|
مِن آلاء الله علينا وَ مِنَنِه أن حبانا رياضا تُزهِر بها أرواحنا وتسكُن إليها أنفسنا, أُنس الصالحين ومطمَح العارفين, مُستراح الأرواح لباغي الفلاحِ , مجالس العلم وما أدراك ما مجالس العلم!
مجالس تشهدها الملائكة ويحفها النور جليسها عند خير ملأ مذكور من رب رحيم غفور.
تأملوا هذا الحديث الشريف الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة فضلا يتبعون مجالس الذكر , فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملأوا ما بينهم وبين السماء الدنيا فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء قال : فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم بهم : من أين جئتم ؟ فيقولون جئنا من عند عباد لك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك قال : وماذا يسألوني ؟ قالوا : يسألونك جنتك . قال : وهل رأوا جنتي ؟ قالوا : لا أي رب . قال : فكيف لو رأوا جنتي ؟ قالوا : ويستجيرونك . قال : ومم يستجيرونني ؟ قالوا : من نارك يا رب . قال : وهل رأوا ناري ؟ قالوا : لا . قال : فكيف لو رأوا ناري ؟ قالوا : ويستغفرونك . قال : فيقول : قد غفرت لهم فأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا . قال : فيقولون : رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم قال : فيقول : وله قد غفرت , هم القوم لا يشقى بهم جليسهم". أ.هـ
أي وربي ! هم القوم لا يشقى بهم جليس, تهفو النفوس للقياهم وتأنس القلوب لرؤياهم
كيف لا ! وهم من صحبوك للخير وعلى الخير عاهدوك! تشدُد بهم أزرك فلا يُفَت لك عضد ولا تخبو لك هِمّة ولا ينثني لك عزم !
يعلم الله ما صحبت أخواتٍ أحرص على ديني ودنياي ولا أحب إلى قلبي من صديقات الطلب !
ولأن طباع البشر لا تبلغ الكمال مهما علَت وسَمَت وارتقت بفضائل الأخلاق وارتفعت!
يقول نبيي وحبيبي عليه صلوات الله وسلامه مخاطبا أصحابه الذين رضي الله عنهم واصطفاهم لصحبته:
(أيّها الناس إن منكم منفّرين) !
تقول إحداهن: كرهت مدارس التحفيظ لتشدد معلماتي! حتى أني خِلتُ الالتزام قيد ورجعية وتخلف!
وتقول الأخرى: كانت أختي تمنعني من مرافقتها للمحاضرات الدعوية بسبب عباءَتي!
وقالت أخرى : لي أخت محبة للخير لكنها لا تطلب العلم, أقنعتها أن تصحبني لزيارة صديقات لي –طالبات علم- فما رأينها إلا وحاصرنها بالأسئلة: كم تحفظين من القرآن؟ ما جدولك العلمي؟ من هو شيخك؟ ما نوع الكتب التي تحبين قرائتها؟ وكان جُلَّ حديثهن عن الكتب والمصنفات وتحقيق فلان أفضل من تحقيق فلان وطبعة الدار الفلانية!
- مع أنها جلسَة أنسٍ وترويح -
فحلفت أختي أن لا تصحبني لطالبات علم مجددا !!
أُخيتي
جميل حبك لطلب العلم وهمتك في جرد المؤلفات والمصنفات لكن لا تنسي نصيبك من الدنيا لا يكن طلب العلم صارفا لك عن حياتك, مجتمعك , أسرتك , لا تتقوقعي بين المتون والشروح فتكوني أذكى قريناتك علما وأقواهن حفظا وأقلهن في مهارات التواصل الاجتماعي !
مؤسف أن لا تفقه طالبة العلم من أمور الدنيا شيئا فتعزل نفسها عن المجتمع وعن الصديقات واللقاءات بحجة الابتعاد عن الفتن و الشبهات فلا هي أصبحت في العير ولا في النفير , فلا نفعت أمتها بعلمها ولا هي نجحت في حياتها!
مؤسف وأدُك لروح الطفلة التي بين جنباتك فيختفي مرحك وتظلين مكفهرة ويخبت مزاحك لتتسمي بالوقار !
مؤسف أن نراك تفقدي أنوثتك ونعومتك و تخشوشني رغبة أن يقالَ عنكِ زاهدة !
مؤسف إهمالك لمظهرك عند حضورك لمجالس العلم و المحاضن الدعوية النسائية للتمظهر بمظهر طالب العلم !
عائشة رضي الله عنها لما حبست ركاب الأمة عن المسير من أجل عقد لم يكن هذا طاعنا في علمها ولا مروءتها ..
والله ما هكذا كان رسولنا صلى الله عليه وسلم ولا صحابتنا ولا السلف الصالح من بعدهم !
(كان صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم يتبادحون بقشر البطيخ ، فإذا حانت الحرب كانوا هم الرجال)
(كان ابن أبي الدنيا إذا جالس أحدا إن شاء أضحكه وإن شاء أبكاه في آن واحد لتوسعه في العلم والأخبار)
ولا تخفى عليك مُلَح مجالِس العلم وطرائف أهله , فأين المقتدون؟
أُخيتي كوني هيّنةً ليّنة , سَمحة إذا نصحت , عذبة إذا نطقت ,فالأمل مُعلق عليك بعد الله للنهوض بأمتك وبنات جنسك.
نفعَ الله بك الأمة ، وقادكِ إلى مرابع فضله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق