السعادة الحقيقية:
- (وأعظم الأشياء رتبة في حقِّ الآدمي السعادة الأبدية، وأفضل الأشياء ما هو وسيلة إليها، ولن يتوصل إليها إلا بالعلم والعمل، ولا يتوصل إلى العمل إلا بالعلم بكيفية العمل، فأصل السعادة في الدنيا والآخرة هو العلم فهو إذن أفضل الأعمال).
- (ما أبعدَ عن السَّعادة مَنْ باع مهمَّ نفسِهِ اللازم بمهمِّ غيره النادر، إيثاراً للتقرب والقبول من الخلق على التقرب من الله سبحانه).
- (قد أمر الله تعالى بالعدل والإحسان جميعاً، والعدل سبب النجاة فقط، وهو يجري من التجارة مجرى رأس المال، والإحسان سبب الفوز ونيل السعادة، وهو يجري من التجارة مجرى الربح ولا يعد من العقلاء من قنع في معاملات الدنيا برأس ماله فكذا في معاملات الآخرة فلا ينبغي للمتدين أن يقتصر على العدل واجتناب الظلم ويدع أبواب الإحسان وقد قال الله: وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ}، وقال عز و جل: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}، وقال سبحانه: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ}، ونعني بالإحسان فعل ما ينتفع به المعامل وهو غير واجب عليه ولكنه تفضل منه).
- (وقد أهمل الناسُ طبَّ القلوب، واشتغلوا بطب الأجساد، مع أن الأجساد قد كتب عليها الموت لا محالة، والقلوب لا تدرك السعادة إلا بسلامتها، إذ قال تعالى: { إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }).
وقال رحمه الله بعد أن ذكر قول ابن مسعود «الهالك في اثنتين القنوط والعجب»: (وإنما جمع بينهما؛ لأنَّ السَّعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمر، والقانط لا يسعى ولا يطلب، والمعجب يعتقد أنه قد سعد وقد ظفر بمراده فلا يسعى، فالموجود لا يطلب، والمحال لا يطلب، والسعادة موجودة في اعتقاد المعجب حاصلة له، ومستحيلة في اعتقاد القانط، فمن ههنا جمع بينهما).
- (فمفتاح السعادة: التيقظ والفطنة، ومنبع الشقاوة: الغرور والغفلة، فلا نعمة لله على عباده أعظم من الإيمان والمعرفة، ولا وسيلة إليه سوى انشراح الصدر بنور البصيرة، ولا نقمة أعظم من الكفر والمعصية، ولا داعي إليهما سوى عمى القلب بظلمة الجهالة).
- (اعلم أنَّ كلَّ خير ولذة وسعادة بل كل مطلوب ومؤثر فإنه يُسمى نعمة، ولكن النعمة بالحقيقة هي السعادة الأخروية، وتسمية ما سواها نعمة وسعادة إما غلط وأما مجاز، كتسمية السعادة الدنيوية التى لا تعين على الآخرة نعمة، فإن ذلك غلط محض، وقد يكون اسم النعمة للشيء صدقاً، ولكن يكون إطلاقه على السعادة الأخروية أصدق، فكل سبب يوصل إلى سعادة الآخرة ويعين عليها إما بوسطة واحدة أو بوسائط، فإنَّ تسميه نعمة صحيحة وصدق لأجل أنه يفضى إلى النعمة الحقيقية).
- (غاية السعادة أن يموت محبَّاً لله تعالى، وإنما تحصل المحبة بالمعرفة بإخراج حب الدنيا من القلب، حتى تصير الدنيا كلها كالسجن المانع من المحبوب، ولذلك رأى بعض الصالحين أبا سليمان الداراني في المنام وهو يطير، فسأله فقال: الآن أفلت. فلما أصبح سأل عن حاله، فقيل له: إنه مات البارحة).
- (قد انكشف لأرباب القلوب ببصيرة الإيمان وأنوار القرآن أن لا وصول إلى السعادة إلا بالعلم والعبادة، فالناس كلهم هلكى إلا العالمون، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم، فالعمل بغير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، وهو للنفاق كفاء، ومع العصيان سواء، والإخلاص من غير صدق وتحقيق هباء، وقد قال الله تعالى في كل عمل كان بإرادة غير الله مشوبَاً مغمورا، {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورَا}، وليت شعري كيف يصحح نيته مَنْ لا يعرف حقيقة النية، أو كيف يخلص من صحح النية إذا لم يعرف حقيقة الإخلاص، أو كيف تطالب المخلص نفسه بالصدق إذا لم يتحقق معناه، فالوظيفة الأولى على كل عبد أراد طاعة الله تعالى: أن يتعلم النية أولاً لتحصل المعرفة، ثم يصححها بالعمل، بعد فهم حقيقة الصدق والإخلاص اللذين هما وسيلتنا العبد إلى النجاة والخلاص).
- (لا سعادة في دار البقاء إلا في لقاء الله تعالى وإنَّ كلَّ محجوب عنه يشقى لا محالة محول بينه وبين ما يشتهي، محترق بنار الفراق ونار الجحيم، وعلم أنه لا مبعد عن لقاء الله إلا اتباع الشهوات والأنس بهذا العالم الفاني، والإكباب على حب ما لا بد من فراقه قطعاً ولا مقرب من لقاء الله إلا قطع علاقة القلب عن زخرف هذا العالم، والإقبال بالكلية على الله طلباً للأنس به بدوام ذكره، وللمحبة له بمعرفة جلاله وجماله على قدر طاقته، وأنَّ الذنوب التي هي إعراض عن الله واتباع لمحاب الشياطين أعداء الله المبعدين عن حضرته سبب كونه محجوباً مبعداً عن الله تعالى، فلا يشك في أنَّ الانصرافَ عن طريق البُعْد واجب للوصول إلى القُرْب، وإنما يتم الانصراف: بالعلم والندم والعزم، فإنه ما لم يعلم أنَّ الذنوب أسباب البعد عن المحبوب، لم يندم ولم يتوجع بسبب سلوكه في طريق البعد، وما لم يتوجع فلا يرجع، ومعنى الرجوع الترك والعزم، فلا يشك في أنَّ المعاني الثلاثة ضرورية في الوصول إلى المحبوب، وهكذا يكون الإيمان الحاصل عن نور البصيرة، وأما من لم يترشح لمثل هذا المقام، المرتفع ذروته عن حدود أكثر الخلق، ففي التقليد والاتباع له مجال رحب، يتوصل به إلى النجاة من الهلاك، فليلاحظ فيه قول الله وقول رسوله وقول السلف الصالحين فقد قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وهذا أمر على العموم وقال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحَا} الآية، ومعنى النصوح: الخالص لله تعالى خالياً عن الشوائب).
- (وأعظم الأشياء رتبة في حقِّ الآدمي السعادة الأبدية، وأفضل الأشياء ما هو وسيلة إليها، ولن يتوصل إليها إلا بالعلم والعمل، ولا يتوصل إلى العمل إلا بالعلم بكيفية العمل، فأصل السعادة في الدنيا والآخرة هو العلم فهو إذن أفضل الأعمال).
- (ما أبعدَ عن السَّعادة مَنْ باع مهمَّ نفسِهِ اللازم بمهمِّ غيره النادر، إيثاراً للتقرب والقبول من الخلق على التقرب من الله سبحانه).
- (قد أمر الله تعالى بالعدل والإحسان جميعاً، والعدل سبب النجاة فقط، وهو يجري من التجارة مجرى رأس المال، والإحسان سبب الفوز ونيل السعادة، وهو يجري من التجارة مجرى الربح ولا يعد من العقلاء من قنع في معاملات الدنيا برأس ماله فكذا في معاملات الآخرة فلا ينبغي للمتدين أن يقتصر على العدل واجتناب الظلم ويدع أبواب الإحسان وقد قال الله: وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ}، وقال عز و جل: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}، وقال سبحانه: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ}، ونعني بالإحسان فعل ما ينتفع به المعامل وهو غير واجب عليه ولكنه تفضل منه).
- (وقد أهمل الناسُ طبَّ القلوب، واشتغلوا بطب الأجساد، مع أن الأجساد قد كتب عليها الموت لا محالة، والقلوب لا تدرك السعادة إلا بسلامتها، إذ قال تعالى: { إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }).
وقال رحمه الله بعد أن ذكر قول ابن مسعود «الهالك في اثنتين القنوط والعجب»: (وإنما جمع بينهما؛ لأنَّ السَّعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمر، والقانط لا يسعى ولا يطلب، والمعجب يعتقد أنه قد سعد وقد ظفر بمراده فلا يسعى، فالموجود لا يطلب، والمحال لا يطلب، والسعادة موجودة في اعتقاد المعجب حاصلة له، ومستحيلة في اعتقاد القانط، فمن ههنا جمع بينهما).
- (فمفتاح السعادة: التيقظ والفطنة، ومنبع الشقاوة: الغرور والغفلة، فلا نعمة لله على عباده أعظم من الإيمان والمعرفة، ولا وسيلة إليه سوى انشراح الصدر بنور البصيرة، ولا نقمة أعظم من الكفر والمعصية، ولا داعي إليهما سوى عمى القلب بظلمة الجهالة).
- (اعلم أنَّ كلَّ خير ولذة وسعادة بل كل مطلوب ومؤثر فإنه يُسمى نعمة، ولكن النعمة بالحقيقة هي السعادة الأخروية، وتسمية ما سواها نعمة وسعادة إما غلط وأما مجاز، كتسمية السعادة الدنيوية التى لا تعين على الآخرة نعمة، فإن ذلك غلط محض، وقد يكون اسم النعمة للشيء صدقاً، ولكن يكون إطلاقه على السعادة الأخروية أصدق، فكل سبب يوصل إلى سعادة الآخرة ويعين عليها إما بوسطة واحدة أو بوسائط، فإنَّ تسميه نعمة صحيحة وصدق لأجل أنه يفضى إلى النعمة الحقيقية).
- (غاية السعادة أن يموت محبَّاً لله تعالى، وإنما تحصل المحبة بالمعرفة بإخراج حب الدنيا من القلب، حتى تصير الدنيا كلها كالسجن المانع من المحبوب، ولذلك رأى بعض الصالحين أبا سليمان الداراني في المنام وهو يطير، فسأله فقال: الآن أفلت. فلما أصبح سأل عن حاله، فقيل له: إنه مات البارحة).
- (قد انكشف لأرباب القلوب ببصيرة الإيمان وأنوار القرآن أن لا وصول إلى السعادة إلا بالعلم والعبادة، فالناس كلهم هلكى إلا العالمون، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم، فالعمل بغير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، وهو للنفاق كفاء، ومع العصيان سواء، والإخلاص من غير صدق وتحقيق هباء، وقد قال الله تعالى في كل عمل كان بإرادة غير الله مشوبَاً مغمورا، {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورَا}، وليت شعري كيف يصحح نيته مَنْ لا يعرف حقيقة النية، أو كيف يخلص من صحح النية إذا لم يعرف حقيقة الإخلاص، أو كيف تطالب المخلص نفسه بالصدق إذا لم يتحقق معناه، فالوظيفة الأولى على كل عبد أراد طاعة الله تعالى: أن يتعلم النية أولاً لتحصل المعرفة، ثم يصححها بالعمل، بعد فهم حقيقة الصدق والإخلاص اللذين هما وسيلتنا العبد إلى النجاة والخلاص).
- (لا سعادة في دار البقاء إلا في لقاء الله تعالى وإنَّ كلَّ محجوب عنه يشقى لا محالة محول بينه وبين ما يشتهي، محترق بنار الفراق ونار الجحيم، وعلم أنه لا مبعد عن لقاء الله إلا اتباع الشهوات والأنس بهذا العالم الفاني، والإكباب على حب ما لا بد من فراقه قطعاً ولا مقرب من لقاء الله إلا قطع علاقة القلب عن زخرف هذا العالم، والإقبال بالكلية على الله طلباً للأنس به بدوام ذكره، وللمحبة له بمعرفة جلاله وجماله على قدر طاقته، وأنَّ الذنوب التي هي إعراض عن الله واتباع لمحاب الشياطين أعداء الله المبعدين عن حضرته سبب كونه محجوباً مبعداً عن الله تعالى، فلا يشك في أنَّ الانصرافَ عن طريق البُعْد واجب للوصول إلى القُرْب، وإنما يتم الانصراف: بالعلم والندم والعزم، فإنه ما لم يعلم أنَّ الذنوب أسباب البعد عن المحبوب، لم يندم ولم يتوجع بسبب سلوكه في طريق البعد، وما لم يتوجع فلا يرجع، ومعنى الرجوع الترك والعزم، فلا يشك في أنَّ المعاني الثلاثة ضرورية في الوصول إلى المحبوب، وهكذا يكون الإيمان الحاصل عن نور البصيرة، وأما من لم يترشح لمثل هذا المقام، المرتفع ذروته عن حدود أكثر الخلق، ففي التقليد والاتباع له مجال رحب، يتوصل به إلى النجاة من الهلاك، فليلاحظ فيه قول الله وقول رسوله وقول السلف الصالحين فقد قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وهذا أمر على العموم وقال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحَا} الآية، ومعنى النصوح: الخالص لله تعالى خالياً عن الشوائب).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق