والمؤمن الفطن هو الذي يعرف كيف يعين صاحبه على البلاء ،وأكثر شكاوي الناس من مواقف يتعرض لها في حياته من القريب والبعيد ،وهنا يظهر معدنك الطيب عندما تعين صاحبك يتصل بك أحدهم ليشكو همه؛ وبدايةً نقول حتى لو كان والعياذ بالله يشكو الخالق إلى الخلق؛ فلك رسالة كذلك لو استطعت لا تعرض عنه وتهملها، فهو نوع من أنواع المعصية وكل ما عليك أن تحاول أن ترفع الدرجة الإيمانية للمشتكي وتلفت انتباهه إلى نعم الله التي لا تعد ولاتحصى ،وأن الدنيا دار ابتلاء وأن الصبر هو قمة العبادة التي خلقنا الله لها، فعليك أن تُصدر إليه قناعاتك وإيمانياتك وروحانياتك قدر المستطاع وهذا لا يتعارض مع قوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ ﴿٩﴾} (الأعلى:9) فلربما حُرم المشتكي الصحبة الصالحة التي تدفعه وتوجهه إلى طريق خالقه ووجد فيك ضالته ،فتكون ممن فاز بالوعد في قوله صلى الله عليه وسلم : «فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ» [(الراوي:سهل بن سعد الساعدي| (المصدر: صحيح البخاري رقم [15479])] فإن لم يكن كذلك فتذكر قول الله تعالى :" {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴿٥٦﴾} " (القصص:56) أما إذا كان الأمر مجرد لحظة ضعف يفضي إليك أخوك المسلم بهمومه لأجل أن يجد لديك الدعم المعنوي والنفسي فالأمر أكثر يسرًا لأن الأرض الخصبة بقليل من الماء تهتز و تربو وتثمر ،وفي كل الأحوال رسالتك هامة ودقيقة ويترتب عليها أمور ،وهموم الدنيا وابتلاءاتها كثيرة ومتنوعة ،والمؤمن الفطن هو الذي يعرف كيف يعين صاحبه على البلاء ،وأكثر شكاوي الناس من مواقف يتعرض لها في حياته من القريب والبعيد ،وهنا يظهر معدنك الطيب عندما تعين صاحبك على قهر الشيطان وعدم ترك المجال ليفسد علاقته بمن حوله وذلك بحسن الظن بالآخرين والتماس الأعذار لهم وتطهير قلبه من الحقد والغل . واذكر إحدى الأخوات كان لديها قدرة فائقة على تهدئة ثورة الغاضب حتى يصير مشفقًا على من أغضبه . وأخص بالذكر هذه النوعية من المشكلات لأنها تمثل الدمار بعينه حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :(ألا أُخبرُكَ بأفضلَ مِنْ درجةِ الصيامِ و الصلاةِ و الصدقةِ ؟ إصلاحُ ذاتِ البينِ ؛ فإِنَّ فسادَ ذاتِ البينِ هيَ الحالِقَةُ) (الراوي:أبو الدرداء | (المصدر: صحيح الجامع رقم [68306])) فإذا خصك المرء بسره ليجد عندك النصح الشافي فهذه ثقة وضعها الله فيك بالنسبة لهذا المرء وعليك أن تكون نعم المستشار الذي تنزل كلماته بردًا و سلامًا على قلب المستشير؛لا أن تسلك مسلك أهل الغيبة والنميمة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ،وأعلى درجات الحساسية عند الاستشارة هو ما يخص العلاقات الأسرية ففيها يكون عمارة البيوت واستمرارها قوية سعيدة أو يكون فيها تداعيها وانهيارها ،وهذا لا يعني الدرجات التالية للعلاقات لا أهمية لها ولا تحتاج الحفاظ عليها ،فديننا الحنيف لم يترك علاقة إنسانية حتى وضع لها ضوابط لتستمر مصدر خير ونماء لكل أطرافها فيسعد المجتمع البشري بأسره. سهام علي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق