العفة والقناعة
تعرف العفة بأنها النفور من الحرام، والابتعاد عن جمع المال بالطرق المحرمة، من سرقة، ونصب، واحتيال، واحتكار، وتعرف أيضاً بأنها امتناع المسلم عن كلّ الشهوات المحرمة، من كذب، وزنا، مما يمنع من الوقوع في العديد من الذنوب، بينما تعرف القناعة بأنها الرضا بما قسم الله له من رزق سواء كان قليلاً، أو كثيراً، والاستغناء به عن كل حرام، وفي هذا المقال سنعرفكم على العفة والقناعة في تحصيل المال.
العفة والقناعة في تحصيل المال
يؤدي جمع الأموال بطرق شرعية، وقناعة بما رزق الله إلى تجنّب الكسب الحرام الذي يمنع من استجابة الدعاء، كما أن العفة تدفع كل فرد لتأدية عمله وواجبه ضمن الحدود المباحة، ومن أسباب نجاح المؤمن منع النفس من الحرام، والسعي في الكسب الحلال، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإنسان القانع يحبّه الناس، ويحبه الله، وتحقّق له القناعة خيراً في الآخرة والدنيا، فهي طريق للجنة، كما أنها سبب البركة، حيث إنها كنز لا يفنى، والإنسان الطماع لا يشبع أبداً، ولا يشعر بالبركة في الزرق، ويلحّ في سؤال الناس.
أحاديث العفة والقناعة في تحصيل المال
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ) [رواه مسلم]، ويعني هذا الحديث أنه إذا هدي العبد للإسلام، الذي هو دين الله الذي لا يقبل سواه ديناً، فقد فاز بالثواب والنجاة من العقاب، وحصل على الرزق الذي يكفّ وجهه عن سؤال الخلق، فتمّم الله عليه النعمة بأن اقنعه بما آتاه، فحصل له الرضى بما أوتي من الكفاف، والرزق، ولم يطمح لما وراء ذلك، فقد نال الحسنة في الآخرة والدنيا.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ) [متفق عليه]، ويعني الحديث أن الغني المحمود، هو غنى النفس وقليل الحرص على الزيادة، لا كثير المال والحريص على الزيادة ؛ لأن من كان طالباً للزيادة لم يستغن بما معه فليس له غنى. قال تعالى: (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)[البقرة: 275]، وتعني هذه الآية أن الله أحل الأرباح في المال. التجارة والشراء والبيع، والتي من وجه الزيدة على رأس المال الذي ابتاع به البائع سلعته، وحرم الربا، ويعرف الربا أنّه الزيادة من وجه تأخير. قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)[النساء:10]، وتدعو هذه الآية إلى الحذر من أكل أموال الأيتام بغير حق، حيث يجب اتقاء الله، والإحسان في أموالهم؛ لأن أكلها ظلماً يؤدي إلى الدخول إلى النار، فإذا كان فقيراً يجب أن يتصرف ويتجر فيها ويأكل بالمعروف، بينما إذا كان غنياً فليستعفف عنها، إلا في حال فرض له الحاكم والقاضي أجرة معلومة على تجارته فيها جعل له نصف الربح، أو ثلثه، أو ربعه أو خمسه، فالمقصود أن لا يأكلها ظلماً.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي هريرة: (وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ) [الترمذي]، حيث يعرف الرضا بأنه عكس السخط، ويعرف أيضاً بأنه سكون القلب إلى اختيار الرب، ولا يعد الرضا استسلاماً؛ لأنّ الاستسلام هو الانهزام وعدم بذل الجهد لتحقيق الهدف، أمّا الرضا فهو السعي لتحقيق الهدف، لكن لم توفق إليه، فترضى بما قسم الله من غير سخط أو ضجر، كالذي تزوّج ولم يرزق بولد، بالإضافة إلى ذلك يعدّ الرضا قبول حكم الله في السراء والضراء، والعلم أنّ ما قسمه الله هو الخير كلّه. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (مَنْ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ) [رواه مسلم]، يتحدث هذا الحديث عن تحريم الاحتكار، ويعرف الاحتكار بأنه شراء السلع في وقت الغلاء للتجارة أو في وقت الرخص، وعدم بيعها في الحال، بل ادخارها حتى يرتفع ثمنها، فيضطر الآخرون لشرائها.
آثار القناعة غنى النفس: عادةً ما لا ينظر الإنسان القنوع إلى ما متع الله تعالى به غيره من نعم وخيرات، وبالتالي يكون الإنسان قنوعاً رضي النفس.
الحد من الذنوب الباطنة: مثل الحسد، والحقد.
عزة النفس: حيث لا يذل المسلم نفسه بالطمع، بل يكون غنياً عن الناس، وعزيزاً بينهم، وتكون أخلاقه حميدة، ويعمل بجد.
تجعل صاحبها حراً: حيث لا يتسلط الآخرين عليه، على عكس الطمع الذي يجعل صاحبه عبداً لغيره.
سبيل للراحة النفسية: حيث يعيش المسلم القانع في راحة واطمئنان دائم، بينما يعيش الطماع مهموماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق