رسالة إلى الأسرة :
التي هي الكَم الذي يطلع منه الطالب، وهي المدرسة الأولى والمحضن العلمي الأول الذي يتلقى فيه التلميذ دروسه الأولى، فنقول: إن الأسرة التي تريد النجاح العلمي لأولادها لابد أن تحسن التربية العلمية والأخلاقية لهم قبل أن ترسلهم إلى المدرسة، حيث تقوم بتربيتهم فعلاً وقولاً على الأعمال الطيبة، والأخلاق الحسنة، وحبِّ العلم والتعلم، واحترام المعلمين، وحسن التعامل معهم.
ومن مفردات ذلك: أن تعوِّدهم على الصلاة، والتحلي بالصدق والأمانة، والكلام الطيّب البعيدِ عن السباب والشتم، والألفاظ البذيئة.
وأن تغرس فيهم الحرص على العلم والجِد والاجتهاد في الدراسة، وتلقنهم أن دينهم وأمتهم ينتظران نجاحهم؛ ليقوموا بخدمة الدين والأمة والمجتمع بعلومهم وعقولهم.
وعلى الأسرة كذلك: أن توعز إليهم بمرافقة الزملاء الصالحين الجادين في دراستهم، وأن تحذرهم من مجالسة رفقاء السوء المهملين لدراستهم، السيئةِ أخلاقُهم.
وأن تربيهم على لزوم الآداب الحسنة مع مدرسيهم، وإدارة مدرستهم، ومع الناس جميعًا.
وإذا كانت بنتًا أن تربَى على الحشمة والعفاف والحياء، والابتعادِ عن جليسات الشر البعيدات عن الأدب والحياء.
وعليها كذلك أن تهيأ الأجواء المناسبة المساعدة على التحصيل العلمي المتقدم بقدر استطاعتها.
كما أن عليها بعد ذلك: أن تتابع الخطى العلمية والعملية لنشأها؛ لتدفع عند التعثر، وتصحح عند الخطأ، وتعين عند الحاجة.
ومن يقرأ في سير بعض العلماء كمالك والشافعي وسفيان الثوري وغيرهم يرى دور الأسرة في التقدم العلمي الذي وصلوا إليه، رحمهم الله تعالى.
أيها الأحبة الفضلاء، وأما الرسالة الثانية فهي إلى أبنائنا وإخواننا الطلاب، وبناتنا وأخواتنا الطالبات، فنقول لهم: أنتم -أيها الجيل الصاعد- البذرةُ الطيبة التي يُنتظر نماؤها وثمرتها، وأنتم معقد آمال أُسركم ومجتمعكم وأمتكم؛ لتصلحوا حاضرهم ومستقبلهم بنجاحكم العلمي الحقيقي، فكونوا عند حسن ظن الجميع.
وذلك يأتي بقيامكم بأسباب النجاح العلمي.
فعليكم-أيها الصباح المشرق- أن تعلموا أن أعظم عون لكم على دراستكم: أن تحافظوا على طاعة الله تعالى عملاً بالأوامر واجتنابًا للنواهي، وأن تكونوا بارين بوالديكم، بعيدين عن عقوقهم، وجرِّ المشقة إليهم.
وبعد ذلك ما أجملَ أن تكونوا حريصين على التعلم الصادق: تذاكرون دروسكم باهتمام، وتحفظون ما يُحفظ باعتناء، وتستمعون لمعلميكم بإنصات، وتوسعون المدارك العقلية لديكم بالاطلاع العلمي خارج المدرسة لتعضدوا ما تتلقونه فيها.
فإذا جاء موعد الامتحان -وأنتم على ذلك الاهتمام- كنتم غير خائفين من الاختبار، وصرتم واثقين عند دخولكم قاعات الامتحان؛ لكونكم قد أخذتم بأسباب النجاح بعد التوكل على الله تعالى.
وما أحسنَ أن تكونوا على أدب جم، واحترام وتقدير لمن يعلمكم، منصتين متواضعين، لا يرى منكم إلا أطيب الأفعال، ولا يسمع منكم إلا أفضل الأقوال.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " تعلموا العلم، وعلموه الناس، وتعلموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلمتم منه، ولمن علمتموه، ولا تكونوا جبابرة العلماء؛ فلا يقوم جهلكم بعلمكم"
وقال الشافعي رحمه الله: "كنت أصفح الورقة بين يدي مالك صفحًا رفيقًا؛ هيبة له؛ لئلا يسمع وقعها".
وقال الربيع رحمه الله: "والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليَّ؛ هيبة له".
أما الطلاب الذين لا يحترمون مدرّسيهم فهم ناكرون للجميل، جاحدون للنعمة، مضرون لأنفسهم، ولزملائهم. قال الشاعر:
إنّ المعلم والطبيب كلاهما
لا ينصحان إذا هما لم يُكرَما
فاصبر لدائك إن جفوتَ طبيبه
واصبر لجهلك إن جفوت معلّماً.
وما أجمل أن يكون الطالب ذا أخلاق حسنة مع زملائه، مهذَّب اللسان، بعيداً عن الإيذاء، يختار من بين الزملاء للصداقة والملازمة أهلَ الجد والأدب، ويعرض عن جلساء السوء علمًا وخلقًا.
فإن الطالب قد يكون في بدء أمره حسن الأخلاق، حريصًا على التعلم حتى إذا خالط رفقاء السوء ذهب خُلقه وحرصه، ، واستبدل الذي هو أسوء بالذي هو أحسن
وأكرمْ بأولئك الطلاب الحريصين على أوقاتهم الذين لا يضيعونها في القيل والقال، والعكوف أمام شاشات التلفاز أو الجوال، أو في مقاهي الإنترنت أو غيرها، بل يستغلون أوقاتهم فيما يعود عليهم بالنفع، ومنه مراجعة دروسهم، وأداء واجباتهم المدرسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق