السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2016-01-29

10 طرق لتعديل سلوك الأطفال

10 طرق لتعديل سلوك الأطفال
كلنا نحلم بأن يصبح أبناؤنا مثاليين، ونحاول تعديل سلوكهم بشكل مستمر؛ ولكن كثيرًا ما نتعجل في استخدام العقاب الفوري، وقد ننجح في ردع الطفل عن السلوك غير المقبول ولكن على المدى الطويل يؤثر ذلك بشكل سلبي جدًّا على شخصية الطفل، وننسى وجود العديد من الأدوات والأساليب السهلة لتعديل السلوك، والتي تختلف باختلاف الموقف، وقد يستغرق تطبيق بعضها وقتًا طويلاً بعض الشيء للتأثير على الطفل؛ مما يتطلب من ولي الأمر أن يتحلى بالصبر والهدوء، وقد تشعر الأم ويشعر الأب بالإحباط في بادئ الأمر؛ ولكن على المدى الطويل تكون النتيجة باهرة، وقد اخترت لكم 10 طرق فعالة في تعديل سلوك الطفل: 
1 - رواية القصص للطفل حول السلوك بشكل عام، بما يناسب عمر الطفل، التي مع الوقت سوف تتراكم في اللاوعي عند الطفل، ثم يبدأ الطفل بعد فترة بتقليدها تلقائيًّا.
2 - عدم إحراج الطفل بتوبيخه أمام الآخرين.
3 - توجيه الطفل بشكل مباشر، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ" ولا يمكن ممارسة هذه الطريقة إلا إذا كان الوالدان يجالسان أبناءهم باختلاف أعمارهم، ويصاحبانهم ويحاورانهم بشكل مستمر.
4 - إشباع رغبة الطفل في الحصول على الاهتمام والانتباه والحب والاحترام؛ لأن حرمان الطفل من ذلك يدفع الطفل للبحث عن الاهتمام في شكل سلوك غير مقبول.
5 - التجاهل، إن تجاهل السلوك غير المقبول لدى الطفل يؤدي إلى إخماده في فترة قصيرة، مثال ذلك: تجاهل بكاء الطفل عندما يرفض المربي تنفيذ طلب غير مناسب، وقد يرتفع بكاء الطفل وعويله وإلحاحه؛ ولكن في نهاية المطاف سوف يتوقف حتمًا.
6 - التحاور مع الطفل حول السلوك السيئ الذي قام به، والإنصات إلى وجهة نظره، فأحيانًا يذهلنا الأطفال عندما نجدهم يحللون الموقف بشكل أفضل وأبسط من أولياء الأمور، وعلى المربي التعبير عن مشاعره نحو هذا السلوك، مثل أن تقول الأم: «أنا مستاءة من فعلك كذا وكذا». ولكن هنا يجب عدم ربط السلوك بالطفل، كأن تقول الأم: «أنا مستاءة لأنك مشاغب». والأخذ بعين الاعتبار استخدام ألفاظ إيجابية وحضارية، دون اللجوء إلى الألقاب السلبية والمهينة، وهنا أحب أن أذكر أن بعض الأطفال يحب الجدال والرد بشكل غير مناسب، عندها يجب إنهاء الحوار بشكل حازم.
7 - سد الذريعة، فمثيرات السلوك السلبي لدى الطفل يجب الابتعاد عنها، مثلاً إذا كان الطفل يتشاجر مع أبناء الجيران، بكل بساطة امنعه من اللعب معهم، ليس عقابًا له، بل للتخلص من المشكلة من جذورها.
8 - تعليم الطفل سلوكًا بديلاً، وأبسط مثال على ذلك هو عندما يطلب الطفل حاجة بشكل غير مهذب، هنا دور الأم لتعلمه الأسلوب المهذب في طلب الحاجات، مثل أن يقول: «لو سمحتي، وشكرًا».
9 - لوحة النجوم أو النقاط، لتحفيز الطفل على الاستمرار في السلوك الحسن، ويجب المكافأة في نهاية الجدول، والتي ليست بالضرورة أن تكون مكافأة مادية.
10 - وضع النقاط على الحروف وإنهاء المشكلة، مثلاً عندما توبخ طفلاً على سلوك ما، ثم تنصرف، لا يعتبر ذلك حلاًّ، ويظل الطفل غارقًا في الشعور بالذنب، ومن المفترض عند نهاية كلامك أن تطلب من الطفل الاستغفار والاعتذار، ثم احضنه ليعلم أنك ما زلت تحبه رغم كل شيء.
وهنالك مئات الأفكار لتعديل السلوك، وعلى المربين التفكير خارج الصندوق كما يقال، والبحث ثم البحث عن أجمل الأساليب التربوية لمساعدة الطفل على أن يكون إنسانًا سويًّا.

أمور تحفظ السلام داخل الأسرة


من الصعب التعامل مع الخلافات العائلية في الغالب، لأنك تكون دائم التعايش مع أفراد أسرتك، فلا يمكن الابتعاد عنهم لفترة كما تفعل عندما تتشاجر مع بعض أصدقائك، أو تجنبهم لو كانوا مجرد أشخاص تربطك بهم معرفة سطحية أو حتى جيران؛ وفي الوقت الذي يمكنك فيه التعرف على أصدقاء جدد عوضًا عمن اختلفت معهم وفارقتهم، لا يمكنك أبدًا أن تجد لنفسك عائلة جديدة!
لذلك من المهم أن تتعلم كيفية التعامل مع الخلافات العائلية بالشكل الذي لا ينتج عنه قطع دائم للعلاقة بينك وبين أحد أفراد أسرتك؛ وفيما يلي بعض الأمور التي عليك أن تفعلها إذا وجدت نفسك طرفًا في نزاع عائلي، أو حتى حدث خلاف بين بعض أفراد أسرتك وترغب في إنهائه:
1 - لا تقطع التواصل
من أفضل الأشياء التي تساعد على رأب الصدع بين أفراد الأسرة الواحدة بسرعة عدم قطع التواصل حتى في وجود خلاف؛ لا تقاطع أبدًا والدك أو أحد أشقائك أو حتى أبناء العم أو الخال، ابق على علاقة ما مع الطرف الآخر خلال فترة الخلاف، حتى لو اقتصرت على تبادل تحية الصباح والمساء، أو الجلوس على مائدة الطعام معًا وتبادل الحديث الضروري فقط؛ وبالنسبة لأقارب الدرجة الثانية، لا تهمل رسائل التهنئة بالمناسبات المختلفة حتى أثناء الخلاف، ربما تكون العلاقة بينكما قد شابها بعض التوتر المؤقت؛ لكن لا ينبغي لها أبدًا أن تنقطع تمامًا.
2 - كن أنت الأكثر تعقلاً ونضجًا
في القول المأثور، وجدنا أن (العناد يورث الكفر)، وهو بالفعل قادر على إنهاء أي علاقة بين طرفين إذا تشبث كل منهما بأن يبدأ الطرف الآخر بالمصالحة، لا تدع الفرصة للعناد حتى تخسر علاقتك بأحد أفراد أسرتك للأبد، كن أنت الأكثر نضجًا وتعقلاً، وبادر بكسر الصمت والمصالحة والاعتذار تعبيرًا عن حبك للطرف الآخر وحرصك على وجوده بحياتك، إذا قمت بالمبادرة لا تستبعد أن يستجيب الطرف الآخر بشكل فوري، ويبادلك الاعتذار والصلح.
3 - لا تتغيب عن المناسبات العائلية
حتى إذا كنت على خلاف مع أحد أفراد الأسرة الذي تربطك به قرابة من الدرجة الأولى أو الثانية، احرص على الحضور دومًا في التجمعات العائلية المقامة في المناسبات المهمة، ولا تتجنب الذهاب إليها، مشكلتك مع شخص واحد يجب ألا تدفعك للتسبب في الضيق لباقي أفراد الأسرة وإفساد تجمعهم بغيابك وتصرفك الطفولي، اندمج مع الجميع في التجمع الأسري، وضع ابتسامة على وجهك عندما تقابل الشخص الذي اختلفت معه، حتى لو اضطررت للتظاهر بالابتسام؛ فلعل ذلك يلطف الأمور، ويكون بداية للتصالح.
4 - صرح بما في نفسك
الصمت والكتمان بين الطرفين عند وقوع الخلافات يزيد الأمور سوءًا في معظم الأحوال، ولا يترك مجالاً لإيجاد حل للمشكلة ينهي الخلاف، واجه الطرف الآخر بمشاعرك بصراحة، اجلس معه وتحدث بهدوء، أو اكتب رسالة عتاب مهذبة واشرح فيها وجهة نظرك، إذا كنت تتجنب الحديث مع ذلك الشخص بشكل مباشر، المهم في جميع الأحوال ألا يتحول الأمر لمواجهة غاضبة وعاصفة تزيد الطين بلة، يجب أن يتم الأمر في جو من الود والهدوء؛ ففي نهاية الأمر لستما أعداء، بل أنتما فردان في عائلة واحدة.
5 - لا تتحدث عن الخلاف مع آخرين
بقدر ما هو مهم أن تتحدث مع الطرف الآخر الذي وقع بينك وبينه الخلاف، من المهم كذلك ألا تتحدث مع أي شخص سواه، لا تثرثر من خلف ظهر الطرف الآخر مع أي فرد من أفراد الأسرة؛ لأن هذا قد يضع الطرف الآخر في موقف سيئ، كما قد يفتح المجال أمام آخرين للتدخل في الأمر وزيادته سوءًا بسبب النميمة وتناقل المعلومات بشكل ربما يكون مغلوطًا، اقصر مناقشة الأمر مع الطرف المعني فقط.
6 - لا تبالغ في توقعاتك، وتقبل ما لا يمكنك تغييره
لا تتطرف في وضع شروط خيالية للتصالح مع الطرف الآخر الذي وقع بينك وبينه الخلاف، بل كن واقعيًّا وحاول ملاقاته في منتصف الطريق، ولا داعي لأن يتشبث كل منكما برأيه، إذا كان الخلاف حول أحد طباع أو تصرفات الطرف الآخر التي لا يمكنه تغييرها أو عاداته التي لا يستطيع الإقلاع عنها، فربما عليك في النهاية أن تتقبله كما هو إذا كانت هناك استحالة في أن يتغير في الوقت الحالي.
المهم في النهاية هو إنهاء الخلاف وتعلم التعايش معًا بسلام بين أفراد الأسرة الواحدة.

الصدق والصراحة مع الزوج


الصدق والصراحة هما العمودان الرئيسيان اللذان تقوم عليهما أية علاقة زوجية ناجحة؛ لأن هذه العلاقة الخاصة ونظرًا إلى أنها العلاقة الأهم في حياة الإنسان وتستغرق مشاعره وأفكاره وتفاصيل حياته، فإنها تحتاج إلى أن تكون ذات طبيعة معينة وتتميز بالصدق والصراحة من جانب كل طرف في تعامله مع الطرف الآخر.
غير أن الصدق والصراحة يجب ألا يقودا الزواج إلى حالة من الجمود والجفاف في المشاعر والأحاسيس، لأن الصراحة في كثير من الأحيان تسبب الآلام، فالزوج لا يحب أن تصارحه زوجته بكل عيوبه وسلبياته طوال الوقت، نظرًا لما يسببه له ذلك من إحساس بالعجز أو التقصير أو أنه ليس الإنسان الذي كانت تحلم به الزوجة.
ولا شك أن المرأة الحصيفة تجد نفسها في سياق حياتها الزوجية حريصة على أن تكون صادقة وشفافة مع زوجها فيما يتعلق بالأمور المعيشية والتفاصيل اليومية سواء ما يتعلق بهموم المنزل أو علاقاتها مع صديقاتها وعائلتها، أو ما يتعلق بتربيتها للأبناء، أو ما تواجهه في عملها لو كانت امرأة عاملة، لكنها يجب أن تحذر طوال الوقت من أن تتعامل بنفس درجة الصراحة والوضوح مع زوجها فيما يخص علاقتهما الزوجية ونظرة كل منهما للآخر، وكذلك ما يتعلق بالمشاعر والإعجاب المتبادل.
وهذا يرجع إلى حقيقة أن كل رجل يتمنى أن يكون في عيني زوجته إنسانًا متميزًا ورجلاً فريدًا من نوعه لم يكن لزوجته أن تجد السعادة والإشباع والاستقرار والشعور بالأمان مع إنسان غيره، والرجل لا يمل من الإحساس بهذا الشعور من جانب زوجته، التي تجد نفسها في كثير من الأحيان مضطرة لعدم التركيز على بعض العيوب وجوانب القصور في شخصية زوجها لأنها لو كانت تصارحه بمثل هذه الأمور السلبية فإنها ستفقده إحساسه بالتميز في حياتها وقلبها.
وفيما يلي عرض لأمرين يعتبران من أهم الأمور التي يجب ألا تتعاملي فيها بالصراحة المعهودة فيك مع زوجك وهما:
أولاً: إحساسك الحقيقي نحو أفراد عائلته
قد تكون هناك بعض مشاعر الضيق أو النفور في نفسك تجاه بعض أفراد عائلة زوجك، لكنك في حالة مصارحتك له بهذا الأمر لاسيما إن كانت تلك المصارحة بدون التمهيد الواجب، فإن هذا سيوغر صدر زوجك وسيشعره بعدم الراحة النفسية تجاهك، خصوصا لو كانت هذه الشخصية التي تسبب لك هذا الضيق والنفور هي شخصية والده أو والدته؛ لأن الوالد والوالدة لهما مكانة خاصة في قلب زوجك، وهو مأمور من الناحية الشرعية بأن يكون بره الأول بهما وقبل كل أحد آخر في الدنيا، وبالتالي فإنك يجب أن تحرصي على كتمان مشاعرك الحقيقية تجاه أفراد عائلته لو كانت هذه المشاعر سلبية، وحاولي قدر استطاعتك أن تغيري نظرتك لأفراد عائلته بالصورة التي تجعلك صادقة قدر الإمكان عندما يأتي الحديث عنهم.
ثانيًا: تقييم جاذبيته وقدراته كرجل
لا يمكن للمرأة الواعية أن تكون صريحة مع زوجها فيما يتعلق ببعض العيوب الخاصة بشخصيته وقدراته كرجل؛ لأنه لا يوجد رجل مثالي في كل الصفات، وبالتأكيد إٍن كل إنسان توجد به عيوب أو أوجه تقصير، فهل تتعامل الزوجة بصراحة يمكن أن يطلق عليها اسم آخر وهو الإيذاء النفسي مع زوجها فيما يتعلق بمدى إعجابها به كرجل؟ بالطبع ستكون الإجابة لا، بل إن الشرع يبيح للمرأة أن تكون مجاملة لزوجها في بعض الأمور حتى تدخل السرور على قلبه وتشعره بأنه أفضل رجل في الكون وأنها لم تكن لتحلم بإنسان بهذه الصفات والطبيعة.

عشر خطوات لأبوة ناجحة


جميع الآباء يحلمون أن يصبحوا من غدهم آباء ناجحين، بيد أن حلمهم ذلك يتكسر على صخرة واقعهم السلبي، وإذا بهم في حالة أشد ما تكون بعدا عن رجائهم ومبتغاهم،لذلك -وبدون مقدمات- دعني أصف لك عشر خطوات هامة في الطريق نحو أبوة ناجحة:
أولاً: الفعل قبل القول:
يحتاج أبناؤنا لنا كنموذج قدوة تطبيقي حي يتحرك أمامه لا إلى مذياع يحكي له عن بطولاته.
إنّ الفعل أبلغ من القول، وفعل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل، والقدوة الصالحة من أعظم المعينات على تكوين العادات الطيبة حتى إنها لتختصر الجهد في معظم الحالات.
إن أطفالنا يحاكوننا في الصلاة قبل أن يتعلموا النطق، ولعل ذلك من بركة توجيهاته صلى الله عليه وسلم لصلاة النوافل في البيوت.
ثانيًا: أصلح طبيعتك لا ظواهرك
أبناؤنا في استقائهم الخلق وتشربهم بالسلوك لا يقنعون بالظاهر منها فحسب، بل يتعدون ذلك إلى مستويات أعمق بكثير مما يظن الآباء..
فالأب يعيش في بيته على طبيعته بغير تكلف، وهو الأمر الذي يجعله يتصرف بما وقر في حقيقته وداخليته، والولد يقلد أباه فيما رآه منه على الحقيقة لا على التكلف، والأبناء يلحظون الصغير الدقيق من السلوك والأخلاق كما يلحظون كبيرها، وتؤثر فيهم صغائر الأحوال كما تؤثر فيهم كبائر الوقائع، فلندرك ذلك ولنعمل على تغيير عاداتنا وطبائعنا نحن قبل أن نطلب تعديلها من أبنائنا.
ثالثًا: الرفق قائد البيت
إن رفق الأب يولد استقرارًا نفسيًّا لدى أبنائه ورحمة في قلوبهم بالضعيف وغير القادر،كما يولّد عطفًا بين أفراد البيت الواحد وحبًّا ومودة،وعلى النقيض فما تولدت قسوة ابن إلا من قسوة أبيه،فعن عبد الله بن جعفر: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أحدنا بين يديه والآخر خلفه حتى يدخلنا المدينة " رواه مسلم.
وعن يعلى بن مرة "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ودعينا إلى طعام فإذا حسين يفر هاهنا وهاهنا ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والأخرى في فأس رأسه فقبله" أخرجه ابن ماجه.
وللأسف فإن من الآباء من لا يراعى الرحمة مع أبنائه ولا الرقة في معاملتهم، فيكون أشد عليهم من الغرباء، فيترك في أنفسهم جروحًا غائرة لا تزول ولا بمرور السنين.
رابعًا: الحزم أخو الرفق
ليس معنى الرفق أن يتهاون الأب مع أولاده في مواطن الحزم،ولا يمكن أن يرى الأب ابنه يفعل السيئات أو المخالفات وبدعوى الحكمة والرحمة والرفق يتركه أو يقره على ما هو عليه، ولكن الحزم والحكمة تستدعي من كل أب أن يقف مع ولده وقفة حازمة قوية يضع له فيها الحدود ويبين له القواعد التي ينبغي ألا يحيد عنها، وليعلم كل أب أن وقفاته مع ولده لا تنسى، ولكنها تحفر في ذهن الولد، فإن وجد فيما يستقبل من عمره قدوة صالحة من أبيه زاد ترسخها وصارت خلقًا ثابتًا فيه وصفة أكيدة من صفاته.
خامسًا: منهجية ولكن بفقه !
كل أبِ يحب أن يكون له منهج في معاملة أبنائه،وبعض الناس يريد أن يرغم أبناءه على أعمال وأفعال،ونصيحتي هاهنا أن تبدأ التعليم بطريق التحبيب والترغيب،لا بطريق الأمر والترهيب،وليكن التحذير متأخرًا والترهيب متباعدًا،فإياك والتشنج في تطبيق التعاليم والضوابط.
سادسًا: ثقافتك ثقافة لأبنائك
يجب على الآباء تثقيف أنفسهم وتعليمها فن التربية وأساليبها،ومداومة سؤال المربين والخبراء والعلماء في ذلك، كما يستحب لهم متابعة الإصدارات التربوية الحديثة والوقوف على ما ينفع منها.
سابعًا: الصبر تربية
تعلم الصبر على الأولاد من المهارات الأبوية الهامة، وقد حذر المربون من كثرة معاملة الأولاد بالغضب خصوصًا إذا كانت طبيعة الأب عصبية أو سرعة الغضب، وليحذر الآباء من ضرب أولادهم في لحظات الغضب فإن ذلك من الأخطاء الخطيرة التي لا تؤدى إلى تعليم ولا توجيه ولكنها عبارة عن إنفاذ غيظ فحسب.
ثامنًا: الصداقة..
كل أبٍ بحاجة إلى أن يخلو بولده عندما يكبر قليلاً كل مدة قريبة ليمازحه ويكلمه، ويسأله ويتقرب منه ويسأله عما يحزنه أو يؤرقه أو لا يعجبه، ويسأله عن آماله وأحلامه وطموحاته، فلقاءات المصالحة والمصارحة هي تفريغ نفسي وجداني هام للغاية في تربية الأولاد، ولئن اشتكى معظم الآباء من عدم قدرتهم على التقرب من أولادهم فلأنهم قد قصروا في لقاءات المصارحة تلك في الصغر، فصعب عليهم ذلك في الكبر وبنيت الجدران بينهم وبين أولادهم.
تاسعًا: الأب.. والزوج
هناك علاقة قوية جدًّا بين كون الأب ناجحًا وبين كونه زوجًا ناجحًا، فالزوج الناجح هو الذي يهيئ لأولاده البيئة الأسرية الخالية من المشكلات، والمؤرقات، والمنغصات، والمؤثرات النفسية السلبية، وهو الذي يعين زوجته ويساعدها على إتمام العملية التربوية بنجاح وإنجاز.
عاشرًا: كن ربانيًّا
إنّ لحظات الدعاء التي تقضيها بين يدي ربك تدعو فيها لولدك أن يهديه الله ويرزقه الصلاح والفلاح ويحبب إليه الإيمان لهي من أهم اللحظات في حياتك والتي ستجني ثمارها عما قريب.
المصدر: موقع المسلم.

نصائح وإرشادات في تربية الأبناء



من الصفات التي يتمناها الأهل لأطفالهم قوة الشخصية. إلا أن قوة الشخصية أحيانا ما يصاحبها سلوك متسلط من الطفل، وغالبا ما يظهر مع أقرانه أثناء اللعب مما قد يؤثر على حب الآخرين له وعلى قدرته على الحفاظ على صداقاته.
هذه بعض النصائح للحفاظ على قوة شخصية الطفل وتقليل التسلط:
1- من المهم جدا أن نعلّم الطفل الشعور بالآخرين، مراعاة إحساسهم، التفكير في مشاعرهم، التعاطف معهم. حيث يمكن أن يكتسب الطفل كل هذه الصفات من خلال القدوة والمراقبة إذا انتبهت الأم لممارسة هذه السلوكيات أمامه باستمرار مع الانتباه إلى شرحها للطفل وتعريفه بها ولفت نظره.
مثلا تقول الأم للطفل: هيا نمر على جارتنا العجوز ونسألها إن كانت بحاجة لشيء نشتريه لها، إنها مسنة ومريضة ولا تقدر على الحركة وربما لا تجد من يساعدها.
أو: هذا الرجل يرتدى ثيابا خفيفة في هذا البرد! أتظن أنه ليس معه مال ليشترى معطفا ؟
أو: صديقك رسب في الامتحان، هذا خطؤه، فلم يذاكر جيدا، لكن تخيل شعوره، لا بد أنه حزين ومحرج جدا.
وهكذا في مواقف عديدة، من الحياة ومن القصص والأفلام.
2- اعط الطفل مسؤوليات تتناسب مع قوة شخصيته واستعداده للقيادة، مثلا اجعله مسئولا عن التخطيط لنزهة، لكن مع التنبيه أن يستطلع آراء المشاركين ويعرف رغباتهم ويأخذها في الاعتبار.
3- علّمه أن للحقيقة عدة وجوه، وأن عليه احترام كل الآراء حتى لواختلف معها. وأن من حق كل إنسان التعبير عن رأيه وعن وجهة نظره.
4- راقبه أثناء اللعب مع الأصدقاء لتحدد ما السلوكيات التي تنقصه، إذا وجدته يرغب في فرض رأيه أوطريقته في اللعب نبّهه أنه يختار أويقرر مرة وصديقه مرة ثانية، وهكذا..
5- احذر أن تقول له: لن يحبك أحد أولن تجد أصدقاء.
العقاب أم التوجيه ؟
جميع الأطفال يخطئون
من هذه المقدمة البديهية، ننطلق إلى أن جميع الأهل يتصرفون بشكل ما حينما يخطئ الطفل، لكن الفارق كبير جدا بين الأم التي تلجأ للعقاب، والأم التي تلجأ لتهذيب السلوك وتوجيه الشخصية، الفارق ليس فقط في وعى الأم وقدرتها على التصرف، بل في النتائج، ولا أقصد بالنتائج النتائج الفورية مثل امتناع الطفل عن السلوك السوء، بل النتائج الحقيقية الدائمة والأكثر أهمية وهى التغيير في شخصية وأفكار وسلوك الطفل.
فإذا أخطأ الطفل كأن ضرب أخاه الأصغر مثلا، وانفعلت الأم وعاقبت الطفل أوضربته أوصرخت فيه بعنف، ما هي الأفكار التي ستدور في رأس هذا الطفل؟ كيف يفكر وكيف يرى نفسه وكيف يرى أمه وكيف يشعر تجاه أخيه؟ سيشعر ربما بالغضب الشديد، ربما بالخزي، ربما بالخوف من صراخها وعصبيتها، بأنه أخفق في الحصول على حب أمه، بأنه يكره أخاه الذي سلبه حب أمه...!!! مشاعر سلبية وسيئة إلى أقصى درجة، وبالتأكيد سيكون لها آثارها السيئة على نفسيته وعلى سلوكه فيما بعد، حتى وإن امتنع وقتها عن ضرب أخيه! هل هذا هوالنجاح في التربية؟! هل العقاب آتى الثمار المطلوبة؟!
ولكن البديل الآخر ليس هوالتساهل مع الخطأ وترك الطفل يفعل ما يحلوله بدون تدخّل، بل البديل السليم هوالتربية القائمة على فلسفة تهذيب السلوك والتوجيه. الفكرة هي أن تدرك الأم أن الطفل لا بد من أن يخطئ من آن لآخر، وأنه لا يخطئ لأنه شرير أويرغب في إلحاق الضرر بالآخرين، بل لأنه تنقصه الخبرة المناسبة في التعبير عن غضبه أوعن رغبته بشكل مقبول.
فإذا ضرب الطفل أخاه الأصغر، تتجه هذه الأم نحوه وتخاطبه بحزم قائلة أن ما فعله خطأ، ولا ينبغي أن يتكرر مرة أخرى، وأنها تعلم أنه غاضب لأن الأخ الصغير كسر لعبته أومزّق رسوماته، وأن عليه بعد ذلك أن يطلب المساعدة من أحد الكبار إذا ما احتاج مساعدة، لكن من الخطأ أن نضرب أحد خاصة الصغار الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم وقد يصابون بأذى.
هذه الأم أولا أوضّحت بحزم أن السلوك خاطئ وغير مقبول ولن تسمح بتكراره، ثانيا: تفهمّت دوافع الطفل وتعاطفت مع شعوره، ثالثا: وجّهته لما يمكنه فعله إذا تكررت المشكلة، رابعا: لم تجعل الطفل يشعر بالخزي وبمشاعر سلبية تجاه نفسه أوأخيه أوأمه، خامسا: وجّهته للتعاطف مع الأخ الصغير ومعرفة آثار السلوك الخاطئ الذي قام به الطفل على الآخرين، وهى خطوة مهمة في اتجاه تكوين ضمير الطفل وتمييز الصواب والخطأ.
أستعير هنا قول الكاتبة إليزابيث بانتلى المتخصصة في تربية الأطفال: من أين جئنا بالفكرة المجنونة أن شعور الطفل بالخزي والغضب والخوف سيحسّن من سلوكه؟!!
إلى كل أم وأب: غيّروا فلسفتكم التربوية، لا تربّوا أبنائكم كما تمت تربيتكم من قبل، فكروا في توجيه وتهذيب الشخصية والسلوك، لا في عقاب الطفل والتنفيس عن غضبكم.
السلوكيات الاجتماعية
يلعب الأطفال بهدوء ومرح، وبعد قليل تبدأ المشاحنات : دي بتاعتي، لأ أنا مسكتها الأول... وربما يتطور الأمر للبكاء أوللضرب.
الطفل بحاجة لأن يتعلم السلوكيات الاجتماعية المقبولة والمشاركة والتفاهم.
- القواعد الأساسية الهامة يجب أن تكون واضحة تماما للطفل وأن يتم تكرارها كثيرا بما يضمن استيعابه التام لها حتى تصبح جزءا من سلوكه، مثلا: ممنوع الضرب.
- في حالة حدوث مشكلة بين الأطفال، أحيانا قد يكون من الحكمة تجاهلها إن كانت بسيطة وسيستطيعون التوصل لحل، ولكن في بعض الأحيان يجب التدخل حتى لا يتطور الموقف للأسوأ أوحتى لا يتسلط أحد الأطفال أوأن يتم قهر أحدهم، وليس التدخل السليم هوحل المشكلة لهم، بل هوتعليمهم كيف يحلون مشكلتهم بأنفسهم. فلا يجب أن نطلب من الطفل أن يشرك الآخرين في اللعب معه، بل أن نعلمه كيفية المشاركة، كيفية النقاش والتفاوض والوصول لحل وسط إن أمكن، أوتبادل اللعبة أوأن يتشارك فيه اثنان باللعب بها معا في نفس الوقت.
- يفضل تعليم الطفل هذه المهارات في غير وقت المشكلة حتى يصبح أكثر استيعابا وهدوءا، كما أن التعليم يفضل أن يكون بشكل شيق وليس في صورة محاضرات، فمثلا نسأل الطفل عن رأيه في هذا الموقف: طفلان معهما سيارة واحدة، ما الحل؟، أوثلاث فتيات وعروسة واحدة.
- ليس من الحكمة إجبار الطفل على المشاركة، بل الأفضل هوأن يكتسب السلوك المرغوب تدريجيا حتى يصبح السلوك جزءا من شخصيته. فإذا رفض إعطاء لعبته لصديقه، نبحث عن أي لعبة أوأي شيء آخر للصديق، ثم نعلم الطفل المشاركة في مرات أخرى في غير وقت المشكلة.
- يجب أن نمنح الطفل الكثير من الفرص للعب الجماعي والحرص على متابعة سلوكه وتصرفاته لنتمكن من تحديد السلوكيات الاجتماعية التي تنقصه.
- من أهم المهارات التي يجب أن نعلمها للطفل التفكير في مشاعر الغير، فنسأله عن مشاعره هوأوالآخرين في مواقف مختلفة، ولفت نظره لمشاعر الشخصيات في القصص والأفلام ومساعدته على تحديدها ومعرفة سببها. كما يمكن أن نعرض عليه بعض الصور التي تمثل انفعالات مختلفة والنقاش حولها، ويستمتع الطفل كثيرا بهذه اللعبة إذا استخدمنا شخصيات المجلات المصورة التي يفضلها.
- لا تشر نهائيا للعيب في شخصية الطفل ( قائلا أنه أناني أومتسلط)، بل اجعل تركيزك منصبا على السلوك المرغوب وك
- يجب الانتباه إلى أن تعديل سلوكيات الطفل قد يتطلب وقتا طويلا، لكنه عظيم الفائدة، فلا تيأس.
كيف أسيطر على الغضب والعصبية ؟
لا توجد أم لا تعانى من لحظات غضب شديد وعصبية. الأطفال مرهقين جدا، ليس فقط جسديا، لكنهم فعلا يستهلكون طاقة نفسية وعصبية ضخمة.
لكن أيضا ليس من العدل أن أصرخ في أولادي بغضب وعصبية شديدة لدرجة أن يخافوا منى، أولدرجة أن يعتقدوا أنى لا أحبهم، أولدرجة أن يشعروا أنهم يكرهونني!!!
لذلك سنحاول أن نتعرف كي نسيطر على العصبية الشديدة:
1 - كل الأمهات اللاتي تعانى من العصبية يقلن: أنا أعرف أن هذا خطأ لكنى لا أقدر على السيطرة على انفعالي وأكرر نفس المشكلة. وإذا سألناها لماذا تشعرين بالغضب والعصبية الشديدة ؟ ترد وتقول: لأنهم يكررون نفس الأخطاء، أقول الكلام 100 مرة ومع ذلك يكررون نفس الغلط. أتسمعين؟؟! إذن تغضبين لأنهم يكررون نفس الخطأ، وأنتي نفسك تقولين أنك تكررين نفس الخطأ ولا تستطيعين التوقف! أليس من الأولى أن نعذرهم إذن؟ فكرى أنه طفل ومن الطبيعي أن يغلط، وواجبنا أن نقوّمه.
2- الأفكار التي تدور في رأسنا وقت الغضب مهمة جدا، أحيانا الأم تعتقد أن ابنها يخطئ ولا يستجيب لأنه يتحداها مثلا، فتغضب وتنفعل جدا، وهو في الحقيقة ينسى مثله مثل أي طفل. أو لو الموقف حدث في مكان عام، تدور أفكار في رأس الأم أن ماذا سيقول عنى الناس؟ سيقولون أنني لم أعرف كيف أربّى ابني، وبالتالي تغضب وتنفعل جدا.
3 – كثيرا ما نفرغ همومنا في الأطفال، نعانى من إحباطات أو مشاكل في حياتنا، وللأسف نخرجها في أولادنا وننفعل عليهم، فكرى أن ليس لهم ذنب في ذلك.
4- فكرى كل مرة تنفعلي ماذا يحدث بعدها ؟ غالبا تلومين نفسك، وأحيانا تحاولين أن تصالحيهم وتقبّليهم.... إذن حتى الخطأ الذي ارتكبوه لم تقدري أن توجّهيهم أو تعاقبيهم لأنك بعد الانفعال اضطررت أن تصالحيهم. قرري أنك لا ترغبين في تكرار هذا الموقف، وأنك ستحاولين التحكم في أعصابك.
5- ابدأي بوضع خطة: تعلمين ما هي أكثر المواقف التي تخرجك عن شعورك، كوني مستعدة وفكري أنه إن حدث هذا الموقف سأبتعد لمدة دقيقة، وبعدها أعود وأتكلم مع الطفل. والأفضل أن تكوني قد حددتي كيف ستتصرفين في كل موقف من قبل أن يحدث، مثلا فكرى ماذا ستفعلين إن لم يرتّب غرفته في المرة القادمة.

الأربعون التربوية


إن أساليب التربية والتعليم الإسلامي بدأت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي كان أول المعلمين لقوله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِين} [آل عمران: 164].
إذن .. التربية هي عملية متكاملة: تاريخيا وثقافيا وجسميا ونفسيا واجتماعيا وقيميًّا واقتصاديا وتقنيا ومستقبليا. ويقوم بالتربية أناس متعددون أولهم الأسرة، وثانيهم المعلم، وثالثهم الأصدقاء، ورابعهم وسائل الإعلام، وخامسهم المتعلم نفسه يعلم نفسه تلقائيا.
الأربعون النووية والأربعون التربوية
فالتربية بحاجة إلى مجموعة من القواعد التربوية، لتكون ذخيرة ونبراسا في تطبيق العملية التربوية، فهل يمكننا أن نصف ما يمكن أن نسميه (الأربعين التربوية) على غرار (الأربعين النووية)؟
فلماذا (الأربعون النووية) بالذات؟
لأنها مجموعة من الأحاديث النبوية الكريمة للإمام النووي، واشتهرت لكونها تمثل أنموذجا رائعا للأحاديث النبوية التي عليها مدار الدين الإسلامي، والمطلوب من المسلمين أن يعرفوا أو يراجعوا أو يحفظوا مثل هذا النموذج، وفي هذه الأربعين التربوية ما يغنينا.
1- التربية بالقدوة
كقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (رواه البخاري).
2- التربية بالثواب والعقاب (الترغيب والترهيب)
كقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الأنعام 160]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب بعشرة أمثالها إلى سبع مائة ضعف، وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها حتى يلقى الله" (رواه مسلم).
3- التربية الصحيحة
كقوله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة. قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" (أخرجه مسلم).
4- التربية بالتعويد
كقوله صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، وأضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع" (حديث صحيح، سنن أبي داود للألباني).
5- التربية باستثمار الطاقة وملء الفراغ
كقوله تعالى: {فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الانشراح 7]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها" (سلسلة الأحاديث الصحيحة للإمام الألباني).
6- التربية بالاستفادة من الأحداث
وذلك عندما قال رجل: "يا رسول الله إني لأتأخر عن الصلاة في الفجر مما يطيل بنا فلان فيها. فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيته غضب في موضع كان أشد غضبًا منه يومئذ، ثم قال: "يا أيها الناس إن منكم منفرين، فمن أم الناس فليجوز، فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة" (رواه البخاري).
7- التربية بمجالسة العلماء والصالحين
كقوله صلى الله عليه وسلم: "مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة"(رواه البخاري ومسلم).
8- التربية بالتشويق
كقوله صلى الله عليه وسلم: "إن أقربكم مني مجلسًا أحاسنكم أخلاقًا الموطؤون أكنافًا الذين يألفون ويؤلفون" (رواهالطبراني عن جابر).
9- التربية بالتلقين
كقوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: "يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" (صحيح سنن الترمذي للألباني).
10- التعليم بالعمل والممارسة
كقوله صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء" (صحيح مسلم بشرح النووي).
11- التعليم بالحوار
كقوله صلى الله عليه وسلم: "أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار" (رواه مسلم).
12- التعليم بالحفظ والاستظهار
كقوله صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرءًا سمع منا حديثًا فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه" (رواه أبو داود).
13- التعليم بالاستقراء (من الجزئيات للكليات)
كقوله صلى الله عليه وسلم عن أنواع الصدقة: "على كل مسلم صدقة". قيل أرأيت إن لم يجد؟ قال: "يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق"، قال قيل: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: "يعين ذا الحاجة الملهوف". قال قيل له: أرأيت إن لم يستطع ؟ قال: "يأمر بالمعروف أو الخير!" قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: "يمسك عن الشر فإنها صدقة" (صحيح مسلم).
وقال: "إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة" (صحيح مسلم).
وقال: "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة وأمرك بالمعروف صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة" (صحيح سنن الترمذي للألباني).
14- التعليم بالقياس (من الكليات للجزئيات)
كقوله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر خمر وكل خمر حرام" (رواه مسلم).
15- التعلم بالقصص
قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: 3]، وقوله تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} [هود: 120]، وقوله: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 176]. قال عمر: "قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم مقاما، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم" رواه البخاري.
16- التعليم بضرب الأمثال
كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج 73].
وقوله صلى الله عليه وسلم: "أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟قالوا لا يبقى من درنه شيء، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا" (رواه مسلم).
17- التعلم الذاتي
مثال ذلك، عندما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الذي أساء صلاته يعيدها مرارا ليتفطن بالتجربة العملية إلى أخطائه فيصلحها، وبذلك يثبت لديه التعلم: "إن رسول الله صل الله عليه وسلم، دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد، قال: ارجع فصل فإنك لم تصل، ثلاثا، فقال: والذي بعثك بالحق، ما أحسن غيره، فعلمني فقال: "إنك إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، افعل ذلك في صلاتك كلها" (رواه البخاري).
18- التعليم بالتكرار
كقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور"، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئًا فجلس، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت" (رواه مسلم).
19- التعليم بالوسائل التوضيحية
مثال ذلك، خطَّ صلى الله عليه وسلم خطا مربعا وخط خطًّا في الوسط خارجا منه، وخط خططًا صغارًا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، وقال: "هذا هو الإنسان، وهذا أجله محيط به وهذا الذي خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطاه هذا نهشه هذا وإن أخطاه هذا نهشه هذا" رواه البخاري.
20- التربية بالاستمرار
كجواب عائشة عندما سئلت: "أي العمل كان أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: الدائم" رواه البخاري.
21- التربية بالأسئلة
كراوية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، حدثوني ما هي؟ قال: فوقع الناس في شجر البوادي. قال عبد الله فوقع في نفسي أنها النخلة، فاستحيت. ثم قالوا حدثنا ما هي يا رسول الله فقال: "هي النخلة" (رواه البخاري).
22- التربية بالمخالطة
كقول أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: "يا أبا عمير، ما فعل النغير؟ والنغير عصفور مات" (رواه البخاري).
23- التربية بالعدل في المعاملة
كقول النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أباه نحل ابنا له غلامًا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، يشهده فقال: أكل ولدك نحلته مثل ما نحلت هذا؟ قال لا! قال: فأردده" -نحل بمعنى أعطاه وخصه- (صحيح سنن الترمذي).
24- التربية بالمدح
كقول أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر نساء وصبيانا مقبلين من عرس، فقام ممتنًا فقال:"اللهم أنتم من أحب الناس إليّ" رواه البخاري.
25- التربية بالترويح
كقول عائشة رضي الله عنها: "كان الحبش يلعبون بحرابهم، فسترني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أنظر فما زلت أنظر حتى كنت أنا أنصرف، فأقدروا قدر الجارية الحديثة السن تسمع اللهو" – أي راعوا في الشابة الصغيرة أنها تحب اللهو واللعب وتحرص عليه واقدروا رغبتها على ذلك إلى أن تنتهي- رواه البخاري.
26- التربية بالاعتدال في بذل الجهد
كقول صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس: عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله تعالى لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل" رواه مسلم.
27- التربية باللعب
كقول عائشة رضي الله عنه: "كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا دخل يتقمعن منه فيسربهن إليَّ فيلعبن معي" -يتقمعن تعني يتغيبن وراء ستار، يسربهم تعني يخرجهن- رواه البخاري.
28- التربية بتعلم اللغات لتوسيع الكقول زيد بن ثابت رضي الله عنه: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أتعلم السريانية" (رواه الترمذي).مصادر
29- التربية باستعمال اللغة البليغة والأناشيد
كقول صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحرا" رواه الترمذي. وقوله: "إن من الشعر حكمة" رواه البخاري.
30- التربية بمراعاة الفروق الفردية
كقوله صلى الله عليه وسلم: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" رواه مسلم.
31- التربية باختيار الأقران
كقوله صلى الله عليه وسلم: "الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" (رواه الترمذي وورد في صحيح أبي داود).
32- التربية بالترغيب في العلم
كقوله صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله تعالى له طريقًا إلى الجنة" صحيح الترمذي، وصحيح ابن ماجه.
33- التربية بالدعاء للاستعانة بالله تعالى
كقوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أني أعوذ بك من العجز والكسل" رواه مسلم.
34- التربية بالمحاجة
وذلك عندما استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن الأتبية على صدقات بني سليم، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاسبه قال: هذا الذي لكم وهذه هدية أهديت إلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فهلا جلست في بيت أبيك وبيت أمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقًا" رواه البخاري.
35- التربية بنشر العلم
كقوله صلى الله عليه وسلم: "من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة" صحيح أبي داود.
36- التربية بالتذكير بالسابق
كقوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55].
37- التربية بالتوازن بين جوانب الشخصية
جسميًا وعقليًا واجتماعيًا، كقوله صلى الله عليه وسلم: "إن لنفسك عليك حقًا ولربك عليك حقًا، ولضيفك عليك حقًا، وإن لأهلك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه" صحيح الترمذي.
38- التربية بإجراء التجارب
مر صلى الله عليه وسلم بقوم يلقحون، فقال: "لو لم تفعلوا لصلح"، قال فخرج شيصًا. فمر بهم فقال: "ما لنخلكم؟"قالوا: قلت كذا وكذا، فقال "أنتم أعلم بأمر دنياكم" رواه مسلم.
39- التربية بإصلاح الخطأ
كقوله صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" صحيح الترمذي.
40- التربية بالعرض
كما في الحديث المشهور الذي أخرجه مسلم، عن مجيء جبريل عليه السلام، في صورة رجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة ليعلم المسلمين دينهم.

التنشئة والتربية اللغوية للطفل


التنمية اللغوية هي مجموع الجهود التي تبذل بشكل علمي لتطوير لغة الطفل, وذلك بتهيئة الوسط الذي يعيش فيه الطفل، وتخطيطه لتصحيح أشكال الأداء اللغوي عنده وزيادة حصيلته اللغوية، مفردات وتراكيب ومعان، وتقديم خبرات غنية في عمقها، ومتسعة في مداها من شأنها أن تستثير إمكانات الطفل ودوافعه وتنمي قدراته على الاستخدام الجيد للغة إشباعًا لحاجات التواصل بها.
في ضوء جوانب النمو اللغوي ومبادئه، وخصائص لغة الطفل ومتطلبات تنميتها نركّز على عدة توجهات وآليات عملية في التنشئة اللغوية والتربية اللغوية للأطفال في الجوانب الآتية: المعنى، والنحو، ومهارات الإصغاء، ومهارات التخاطب، والوعي ما وراء اللغوي، فيما يلي:
1- تعزيز النمو:
نقدم عدة استراتيجيات يمكن أن يستخدمها المعلمون والكبار في مساعدة الأطفال على تعلّم معاني الكلمات:
1) أن نتكلّم بانتظام وعناية إلى الأطفال ومعهم ومن حولهم: فالأطفال الصغار في العامين الأولين خاصة، وحتى حينما لا يستطيعون الكلام بأنفسهم، يتعلمون -رغم ذلك- الكثير من سماعهم للغتهم الوطنية، وحيث يتعلمون ابتداءً خصائصها الأساسية، مثل: إيقاعاتها المميزة وأنماط نبراتها وأصواتها النوعية (الفونيمات) وغير ذلك ممّا تتضمنه اللغة.
وعندما يبدءون فيما بعد تقسيم الكلمات إلى كلمات فردية، يستطيعون أيضًا استنتاج ماذا تعنيه تلك الكلمات؛ لذا كلما كانت اللغة التي يسمعها الأطفال الصغار لغة غنية تتصف بالتنوع في الكلمات، بالتقعد في التراكيب النحوية مما يستخدمه الأشخاص من حولهم – يكون نمو حصيلتهم اللفظية أسرع وأكثر ثراءً .
2) أن نعطي تعريفات للكلمات: يتأتَّى تعلمنا- وفي كل الأعمار- للكلمات بسهولة أكثر حينما نعرف معالمها وندرك تعريفاتها، وخاصة حينما تكون هذه المعالم مجردة أو غير واضحة: فالأطفال يتعلمون عادة ماذا تعنيه "الدائرة" واللون "الأحمر" حتى من غير تعريف؛ لأن الاستدارة واللون خواص يمكن ملاحظتها بسهولة.
ولكن المعالم التعريفية لكلمات مثل: "المضلع" و"ينكسر" و"ضار" تكون أكثر تعقيدًا، أو يصعب فهمها بسهولة؛ ولهذا يكون تعريفها للأطفال معينًا لهم على فهمها وتعلّمها؛ لهذا ينبغي أن نشجّع على تعرُّف وتعريف ألفاظ جديدة بكلماتهم وتعبيراتهم الخاصة، وعلى أن يستخدموا هذه الحصيلة اللفظية في سياقات متنوعة.
3) أن نزود الأطفال بأمثلة متنوعة: ذلك أن معرفة هذه الأمثلة يكون في الغالب أساسًا لاكتساب فهم أكثر دقة، ونحرص على أن تُقدم هذه الأمثلة في تنوع واختلاف قدر الإمكان؛ كي توضح المدى الكلي الذي يحتويه معنى الكلمة.
فعلى سبيل المثال: إذا كان الكبار يحددون أمثلتهم عن الحيوان بالكلب والقطة والبقرة والحصان، فإن الأطفال يكون فهمهم محصورًا بأن كل الحيوانات لها أربعة أرجل (نقص التعميم)، ولكن إذا قدمنا للأطفال أمثلة أخرى عن الحيوان مثل الوطواط، فمن المحتمل أن يدرك الأطفال أن الحيوانات تبدو مختلفة جدًّا أحدها عن الآخر، وليست كلها من ذوات أربع الأرجل؛ هكذا يكتسب الأطفال فهمًا للكلمات أكثر دقة حينما يشاهدون أمثلة حسية متنوعة.
4) أن نقدم للأطفال تغذية راجعة حينما يستخدمون الكلمات بطريقة غير صحيحة: فقد يكشف الأطفال في الكلام أو الكتابة عن تصورات خاطئة لمعاني الكلمات؛ (كأن تكون في شكل نقص التعميم أو زيادة التعميم)، وهذا ما يتطلب أن يصغي الكبار بعناية ليس فقط إلى ما يقوله الأطفال؛ ولكن أيضًا كيف يقولونه، وأن يشجعوا الأطفال على استخدام الكلمات في كتابتهم، حيث يحرص الكبار على تصحيح الأخطاء بطريقة دقيقة وتيسير إدراك الأخطاء والاستبصار بالنماذج الصحيحة وبالأنساق التي تتبدى فيها.
5) أن نشجع الأطفال على القراءة بأكبر قدر ممكن: يتأتى ذلك في الأساس من خلال التشجيع والاستحسان تعزيزًا للألفة بالقراءة، ولمتعة التعلم الذاتي بها؛ ومن ثم من خلال دافعية تتأصل داخل الذات؛ فالأطفال يتعلمون كلمات جديدة كثيرة من خلال التعرض التلقائي لتلك الكلمات، وخاصة من خلال القراءة، ولسنا بحاجة إلى التدليل بأن القُراء الجيدين يتعلمون كلمات جديدة كثيرة، ويتمتعون بحصيلة لفظية أكبر بكثير من الأطفال قليلي القراءة.
ومن الأساليب الفعالة تشجيع الوالدين؛ وخاصة الأمهات على "القراءة المشتركة" بين الطفل والأم من خلال كتب وقصص ومجلات الأطفال؛ فلهذا الأسلوب تأثيره الفعال على نمو اللغة الاستقبالية والتعبيرية للطفل.
2- تعزيز النمو النحوي:
غالبًا ما يفيد الأطفال من التعليم والتدريب في الجوانب النحوية للغة تأسيسًا خاصة على تعلمهم للجوانب الأكثر تعقيدًا ودقة للنحو، وفيما يلي نماذج يمكن أن نستخدمها في تعزيز النمو النحوي عند الأطفال:
1) أن نوسع الكلام البرقي (التلغرافي) الذي يعبّر به الأطفال الصغار: علينا أن نحرص -إزاء ما يأتي به الأطفال الصغار من جمل (تلغرافية) برقية- على أن نشاركهم في توسيع تلك الجمل؛ لتأخذ شكلاً أكثر نضجاً؛ فمثلاً: قد يقول الطفل الصغير: "ماما لبن". عندئذ على الأم أن تستجيب بقولها: "ماما تشرب اللبن" أو "محمد يشرب اللبن".
فالتوسيع يزود الأطفال بتغذية راجعة بعيدة عن النقص أو عدم الاكتمال فيما يتلفظون به، كما أنه يشجعهم على محاكاة تراكيب نحوية أكثر تعقيدًا.
2) أن نعلم الأشكال القياسية للأفعال والصفات المقارنة: لا يسمع الأطفال دائمًا الأشكال غير القياسية للأفعال والصفات في الكلام اليومي للأشخاص المحيطين بهم، فقد يخطئ بعض المحيطين بالطفل في زمن الفعل أو الصفات المقارنة (جميل/ أجمل).
وكثيراً ما تتكرر مثل هذه الأخطاء في التفاعل مع الكبار؛ لذا فإن الحرص على تعليم الأشكال القياسية المعيارية مقابل الأشكال غير القياسية هو الأسلوب الوحيد الذي به يستطيع الأطفال أن يكتشفوا أي المصطلحات تكون صحيحة وأيها تكون خاطئة.
3) أن نقدم وصفًا للتراكيب المختلفة للجملة وندرّبهم على استخدامها: فمثل هذه التدريبات تساعد الأطفال على أن يغيروا من بنية الجملة وفقًا للسياقات التعبيرية المختلفة، وينطوي ذلك على أهمية خاصة في مهارات الكتابة.
4) أن نزود الأطفال بفرص مناسبة للتعبير عن أفكارهم بطريقة "شكلية" نسبيًّا سواء شفاهة أم كتابة، وأن نقدم لهم التغذية الراجعة لما يحققونه من تراكيب نحوية في تلك السياقات: فاستخدام النحو الصحيح يمثل مؤشرًا على أن المتكلم أو الكاتب هو شخص متعلم وواسع المعرفة؛ ومن ثَمَّ فهو جدير بالاحترام.
3- تعزيز مهارات الإصغاء:
ينبغي أن يضع المعلمون والكبار في اعتبارهم أنه على الرغم من أنّ الأطفال وحتى السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية تكون لديهم مهارات الفهم الإصغائي محدودة، فإنهم ينبغي أن يولوا اهتمامًا كبيرًا بقياس مهارات الإصغاء وبتنمية هذه المهارات لدى الأطفال وفقًا لأساليب فعالة.
1) أن نضع في اعتبارنا مستوى النمو السيمانتي والنحو حينما نتكلم مع الأطفال، وأن نتحقق من فهمهم لرسائلنا: فاستخدامنا لألفاظ ولتراكيب نحوية متناسبة مع عمر الأطفال، يجعل الباب مفتوحًا للتواصل القائم على الفهم المتبادل بين الكبار والصغار.
ولا يركن الكبار إلى الافتراض بأن رسائلهم مفهومة لدى الصغار، بل أن يتحققوا بشكل ما من أن الأطفال يفهمونها، ربما عن طريق توجيه أسئلة، أو التعبير عنها بكلماتهم، أو إيضاح ما تعلموه من خلال أفعال أو صور.
2) أن نوائم بين طول التفاعل اللفظي وبين مدى الانتباه المتناسب مع عمر الطفل، وأن نتجنب المعلومات زائدة العبء: وهذا ضروري لفاعلية معالجة المعلومات، والتي تتطلب تركيزًا للانتباه للرسالة اللفظية وفهم المعنى المتضمن فيها.
3) أن نشجع الإصغاء الناقد لدى الأطفال: فالأطفال مثلاً في سن ما قبل المدرسة يبدءون في التحقق من أن كل ما يقوله الناس ليس بالضرورة صحيحًا؛ ومع ذلك فإن الأطفال قد يواجهون صعوبة في التمييز بين الحقيقة والخيال في الرسائل، يتطلب ذلك من المعلمين والوالدين والكبار أن يعلموا الأطفال أن يُقَوِّمُوا تلك الرسائل، وأن يستبينوا ما قد يكون فيها من أخطاء أو غموض أو أكاذيب.
4- تعزيز مهارات التخاطب: 
فهي تتطلب أن نوفر للأطفال فرصًا كثيرة ومتنوعة للتكلم في سياقات مبنية وغير مبنية، وتفيد الوسائل التالية في تنمية مهارات التخاطب لدى الأطفال:
1- أن نشرك الأطفال في "محادثات" بشكل منتظم: وذلك منذ الشهور الأولى من عمر الطفل؛ حيث يندمج الأطفال مع الكبار في تفاعل لفظي، ويستجيب لها الأطفال بأشكال شتى من الاستجابة؛ كالإصغاء والتصوت ومحاكاة التنغيم الذي يستخدمه الكبار، وفي تبادل من محاكاة الكبار للأصوات الشبيهة بالكلام عند الأطفال. 
إن لهذا التفاعل اللفظي تأثيرًا بالغ القيمة في نمو مهارات التواصل اللفظي؛ حتى إذا كان الأطفال لا يفهمون بعد معظم ما يسمعونه.
2- أن ندع الأطفال يعرفون متى يكون بعض ما يقولونه صعبًا على الفهم: يواجه الأشخاص في كل الأعمار أحيانًا صعوبة في توصيل أفكارهم بوضوح إلى الآخرين، كذلك قد يجد الأطفال صعوبة خاصة في هذا الشأن بسبب قدرتهم المحدودة على تقدير معرفة مستمعيهم ووجهة نظرهم؛ لذا يمكننا أن نوجه إليهم أسئلة، أو نطلب إيضاحًا، أو أن نعبر عن اختلاط الأمر علينا حينما يصفون أحداثًا أو أفكارًا بطريقة غامضة أو غير مكتملة؛ فمثل هذه الأساليب تساعدهم بالتدريج على التعبير عن أفكارهم بدقة أكبر، وعلى أن يضعوا في اعتبارهم ما الذي يعرفه مستمعوهم، وما الذي لا يعرفونه.
3- أن نطلب من الأطفال أن يحكوا قصصًا، وأن نشجعهم على السرد: غالبًا ما يعمد الكبار توجيه أسئلة إلى الأطفال من أجل تشجيعهم على الاستجابة في شكل سردي، فمثلاً قد يسأل المعلم طفلاً: "ما الذي فعلته في إجازة هذا الأسبوع؟"، "ما الذي فعلتموه في رحلة المدرسة إلى معرض كتب الأطفال؟".. ولا شك أن إعطاء فرص للأطفال كي يسردوا أحداثًا، سواء بالحقيقة أو الخيال، يزودهم بسياق فعال يستطيعون داخله أن يمارسوا التخاطب لفترات متصلة من الوقت، وأن يستفيدوا من الخبرات الثقافية الغنية من موضوعات القصص أو السرد مما نوفره لهم.
لذا ينبغي أن نولي لتنمية القدرة على السرد ورواية القصص أهمية كبيرة في تدريباتنا اللغوية للأطفال.
4- أن نشجع الإبداع في اللغة الشفهية: يمكن التعبير عن الإبداع اللغوي بأساليب كثيرة؛ مثلاً: من خلال القصص والشعر والغناء والدعابة والتورية والسجع.
فهذه الأشكال من اللغة لا تشجع الأطفال على الاستخدام الإبداعي للغة فحسب؛ ولكنها تساعدهم أيضًا على تحديد المتماثلات بين الموضوعات أو الأحداث التي تبدو غير متماثلة، ومن شأن تعرّف هذه المتماثلات أن يمكنهم من أن يتواصلوا إلى تكوينات مبدعة عن التشبيه والاستعارة والمجاز.. وغير ذلك من أوجه التناظر.
ومما تتأكد أهميته في هذا الشأن الأساليب التي تقوم على الألعاب اللغوية والاستخدام اللغوي المفعم باللعب.
5) تعزيز النمو ما وراء اللغوي:
يتوجه الأسلوب خاصة إلى تنمية الوعي ما وراء اللغوي؛ ويعني إلى أي حد يكون الفرد قادرًا على التفكير في طبيعة اللغة؛ تتمثل العوامل التي تساعد على تنمية الوعي ما وراء اللغوي في اللعب اللغوي، والخبرات القرائية، والتعليم المنظم، وتعلم لغة أو لغات أجنبية؛ ولهذه العوامل تضميناتها في التعليم والعمل مع الأطفال؛ كما يلي:
1- أن نساعد الأطفال على استكشاف المعاني المتعددة من خلال المواد أو المعلومات التي تنطوي على غموض، أو تتضمن دعابات أو ألغازًا أو متناقضات، أو ما شابه ذلك: فاللغة بقدر ما تنطوي على لذة التعلم واكتساب المعرفة، فإنها تنطوي أيضًا على الإمتاع والمؤانسة؛ فالأطفال يمكنهم أن يندمجوا في أنشطة وألعاب لغوية غنية بهذه الخبرات؛ كي يكتشفوا المعاني المزدوجة أو المفارقات الطريفة في بعض الجمل متعددة المعاني أو الصياغات المتغايرة أو الدعابات أو الألغاز.
فمثل هذه الاستكشافات اللغوية بقدر ما تستثير من شغف الأطفال ودهشتهم، فإنها تساعد أيضًا على تنمية الإبداع عندهم، وتعمل على توثيق العلاقة الشرطية بين اللغة كخبرة معرفية واللغة كخبرة وجدانية.
2- أن نشجع الأطفال على قراءة الأدب الذي يتضمن طرائف لغوية تعتمد على طبيعة اللغة: فكتب الأطفال ينبغي أن تستفيد وظيفيًّا من خصوصيات اللغة، وما تتضمنه من معاني الكلمات والتعبيرات الشائعة والنماذج اللغوية الإبداعية.
3- أن نشجع الأطفال على التخمين الذكي وطرح البدائل لمشكلات أو قضايا تتضمن فجوات معرفية، أو غموضًا معرفيًّا، أو مفارقات مما تحتويه الصياغات اللغوية في تعددها وتنوع دلالات معانيها: وذلك أسلوب فعال في تنمية الإبداع اللغوي والتفكير الإبداعي عند الأطفال.
4- أن نشجع الأطفال على تعلم لغة أجنبية في مرحلة عمرية مناسبة بعد استقرار تعلم اللغة الأم وتعزيزها: حيث إن من أبرز فوائدها تنمية الوعي فوق اللغوي، وما لهذا من مردود أيضًا على الإثراء اللغوي للأطفال وتعزيز مكتسبات اللغة الأم والاعتزاز بها.

الصبر على الأبناء ضرورة تربوية

الصبر على الأبناء ضرورة تربوية
الأم الحنون هي الأم التي تستطيع أن تتشبث بالصبر إلى أقصى مدى ممكن في تعاملها مع الأطفال، لأن الصبر وطول البال والقدرة على الاحتمال تكون المفتاح الرئيسي لتربية الأبناء بصورة صحيحة، وبدون هذا الصبر لن تستطيع الأم أن تخلق قنوات التواصل المستمرة مع أبنائها وبالتالي ستعجز عن غرس أية قيمة أو معنى تربوي في نفوسهم.
ولكن هل الصبر في التعامل مع الأطفال أمر سهل هذه الأيام؟ الحقيقة أن هذه السمة أصبحت نادرة ولا تتمتع بها أغلب الأمهات في عالم اليوم؛ وذلك يرجع لأسباب عديدة، فما بين ضغوط الحياة والمسئوليات المتزايدة والخلافات مع الزوج أو العائلة، وما بين احتمال أن تكون الأم عاملة ومسئولة عن توفير دخل مالي لإعاشة الأسرة، ما بين كل هذه الأمور تفقد الأم ميزة الصبر في احتكاكها مع أطفالها.
إذا كنتِ حريصة كأم على أن تكون قضية تربية أطفالك قضية ذات أهمية كبيرة وحقيقية في حياتك ورسالة تؤدينها على الوجه الأكمل، فلابد أن تتعرفي على بعض الخطوات التي تساعدك على امتلاك ميزة الصبر وطول البال.
أولاً: تعلمي أهمية الصبر في معاملة الأطفال
الأطفال بطبيعتهم يحتاجون إلى أن تكون الأم حنونًا صبورًا؛ لأنهم يريدون أن يشعروا بحرية الخطأ، ومن خلال الأخطاء سيتعلمون الصواب، فلو كانت الأم شديدة العصبية، غاضبة طوال الوقت تشعر بالملل من كثرة الأخطاء التي يقع فيها أطفالها، فإن هذا يضع الأطفال في حالة من الخوف الدائم والقلق من رد فعل الأم، وبالتالي لا يكونون مؤهلين لاستقبال أي نوع من التوجيه أو التربية.
ثانيًا: حاولي أن تغوصي في أعماق طفلك
لابد أن تكوني قادرة كأم على إدارة حوار مستمر ومفتوح مع طفلك أو طفلتك، فتعلمين يوميًّا ما هي مخاوف طفلك وما هي آماله؟ ما الذي يمكن أن يؤلمه أو يشعره بالحزن؟ وما الذي يتمنى تحقيقه أو الحصول عليه؟ حاولي أن تستغرقي وقتًا وبطيب نفس وهدوء أعصاب في الاستماع إلى ما في داخل نفس طفلك، واعلمي أن مجرد قدرته على الكلام إليك والاطمئنان بفتح قلبه معك سيجعل مكانتك في قلبه تزداد ويشعر بالأمان في مكاشفتك بكل شيء، الأمر الذي يصبُّ في نهاية المطاف في صالح تربيتك له على الوجه الأمثل.
ثالثًا: لا تصدمي طفلك
إذا وجدتِ أن طفلك يريد أشياء غير مناسبة أو يرتكب أخطاء لا يمكن قبولها فحاولي ألا يكون رد فعلك سريعًا وصادمًا لطفلك، بل اتخذي قرارًا مسبقًا مع بداية كل يوم جديد بأنك ستتريَّثين قبل القيام برد فعل معين تجاه ما يصدر عن طفلك، وأنك تفكرين جيدًا ولو لدقائق قبل أن تقدمي على رد الفعل والتصرف المناسب، وثِقِي أن هذا سيمنحك فرصة كافية لكي يكون سلوكك مع طفلك غير صادم له، وبالتالي تستطيعين أن تتفادي حدوث أية هزات أو اضطرابات نفسية لديه.
رابعًا: اتركي لطفلك هامشًا واضحًا من الخطأ
لابد أن تسمحي لطفلك بأن يتعامل بنوع من الحرية داخل المنزل؛ لأنه يريد أن يتفتح على الحياة ويجرب الكثير من الأشياء ويتعرف على الكون من حوله، ولو كانت شخصيتك لا تتمتع بالصبر وطول البال فإن طفلك سيكون منطويًا خائفًا يخشى التجربة ويميل دومًا إلى الإحجام والتردد وعدم القدرة على المبادرة أو اتخاذ القرار، ومن ثم لابد أن تغيري من نفسك قليلاً لأجل مصلحة طفلك وأفسحي له مجالا لكي يتصرف بحرية، ولو صدرت عنه بعض الأخطاء فأصلحيها بهدوء من دون أن تصبي عليه غضبًا وعقوبات.

2016-01-16

الأسباب المانعة من الشفاعة


أملٌ أشبه بالأماني، يظنُّ فيه البعض أن باب الشفاعة الذي فتحه الله سبحانه وتعالى للمؤمنين رحمةً بهم، أنه بابٌ يدخله الجميع دون قيدٍ أو شرط، ويتصوَّر فيه فئات من الناس عدم وجود إطارٍ يُحدِّد الصفاتَ والشروطَ التي يستحق بها صاحبها نيل الشفاعة، وربما جرَّ هذا القصور في التصوُّر بعض العصاة إلى الإسراف في المعاصي، والتساهل في المحرَّمات.
وهذا ليس بصحيح، فإن ثمة أمورًا تمنع صاحبها استحقاق الشفاعة يوم القيامة، وتحرمه من نيل فضلها، فلا بُدَّ إذن من تسليط الضوء على تلك الموانع حتى يبقى المرء في كمال الطهارة والسلامة منها، ويمكن حصر هذه الأسباب فيما يلي:
أولاً: التلبُّس بالشرك:
الشرك مانعٌ من حصول الشفاعة لصاحبها؛ ذلك أن مقتضى الشفاعة حصول الصفح والتجاوز عن المشفوع له، والله سبحانه وتعالى قد أخبر عن نفسه أنه لن يتجاوز أبدًا عمَّن تلبَّس بالشرك وخالط الكفر فقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48]، والشرك محبطٌ للعمل مبطلٌ له، فمهما عمل صاحبه من أعمال فلن تُقبل منه، وستكون هباءً منثورًا: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65].
وإنما ينتفع بالشفاعات الثابتة من كان على حالٍ من التقصير والزلل والمعصية، لا سيما أهل الكبائر والموبقات، فعسى الله أن يعفو عنهم ويتجاوز عنهم بشفاعة الشافعين، أما أهل الشرك وأصحاب المعتقدات الكفريَّة فلن تنفعهم شفاعة أحدٍ مهما علت منزلته عند ربِّه، قال الله تعالى واصفًا أهل النار: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48]، وقال سبحانه: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18].
ثانيًا: ظلم الإمام للعباد، والغلو في الدين:
ويدلّ على هاتين المسألتين حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَنْ تَنَالَهُمَا شَفَاعَتِي: إِمَامٌ ظَلُومٌ، وَكُلُّ غَالٍ مَارِقٍ". رواه الطبراني في المعجم الكبير، وقال الهيثمي: رجاله ثقات.
ويمكن تلمُّس تأثير هاتين الصفتين في الحرمان من الشفاعة بأن نقول: إن الأصل في الإمام أن يرعى حقوق رعيّته؛ لأنه المستخلف في إقامة شرع الله ومنهجه بكافّة صوره وتشريعاته، وأصل الشريعة وعمودها: إرساء قواعد العدل؛ ولذلك كان الإمام العامل بمقتضى العدل في رعيَّته أحد السبعة الذين يُظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ". رواه البخاري.
ويُقال أيضًا: إن الظلم صفةٌ ذميمة لا يُجْتنى منها سوى الفساد والفتن، والبلايا والمحن، والشرور والسيئات، وهي ظلماتٌ يوم القيامة، وما كان هلاك الأمم والقرى إلا لأجله، فإذا كان هذا حال ظلم الأخ لأخيه، فكيف إذا كان الظلم واقعًا على أمَّةٍ بأسرها، وشعبٍ بأكمله؟ وكيف يستحقُّ التجاوز والشفاعة من كان هذا حاله مع رعيَّته؟
وتدلُّ السنة النبويَّة على أن الظلم منافٍ للأخوَّة الإسلاميَّة، كما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ". رواه مسلم، والجائر من الولاة والأئمة لم يعمل بمقتضى هذه الأخوَّة، فلم يستحق الشفاعة لذلك.
ولا شك أن الغلو في الدين مذموم والتشديد فيه غير محمود، لأنَّه خروجٌ عن منهج الاعتدال الذي اتصفت به الشريعة الربَّانية، وقد نهى الله سبحانه وتعالى وحذَّر أهل الكتاب من الغلو في أي ناحية من نواحي الدين العقائدية والتشريعية فقال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171]، ونهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ". رواه ابن ماجه.
ثالثًا: التكذيب بالشفاعة:
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "مَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَةِ فَلَيْسَ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ". رواه الآجري في "الشريعة"، وصحَّح إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح، ومثل هذا لا يُقال بالرأي، فالذين يُبطلون الشفاعة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويُنكرون المقام المحمود الذي يبعثه الله يوم القيامة وينفونها عنه، لن تنالهم شفاعته عليه الصلاة والسلام.
رابعًا: الإحداث في الدين:
دلَّت النصوص على أنها تمنع من ورود الحوض يوم القيامة، فلا تنفع معه شفاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لهم؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَلَا وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي. فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [المائدة: 118]". متفق عليه.
ومن المناسب ذكر بعض الأمور المانعة للشفاعة؛ لكن ليس فيها مستندٌ معتمد من حديثٍ صحيح، وهي ما جاء حول غش العرب، وفيه حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ غَشَّ العَرَبَ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَفَاعَتِي وَلَمْ تَنَلْهُ مَوَدَّتِي". فقد رواه الترمذي وقال: "حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث حصين بن عمر الأحمسي، عن مخارق، وليس حصين عند أهل الحديث بذاك القوي"، وقد أنكر الحفَّاظ أحاديث هذا الراوي، كما ذكر من أعلَّ الحديث.
ويُقال في الحديث السابق: إن الغشَّ مذمومٌ شرعًا، وصاحبه مرتكبٌ لكبيرةٍ من كبائر الذنوب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا". رواه مسلم، وهذا التحريم إنما ثبت في النصوص على وجه العموم، أما إثبات الخصوصيَّة في غشِّ العرب من ناحية الحكم، وجعلها مناطًا للحرمان من الشفاعة النبويَّة يوم القيامة، وسببًا للمنع منها، فهذا ما لا ينبغي إثباته إلا بالنص الصحيح.
المصدر: إسلام ويب

حب الدنيا وكراهية الموت !!



من سُنَّة الله تعالى في عباده أنه سبحانه يبوِّئ أهل الإيمان إمامة البشر، ويرفعهم إلى مراقي الكرامة والعزة، ويظهرهم على غيرهم، وينصرهم على أعدائهم، ولو كانوا أقل من غيرهم؛{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249]، وتاريخ المعارك يثبت غلبة أهل الإيمان ولو كانوا أقل عددًا وأضعف عدة.
ولكن هذا القانون الرباني القدريّ له أسباب شرعية لا يتحقق إلا بها، وهذه الأسباب تتمثل في إقامة دين الله تعالى، وأخذه كاملاً دون تجزئة ولا انتقاء.
وغالب ما يحصل من ترك الدين أو بعضه سببه الهوى، والهوى يكون في الناس بسبب الافتتان بالدنيا وزينتها، وتعظيم حظوظ النفس وشهواتها؛ ولذا كان تقديم الآخرة على الدنيا أهم سبب للتوفيق والنصر والعزة، كما كان التعلق بالدنيا أهم سبب للخذلان والذل والهزيمة، والوحي والتاريخ والواقع المعاصر كلها تشهد بهذه الحقيقة التي ينبغي أن لا يجادل فيها مجادل.
أما الوحي، فقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]، فجعل -سبحانه- نصره لعباده وتأييده لهم مشروطًا بنصر دينه وإقامته في الأرض، وجعله حكمًا على الناس.
وأما التاريخ فما عزَّ الصحابة -رضي الله عنهم- ولا انتصروا هم ومَن بعدهم من قادة المسلمين وجندهم على أعتى أمم الأرض بعُدَّة ولا عتاد، وإنما بإيمانٍ ملأ قلوبهم، فأزاح منها الدنيا وزينتها وملذاتها، فما وقفت أمامهم قوة.
ولما حاصر المسلمون بلاد فارس وكان الفرس أقوى أمة آنذاك، جرت لقاءات ومفاوضات بين قادة المسلمين وقادة فارس، أراد رستم أن يُظهِر قوة الفرس وغناهم أمام ضعف العرب وفقرهم، فأمر بفرش البسط والنمارق، ووُضع له سريرٌ من ذهب، وأحاط به حاشيته وهم في كمال زينتهم وأبهتهم وسلاحهم، فتعاقب ثلاثة من المفاوضين المسلمين على رستم يفاوضونه؛ فما غرتهم دنيا الفرس، ولا نظروا إليها إلا نظرة ازدراء واحتقار، فكان أولَ الداخلين ربعيُّ بن عامر، دخل بفرسه يطأ بها بسطهم ووسائدهم، حتى ربط فرسه ببعضها، ونزل يتكئ بسيفٍ لم يجد له غمدًا فلفه بخرقة، حتى بلغ سرير رستم، وجلس على الأرض ولم يجلس على زينتهم؛ عزة وإباءً، وبلّغه بما جاء به.
وفي اليوم الثاني جاء للمفاوضة سعد بن حذيفة بن محصن، ورفض النزول عن فرسه حتى بلغ بها سرير رستم، فكلمه برسالته وهو على فرسه.
وفي اليوم الثالث جاءهم المغيرة بن شعبة، فجلس مع رستم على سريره غير آبهٍ به، فهرع إليه جنده حتى أنزلوه، فعرض رستم على المغيرة شيئًا من الدنيا له وللمسلمين؛ ليرجعوا عن غزو فارس، ولكن المغيرة عرض عليه الإسلام أو الجزية أو السيف بكل عزة وإباء.
فما غرَّت جند الإسلام بهرجة فارس ودنياها وقوتها وغناها؛ لأن الدنيا ما كانت في قلوبهم، فسقطت بلاد الفرس في أيديهم، ونُقل ذهبها إلى المدينة.
وأما الواقع فإن الأعداء ما تمكنوا من المسلمين في العصور المتأخرة، ولا ضاعت الحقوق، واحتلت البلدان، ونهبت الثروات، وامتهنت الكرامة - إلا بعد أن عظمت الدنيا عند كثير من المسلمين، وتمكنت من قلوبهم، فتنافسوها واختلفوا عليها، واقتتلوا من أجلها، ووجد الأعداء مداخل عليهم من قِبَلِها؛ حتى كان في المسلمين من خان دينه وأمته ووطنه وأهله لمصلحة أعدائه من أجل شيء من الدنيا.
ووقع ما خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته حين أقسم فقال: "فَوَالله لا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كما بُسِطَتْ على من كان قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كما أَهْلَكَتْهُمْ". وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: "تَتَنَافَسُونَ ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ"
إن الله عز وجل جعل الذل والهوان في الكافرين {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الكَافِرِينَ} [الأنفال: 18]، ونهى المؤمنين عن الهوان؛ لأنهم الأعلون {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]، ونُهوا عن الهوان؛ لأن الله تعالى معهم {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ} [محمد: 35]؛ ولأنهم يرجون ثواب الله تعالى، وغايتهم الآخرة وليست الدنيا {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ القَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ الله مَا لاَ يَرْجُونَ} [النساء: 104]؛ ولأنهم يعلمون أن الله تعالى يحب الثابتين على دينه، الصابرين في مواجهة أعدائه {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ الله وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146].
إن من تعلق قلبه بالدنيا أخلد إلى الأرض، ورضي بالذل، وأصابه الهوان والخذلان ولو كان مؤمنًا، وقد عاتب الله تعالى من أقعدهم حبُّ الدنيا عن الهجرة إليه، والجهاد في سبيله، والتضحية لدينه، وتوعدهم على ذلك {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]. ولا يعوق عن النفير في سبيل الله تعالى، وابتغاء مرضاته إلا حب الدنيا، كما في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إلى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} [التوبة: 38].
وهو واقع المسلمين اليوم.. والهزيمة التي حاقت بالفئة المؤمنة في أُحد إنما كان سببها حب الدنيا المتمثل في الغنائم. ونجد في الآيات التي عرضت للهزيمة في أحد قول الله تعالى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآَخِرَةَ} [آل عمران: 152].
وجاء في السنة النبوية ما يدل على أن حب الدنيا يقود إلى أكل الحرام، والرضا بالملذات، وهجر مواطن العزة والإباء، فتضرب الذلة والهوان على الأمة بسبب ذلك؛ كما في حديث ابن عُمَرَ -رضي الله عنه- قال: سمعت رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ الله عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لا يَنْزِعُهُ حتى تَرْجِعُوا إلى دِينِكُمْ".
ومهما بلغت كثرة المسلمين وعدتهم فلن تنفعهم شيئًا إذا امتلأت قلوبهم بحب الدنيا والإخلاد إليها، كما في حديث ثَوْبَان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كما تَدَاعَى الأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِهَا". فقال قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قال صلى الله عليه وسلم: "بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ الله من صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ الله في قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ". فقال قَائِلٌ: يا رَسُولَ الله، وما الْوَهْنُ؟ قال صلى الله عليه وسلم: "حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ".
فبان بذلك أن من أعظم أسباب الذل والهوان والخذلان - حب الدنيا، وتعلق القلوب بها، والإخلاد إلى زخرفها وزينتها، وقد قال الله تعالى عن الكفار: {وَفَرِحُوا بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ} [الرعد:26]. وقال العبد الصالح يحذِّر قومه: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآَخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ} [غافر: 39]

الشتاء غنيمة العابدين



أقبل الشتاء ربيع المؤمنين وجنة العابدين، ليله قيام ونهاره صيام فإليكم به واستقبلوه بحفاوة وإكرام.
كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: ألا أدلكم على الغنيمة الباردة؟ قالوا: بلى. فيقول: الصيام في الشتاء..
قال عمر رضي الله عنه: "الشتاء غنيمة العابدين".
وقال عبد الله بن مسعود: "مرحبًا بالشتاء تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام".
وقال الحسن البصري: "نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه". ولذا بكى المجتهدون على التفريط -إن فرطوا- في ليالي الشتاء بعدم القيام، وفي نهاره بعدم الصيام.
ورحم الله معضد بن يزيد العجلي حيث قال: "لولا ثلاث: ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ولذاذة التهجد بكتاب الله ما باليت أن أكون يعسوبًا".
هذا حال السلف؛ إخواني؛ فهلموا لنقتدي بهم لعل الله أن يرحمنا، ولنتذكر إخوانًا لنا مسلمون يعصف بهم الشتاء ولا غطاء يحميهم، ولا ملبس يدفيهم، فتذكروهم، وأمدوا أيديكم لهم بما تجود أنفسكم، فمن فرج عن أخيه كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة..

لئن شكرتم


يقول الله تعالى في كتابه الكريم:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152]، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله".وشكر الله عز وجل ليس كلمات تتردد، فلو كان الشكر هكذا؛ لكان الناس كلهم أو جلهم شاكرين لله عز وجل، ولما قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ:13]
والشكر هو أن لا يستعين العبدُ بنعمة الله على معصيته.
والشكر: أن يتقي العبد ربه حق تقاته، وذلك بأن يُطاع فلا يُعصى، وَيُذكرُ فلا يُنسي، ويُشكر فلا يُكفر
الشكر الذي ينبغي أن نعاهد الله عز وجل عليه، هو: أن نُسخِّر النعم التي يغدقها علينا لما يرضي الله سبحانه وتعالى، وألا نستعمل شيئًا منها فيما يُبغض الله عز وجل.
فإذا شكرنا الله عز وجل على نعمه؛ فلسوف تمتد سلسلة العطاء سخية تهمي كرمًا من سماء الله سبحانه وتعالى وفضله.
هذا هو ظننا بالله عز وجل، ولن يخيب الله ظن العبد به، وكيف يخيب الله ظن عبده به، وقد جاء في الحديث القدسي الجليل:"أنا عند ظن عبدي بي".
ومن كنوز الشكر: الدافع المتجدد في الطريق إلى الله، قال الله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا }[الإنسان: 3].
ويؤكد الباحثون في علم النفس أنَّ الشكر له قوة هائلة في علاج المشكلات؛ لأن قدرتك على مواجهة المشكلات تتعلق أصلاً بمدى شكرك لله، وبمدى شكرك للناس. فلن تستطيع أن تسير في الطريق، ولن تتوافر لديك الطاقة المتجددة، إلا بالشكر . فالعبد الشاكر هو الذي ستكون عنده طاقة متجددة؛ ليسعى في كل خير، أما الجاحد فلا يُقَدِّر نعمة الله عليه؛ فيؤدي إلى ضياعه.
روى البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن ثلاثة من بني إسرائيل، أَبرَصَ، وأعمي، وأقرع، أراد الله أن يبتليهم؛ فبعث إليهم ملكًا، فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟!
قال: لون حسن، وجلد حسن. فمسحه فذهب عنه، وأُعطي لونًا حسنًا وجلدًا حسنًا. قال: أي المال أحب إليك؟! قال: الإبل؛ فأعطي ناقة عشراء، وقال: بارك الله لك فيها.
وأتى الأقرع، فقال: أي شيء أحب إليك؟! قال: شعر حسن، ويُذهبُ عني هذا؛ فمسحه فذهب، وأعطي شعرًا حسنًا. قال فأي المال أحب إليك؟! قال: البقر؛ فأعطاه بقرة، وقال: يُبَارك لك فيها. 
وأتى الأعمي فقال: أي شيء أحب إليك؟! قال: يرد الله إلىَّ بصري؛ فأبصر الناس؛ فمسحه فرد الله إليه بصره. قال: فأي المال أحب إليك؟! قال: الغنم؛ فأعطاه شاة ..
فكان لهذا وادٍ من الإبل، ولهذا وادٍ من البقر، و لهذا وادٍ من الغنم.
ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل، تقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله، ثم بك. أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن و الجلد الحسن والمال، بعيرًا أتبلغ به في سفري. فقال له: إنَّ الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك! ألم تكن أبرص، فقيرا، فأعطاك الله عز وجل؟! قال إنما ورثت هذا المال كابرًا عن كابر.
فقال: إن كنت كاذبًا فصيرك الله إلى ما كنت.
وأتى الأقرع في صورته وهيئته، فقال له كما قال للأبرص، فرد عليه مثل ما رد عليه الأبرص، فقال: إن كنت كاذبًا فصيرك الله إلى ما كنت.
وأتى الأعمى في صورته فقال: رجل مسكين وابن مسكين وابن سبيل، انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك، شاة أتبلغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فرد الله إليَّ بصري، وفقيرًا فأغناني، فخذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله عز وجل، (أي: لا أشق عليك في رد شيء تأخذه أو تطلب من مالي).
فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط علي صاحبيك".
وهكذا يكون الأعمى قد نجح في الامتحان؛ فشكر ربه، وتصدق مما رزقه الله؛ فزاد الله عليه النعمة، وباركها له، بينما بخل الأقرع والأبرص، ولم يشكرا ربهما؛ فَسَلَبَ الله منهما النعمة.
ومن نتائج الشكر: أنه يوصلك إلى درجة المحبة، ويحفظك من العذاب في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمً} [النساء: 147]. فالله سبحانه وتعالى لن يعذبك، مادمت قد شكرت نعمته وآمنت به؛ بل سيُعينك الله عز وجل على خطواتك التي تخطوها في طريقه، وقد قَدَّم الله تعالى الشكر على الإيمان؛ لأنك لن توفق للإيمان دون شكر.
ولقد كان الشكر خلقًا ثابتًا لأنبياء الله عليهم السلام. يقول الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 120-121]. ويقول عز وجل عن نوح عليه السلام: {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الإسراء:3]. ويقول الله تعالى عن سليمان عليه السلام: {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل:40].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الشكر لربه، وقد علمنا أن نقول بعد كل صلاة: "اللهم أعني علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"
وجاء رجل إلى أبي حازم يسأله عن شكر العينين؛ فقال: إن رأيت بهما خيرًا أعلنته، وإن رأيت بهما شرًا سترته.
قال: فما شكر الأذنين؟ قال: إنْ سمعت بهما خيرًا وَعيتَه، وإن سمعت بهما شرًا دفعته.
قال: فما شكر اليدين؟ قال: لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقًا لله هو فيهما.
لله در القائل:
إذا اجتمع الإسلام والقوت للفتى *** وكاــن صحيحًا جسمه وهو في أمن
فقــد ملك الـدنيـا جميعـا وحازها *** وحُــق عليــه الشكـر لله ذي المــن
والشُكر والعبودية أمران متلازمان، فإن انفك الواحد عن الآخر غاب كل منهما، وانظروا إلى هذا التلازم كيف يتجلى في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما سألته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فيما رواه البخاري عن سبب ما يتحمله مِن جهد في الليالي الطويلة التي يقضيها قائمًا مصليًا ساجدًا لله عز وجل، قالت: "أفلم يَغفِرُ الله لك ما تقدم وما تأخر؟"؛ فأجابها قائلاً: "أفلا أكون عبدا شكورًا؟"
ومَنْ كان قلبُه فياضًا بشعور العبودية لله سبحانه وتعالى؛ فَاضَ قلبُه نشوة بهذه النعم التي أرسلها الله سبحانه وتعالى إليه.
نَعْم تَتَجلى فيها ألطاف الله عز وجل .. تَتَجلى فيها محبة الله سبحانه وتعالى لعباده .. تَتَجلى فيها رحمات الله سبحانه وتعالى لهم .. تَتَجلى فيها استجابة الله سبحانه وتعالى لدعائهم ورجائهم، لكن الناس الذين غابت مشاعر العبودية لله عز وجل عن قلوبهم، هيهات أن يشعروا بهذا المعنى الذي يبعث الطمأنينة في النفس، وهم وإن شكروا، فبكلمات تقليدية يغيب عنها الفؤاد.
إنهم تائهون عن هوياتهم، غارقون في أهوائهم ورعوناتهم، فلربما استخدموا هذه النعمة التي يغدقها الله عز وجل فيما يُسخط الله سبحانه وتعالى.
أمَّا الإنسان، الذي وعى ذاته، وعرف عبوديته ومملوكيته لله، ثم رأى نِعم الله عز وجل كيف تهمي من سمائه، ونظر فوجد كيف أنَّ الأرض أصبحت مخضرة يانعة تبتهج لمنظرها الأبصار، فإنَّ هذا الإنسان لابد أن تفصح عبوديته لله عن شدة الحب لمولاه وخالقه عز وجل، ممتثلاً لقول الله عز وجل: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7].
المصدر: الوعي الإسلامي

15 فكرة صغيرة تجلب لك السعادة اليوم


قال: أريد أن أكون سعيدًا.
قلت: السعادة بيدك لا بيد غيرك.
قال: ولكنني غير سعيد، ولا أعرف كيف أكون سعيدًا.
قلت: هل مرت عليك لحظات في حياتك كنت فيها سعيدًا؟
قال: نعم؛ ولكنها قليلة، فأنا عشت في معاناة كثيرة في حياتي، وأشعر أنني لست سعيدًا.
قلت: وماذا تتوقع مني الآن؟
قال: أتوقع أن تخبرني كيف أكون سعيدًا.
قلت: هل تعلم أن السعادة تكمن في أمور بسيطة وفعل أشياء صغيرة؟!
قال: لم أتوقع هذا! بل أتوقع أن تحدثني عن أشياء كبيرة؛ كامتلاك بيت كبير، أو سيارة فارهة، أو امتلاك آلاف الدنانير برصيدي البنكي، أو شهرة أحصل عليها!
قلت له: هذا ما يروجه الإعلام، ويظهر لنا أن الأغنياء والمشاهير هم أسعد الناس؛ ولكن الحقيقة خلاف ذلك.
قال باستغراب: عجيب ما تقول!
قلت: بل العجيب هو فهم الناس للسعادة، دعني أذكر لك أمورًا صغيرة جدًّا؛ ولكنها تغير لك حياتك وتجعلك سعيدًا. قال: تفضل..
قلت: سأخبرك عن خمس عشرة فكرة عملية وبسيطة جربها تكن سعيدًا..
أولها: أن يكون لديك في الدنيا من يحبك؛ سواء كان صديقًا أو أخًا أو زوجة أو والدين.. أو غيرهم، فشعورك بأن هناك أشخاصًا يحبونك ويتمنون لك الخير يشعرك هذا بالسعادة والرضا النفسي.
ثانيًا: أن تتعلم أن تغفر وتسامح من أساء إليك أو أخطأ في حقك، فتخبره بذلك من خلال الحديث أو برسالة فإن هذا يحقق لك الرضا والسعادة.
ثالثًا: جرب أن تعمل شيئًا كنت تعمله وتحبه عندما كنت طفلاً، وقد ذكرتُ هذه الفكرة لشخص مثلك فأخبرني بأنه يحب ركوب الدراجات، فاشترى دراجة وصار يركبها كل يوم لمدة ساعة، وتغيرت نفسيته وحياته للأفضل.
رابعًا: أن تقرأ كتابًا تحبه، أو تقرأ كتبًا فكاهية تُسعدك؛ مثل: (أخبار الحمقى والمغفلين)؛ فقد ألفه ابن الجوزي لتوسعة الصدر والترفيه عن النفس والضحك
خامسًا: أن تقدم هدية لشخص عزيز عليك، وتقضي الوقت في التفكير فيها واختيارها وشرائها؛ فإنك ستعيش لحظات السعادة، وتسعد عندما يخبرك بسعادته بسبب هديتك.
سادسًا: أن تخصص لك وقتًا بالجلوس مع الأطفال فتسمع حديثهم وهمومهم، وتشاركهم اللعب؛ فإنهم سيخرجونك من دنياك لدنياهم فتشعر بالسعادة.
سابعًا: أن ترتب خزانتك بالبيت، وتخرج الملابس التي لا تلبسها فتتصدق بها للفقراء والمحتاجين.
ثامنًا: أن تتصل بصديق يؤنسك حديثه؛ فتسعد بحديثه، أو الجلوس معه في مقهى أو حديقة.
تاسعًا: أن تشبع جسدك نومًا؛ فيرتاح تفكيرك وجسدك، فتشعر بالسعادة.
عاشرًا: أن تمارس الرياضة، وخاصة السباحة أو المشي على الأقل ثلاث مرات أسبوعيًّا.
حادي عشر: أن تجلس مع الوالد أو الوالدة؛ فالجلوس معهما أنس وسعادة ورضا.
ثاني عشر: علم نفسك أن تكثر من الابتسامة، وتدرب عليها؛ فإن نفسيتك ستتأثر بها.
ثالث عشر: وهي زيارة المقبرة؛ وربما تستغرب من هذه الفكرة؛ ولكنك عندما تزور المقبرة ستعيش لحظات معرفة حقيقة الحياة، وأن الهموم التي تعيشها لا تشكل لك قيمة أمام الحياة الآخرة؛ فتكون سعيدًا.
رابع عشر: أن تجالس كبار السن؛ فهم أصحاب طرفة ومزحة يسعدونك بقصصهم وذكرياتهم.
خامس عشر: أن تدعو الله أن يشرح قلبك ويسعد فؤادك..
قال: ما شاء الله! إنها فعلاً أفكار بسيطة وصغيرة.
قلت له: نعم؛ وأهم خطوة الآن أن تبادر نحو السعادة، فلا تتوقع أن السعادة ستدخل عليك من الباب وأنت جالس، وإنما السعادة تأتيك عندما تتحرك إليها؛ فالسعادة قرار تتخذه أنت ولا يملك أحد أن يبيعك إياها، وإنما متى ما قررت أن تكون سعيدًا ستكون سعيدًا بإذن الله، وترى الأحداث من حولك تساهم في سعادتك، وعندما تكون سعيدًا فإنك ستنقل السعادة لغيرك؛ لأن السعادة تنتقل بالعدوى فمن جاور السعيد سعد، وأهم شيء أن يكون الله راضيًا عنك، وأنت راضٍ عن نفسك؛ فقد قيل للسعادة: أين تسكنين؟ فقالت: في قلوب الراضين.
وأوصيك بقراءة كتاب (مفتاح دار السعادة) لابن الجوزية، وأخبرني برأيك بعد قراءته
د. جاسم المطوع