تأملت في أحوال الدنيا، وما في النفس من نوازغ وتقلبات، وما في المجتمعات من فتنٍ وبلاء!! فحدثتني نفسي قائلة : ماذا لو جاءك الموت الآن؟!
ولا أخفيكم قولاً أن هذا السؤال قد أفزعني أيُّما فزعٍ!! ليس لحرصي على الحياة التي أعلم يقيناً وأنا أعيش على ظهرها الآن أنني أحيا في مجرد أوهام وأحلام!!
وإنما ليقيني بفرط تقصيري، وخوفي من مواجهة من يعلم سري، وما اقترفتهيداي!!
فسألت نفسي : وهل من مستعدٍ تمام الاستعداد لهذا اللقاء، وهو يحيا بين أظهرنا الآن على ظهر هذه الحياة؟!
فأجابتني : لا تخلو الدنيا أبداً من الصالحين، الذي هم للدرب سالكون، وبخطاهم على طريق الحق ثابتون، ومن لقاء الله وجلون، ولعفوه ورضوانه راجون، ومن عذابه مشفقون، وفي جناته آملين وراغبون!!
فقلت في نفسي، والله إنني إلى لقاء أمثال لهؤلاء لمن المشتاقين، ولتقبيل جباههم لمنالراغبين، بل ولصحبتهم من الحريصين!!
إن القلوب التي عرفت حقيقة الخديعة الكبرى لفتن هذه الحياة فلفظتها، وأيقنت بلقاء الله يوم الآزفة؛ فحرصت على تطهير جنباتها، كي تنجو من عرصاتها، وطاقت شوقأ إلى جنان الله أملاً في دخولها؛ فأخلصت لله في طاعتها، لهي فقط النفوس التيتطهرت من روث هذه الحياة وقاذوراتها!!
فهي تحيا بأشواق الجنان، حتى وإن لم تخرج أجسادها من حيز الدنيا!!
وتستنشق نسيم الجنان، حتى وإن تنفست رئتاها غبار المخدوعين بهذه الدنيا!!
وتباشر ما كان من أعمال، بمنهج المراقبة الثاقبة، فلا تقضي عملاً إلا على الوجه الذي يجعله في صحائفها البيضاء غداً، يوم يسألها الله عن حصيلة أعمالها في هذه الدنيا!!
إنها نفوس لها أجندةٌ واحدة!! وهدفٌ واحد!! وغايةٌ واحدة!! وسبيلٌ واحد!! نستطيع أن نلخصه كله في عبارة بسيطة مفادها (التطهر للقاء الله)!!
فهل فينا من طاهر؟!
أبو مهند القمري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق