنبي - صلّى الله عليه وسلّم - قبل نبوّته القاسم، وقد مات وله من العمر سنتين، وهو أوّل من مات من أولاد النّبي صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ زينب، وقد قال الكلبي أنّها أوّل ولده عليه السّلام، وقال السّرّاج: ولدت سنة ثلاثين، وماتت سنة ثمان من الهجرة، وذلك عند زوجها وابن خالتها أبي العاص لقيط. ومن أولاده - صلّى الله عليه وسلّم - رقيّة، وقد تزوّجها عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد ماتت عنده، وقد تزوّجت في البداية من عتبة بن أبي لهب، فلمّا بعث النّبي صلّى الله عليه وسلّم، ونزلت الآية:" تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ "، قال أبو لهب:" رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق رقيّة "، ففارقها قبل أن يدخل فيها، ثمّ هاجر بها عثمان إلى الحبشة.
ومن أولاده أيضاً فاطمة وكنيتها: أمّ ابنيها، وقد تزوّجت عليّ بعد أحد، وقيل: في السّنة الثّانية في شهر رجب، ومنهم أيضاً أمّ كلثوم، وقد تزوّجها عتيبة بن أبي لهب، وقد أمره أبوه أن يطلقها، وكان ذلك قبل الدّخول بها، وقد تزوّجت من عثمان في سنة ثلاث في جمادى الآخرة، ثمّ توفّيت في شعبان سنة تسع. ثمّ ولد له عبد الله، وقد مات بمكّة، فقال العاصي بن وائل:" قد انقطع ولده، فهو أبتر "، فأنزل الله سبحانه وتعالى:" إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ "، ومن ولده أيضاً إبراهيم من ماريّة، وقد توفّي وله سبعون يوماً، وكان ذلك في ربيع الأول يوم الثلاثاء لعشر خلون منه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق