السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2015-09-26

النبي - صلى الله عليه وسلم - في العيد

 الحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
•• روي عنه أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يغتسل للعيدين . قال ابن القيم : " فيه حديثان ضعيفان ... ولكن ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه " .
•• كان عليه الصلاة والسلام يلبس أجمل ثيابه في العيد .
روى البخاري ومسلم عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ " ، فلم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - التجمل للعيد ، وإنما أخبره بأن لبس هذه الجبة محرم ؛ لأنها من حرير .
•• وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يخرج يوم الفطر حتى يَطعَم، ولا يطعم يوم النحر حتى يذبح .
رواه أحمد من حديث بريدة – رضي الله عنه – .
•• من السنة ذهاب المسلم إلى صلاة العيد ماشياً .
روى الترمذي عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا .
•• كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج إلى العيد يرجع في غير الطريق الذي خرج فيه .
روى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ .
•• لا بأس بصلاة العيد في المسجد، ولكن الأفضل أداؤها النبي - صلى الله عليه وسلم - في مصلَّى خارج البنيان ، ما لم يكن هناك عُذْرٍ كمطرٍ ونحوه .
في البخاري عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -- صلى الله عليه وسلم -- يخرج يوم الفطر، والأضحى إلى المصلى .
•• صلاة العيدين بلا أذان ، وبلا إقامة .
روى مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاةَ يَوْمَ الْعِيدِ ، فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ .
•• كان - صلى الله عليه وسلم - يبدأ بالصلاة قبل الخطبة .
روى البخاري عن أبي سعيد قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة .
•• كان - صلى الله عليه وسلم - يُكبر سبعَ تكبيرات في الركعة الأولى سوى تكبيرة الإحرام ، وخمسَ تكبيرات في الركعة الثانية سوى تكبيرة القيام .
روى أبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما : قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " التَّكْبِيرُ فِي الْفِطْرِ : سَبْعٌ فِي الْأُولَى ، وَخَمْسٌ فِي الْآخِرَةِ ، وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَهُمَا كِلتَيهِمَا .
•• كان - صلى الله عليه وسلم - يسكت بين كل تكبيرتين سكتة يسيرة ، ولم يُحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات ، ولكن ذُكر عن ابن مسعود أنه قال : يحمد الله ، ويثني عليه ، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
•• وكان إذا أتم التكبير أخذ في القراءة فقرأ فاتحة الكتاب ثم قرأ بِـ ( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) وَ (اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) . رواه مسلم 
وعند مسلم – أيضاً - عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ-- صلى الله عليه وسلم -- يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ: بِـ ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) وَ ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ).
•• رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن شهد العيد أن يجلس للخطبة ، أو أن يذهب .
روى أبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعِيدَ ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ قَالَ :" إِنَّا نَخْطُبُ ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ " .
•• خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناسَ ، ثم ذهب للنساء فوعظهن وذّكَّرهن .
وهو دليل مَن قال بأن للعيد خطبتين . قال ابن عثيمين : والأمر في هذا واسع .
•• كان - صلى الله عليه وسلم - إذا عاد من صلاته وخطبته - وكان ذلك في عيد الأضحى - ذَبح أضحيته تقرباً إلى الله تعالى . وكان لا يذبح إلا بعد صلاة العيد .
عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسلمين " . متفق عليه .
•• في المتفق عليه عن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ ، وَسَمَّى ، وَكبر . قَالَ: رَأَيْته واضعا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا وَيَقُولُ: " بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أكبر " .
•• السنة ترك التنفل قبل صلاة العيد وبعدها في المصلى . فإذا صلى بعدها في البيت، سواء كان إماماً أو مأموماً جاز.
بهذا يحصل الجمع بين حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم العيد فصلى ركعتين، لم يصل قبلهما ولا بعدهما . وحديث أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يصلي قبل العيد شيئاً، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين . والله أعلم .
•• من فاتته صلاة العيد مع الجماعة صلاَّها في البيت ركعتين .
جاء في صحيح البخاري: ( باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين وكذلك النساء ومن كان في البيوت والقرى ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " هذا عيدنا أهل الإسلام " . وأمر أنسُ بن مالك مولاهم ابنَ أبي عتبة بالزاوية فجمع أهله وبنيه وصلى كصلاة أهل المصر وتكبيرهم . وقال عكرمة : أهل السواد يجتمعون في العيد يصلون ركعتين كما يصنع الإمام . وقال عطاء : إذا فاته العيد صلى ركعتين ) .
وفقنا الله جميعاً للعمل الخالص الصواب
 

2015-09-23

روائع غزالية












صورة ‏قلم يكتب‏.
 
السعادة الحقيقية:
- (وأعظم الأشياء رتبة في حقِّ الآدمي السعادة الأبدية، وأفضل الأشياء ما هو وسيلة إليها، ولن يتوصل إليها إلا بالعلم والعمل، ولا يتوصل إلى العمل إلا بالعلم بكيفية العمل، فأصل السعادة في الدنيا والآخرة هو العلم فهو إذن أفضل الأعمال).
- (ما أبعدَ عن السَّعادة مَنْ باع مهمَّ نفسِهِ اللازم بمهمِّ غيره النادر، إيثاراً للتقرب والقبول من الخلق على التقرب من الله سبحانه).
- (قد أمر الله تعالى بالعدل والإحسان جميعاً، والعدل سبب النجاة فقط، وهو يجري من التجارة مجرى رأس المال، والإحسان سبب الفوز ونيل السعادة، وهو يجري من التجارة مجرى الربح ولا يعد من العقلاء من قنع في معاملات الدنيا برأس ماله فكذا في معاملات الآخرة فلا ينبغي للمتدين أن يقتصر على العدل واجتناب الظلم ويدع أبواب الإحسان وقد قال الله: وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ}، وقال عز و جل: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}، وقال سبحانه: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ}، ونعني بالإحسان فعل ما ينتفع به المعامل وهو غير واجب عليه ولكنه تفضل منه).
- (وقد أهمل الناسُ طبَّ القلوب، واشتغلوا بطب الأجساد، مع أن الأجساد قد كتب عليها الموت لا محالة، والقلوب لا تدرك السعادة إلا بسلامتها، إذ قال تعالى: { إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }).
وقال رحمه الله بعد أن ذكر قول ابن مسعود «الهالك في اثنتين القنوط والعجب»: (وإنما جمع بينهما؛ لأنَّ السَّعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمر، والقانط لا يسعى ولا يطلب، والمعجب يعتقد أنه قد سعد وقد ظفر بمراده فلا يسعى، فالموجود لا يطلب، والمحال لا يطلب، والسعادة موجودة في اعتقاد المعجب حاصلة له، ومستحيلة في اعتقاد القانط، فمن ههنا جمع بينهما).
- (فمفتاح السعادة: التيقظ والفطنة، ومنبع الشقاوة: الغرور والغفلة، فلا نعمة لله على عباده أعظم من الإيمان والمعرفة، ولا وسيلة إليه سوى انشراح الصدر بنور البصيرة، ولا نقمة أعظم من الكفر والمعصية، ولا داعي إليهما سوى عمى القلب بظلمة الجهالة).
- (اعلم أنَّ كلَّ خير ولذة وسعادة بل كل مطلوب ومؤثر فإنه يُسمى نعمة، ولكن النعمة بالحقيقة هي السعادة الأخروية، وتسمية ما سواها نعمة وسعادة إما غلط وأما مجاز، كتسمية السعادة الدنيوية التى لا تعين على الآخرة نعمة، فإن ذلك غلط محض، وقد يكون اسم النعمة للشيء صدقاً، ولكن يكون إطلاقه على السعادة الأخروية أصدق، فكل سبب يوصل إلى سعادة الآخرة ويعين عليها إما بوسطة واحدة أو بوسائط، فإنَّ تسميه نعمة صحيحة وصدق لأجل أنه يفضى إلى النعمة الحقيقية).
- (غاية السعادة أن يموت محبَّاً لله تعالى، وإنما تحصل المحبة بالمعرفة بإخراج حب الدنيا من القلب، حتى تصير الدنيا كلها كالسجن المانع من المحبوب، ولذلك رأى بعض الصالحين أبا سليمان الداراني في المنام وهو يطير، فسأله فقال: الآن أفلت. فلما أصبح سأل عن حاله، فقيل له: إنه مات البارحة).
- (قد انكشف لأرباب القلوب ببصيرة الإيمان وأنوار القرآن أن لا وصول إلى السعادة إلا بالعلم والعبادة، فالناس كلهم هلكى إلا العالمون، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم، فالعمل بغير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، وهو للنفاق كفاء، ومع العصيان سواء، والإخلاص من غير صدق وتحقيق هباء، وقد قال الله تعالى في كل عمل كان بإرادة غير الله مشوبَاً مغمورا، {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورَا}، وليت شعري كيف يصحح نيته مَنْ لا يعرف حقيقة النية، أو كيف يخلص من صحح النية إذا لم يعرف حقيقة الإخلاص، أو كيف تطالب المخلص نفسه بالصدق إذا لم يتحقق معناه، فالوظيفة الأولى على كل عبد أراد طاعة الله تعالى: أن يتعلم النية أولاً لتحصل المعرفة، ثم يصححها بالعمل، بعد فهم حقيقة الصدق والإخلاص اللذين هما وسيلتنا العبد إلى النجاة والخلاص).
- (لا سعادة في دار البقاء إلا في لقاء الله تعالى وإنَّ كلَّ محجوب عنه يشقى لا محالة محول بينه وبين ما يشتهي، محترق بنار الفراق ونار الجحيم، وعلم أنه لا مبعد عن لقاء الله إلا اتباع الشهوات والأنس بهذا العالم الفاني، والإكباب على حب ما لا بد من فراقه قطعاً ولا مقرب من لقاء الله إلا قطع علاقة القلب عن زخرف هذا العالم، والإقبال بالكلية على الله طلباً للأنس به بدوام ذكره، وللمحبة له بمعرفة جلاله وجماله على قدر طاقته، وأنَّ الذنوب التي هي إعراض عن الله واتباع لمحاب الشياطين أعداء الله المبعدين عن حضرته سبب كونه محجوباً مبعداً عن الله تعالى، فلا يشك في أنَّ الانصرافَ عن طريق البُعْد واجب للوصول إلى القُرْب، وإنما يتم الانصراف: بالعلم والندم والعزم، فإنه ما لم يعلم أنَّ الذنوب أسباب البعد عن المحبوب، لم يندم ولم يتوجع بسبب سلوكه في طريق البعد، وما لم يتوجع فلا يرجع، ومعنى الرجوع الترك والعزم، فلا يشك في أنَّ المعاني الثلاثة ضرورية في الوصول إلى المحبوب، وهكذا يكون الإيمان الحاصل عن نور البصيرة، وأما من لم يترشح لمثل هذا المقام، المرتفع ذروته عن حدود أكثر الخلق، ففي التقليد والاتباع له مجال رحب، يتوصل به إلى النجاة من الهلاك، فليلاحظ فيه قول الله وقول رسوله وقول السلف الصالحين فقد قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وهذا أمر على العموم وقال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحَا} الآية، ومعنى النصوح: الخالص لله تعالى خالياً عن الشوائب).

فضل قراءة القرآن

صورة ‏قلم يكتب‏.
  
من أعظم ما يتقرب به العبد وخاصة في مثل هذا الشهر العظيم هو تلاوة القرآن ..فلا ريب أنّ تلاوة القرآن من صفات المؤمنين الصادقين، ومن أكثر ما يسهم في التعرض لرحمات الله ونفحاته، .. فالله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتلاوة ما أُنزل إليه فقال : { ورتّل القرآن ترتيلاً } قال الحسن " اقرأه قراءةً بينةً\" ..وقال تعالى –مادحاً من قام بهذا العمل- :{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} .. وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ : رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ : لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ ، وَمَثلُ المُنَافِقِ الَّذِي يقرأ القرآنَ كَمَثلِ الرَّيحانَةِ : ريحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثلِ الحَنْظَلَةِ : لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ...
وللتلاوة ثمار عديدة منها : أن فيها نجاةً من مثل السوء الذي ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم:فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « إنَّ الَّذِي لَيْسَ في جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ القُرْآنِ كَالبَيْتِ الخَرِبِ » ومن الثمار أن المكثر من تلاوة القرآن يُحسد غبطة على هذه النعمة :قال صلى الله عليه وسلم : (( لاَ حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاء اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً ، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ )) ..وتلاوته سبب للرفعة في الدنيا والآخرة : قال صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أقْوَاماً وَيَضَعُ بِهِ آخرِينَ ))
وتلاوة القرآن بركة في الأولى والآخرة :عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت : يا رسول الله أوصني . قال :«عليك بتقوى الله ؛ فإنه رأس الأمرِ كلِّه» . قلت : يا رسول الله زدني . قال :«عليك بتلاوة القرآن ؛ فإنه نور لك في الأرض ، وذخر لك في السماء » وقال ابن عباس رضي الله عنهما ‏‎" ضمن الله لمن اتبع القرآن ألا يضل في الدنيا ولا يشقي في الآخرة ثم تلا : فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}
...وبتلاوة القرآن يحقق الله لك أربعة أمور :
قال صلى الله عليه وسلم :«ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده» رواه مسلم .
وما أعظم أن يذكرك الله فيمن عنده! ولذا ثبت في الصحيحين أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما قال لأبي بن كعب :«إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ» . قَالَ أبيٌّ : آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ ؟ قَالَ :«اللَّهُ سَمَّاكَ لِي»
قَالَ فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي..

ومن الثمار أن كل حرف من القرآن يُقرأ بعشر حسنات : قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : « مَنْ قَرَأ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا ، لاَ أقول : {ألم} حَرفٌ ، وَلكِنْ : ألِفٌ حَرْفٌ ، وَلاَمٌ حَرْفٌ ، وَمِيمٌ حَرْفٌ» رواه الترمذي ..
والتالون للكتاب أهل الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ» . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ ؟ قَالَ :«هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ»..
وبها تُنال شفاعة القرآن :قال صلى الله عليه وسلم : «اقْرَؤُوا القُرْآنَ ؛ فَإنَّهُ يَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ» ..
والتلاوة تورث الدرجات العالية في جنة المأوى :عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ : « يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا ، فَإنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آية تَقْرَؤُهَا »

2015-09-19

حكم التكبير في عشر ذي الحجة وأيام التشريق والأعمال الفاضلة في العشر



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد.
في هذا المبحث ثلاث مسائل وخاتمة في فضل العشر والأعمال الصالحة فيها :
الأولى: هل يشرع التكبير المطلق ( أي غير مقيد بأدبار الصلوات الخمس ) والجهر به في عشر ذي الحجة؟
فيه خلاف بين العلماء.
القول الأول: مشروعية التكبير المطلق والجهر به في العشر.
وهو قول كثير من الفقهاء.
والقول الآخر: أنه لا يشرع تخصيص العشر بعبادة التكبير والجهر به.
وهو قول الحكم بن عُتَيْبَة الكوفي (تـ113هـ)، وحماد بن أبي سليمان الكوفي (تـ120هـ)، وكلاهما من كبار علماء وفقهاء الكوفة، وهما من طبقة صغار التابعين، قال سفيان بن عيينة :"ما كان بالكوفة مثل الحكم وحماد بن أبي سليمان" (سير أعلام النبلاء 5/511).
قال ابن أبي شيبة في مصنفه ( 13921) : حدثنا عبدالرحمن بن مهدي عن شعبة قال:"سَأَلْتُ الْحَكَمَ، وَحَمَّادًا، عَنْ التَّكْبِيرِ أَيَّامَ الْعَشْرِ فَقَالَا :مُحْدَثٌ" وهذا إسناد في غاية الصحة عنهما.
وتعليل هذا القول هو عدم ثبوت التكبير المطلق عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا من قوله ولا من فعله، وعدم ثبوته أيضاً عن الصحابة رضي الله عنهم، والتكبير والجهر به من الشعائر الظاهرة، فلو ثبت في السنة لنقل إلينا بالأدلة الصحيحة الصريحة، والأصل في العبادات المنع إلا ما ثبت بالدليل من الكتاب أو السنة، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
أما أدلة الجمهور فهي:
حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: " مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ؛ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَ التَّحْمِيدِ".
والاستدلال به محل نظر لأمرين:
الأول: ضعفه بهذه الزيادة؛ فقد أخرجه أحمد وفي إسناده يزيد بن أبي زياد ولا يحتج بحديثه، قال عنه ابن حجر في التقريب:"ضعيف، كبر فتغير، وصار يتلقن، وكان شيعياً"اهـ. وللحديث شواهد لكنها لا تنهض لتقويته.
ومن أهل العلم من قواه بالشواهد؛ قال ابن حجر في الأمالي المطلقة (ص14) :"هذا حديث حسن".
الأمر الثاني: أنه لو سُلم بثبوته فإنه لا يدل على الجهر بالتكبير، وإنما غايته الحث على الذكر، ومنه التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد. والله تعالى أعلم.
الدليل الثاني: أثر أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم في التكبير أيام العشر ونصه:" كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما" أخرجه البخاري تعليقا بصيغة الجزم، وقال ابن حجر في الفتح (2/458) :"لم أره موصولاً عنهما".
وأخرجه موصولاً الفاكهي في أخبار مكة (1704) فقال:" حدثني إبراهيم بن يعقوب، عن عفان بن مسلم، قال: ثنا سلاَّم بن سليمان أبو المنذر القارئ، قال: ثنا حميدٌ الأعرج، عن مجاهد، قال:" كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَخْرُجَانِ أَيَّامَ الْعَشْرِ إِلَى السُّوقِ، فَيُكَبِّرَانِ، فَيُكَبِّرُ النَّاسُ مَعَهُمَا، لَا يَأْتِيَانِ السُّوقَ إِلَّا لِذَلِكَ".
وقال ابن رجب في فتح الباري (9/ص8) :"وأما ما ذكره البخاري عن ابن عمر وأبي هريرة، فهو من رواية سلام أبي المنذر، عن حميد الأعرج، عن مجاهد، أن ابن عمر وأبا هريرة كانا يخرجان في العشر إلى السوق يكبران، لا يخرجان إلاّ لذلك. خرجه أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في (كتاب الشافي) وأبو بكر المروزي القاضي في (كتاب العيدين). ورواه عفان: نا سلام أبو المنذر - فذكره، ولفظه: كان أبو هريرة وابن عمر يأتيان السوق أيام العشر، فيكبران، ويكبر الناس معهما، ولا يأتيان لشيء إلا لذلك"اهـ.
فمدار الأثر على سلاَّم أبو المنذر، وقد اختلف في الاحتجاج به، وخلاصة القول فيه ما ذكره ابن حجر في التقريب:"صدوق يهم" ومن كانت هذه حاله، فإنه لا يقبل تفرده، خصوصاً في إثبات شعيرة ظاهره في الإسلام، وعليه فإن الأثر ضعيف لا يحتج به، وهذا ما يظهر من صنيع البغوي؛ فقد أورد الأثر في شرح السنة (4/301) معلقاً بصيغة التمريض "روي".
الدليل الثالث: الاحتجاج بأقوال بعض التابعين.
قال ابن رجب في فتح الباري (9/8-9) :"وروى جعفر الفريابي، من رواية يزيد بن أبي زياد، قال: رأيت سعيد بن جبير وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومجاهدا - أو اثنين من هؤلاء الثلاثة - ومن رأينا من فقهاء الناس يقولون في أيام العشر: (الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد).
وروى المروزي، عن ميمون بن مهران، قال: أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها، ويقول: إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير. وهو مذهب أحمد، ونص على أنه يجهر به"اهـ.
والاستدلال بما ذكر من أقوال التابعين غير مسلم للآتي:
الأول: ضعف الإسناد؛ فيزيد بن أبي زياد لا يحتج به إذا تفرد كما سبق، ولا يقال بأنها أقوال تابعين فلا يتشدد في ثبوتها كالحديث؛ لأنها وإن كانت من أقوال التابعين إلا أنها ذكرت في معرض الاحتجاج في إثبات حكم شرعي.
الثاني: لو سلمنا بثبوته فإن قول التابعي ليس بحجة باتفاق العلماء، ثم إن من التابعين من يرى أن تخصيص العشر بالتكبير بدعة كما سبق.
الثالث: ما نقله ميمون بن مهران (تـ117هـ) رحمه الله لم ينسبه إلى الصحابة رضي الله عنهم، وإنما قال: أدركت الناس، وهذا ليس بحجة في إثبات الأحكام الشرعية بالاتفاق.
وعليه فإن القول بعدم مشروعية تخصيص عشر ذي الحجة بعبادة التكبير المطلق والجهر به هو الأقرب إلى الرجحان، ويستثنى من ذلك يوم عرفة وما بعده كما سيأتي إن شاء الله.
المسألة الثانية: التكبير المطلق والمقيد من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق ثابت عن الصحابة. (آخر أيام التشريق هو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة).
قال ابن تيمية :"أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة: أن يكبر من فجر عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة.." ( مجموع الفتاوى 24/20).
وقال ابن حجر :"و أصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود: إنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى. أخرجه ابن المنذر وغيره والله أعلم" ( الفتح 2/536) .
ومما ثبت فيه من الأدلة:
1. عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك رضي الله عنه وهما غاديان من منى إلى عرفة:" كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِى هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: كَانَ يُهِلُّ مِنَّا الْمُهِلُّ، فَلاَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ مِنَّا الْمُكَبِّرُ، فَلاَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ"متفق عليه.
2. وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال:" غَدَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ، مِنَّا الْمُلَبِّى، وَمِنَّا الْمُكَبِّرُ" أخرجه مسلم.
3. وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما:" يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي فُسْطَاطِهِ، وَمَجْلِسِهِ، وَمَمْشَاهُ، تِلْكَ الأَيَّامَ جَمِيعًا" أخرجه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم، ووصله الفاكهي في أخبار مكة، وابن المنذر في الأوسط، بسند جيد.
4. وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما:"أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَدَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ، يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ، حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى، ثُمَّ يُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْإِمَامُ" أخرجه الدارقطني بسند صحيح.
5. وعن شقيق بن سلمة رحمه الله قال :" كان علي رضي الله عنه يكبر بعد صلاة الفجر غداة عرفة، ثم لا يقطع حتى يصلي الإمام من آخر أيام التشريق، ثم يكبر بعد العصر" أخرجه ابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي من طرق عن علي رضي الله عنه، وصححه النووي وابن حجر، وثبت مثله عن ابن عباس رضي الله عنهما كما سيأتي إن شاء الله في صفة التكبير.
المسألة الثالثة: صفة التكبير : ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم أكثر من صيغة:
1. قال ابن حجر في فتح الباري (2/462) :"وَأَمَّا صِيغَةُ التَّكْبِيرِ؛ فَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِيهِ، مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ:" كَبِّرُوا اللَّهَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا"
2. أثر ابن مسعود رضي الله عنه :"أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ" أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح.
3. وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما :"أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلاَةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، لاَ يُكَبِّرُ فِي الْمَغْرِبِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ" أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح.
الخاتمة في فضل العشر والأعمال الصالحة فيه:
ثبت في فضل أيام العشر حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"مَا الْعَمَلُ فِى أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَمَلِ فِى هَذِهِ. قَالُوا: وَلاَ الْجِهَادُ؟ قَالَ: وَلاَ الْجِهَادُ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَىْءٍ" أخرجه البخاري، وأخرجه أبو داود بلفظ :"مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ، يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ".
قال ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى (5/342) :" وَاسْتِيعَابُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِالْعِبَادَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا أَفْضَلُ مِنْ جِهَادٍ لَمْ يَذْهَبْ فِيهِ نَفْسُهُ وَمَالُهُ "
فحري بالمؤمن أن يغتنم هذا الفضل العظيم بالإكثار من الأعمال الصالحة بأنواعها، و مما ورد من أنواع العبادة مختصاً بهذه الأيام:
@ الحج : فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ" متفق عليه.
@ الأضحية يوم العيد : فعن أنس رضي الله عنه قال:"ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا " متفق عليه . ( الصفحة هي جانب العنق ).
والسنة أن يشهد المضحي أضحيته، وأن يباشرها بنفسه، وأن يأكل منها شيئاً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
وإن وكَّل غيره كالجمعيات والهيئات الخيرية جاز، ولو كانت خارج البلاد، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بيده ثلاثاً وستين من هديه في الحج، ووكَّل علياً رضي الله عنه في البقية، وثبت في الصحيحين من حديث عائشة أنه أرسل هديه لتنحر بمكة وهو مقيم بالمدينة، وهذا كله يؤكد جواز التوكيل وذبحها وهو بعيد عنها.
وإن باشر أضحيته بنفسه، ووكل في أضحيةٍ أخرى في البلدان المحتاجة، فهو جمع طيب، ويرجى له الأجران.
ولتفصيل أحكام الأضحية ورقة أخرى بإذن الله.
@ صوم يوم عرفة لغير الحاج: فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ" أخرجه مسلم. فكيف يفرط المؤمن بهذا الأجر العظيم.
@ ذكر الله تعالى: وأعظم الذكر الصلوات المفروضة، فيحافظ عليها المؤمن بخشوعها جماعة في المساجد، وتليها النوافل كالسنن الرواتب والوتر وقيام الليل وصلاة الضحى.
ومن الذكر أن يكون لسان المؤمن رطباً من ذكر الله على كل حينه بالاستغفار والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير وقراءة القرآن ومجالس الذكر ونشر العلم والدعوة إلى الله تعالى، والنصوص في هذا كثيرة جداً، وأورد شيئاً قليلاً منها:
قال الله تعالى:"فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ" (البقرة152) وقال تعالى:"وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (الأنفال45).
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِئَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ" متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِى الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ" متفق عليه.
وعن سَمرةَ بنِ جُنْدَب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَحَبُّ الْكَلاَمِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ يَضُرُّكَ بَأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ" أخرجه مسلم.
@ بقية الأعمال الصالحة: كصلة الرحم والصدقة وإطعام الطعام والجهاد في سبيل الله والدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإغاثة المحتاجين والإحسان في القول والعمل.
وبالله التوفيق والحمد لله رب العالمين.
 

مديرون لا مدراء

صورة ‏قلم يكتب‏.
مديرون لا مدراء :
شاعَ في وسائل الإعلام المختلِفة (مقروءةً، ومسموعةً، ومرئيَّةً) استعمالُ كلمة "مُدَراء" جمعًا لمدير؛ فيقال مثلاً: "كثيرٌ من المُدَراء لا يَقبلون النَّقد"، و"كثيرٌ من المُدَراء غيرُ جديرين بالإدارة"؛ فهل هذا الاستعمال سائغٌ في العربيَّة، مبنيٌّ على قياسٍ صحيح، أو سماع ثابت؟
كلمةُ "مُدِيْر" اسم فاعل من الفعل الرُّباعي "أدار" بوزن: أفْعَلَ [من الجذر: دور]، يقال: أدارَ يُديرُ فهو: مُدِير؛ فوزنُ كلمة "مُدِير" مُفْعِل، أصلها: مُدْوِر، ثم صارت بعد الإعلال: "مُدِيْر" . وهذا يعني أن الميمَ في أوَّل الكلمة زائدةٌ.
وقد قرَّر الصرفيُّون: أنَّ الوصفَ المبدوءَ بميم زائدة – أي: على وزن "مُفْعِل"، أو "مُفْعَل"، أو "مَفْعُول"، أو "مُفَعِّل"، ونحوها – إذا كان للعـاقل= فإنـه لا يُجمَع جمعَ تكسير، بل يُجمعُ جمعَ سلامة: بالواو والنُّون، والياء والنُّون، إلا ما شذَّ، وهي ألفاظٌ قليلةٌ محفوظةٌ أوردها علماءُ العربيَّة في كتبهم.
فالقياسُ في جمع "مُدير" : مُديرون في حالة الرَّفع، ومُديرين في حالتَي النَّصب والخَفْض.
ولم يُسمَع "مُدَراء" جمعًا لمُدير في كلامٍ فصيح؛ ليُلحَقَ بما شذَّ من الجُموع المسموعة.
أما سببُ الوهم والخطأ في جمع"مُدير" على "مُدَراء" فهو الظَّنُّ بأنَّ "مُدير" على وزن: "فَعيل" - مع أن ميمَه مضمومة - [من الجذر: مدر] وجمعَه على وزن "فُعَلاء"، مثل: حَكيم وحُكَماء، وكَريم وكُرَماء، ونحوها، وهو ظنٌّ فاسدٌ ساقطٌ؛ لِـما تقدَّم.
ويَصِحُّ أن يكونَ لفظ "مُدَراء" جمعَ تكسيرٍ لاسم الفاعل "مادِر"، من الفعل الثُّلاثي "مَدَرَ" يقال: مَدَرَ الرجلُ الجِدارَ يَمدُرُه مَدْرًا: إذا سَدَّ خِلالَ حِجارَتِه بالـمَدَر، وهو الطِّينُ اللَّزِجُ المُتَماسِك. وعليه فالمُدراءُ: هم المُطَيِّنون للجُدُر وغيرها، وشَتَّانَ ما بينَ المُطَيِّنينَ المُدَراء والمسؤولينَ المُديرين.
هذا وقد ذهب إلى تخطِئة "مُدَراء" جمعًا لمدير: جمٌّ غفيرٌ من اللُّغَويِّين العصريِّين الذين كتبوا في لحن العامَّة والأخطاء الشَّائعة، منهم:
1- د. محمد تقيُّ الدِّين الهِلالي في "تقويم اللِّسانَين" ص122.
2- د. أحمد مختار عمر في "العربيَّة الصَّحيحة" ص207.
3- محمد العَدناني في "معجم الأخطاء الشَّائعة" ص93 رقم (346).
4- د. عبدالعزيز مطر في "أحاديث إذاعيَّة في الأخطاء الشَّائعة" ص7.
5- إدريس بن الحسن العَلَمي في "في اللغة" ص132.
6- خالد قوطرَش وعبداللَّطيف أرناؤوط في "الأخطاء السَّائرة" ص75.
7- د. إميل بديع يعقوب في "معجم الخطأ والصَّواب" ص304.
8- د. محمد المفدَّى ود. سيِّد أبي الحطب ود. محمد سعادة في "ما تلحن فيه الصُّحف" ص195.
9- قاسم العامر في"قل ولا تقل" ص50.
10- مروان البوَّاب وإسماعيل مَرْوَة في "دليل الأخطاء الشَّائعة في الكتابة والنُّطق" ص31.
ولا يفوتُني التنبيهُ على أن كلمة "مُدَراء" جمعًا لمدير، لم تَرد في أيِّ معجم لغويًّ مُعتَمَد، وإنما تفرَّد بذكرها – فيما أعلم- معجم "المُنجِد"؛ فذكر أن ((جمعَ مُدير: مُدَراء ومُديرون))، وهذا منه صنيعٌ غيرُ مَرضِيٍّ، وإيرادُ "المُنجِد" لـ مُدَراء لا ينقُل الكلمةَ من الخطأ إلى الصَّواب، بل تبقى خطأً مَحضًا مردودًا.

ومعجم "المنجِد" ألَّفه الأبُ لويس المعلوف اليَسوعي، وهو على حُسن تنظيمه تُؤخَذ عليه أمورٌ كثيرة تَهُزُّ الثِّقةَ به هزًّا، وكان كتبَ قديمًا أستاذُ أساتيذ العربيَّة سعيد الأفغاني- يومَ كان رئيسًا لقسم اللُّغة العربيَّة بجامعة دمشق- تقريرًا في التَّحذير من "المنجِد"، بعنوان: "أضرارُ المنجِد والمنجِد الأبجَدي".
وعقدَ الدُّكتور مازن المبارك فصلاً في كتابه: "نحو وعي لغويٍّ" بعُنوان: وقفة عند المنجِد.
وأثبتَ الأستاذ يسري عبدالغني عبدالله فصلاً في كتابه: "معجم المعاجم العربيَّة" بعنوان: المنجِد يريد من يُنجِدُه.
وحبَّر علامة العراق مصطفى جواد مقالات في مجلَّة "لغة العرب" بعنوان: المنجِد وما فيه من الأوهام. [عن كتاب: "في التُّراث اللُّغوي" الذي ضمَّ مقالات مصطفى جواد. تحقيق: د.محمد عبدالمطَّلب البكَّاء].
وكتبَ الأستاذ عبدالستَّار فَرَّاج مقالاً في مجلَّة "العربي" بعنوان: المنجِد معجم في اللغة نقدٌ لا مفَرَّ منه.
ونشرَ الأستاذ مصطفى الشِّهابي مقالاً في مجلَّة المجمع العلميِّ العربيِّ بدمشق بعنوان: نظرةٌ في المنجِد.
وأنشأَ الأستاذ منير العِمادي مجموعةَ مقالات بيَّن فيها أغلاطَ "المنجِد" ومؤلِّفه لويس المعلوف، نُشرت في مجلَّة المعرفة الدمشقيَّة، وفي مجلَّة المجمع العلميِّ العربيِّ بدمشق.
وألَّّّّف الأستاذ إبراهيم القطَّان كتابًا في نقده أسماه: "عثراتُ المنجِد في الأدب والعلوم والأعلام".
وصنَّف في نقده أيضًا الدُّكتور أحمد طه حَسانين سُلطان كتـابًا بعنوان: "المنجِد للمعلوف في ميزان النَّقد اللُّغوي".
ونقدَه الأستاذ عبدالله كنُّون في مجلَّة اللِّسان العربيِّ، التي يُصدرها المكتبُ الدَّائم لتنسيق التَّعريب في الرِّباط.
ونبَّه على كثرة ما يؤخَذ على "المنجِد" الأستاذ الدُّكتور حسين نصَّار في كتابه: "المعجم العربي".
وأبانَ الدُّكتور إبراهيم عَوَض ما شابَ "المنجِد" من عصبيَّة نصرانيَّة في كتابه: "النَّـزعة النَّصرانيَّة في قاموس المنجِد".
أقول أخيرًا: حتى المعجماتُ الحديثةُ المتساهلةُ خَلَت من ذكر "مُدَراء"، وأهمُّ هذه المعجمات: "المعجم الوسيط" الصَّادر عن مجمع اللُّغة العربيَّة بالقاهرة، و"المعجم العربيُّ الأساسيُّ" الصَّادر عن المنظمة العربيَّة للتَّربية والثَّقافة والعلوم، و"المعجم المدرسيُّ" الصَّادر عن وِزارة التَّربية في الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة.
أمَّا إيرادُ بعض المعجمات اللُّبنانيَّة المتأخِّرة لـ مُدَراء جمعًا لمدير؛ فلا يُلتَفَت إليه، ولا يُعبَـأ به؛ لأنَّه متابعةٌ للمُنجِد، ونسجٌ على نَوْلِه، ومن هذه المعجمات:
1- "الأداء القاموس العربيُّ الشَّامل" تأليف: أمل عبدالعزيز محمود.
2- "الأسيل القاموس العربيُّ الوسيط".
3- "أبجد القاموس العربيُّ الصَّغير", وهذه المعجمات الثَّلاثة صدرت عن دار الرَّاتب الجامعيَّة ببيروت، سنة 1997م
4- "رائد الطُّلاب" تأليف: جُبران مسعود ، صدرت طبعته الخامـسة عن دار العلم للملايين ببيروت ، سنة 1998م.
5- "القاموس المدرسيُّ" تأليف: د.فايز محمَّد ، صدر عن دار الشَّمال ببيروت،سنة 1999م.
6- "مجاني الطُّلاب" صدرت طبعته الخامسة عن دار المجاني ببيروت، سنة 2001 م.
7- "المنجد الوسيط في العربيَّة المعاصرة" صدر عن دار المشرق ببيروت، سنة 2003 م ، بإشراف: صبحي حموي، تحرير: أنطوان نعمة، وعصام مُدوَّر، ولويس عجيل، ومتري شمَّاس، مراجعة: مأمون الحموي، وأنطوان غزال، وريمون حرفوش.
ولم تسلك المعجماتُ الخمسة الأُولى جادةَ "المنجِد" بذكر الجَمعَين: "مدراء ومديرون"، بل اقتصرت على ذكر مُدَراء جمعًا لمدير، اكتفاءً بالخطأ واستغناءً به عن الصَّواب، فزادت الطِّينَ بِلَّةً والخَرقَ اتِّساعًا.
وبعدُ، ففيما تقدَّم بيانٌ واضحٌ جليٌّ يقطع بخطأ "مُدَراء" جمعًا لمدير، وبأنها لا وجهَ لها في العربيَّة البتَّة، وأن الصَّوابَ الصُّراح في جمع مُدير هو: مُديرونَ ومُديرينَ. وما على الكَتَبَة والإعلاميِّين إلا أن يبرِّئوا أقلامَهم وأفواهَهم ممَّا تسلَّل إليها من ألوان اللَّحن والخطأ، وأن يَلزَموا جادَّة الفُصحى، ويَحرِصوا على الصَّواب ما وَسِعَهم ذلك، أداءً لأمانة الكلمة، وإسهامًا منهم في ارتقاءِ لغة العامَّة والخاصَّة.

ما هو التعثر الدراسي ؟ أسبابه و علاجه ؟


إن ظاهرة التعثر الدراسي ظاهرة قديمة قدم التعليم نفسه و قد ظلت محط اهتمام العديد من الباحثين، فمنهم من اعتبر التعثر الدراسي و الضعف العقلي أمرا واحدا، و منهم من ربط تعريف التعثر الدراسي بعامل الذكاء، كما أن التعثر الدراسي يختلط في أذهان الكثيرين بمفاهيم أخرى كالتسرب الدراسي و الهدر المدرسي. و من المعروف سلفا مدى أثر هـذه الظاهرة على مردودية التعليم و على مسيرة التنمية البشرية عموما حيث أن التعليم الناجح هو أساس كل تنمية بشرية مستدامة. كما لا يخفى على أحد الأثر الاقتصادي للظاهرة حيث أن الدولة تنفق على التلميذ المتخلف دراسيا أموالا طائلة؛ ففي المغرب مثلا، مازال كثير من الأطفال يغادرون المدرسة دون مؤهلات حيث غادر الدراسة الابتدائية حسب آخر الاحصائيات الرسمية ما مجموعه 216176 بينها ما يناهز 114674 من الإناث ، في حين وصل معدل الهدر المدرسي 5.6 % و بنسبة 6.8% من الإناث. و تبقى ظاهرة التكرار التي تغذي صفوف المقطعين عن الدراسة، مصير قرابة كل تلميذ من أصل خمسة في المغرب. ومن هذا المنطلق يتبين أن علاج هذه الظاهرة يعتبر خطوة أساسية لكي يتمكن المجتمع من شق طريقه نحو التقدم المنشود. و يعتبر هذا البحث مساهمة بسيطة لفهم هذه الظاهرة و معرفة أسبابها كخطوة أساسية لتقديم حلول موضوعية لها، مستعينا في ذلك بالدراسات السابقة في الموضوع على المستوى الوطني و الدولي و بتجربتي في التدريس خصوصا و أن هذه الظاهرة أكثر استفحالا في الوسط القروي.
لدراسة ظاهرة التعثر الدراسي، سنتبع الخطة التالية:
1 – نحو تعريف ظاهرة التعثر الدراسي.
1-1 تعريف الضعف العقلي.
2-1 تعريف التسرب الدراسي.
3-1 تعريف ظاهرة التعثر الدراسي.
2 – دراسة ظــاهــرة التعثر الدراســي.
1-2 أسباب الظاهرة.
2-2 عـــــــلاجــــها.
1 – نحو تعريف ظاهرة التعثر الدراسي.
لتعريف ظاهرة التعثر الدراسي لابد من تعريف بعض الظواهر المرتبطة بها:
أ- مفهوم الضعف العقلي
يعتبر الضعف العقلي من بين أهم أسباب التعثر الدراسي و قد اختلف مفهوم الضعف العقلي باختلاف اتجاه الباحثين و باختلاف الزوايا التي نظروا منها لهذه الظاهرة؛ و فيما يلي نتطرق لأهم الاتجاهات المعروفة:
اتجاه نسبة الذكاء (1)
يحدد هذا الاتجاه الضعف العقلي في نسبة الذكاء التي تتراوح بين 0 و 90 درجة و تعتبر الاختبارات العـقـلية أهم وسيلة – حسب الاتجاه – في تحديد و تشخيص الضعف العقلي.
اتجــاه الــنــمــو (2)
ضعيف العقل حسب هذا الاتجاه هو من توقف نموه العقلي في ســن الرشد ما بين ثمان سنوات و عشر سنوات كحد أقصى.
اتــجــاه الــتــكـيف (3)
يذهب هذا الاتجاه إلى أن ضعيف العقل هو الفرد غير القادر على التكيف مع البيئة التي يتفاعل معها باستمرار.
اتجــاه الـتـربـيـة (4)
حسب هذا الاتجاه فإن ضعاف العقول هم أولئك التلاميذ الذين لا يستجيبون بشكل أو بآخر استجابات صحيحة و إيجابية للمنهج الدراسي القائم.
ب- مفهوم التسرب الدراسي
التسرب هو الانقطاع النهائي عن المدرسة لسبب من الأسباب قبل نهاية السنة الأخيرة من المرحلة التعليمية التي سجل فيها التلميذ، و إذا أخدنا بعين الاعتبار بنية التعليم في أغلب الدول العربية، فإن التسرب في المرحلة الابتدائية مثلا هو انقطاع التلميذ عن الدراسة قبل إتمام السنوات الست للتعليم الابتدائي.
و يختلف التسرب عن التعثر الدراسي في كون التلميذ المتسرب قد انقطع نهائيا عن الدراسة في حين أن المتعثر دراسيا مازال يتابع دراسته. و تكمن العلاقة بين التسرب و التعثر الدراسيين في كون الأول يأتي نتيجة للثاني.

كيف تجعل طفلك يطيعك



رغم ما يتميز به الأطفال من براءة وطيبة في غالب الأحيان، إلا أن ذلك ليس مبررا لاعتبارهم أغبياء وسذجا، بل هم أذكياء دقيقو الملاحظة ويعرفون جيدا ما يفعلون وما يريدون. فبراءة الأطفال عبارة تتكرر على مسامعنا بين الفينة و الأخرى لكنها لا تعني السذاجة و الغباء فربما يتفوق الأطفال علينا بحيل قد لا تخطر لنا على بال. لهذا وبعيدا عن الصراخ و لكي لا ندخل معهم في صراعات من أجل تنفيذ أوامرنا، أو إن صح القول توجيهاتنا، التي نهدف من وراءها ضمان تربية و تنشئة سليمة لهم، حيث ينبغي لنا توخي الدقة و الحكمة وحسن التفكير من أجل تحقيق هذا الهدف. فما هي الوسائل و الطرق والنصائح وربما الحيل التي علينا التسلح بها لمواجهة أولئك الأذكياء الصغار ؟
1 – الصرامة :
يميل الأطفال غالبا إلى التمرد على القواعد ومحاولة الإفلات من العقاب، ولهذا تبقى الصرامة مطلوبة إلى حد ما لكي لا يشعر أطفالكم أنكم ضعفاء لن تقوموا بأي رد فعل إذا ما خالف أطفالكم القواعد التي تضعونها، واحرصوا على إخبارهم بدقة عما هو متوقع ومطلوب منهم لتكون النتيجة مكافأة في حالة احترام التوجيهات والإرشادات، أو العقاب في حالة المخالفة. من الضروري كذلك الثبات على المبدأ فلا تعاقبوا الطفل على مخالفة أوشيء خاطئ ارتكبه في يوم وتتجاهلوه في يوم آخر.
2 – القدوة :
وفقا لدراسة تمت من طرف ToddlerABC.com “ يتأثر الأطفال منذ صغرهم تأثرا كبيرا بآبائهم و أمهاتهم نظرا لما يتمتعون به من قدرة على التقاط سلوك الكبار و مواقفهم ” و لهذا فالاقتداء يبقى من أفضل الطرق لتعليم الأطفال الطاعة. لا تقوموا بخرق القواعد حتى لا تعطوا أطفالكم نموذجا سيئا؛ فمن التناقض – مثلا – أن نرتدي أحذيتنا على السجاد ونطلب من أطفالنا عدم فعل ذلك .
3 – المتابعة :
كما سبق الذكر، فإن الأطفال يسعون دائما للإفلات من العقاب، لهذا يجب عليكم وضع عقوبات واضحة ومتدرجة في الصرامة تلجؤون إليها كلما كسر الطفل القواعد المتفق عليها، و هذا يستلزم بالضرورة الحاجة إلى المتابعة، فالعقوبات ليست تكتيكات مخيفة بل تعلم الأطفال أنه في حالة تصرف خاطئ أو مخالفة عليهم تحمل عواقب أفعالهم. فإذا هددتم بالمعاقبة فإنه يتعين عليكم تنفيذ ذلك التهديد، مثلا ابدؤوا أولا بالحرمان من مواصلة الطفل للهو أو اعملوا على حرمانه من بعض الامتيازات مثل مشاهدة التلفاز لمدة يوم …
4 – التشجيع :
وسيلة أخرى من أجل تعويد أطفالكم على الطاعة وحسن الاستماع هي تشجيعه، فكما أن العقاب له وقته فكذلك عندما يمتثل طفلكم لكم ويتصرف بشكل لائق تجب الإشارة إلى سلوكه الجيد و الوقوف عنده، ليحس أنكم مهتمون به وتقدرون تصرفاته السليمة. أخبروه أنكم فخورون به لتصرفه بشكل جيد، فالأطفال مثل النباتات عندما نغذيهم ونهتم بهم يزدهرون بشكل جيد.


5- منح مكافآت :
تدخل في إطار التشجيع وهي واحدة من أفضل طرق تعليم الطاعة للطفل، فمنحه مكافآت يكون ضروريا عندما يبلي بلاء حسنا، فـقطعة حلوى أو لعبة جديدة أو بعض من المكافآت الصغيرة ستعمل على تحفيزه لطاعتك لاسيما مع الأطفال الصغار، لكن لا تكرروا ذلك أكثر من اللازم لكي لا يتحول إلى عادة سيئة يعتبرها الطفل كمقابل لما يقوم به .
6 – الهدوء :
ابقوا هادئين ومسيطرين على أنفسكم و وبرودة أعصابكم فإن اكتشف الأطفال أنه يمكنهم إغضابكم بسهولة، فهم من سيفوز حتما. وإذا كان لابد من التنفيس عن الغضب فيجب أن يكون ذلك بعيداً عن مرأى ومسمع الأطفال. لهذا لا تصرخوا في وجه أطفالكم إطلاقا وعوضا عن ذلك ينبغي التحدث إليهم بصوت عاد مستعملين كلمات بسيطة يمكنهم فهمها مثل قولكم لهم : إذا عملتم على تنظيف الدمى الخاصة بكم سوف أقرأ لكم قصة .
7- الوقت و الاهتمام :
أبلغوا أطفالكم – كل يوم – بأنكم تحبونهم واحرصوا على تخصيص وقت للعب و الحوار مع أطفالكم. اقتطعوا من يومكم وقتا للحديث واللعب، اسألوا أطفالكم عن وجهات نظرهم واستمعوا لهم باهتمام ليكون لكم بالمقابل أطفال يحترمون مواقفكم ويستمعون لإرشاداتكم.
8 – عبارات منتقاة بعناية :
تجنبوا الإفراط في استعمال كلمات قد تتكرر أكثر من اللازم لدرجة تجعلها تفقد معناها وما تستلزمه من احترام مثل “لا تفعل” ” انتبه إلى ” “اهتم بـ ” ” راجع دروسك ” وبدل ذلك حاولوا استعمال عبارات بديلة تؤدي نفس الغرض مثل قولكم ” أمك ستكون سعيدة للغاية إذا أوقفت العراك” و ” إذا اهتممت بدروسك ستكون شخصا مهما في المستقبل ” و ” أرني كيف تنتبه إلى …”
9 – اللطف :
كما سبق الذكر، الأطفال لا يستجيبون للغضب. ضعوا إذن في ذهنكم أن أفضل شيء يمكنكم القيام به هو أن تكونوا حازمين ولطفاء في الوقت نفسه تفهموا شعور أطفالكم لجعلهم يطيعونكم مهما كان الأمر .
10- توضيح الأسباب :
لا تطلبوا من طفلكم القيام بشيء ما دون أن يعرف لما عليه القيام به. و عوضا عن ذلك، اشرحوا له السبب و الغاية منه. فلتعليم طفلكم أن يكون مطيعا مكِّنُوه من معرفة الهدف من وراء الأمور التي عليه القيام بها أو القواعد التي عليه احترامها .
11 – الاختصار :
المرجو توخي الاقتضاب عند تصحيح أخطاء الطفل واستعملوا كلمات قليلة حسب عمر الطفل، فمثلا الطفل الذي يبلغ من العمر أربع سنوات يتعين إبلاغه بكلمات مناسبة لسنوات عمره وتفادي الإسهاب ليبقى الطفل مركزا مع ما تقولون.
شيء أخير، هذه الأفكار أعلاه ليست بالضرورة موجهة لأُسر الأطفال، بل يمكن أن تكون مفيدة أيضا للمدرسين داخل الفصل.

2015-09-14

وقفات ايمانية مع أيام عشر ذي الحجة



وقفات ايمانية مع أيام عشر ذي الحجة :
الحمد لله الذي خلق الزمان وفضل بعضه على بعض فخص بعض الشهور والأيام والليالي بمزايا وفضائل يعظم فيها الأجر ، ويكثر الفضل رحمة منه بالعباد ليكون ذلك عونا لهم على الزيادة في العمل الصالح والرغبة في الطاعة ، وتجديد النشاط ليحظى المسلم بنصيب وافر من الثواب ، فيتأهب للموت قبل قدومه ويتزود ليوم المعاد 
فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي cdجة، وهي أيام عشر مباركة شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن لله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرقاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم
وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها. نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاستفادة من هذه الأيام، وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه
بأي شيء نستقبل عشر ذي الحجة؟
حري بالسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور:
1- التوبة الصادقة :
فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون( [النور:31].
ومما يتأكد في هذا العشر التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب . والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى وترك ما يكرهه الله ظاهرا وباطنا ندما على ما مضى ، وتركا في الحال ، وعزما على ألا يعود والاستقامة على الحق بفعل ما يحبه الله تعالى . 
والواجب على المسلم إذا تلبس بمعصية أن يبادر إلى التوبة حالا بدون تمهل لأنه :
أولا : لا يدري في أي لحظة يموت . 
ثانيا : لأن السيئات تجر أخواتها .
وللتوبة في الأزمنة الفاضلة شأن عظيم لأن الغالب إقبال النفوس على الطاعات ورغبتها في الخير فيحصل الاعتراف بالذنب والندم على ما مضى . وإلا فالتوبة واجبة في جميع الأزمان ، فإذا اجتمع للمسلم توبة نصوح مع أعمال فاضلة في أزمنة فاضلة فهذا عنوان الفلاح إن شاء الله . قال تعالى : ( فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين ) القصص : 67 .
فليحرص المسلم على مواسم الخير فإنها سريعة الانقضاء ، وليقدم لنفسه عملا صالحا يجد ثوابه أحوج ما يكون إليه : إن الثواب قليل ، والرحيل قريب ، والطريق مخوف ، والاغترار غالب ، والخطر عظيم ، والله تعالى بالمرصاد وإليه المرجع والمآب ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )  الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة ، فما منها عوض ولا تقدر بقيمة ، المبادرة المبادرة بالعمل ، والعجل العجل قبل هجوم الأجل ، وقبل أن يندم المفرط على ما فعل ، وقبل أن يسأل الرجعة فلا يجاب إلى ما سأل ، قبل أن يحول الموت بين المؤمل وبلوغ الأمل ، قبل أن يصير المرء محبوسا في حفرته بما قدم من عمل . 
يا من ظلمة قلبه كالليل إذا يسري ، أما آن لقلبك أن يستنير أو يستلين ، تعرض لنفحات مولاك في هذا العشر فإن لله فيه نفحات يصيب بها من يشاء ، فمن أصابته سعد بها يوم الدين
2- العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام :
فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى ): والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) العنكبوت
3- البعد عن المعاصي:
فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها؟ ومن عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل ومن عظم الآمر عظم الآوامر.
فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام، وأحسن استقبالها قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.
* فضل عشر ذي الحجة
1- أن الله تعالى أقسم بها:
وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى ( وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) . والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.
2- أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره:
قال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:28] وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس.
3- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها افضل أيام الدنيا:
فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :أفضل أيام الدنياأيام العشر ـ يعني عشر ذي الحجة ـ قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب( [ رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني]
4- أن فيها يوم عرفة :
ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً
5- أن فيها يوم النحر :
وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر)[رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].
6- اجتماع أمهات العبادة فيها :
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره).
* فضل العمل في عشر ذي الحجة
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكرت له الأعمال فقال: ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشرـ قالوا: يا رسول الله، الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره. فقال: ولا الجهاد إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله، ثم تكون مهجة نفسه فيه) [رواه أحمد وحسن إسناده الألباني].
فدل هذان الحديثان وغيرهما على أن كل عمل صالح يقع في أيام عشر ذي الحجة أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وإذا كان العمل فيهن أحب إلى الله فهو أفضل عنده. ودل الحديثان أيضاً على أن العامل في هذه العشر أفضل من المجاهد في سبيل الله الذي رجع بنفسه وماله، وأن الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة تضاعف من غير استثناء شيء منها.
من الأعمال المستحبة في عشر ذي الحجة
إذا تبين لك أخي المسلم فضل العمل في عشر ذي الحجة على غيره من الأيام، وأن هذه المواسم نعمة وفضل من الله على عباده، وفرصة عظيمة يجب اغتنامها، إذ تبين لك كل هذا، فحري بك أن تخص هذه العشر بمزيد عناية واهتمام، وأن تحرص على مجاهدة نفسك بالطاعة فيها، وأن تكثر من أوجه الخير وأنواع الطاعات، فقد كان هذا هو حال السلف الصالح في مثل هذه المواسم، يقول أبو عثمان النهدي: كانوا ـ أي السلف ـ يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من محرم.
* ومن الأعمال الفاضلة التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها في هذه الأيام ما يلي:
1- أداء مناسك الحج والعمرة.
وهما افضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، حج بيت الله الحرام ومن يسر الله له حج بيته وقام بأداء نسكه أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [متفق عليه].
والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات.
2- الصيام :
فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة ، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) [متفق عليه].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة . فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر . أول اثنين من الشهر وخميسين " أخرجه النسائي 4/205 وأبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود 2/462 
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه فقال: (صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) [رواه مسلم].
3- الصلاة :
وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) [رواه البخاري
4- التكبير والتحميد والتهليل والذكر:
حث النبي صلى الله عليه وسلم على الأكثار من الذكر فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد]. وقال البخاري كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها. وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً.
ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به، وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي حيث لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده.
فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر . والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهارا للعبادة ، وإعلانا بتعظيم الله تعالى .
ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة 
قال الله تعالى : ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) الحج : 28 . والجمهور على أن الأيام المعلومات هي أيام العشر لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( الأيام المعلومات : أيام العشر ) ، وصفة التكبير : الله أكبر ، الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد ، وهناك صفات أخرى . 
والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ولا سيما في أول العشر فلا تكاد تسمعه إلا من القليل ، فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيرا للغافلين ، وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ، والمراد أن الناس يتذكرون التكبير 
إن إحياء ما اندثر من السنن أو كاد فيه ثواب عظيم دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ) أخرجه الترمذي 7/443 وهو حديث حسن لشواهده .
5- الصدقة :
وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها فقال: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) [البقرة:254]، وقال صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال) [رواه مسلم].. 
6- الإكثار من الأعمال الصالحة عموما : لأن العمل الصالح محبوب إلى الله تعالى وهذا يستلزم عظم ثوابه عند الله تعالى . فمن لم يمكنه الحج فعليه أن يعمر هذه الأوقات الفاضلة بطاعة الله تعالى من الصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والصدقة وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من طرق الخير وسبل الطاعة
وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير ما يلي:
قراءة القرآن وتعلمه ـ والاستغفار ـ وبر الوالدين ـ وصلة الأرحام والأقارب ـ وإفشاء السلام وإطعام الطعام ـ والإصلاح بين الناس ـ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ وحفظ اللسان والفرج ـ والإحسان إلى الجيران ـ وإكرام الضيف ـ والإنفاق في سبيل الله ـ وإماطة الأذى عن الطريق ـ والنفقة على الزوجة والعيال ـ وكفالة الأيتام ـ وزيارة المرضى ـ وقضاء حوائج المسلمين وتسهيل معاملاتهم ـ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ وعدم إيذاء المسلمين ـ والرفق بالرعية ـ وصلة أصدقاء الوالدين ـ والدعاء للإخوان بظهر الغيب ـ وأداء الأمانات والوفاء بالعهد ـ والبر بالخالة والخالـ وإغاثة الملهوف ـ وغض البصر عن محارم الله ـ وإسباغ الوضوء ـ والدعاء بين الآذان والإقامة ـ وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة ـ والذهاب إلى المساجد والمحافظة على صلاة الجماعة ـ والمحافظة على السنن الراتبة ـ والحرص على صلاة العيد في المصلى ـ وذكر الله عقب الصلوات ـ والحرص على الكسب الحلال ـ وإدخال السرور على المسلمين ـ والشفقة بالضعفاء ـ واصطناع المعروف والدلالة على الخير ـ وسلامة الصدر وترك الشحناء ـ وتعليم الأولاد والبنات ـ والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير.
ومن فوائد مواسم الطاعة سد الخلل واستدراك النقص وتعويض ما فات ، وما من موسم من هذه المواسم الفاضلة إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف الطاعة يتقرب بها العباد إليه ، ولله تعالى فيها لطيفة من لطائف نفحاته يصيب بها من يشاء بفضله ورحمته ، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من طاعات فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات ، فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات ] . ابن رجب في اللطائف ص40 .
فعلى المسلم أن يعرف قدر عمره وقيمة حياته ، فيكثر من عبادة ربه ، ويواظب على فعل الخيرات إلى الممات . 
أنه حث فيها على العمل الصالح : لشرف الزمان بالنسبة لأهل الأمصار ، وشرف المكان - أيضا - وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام . 
ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي واستسمانها واستحسانها وبذل المال في سبيل الله تعالى 
- في وظائف عشر ذي الحجة : إن إدراك هذا العشر نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على العبد ، يقدرها حق قدرها الصالحون المشمرون . واجب المسلم استشعار هذه النعمة ، واغتنام هذه الفرصة ، وذلك بأن يخص هذا العشر بمزيد من العناية ، وأن يجاهد نفسه بالطاعة . وإن من فضل الله تعالى على عباده كثرة طرق الخيرات ، وتنوع سبل الطاعات ليدوم نشاط المسلم ويبقى ملازما لعبادة مولاه
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


2015-09-09

مواجهة التحديات

 يحكى أن رجلاً كان يصنع قماشا للمراكب الشراعية  ثم يبيعه لأصحاب المراكب ، وفي يوم ما  وبينما هو ذاهب لبيع  انتاج السنة من القماش لأصحاب المراكب، سبقه أحد التجار إلى أصحاب المراكب وباع أقمشته لهم.
طبعا الصدمة كبيرة .!! ضاع رأس المال منه وفقد تجارته..!!
فجلس ووضع القماش أمامه وجعل يفكّر!! وأصبح   محط سخرية أصحاب المراكب ، فقال له أحدهم:(اصنع منها سراويل وارتديها)
ففكر الرجل جيداً..! وفعلاً قام بصنع سراويل لأصحاب المراكب من ذلك القماش، وقام ببيعها لقاء ربح بسيط... وصاح مناديا: (من يريد سروالاً من قماش قوي يتحمل طبيعة عملكم القاسية؟)
فأٌعجب الناس بتلك السراويل وقاموا بشرائها... فوعدهم الرجل بصنع المزيد  منها في السنة القادمة.. ثم قام بعمل تعديلات واضافات على السراويل ، ووضع لها مزيداً من الجيوب حتى تستوفي حاجة العمال وهكذا..  وبهذه الطريقة تمكّن الرجل من تحويل الأزمة لنجاح ساحق.
هل تتذكر متى آخر مرة واجهت تحديا في حياتك… هل تتذكر كيف كانت طريقة تعاملك مع هذا التحدي وكيف أصبح  سبباً في تغيير مجرى حياتك؟
عندما تواجهنا صعوبات الحياة وتقابلنا الشدائد قد لا نستطيع في هذا الوقت ملاحظة باقي نعم الله التي نعيشها وأيضاً لا نرى فائدة مواجهتنا لتلك الشدائد   كصقلنا وتخلصنا من الأعباء الشديدة التي تثقلنا وتربطنا في الأرض، وعلى نفس القدر من الأهمية فالشدائد تجعلنا أفضل كأشخاص .
 الشدائد تعلمنا أن نكون أكثر مرونة كما تزيد من إيماننا بالله وتعلمنا استثمار الفرص.
نحن نعيش في وقت كثرت فيه التحديات   بسبب: التغير السريع في أحداث ومجريات العالم، كل يوم تقنية حديثة، نظم وإجراءات عمل جديدة، تزايد في ضغوط العمل، أو حتى بسبب تغير تعامل الآخرين معنا.
وفي كثير من الأحيان وبسبب طبيعتنا البشرية، كلما سارت الأمور بعكس توقعاتنا أو ظهر تحد جديد في حياتنا، كانت ردة فعلنا فاترة  كالشعور بالضيق أو الانزعاج بسبب ما حدث.
وقد يتحول تركيزنا في التفكير في كيفية التخلص من هذا الأمر وتجاوز هذا التحدي الذي ظهر في طريقنا من غير أن ننتبه  للفرص  التي قد تأتينا في ظلّ هذه الظروف  وتحدّياتها .
في بعض الأحيان نتجاوز هذا التحدي بكل نجاح، وفي أحيان أخرى تجرفنا  وتعصف بنا، وهذا يحدث للجميع.! لكن كيفية تعاملك واستجابتك لها هو ما سوف يصنع الفارق، وكما قالت الكاتبة الفرنسية أناييس نين “ يمكن لآفاق الحياة أن تكون واسعة أو ضيقة، وذلك يتوقف عليك أنت وحدك وعلى مقدار شجاعتك ”.
ولذلك علينا أن نكون قادرين على التعامل مع هذه التحديات من خلال التفكير الإبداعي للحصول على أفضل الفرص والنتائج. وهنا بعض الخطوات العملية التي سوف تساعدك في هذا الموضوع. عند مواجهة أي تحد علينا أن… :
- أن نحسن ظننا بالله تعالى وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.
- يجب أن نتماسك ونلتزم  بالهدوء وعدم السماح للمشاعر السلبية أن تسيطر على ردود أفعالنا.
- نتخلى عن ضيق أفقنا ونفكر بأقدام ثابتة ونبحث عن الفرصة أو الفائدة المحتملة من هذا التحدي الجديد، فلا يوجد تحد إلا و تأتي معه فرصة للتعلم والنمو أو التغيير للأفضل.
- نحدد كيفية الاستجابة لمواجهة هذا التحدي، بعد أن قمنا بإزالة أي عواطف سلبية واخترنا أن نواجه هذا التحدي إيجابياً لاغتنام الفرصة الكامنة وراءه
- نقوم بالاستجابة والتعامل مع هذا التحدي بكل شجاعة واطمئنان مهما كانت النتائج لأننا بذلنا قصارى جهدنا لمواجهة هذه الظروف
- نتعلم من هذا التحدي ونجعله درساً لنا للمستقبل. فالتحديات في بعض الأحيان تعتبر فرصة وأفضل وسيلة لتجربة قدراتنا ومعرفة المزيد عن ما هو حولنا من الأصدقاء والزملاء.
يروي لنا - زيج زيجلار - صاحب كتاب (أراك على القمة) قصة تحمل أرقى معاني التعامل مع المعوقات، حيث يقول: إذا زرت المكسيك ذات يوم فاحرص على مشاهدة أجمل معالمها وهو تمثال جميل يدعى (in spite of) وهي تعني (على الرغم من ..) حيث تعرض النحات الذي أنجز العمل وصاحبه إلى حادث أجبر الأطباء على بتر يده اليمنى التي كان يستعملها للنحت، ولم يكن قد أنجز حينها سوى ربع التمثال عند وقوع الحادث، وعند خروجه من المستشفى لم يشعر بالإحباط لعدم استكماله لمشروعه، وإنما عقد العزم على المواصلة وتحدي إعاقته، وتدرب على كيفية النحت بيده اليسرى حتى تعب، ثم أكمل صناعة هذا التمثال. و
كان هذا سبب إطلاق مسمى (على الرغم من ..) على هذا التمثال، إشارة إلى النحات الذي أكمله على الرغم من إعاقته طبعاً !!.
خلاصة الكلام:
تأكد من أن التحديات تساعد في تشكيل شخصيتنا وتعطينا الدروس التي نحن بحاجة إليها  للنجاح في المستقبل، والأهم من ذلك تجاوزنا لأي تحد سيزيد من ثقتنا بأنفسنا للتعامل مع أي ظرف طارئ جديد قد يأتي في طريقنا.
والسؤال الآن؟؟ كيف تتعامل مع التحديات؟ ما هو أول شيء تقوم به عند مواجهتك لأي تحد أو مشكلة؟

2015-09-07

10 خطوات لتتحوّل قراءاتنا إلى متعة



لا أُحصي عدد الأسئلة التي تردني : كيف أجعل القراءة متعة أتلذذ بها؟ وكيف أصل لأن تتحوّل القراءة إلى عادة يومية لدي؟
وأحسب أن الوصول إلى هذه النتيجة ليس سهلا بالقدر الذي نتصوّر، وليس صعبا بالقدر الذي نتصوّر ..
وإنما هي أفكار وخطوات عملية، باستطاعته أن يصل إليها من أراد، مع شيء من الجهد والصبر والتمرّس ..
1. كن على يقين أن القراءة بإمكانها أن تُغيّر من شخصيتك، أن تُضيف إلى تفكيرك، أن تُحسّن من نظرتك، أن تُهذّب لغتك، أن ترتقي بتطلعاتك وطموحاتك المستقبلية؛ ويقينا أنك لن تلمس كل هذا إلا إن أصبحت القراءة عادة يومية، تُقبل عليها محبّا متشوّقا ..
2. تَنَاوَلْ من الكتب ما تُحب، وفي المجال الذي تستمتع به، ولو كانت تلك كتب الروايات أو القصص أو السير الذاتية أو الأدب؛ فكلّها مجالات محبّبة للنفس عموما، كون هذه المرحلة هي مرحلة كسر الحاجز وبناء الألفة والعلاقة الحميمية ما بينك وبين القراءة ..
3. ضعْ في ذهنك أنه ليس هناك من يُجبرك على قراءة الكتاب كاملا من الدفّة إلى الدفّة، وإنما تحيّن من الكتاب الموضوعات التي شدّتك، والفصول التي تُشبع نهمتك من هذا الكتاب أو ذاك ..
4. أَمهلْ نفسك ولا تحكم عليها بالفشل بعد تجربة كتاب أو كتابين أو حتى ثلاث، وإنما تجاوز ذلك الكتاب إلى غيره، وذلك المجال إلى سواه؛ وبإمكانك أن تطلب الاستشارة ممن سبقك، أو تُطالع انطباعات القرّاء ممّن سبقوك حول الكتاب الذي وقع اختيارك عليه
5. اصْحب القلم معك، سواء كان قلما رصاصا أو حبرا أو فسفوريا؛ لتكتب من خلاله ملاحظاتك وأفكارك واقتباساتك وخواطرك حول ما تقرأ؛ فذلك مدعاة لأن يجعل بينك وبين الكتاب حميمية ورابطة إيجابية ..
6. اصْحب الكتاب معك أينما ذهبت؛ اجعله في حقيبتك، أرْدفه معك في سيارتك، ضعْه فوق مكتبك، بجوار سريرك؛ فذلك مدعاة لأبن يأخذك الشوق لفتحه وتصفّحه وقراءته عند أيّ فراغ تجده أمامك ..
7. كوّن رابطا إيجابيا ما بين الكتاب وطقوس المتعة لديك؛ فإن كنت من هواة الجلوس على شاطئ البحر، أو من عشّاق القهوة، أو السياحة بين الطبيعة؛ فلا تنسى إضافة الكتاب لخلوتك، وحاول أن تُدوّن قراءتك للكتاب كحدث جميل على طرّته ..
8. لا تتحرج في أن تُعيد قراءة كتاب - أضاف لك المتعة – مرة أو مرتين أو ثلاث؛ فكم هي الكتب الجيدة التي لن تكشف لك عن كل مكنوناتها ونفائسها إلا عندما تُكرّر قراءتها؛ فالمهم ليس كم نصيبك من المقروء، بل هو بحجم الاستفادة التي انعكست عليك من وراء ما قرأت ..
9. هل جرّبت أن تَعدْ نفسك بمكافئة عند تحقيقك لإنجاز ما؟ حينها ستشعر بطعم مختلف لذلك الإنجاز، ولذة لا تُضاهى لتلك المكافئة؛ وببساطة : اجلس مع نفسك وعدْها إن هي أنهت قراءة ذلك الكتاب فسيُلبّى لها ما ترغب من سفر أو نزهة أو أو ..
10. ختاما : أضعْ بين يديك قائمة للمؤلفين المعاصرين والملهمين؛ بأقلام تُخاطب الشباب بأسلوب شيّق وسهل، وبإمكان الشباب الذين لا زالوا يشقّون طريق القراءة أن يعيشوا مع كتبهم وكتاباتهم ..

المؤلّف عناوين مقترحة
 
د.عبدالكريم بكار 50 شمعة ، في إشراقة آية ، المتحدث الجيد ، اكتشاف الذات
د.سلمان العودة مع الله ، مع المصطفى ، أنا وأخواتها ، لو كنت طيرا
د.عائض القرني لا تحزن ، محمد كأنك تراه ، نجوم في سماء التاريخ ، ابتسم
د.راغب السرجاني  ماذا قدّم المسلمون للعالم ، أسوة للعالمين ، العلم والحضارة
د.محمد موسى الشريف الطرق الجامعة ، حتى لا تكون كلّا ، الهمة في الوصول إلى القمة
د.ساجد العبدلي القراءة الذكية ، بصحبة كوب من الشاي
د.مشعل الفلاحي مشروع العمر ، أفكار تصنع الحياة ، ابدأ كتابة حياتك
د.خالد المنيف  موعد مع الحياة ، ولدت لتفوز ، افتح النافذة ثمة ضوء ، أفكار تحيا بها
د.شريف عرفة أن تكون نفسك ، لماذا من حولك أغبياء ، برمج عقلك
د.علي الحمادي الطريق إلى لا ، مبدعون عبر التاريخ ، أمسك عليك هذا
د.ياسر الحزيمي صعود بلا قيود ، تواقيع ، المتحدث البارع
د.مريد الكلّاب ابتسم لتكون أجمل ، ابن حياتك ، 7 دقائق
أ.عبدالله العثمان هل جرّبت ، حسّن حياتك ، قوة الروح ، افهم نفسك
أ.سلوى العضيدان هكذا هزموا اليأس ، استمتع بفشلك ، حين تكبوا انهض
أ.عبدالله الجمعة عظماء بلا مدارس ، أيتام غيّروا مجرى التاريخ

عندما تهب رياح الفشل

 يرتبط الإحساس بالفشل بالشعور المتدني لتقدير الذات، نتيجة الجفوة الذاتية وقلة المعرفة والدراية بمكوناتها. فالإنسان مزيج من الرغبات والدوافع والحاجات والقيم والمبادئ والمشاعر والصفات السلبية والإيجابية، والاعتقادات السلبية والإيجابية عن نفسه وعن الآخرين، وبقدر معرفة الإنسان لكل ما سبق بقدر معرفته لذاته وفهمه إياها، الأمر الذي ينعكس على أن يحسن تقديره لنفسه فيعطيها حقها من الرعاية والإكرام والمحبة.
فالمرء عليه في تعديله وتغييره لمشاعره السلبية واعتقاداته السلبية عن ذاته أن ينطلق أولاً من حبه لذاته بلا شروط، فلا يعني الوقوع في الخطأ رمي اللوم على الذات، وفي المقابل لا يعني عمل الشيء المرغوب مزيداً من استحسان الذات، كما ينبغي الوقوف مع الذات بصدق، فلا نبخس حق الإيجابيات مقابل تحد واضح للسلبيات، فالإيجابيات تعزز وتنمى، والسلبيات نتعامل معها بلطف وجدية لنتخلص منها ولا نعطيها أكبر من حجمها.
والخوف من الفشل هو ذلك الحاجز الذي يحول بين الإنسان وبين تفجير طاقاته، وبالتالي بينه وبين الوصول إلى أهدافه وطموحاته وأمانيه. وأصل المشكلة أن بعض الناس نفوسهم رهيفة لا تقبل الصدمة، نفوس متعودة على الدلال والراحة، ولذا تهرب من أي احتمال للمصاعب، وتتراجع عن أي طريق تعترضها فيه الصدمات والمشاكل، وإنما يخاف الإنسان الفشل لأن الفشل مضخم في نفسه، وحينما تكون الأمور بسيطة أمامه، فانه لا يتهيب اقتحامها.
إن أفضل علاج للفشل أن لا يتهيبه الإنسان، فليس مشكلا كبيرا أن يفشل المرء، وأساسا لماذا لا تريد أن تفشل في حياتك؟ لماذا لا تريد أن تصطدم في حياتك؟ إن طبيعة الحياة وسنتها: أن الإنسان لا يصل إلى النجاح إلا بعد أن يجتاز وديان الفشل، والله تعالى قد منح البشر ملكات إنسانية خاصة ليتعاملوا مع أحداث حياتهم بفاعلية، وبقدر ما نستخدم هذه الملكات بقدر ما نقترب من روح المبادرة والإيجابية، وبقدر ما نبتعد بقدر ما نقترب من روح الأعذار ورمي المواضيع على (الآخر)، وهذه الملكات هي:
1- الإدارك الذاتي: وهي أن تكون واعيًا بما يدور حولك مدركًا له.
2- الخيال: وهو القدرة على تجاوز حدود الحاضر والتجارب الشخصية. فقط تخيل العواقب التي سوف تجنيها عندما تتصرف برد فعل تجاه أي استجابة تجبرك على أن تكون سيئًا. أريدك في هذا التخيل أن تتخيل شكل المتعة التي ستحصل عليها الآن، ثم شكل الألم الذي سيصيبك إذا استجبت بطريقة سلبية للمؤثر الذي يؤثر عليك؛ مثلا: التدخين يسبب للمدخن متعة آنية، وهو استجابة لمؤثرات كثيرة عليه، ولكن ما رأي المدخن في السرطان؟ مرض رهيب، أليس كذلك؟ هل يحب أن يتألم من هذا المرض؟ بالطبع لا -عافاك الله- لذلك فإنه عندما يتخيل مقدار الألم العنيف الذي يسببه مرض مثل هذا بسبب تدخينه، فإنه بالتالي سوف يفكر ألف مرة قبل أن يُقْدم على هذه الفعلة.
3- الضمير: وهو القيم والمبادئ التي تقوم عليها النفس، فغريزة الجنس مثلا هي غريزة أساسية ويمكن أن تحدث لنا إثارة منها، ولكن ضميرنا الممثل في القيم والمبادئ التي نحملها تمنعنا من اتخاذ سلوك غير سوي إزاء هذه الغريزة. فإذا تصرفت واعتديت على ما ليس لك فيه حق فلا تلومن إلا نفسك .
4- الإرادة المستقلة: ويعني هذا أن تكون لدينا القدرة على التصرف بحرية بعيدًا عن المؤثرات الخارجية، كيف يحدث هذا؟ تخيل أن أحدهم يقول لك: إنك دائمًا تعطلنا عن العمل. هذا هو رأيه، ولكن ما رأيك أنت؟ إن إرادتك المستقلة سوف تجيب عن هذا السؤال بالطريقة التالية:
- اخرج خارج الدائرة المشتعلة في الحديث واسأل نفسك: هل صحيح أنني أعطلهم؟ وسوف تكون الإجابة واحدة من ثلاث: (نعم – لا – أحيانًا)، إذا كانت الإجابة نعم فاعتذر فورًا (قمة الإيجابية)، وإذا كانت الإجابة لا فوضح الأمر أو اتركه لحاله، وإذا كانت الإجابة (أحيانًا) فادرس الموضوع، واعرف لماذا تحدث هذه العَطَلَة، وبالتالي سوف تصبح في كل الأحوال القائد لزمام الأمور 
- لا تعتبر كل رأي يوجه إليك رأيًا شخصيًّا، ولكن حَكِّم عقلك وتجاربك وتخيلك في كل ما يعرض عليك، ومن قبلها ضميرك الممثل في القيم والمبادئ التي تحملها.
وفي بعض الأحيان يكون الفشل عنصر خير في حياة الإنسان، فهو الذي يكشف للمرء نقاط ضعفه، وينبهه إلى الثغرات الموجودة في عمله .. بينما استمرار الإنسان في تحقيق المكاسب والانتصارات، قد يخلق في نفسه الغرور، ويضعف من اهتمامه بالتقدم، ورفع مستوى العمل، وقد أشار القرآن الحكيم إلى هذه الحقيقة عند حديثه عن النكسة التي أصابت المسلمين في واقعة (أحد) يقول تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ} [آل عمران:165-167]
إنه تعالى يوبخ المسلمين على تعاملهم السلبي مع الهزيمة ويوجههم إلى الاستفادة الايجابية منها، بالعودة إلى أنفسهم {قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} واكتشاف النواقص والسلبيات التي اكتسبتها بعد تحقيق الانتصارات السابقة. ثم تتحدث الآيات عن البعد الايجابي للهزيمة في معرفة الثغرات المخبوءة داخل المجتمع الإسلامي وفرز العناصر المنافقة غير المخلصة، وتجلي صمود المؤمنين وثباتهم في مواقف المحنة والشدة {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ}
ولكي يستطيع المرء أن ينجح في إثبات ذاته، عليه أن يضع في اعتباره النقاط التالية:
- الفشل ينبغي أن يكون معلماً لنا وليس مقبرة لطموحاتنا، فالفشل ما هو إلا حالة تأخير وليس هزيمة، إنه تحول مؤقت عن الوصول إلى الهدف وليس نهاية مميتة، وهو شيء يمكننا تجنبه فقط بأن نقول أو نفعل.
- التعامل الايجابي مع الفشل: يكفي أن نعلم أن كثيراً من العباقرة توصلوا لاختراعاتهم عبر محاولات عديدة لم يكتب لها النجاح وكما يقول المثل «العثرة تصلح المشي». فتوماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي عرف عنه أنه فشل في ذلك العديد من المرات، لكن في كل مرة كان يفشل فيها كان يقول: "أصبحت الآن أعرف طريقة أخرى لا يمكن أن يعمل بها المصباح الكهربائي".
- ليس هناك فشل حقيقي، فما ندعي بأنه فشل ما هو إلا خبرة قد اكتسبناها من واقع تجاربنا في الحياة، إذ أن الشخص الفاشل هو الذي لا يتعظ من تجاربه، ويعتبر أن الأمر منتهياً من حيث فشله!
- لا يوجد فشل بل توجد طريقة غير سليمة يمكن التعديل فيها أو تغييرها.
- الفشل مرة لا يعنى نهاية الطريق، ولذلك ينبغي إعادة المحاولة أو تغيير الطريقة
- الإيحاء يلعب دورا قويا في التغلب على الفشل وتوابعه، فنحن لا ننتظر من شخص يقول عن نفسه إنه فاشل أن يصبح ناجحا أو متفوقا، هذه معادلة مستحيلة التحقيق. والعكس صحيح، فلو أقنعت نفسك أنك ناجح وقوي ومقدام فستصبح كذلك بالفعل. لكن كيف يتحقق ذلك؟ سيتحقق بعمل واحد: اقهر مخاوفك، حاربها، اعتبرها عدوك الذي يريد أن يطرحك أرضا. ولا بأس أن تردد لنفسك دوما عكس ما تظنه فيها.