السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2015-07-30

هديٌ نبوي مهجور


حديث أنس بن مالك رضي الله عنه
"عاد النَّبيُّ رجُلًا قد جُهِد حتَّى صار مِثلَ الفَرْخِ [المنتوفِ ] فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( هل كُنْتَ دعَوْتَ اللهَ بشيءٍ ) ؟ قال : نَعم كُنْتُ أقولُ : اللَّهمَّ ما كُنْتَ مُعاقِبي به في الآخرةِ فعجِّلْه لي في الدُّنيا فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :[ سبحانَ اللَّهِ ] لا تستطيعُه أو لا تُطيقُه فهلَّا قُلْتَ : اللَّهمَّ آتِنا في الدُّنيا حَسنةً وفي الآخرةِ حَسنةً وقِنا عذابَ النَّارِ ) ؟ قال : فدعا اللهَ فشفاه
صحيح 
من فوائد هذا الحديث
١- زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم للمريض وهي قربة عظيمة وفيه حث عظيم على زيارة المرضى "فلتفعل ولو في الاسبوع مرة واحدة"
٢- لم يكن صلى الله عليه وسلم يفرق بين الناس في الزيارة فهذا " رجل من المسلمين "يعني غير معروف ولم يُذكر اسمه في الحديث.
٣- من فضل زيارة المرضى حديث": إذا عاد الرجل أخاه المسلم ، مشى في مخرفة الجنة حتى يجلس ، فإذا جلس غمرته الرحمة ، وإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ، وإن كان ممسيا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح" صحيح
٤- معنى صلاة الملائكة أي الدعاء له
٥- ومن فضل زيارة المرضى حديث" مَن عادَ مريضًا ، نادى مُنادٍ منَ السَّماءِ: طِبتَ ، وطابَ مَمشاكَ ، وتبوَّأتَ مِنَ الجنَّةِ منزلًا" حديث حسن
٦- زيارة المرضى سبب في دخول الجنة
حديث "من أصبح منكم اليومَ صائمًا ؟ قال أبو بكرٍ : أنا . فقال : من أطعم منكم اليومَ مِسكينًا . قال أبو بكرٍ : أنا قال : من عاد منكم اليومَ مريضًا ؟ فقال أبو بكرٍ : أنا فقال : من تبِع منكم اليومَ جِنازةً ؟ قال أبو بكرٍ : أنا ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ما اجتمعت هذه الخِصالُ قطُّ في رجلٍ إلَّا دخل الجنَّةَ "صحيح
٧- يعظم أجر الزيارة إن كان المريض من ذوي القربى لأن فيه صلة رحم.
٨- لا تخترع في الدعاء فالرجل دعا واستجاب الله له فكان كالفرخ المنتوف 
٩- ما يصيب الانسان في الدنيا من الأمراض هي من الكفارات لحديث"ما يُصيبُ المُسلِمَ، مِن نَصَبٍ ولا وَصَبٍ، ولا هَمٍّ ولا حُزْنٍ ولا أذًى ولا غَمٍّ، حتى الشَّوْكَةِ يُشاكُها، إلا كَفَّرَ اللهُ بِها مِن خَطاياهُ" صحيح
١٠- أعظم ما ندعو الله به هي أدعية النبي صلى الله عليه وسلم فالله اعطاه جوامع الكلم وهو اعرف الناس بربه فأعظم الأدعية هي أدعية النبي صلى الله عليه وسلم 
تأمل في هذا الحديث "اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، و أصلح لي دنياي التي فيها معاشي، و أصلح لي آخرتي التي فيها معادي، و اجعل الحياة زيادة لي في كل خير، و اجعل الموت راحة لي من كل شر" صحيح
أ/صلاح الدين: أن يوفق إلى التمسك بالكتاب والسنة وفق هدي السلف الصالح في كل الأمور ففي صلاح الدين أمان من الإنحرافات والبدع وضعف الايمان.
ب/ صلاح الدنيا:بأن أعطى الكفاف والصلاح فيما أحتاج إليه وأن يكون حلالآ معينآ على طاعتك ومن صلاحها صلاح الأهل والذرية والمسكن الهنئ والحياة الآمنة الطيبة 
١١- الدنيا لا تذم لذاتها وإنما الذي يُذم هو تصرف ابن آدم فيها
وتأمل هذا الحديث "أنَّ رجلًا قال يا رسولَ اللهِ أيُّ الناسِ خيرٌ؟ قال من طالَ عمُرهُ وحسُن عملُه . قال : فأيُّ الناسِ شر ؟ قال : من طال عمُرهُ وساء عملُه"
أي يطول عمره في هذه الدنيا.
وحديث طلحة رضي الله عنه " كان رجلانِ من بَلِيٍّ حَيٍّ من قُضاعةَ أسلَما مع النبيِّ صلَى اللهُ عَليهِ وسلمَ، واستُشهد أحدُهما، وأُخِّر الآخَرُ سَنَةً، قال طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ: فأُريتُ الجَنَّةَ، فرأيْتُ المؤخَّرَ منهما، أُدخل قبل الشهيدِ، فتعجبتُ لذلك، فأصبحْتُ، فذكرْتُ ذلكَ لِلنَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أو ذُكر ذلِك لرسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أليسَ قد صام بعدَه رمضانَ، وصلى ستةَ آلافِ ركعةٍ، أو كذا وكذا ركعةً صلاةَ السَّنَةِ " صحيح
وتأمل في آخر الدعاء " واجعل الحياة زيادة لي في كل خير" فيُفهم من الحديث أن طول عمر المسلم زيادة في الأعمال الصالحة الرافعة للدرجات العالية في الدار الآخرة
١٢- ليستفيد منا المريض بالدعاء له كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم
١٣- بماذا ندعو للمريض؟ ندعو له بالشفاء وبما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث" مَن عادَ مريضًا لم يحضُرهُ أجلُه فقالَ عندَه سبعَ مرَّاتٍ : أسألُ اللَّهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أن يشفيَكَ ، عافاهُ اللَّهُ من ذلِكَ المرضِ"صحيح
١٤- من أمثلة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم دعاءه لسعد رضي الله عنه قال " اشْتَكَيْتُ بِمكةَ شَكْوَى شَدِيدَةً ، فجاءَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَعُودُنِي ، فقُلْتُ : يا رسولَ اللهِ ! إنِّي أَتْرُكُ مالًا ، وإنِّي لمْ أَتْرُكْ إلَّا ابنَةً واحدةً ، أَفَأُوصِي بِثُلُثَيْ مالِي وأَتْرُكُ الثُّلُثَ ؟ قال : لا ، قال : أُوصِي بِالنِّصْفِ وأَتْرُكُ لها النِّصْفَ ؟ قال : لا ، قُلْتُ : فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وأَتْرُكُ الثُّلُثَيْنِ ؟ قال : الثُّلُثُ ، والثُّلُثُ كَبير ، ثُمَّ وضعَ يَدَهُ على جَبْهَتِي ، ثُمَّ مسحَ وجْهِي وبَطْنِي ثُمَّ قال : اللهمَّ ! اشْفِ سَعْدًا ، وأَتِمَّ لهُ هِجْرَتَهُ ، فما زِلْتُ أَجِدُ بَرْدَ يَدِه على كَبِدِي فيما يَخَالُ إِلَيَّ ، حتى السَّاعَةِ" صحيح
من عجائب هذا الحديث أن سعدآ رضي الله عنه كان يظن أنه سيموت في هذا المرض ولذلك أخذ يُحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن أمر الوصية وحال الميراث ومع ذلك بفضل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم عمّر سعدآ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من أربعين سنة حيث أنه مات في سنة خمس وخمسين للهجرة وأكثر الله له في ولده فبعد أن كانت بنتآ واحدة رزقه الله ٣٤ ولدآ "١٧" إبنآ و"١٧" بنتآ
١٥- يستحب لنا في زيارتنا للمريض أن ندخل عليه الفرح والسرور نصبِّره الخ 
١٦- من الأدعية التي يدعو بها المريض لنفسه أن يقول "اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"
١٧- قال قتادة وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها . صحيح مسلم 
معنى حسنة الدنيا: هي كل ما تحسن به حال الإنسان في دنياه من مال وولد وزوجة وكل شي
حسنة الاخرة: هي كل ما تحسن به حال العبد في الآخرة مثل الأمن من عذاب القبر ومن فتنة القبر والسلامة من أهوال يوم القيامة والفوز بالجنة ودخولها دخولآ أوليآ ولذلك قال بعدها وقنا عذاب النار ...فكل ذلك داخل في حسنة الآخرة
قيل لانس: ادع الله لنا، فقال: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار.
قالوا: زدنا
قال: ما تريدون ! قد سألت الدنيا والاخرة !. " أهـــ
تفسير القرطبي 
١٨- من الأدعية الخاطئة قولهم" اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه" ويرده حديث "وقنا شر ما قضيت"
١٩- الدعاء أمره عظيم ..فإذا دعوت الله فاجعل في نيتك أنك تتعبد الله بهذا الدعاء واستحضر النية في أول دعاءك 
ثانيآ: أن يستجيب الله لك دعاءك 
والمسلم قد لا يستجيب الله له لحديث "إن الدعاءَ يَنْفَعُ مما نَزَل ومما لم يَنْزِلْ، فعليكم – عبادَ اللهِ ! - بالدعاءِ "حديث قوي بغيره
وحديث "...الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة"حسنه الألباني

العصا وما قيل فيها من فوائد


تاريخ الإنسان مع العصي تاريخ قديم وصحبة طويلة . 
قال بن دريد – رحمه الله – إنما سميت العصا عصا لصلابتها مأخوذة من قولهم : عص الشيء وعَصَا وعَسَا إذا صلب .
والعصا عود من الخشب يتوكأ عليها وَيهشُ بها على الغنم ولها فوائد أخرى كما قال نبي الله موسى { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى } (طـه:17) وردت كلمة العصا في القرآن في 12 آية وأتت مرة واحدة بلفظ (منسأته).
والعصا مثل يضرب للجماعة يقال : ( شق فلان عصا المسلمين : إذا خالف ألفتهم ، وفرق جماعتهم ) .
ويقال إياك ( وقتيل العصا ) يريد إياك وأن تكون القتيل في الفتنة التي تفارق فيها الجماعة. والعصا، اسم للجماعة. وقال الشاعر:
فَلِلَّهِ شَعْبَا طِيَّةٍ صَدَعا العَصَا، ... هِيَ اليَوْمَ شَتَّى، وَهْيَ أَمْسِ جَميع
وألقى الرجل عصاه إذا اطمأنَّ مكانه .
وتقول العرب: العَصَا من العُصَيَّة، ولا تلد الحيَّةَ إلا حَيَّةٌ : تريد أن الأمر الكبير يحدث عن الأمر الصغير .
والمِحْجَنة والمِحْجَن :هي العصا المعوجة وفي الحديث المرفوع أنه طَافَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ.
وحديث عمرو بن مسعود السلمي مع معاوية بن أبي سفيان .
ما بال شيخك مخنوقاً بجرّته ... طال البلاء به دهراً وقد صبرا
قد جاء ترعد كفّاه بمحجنه ... لم يترك الدّهر من أولاده ذكرا .
قال الله تعالى : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى } {طه/17}.
قال القرطبي في تفسيره :
تعرض قوم لتعديد منافع العصا منهم ابن عباس، قال: إذا انتهيت إلى رأس بئر فقصر الرشا وصلته بالعصا، وإذا أصابني حر الشمس غرزتها في الأرض وألقيت عليها ما يظلني، وإذا خفت شيئا من هوام الأرض قتلته بها، وإذا مشيت ألقيتها على عاتقي وعلقت عليها القوس والكنانة والمخلاة، وأقاتل بها السباع عن الغنم. اهـ 
لقي الحجاج بن يوسف الثقفي :
أعرابياً...فقال له :ما بيدك؟
قال هي عصاي أركزها لوقت صلاتي وأعدها لأعدائي
وأسوق بها دابتي وأقوى بها على سفري
وأعتمد عليها في ذهابي وايابي
يتسع بها خطوي وأثب بها على النهر
وتؤمن العثرة وأتقي بواسطتها شر العشرة
والقي عليها كسائي فتقيني الحر وتجنبني القر
وتدني الى مابعد عني وتحمل سفرتي وأدواتي
وأقرع بها الأبواب وأضرب بها الكلاب
وتنوب عن الرمح في الطعان
وعن السيف في منازلة الأقران
وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى . 
( إنَّكَ خَيْرٌ مِنْ تَفَارِيقِ العَصا) 
وهذا من قول غُنَيَّة الأعرابية في شأن ابنها: وذلك أنّه كان لها ابنٌ شديد العَرامة، كثير التفلت إلى النّاس، مع ضعف بَدَنِهِ ٍ ودقّة عظْم، فواثب مرّةً فتى من الأعراب، فقطع الفتى أنفَه، فأخذَتْ غنيّةُ ديةَ أنفه فحسُنت حالُها بعد فقرٍ مُدْقِع، ثمّ واثَبَ آخرَ فقطع أذنَه فأخذت الدِّية، فزادت ديةُ أذنه في المال وحُسْن الحال، ثم واثَبَ بعد ذلك آخرَ فقطع شَفَته فأخذَتْ ديةَ شفتِه، فلمَّا رأت ما قد صار عندها من الإبل والغَنَم والمتاع والكسب بجوارح ابنِها حَسُن رأيها فيه، فذكرته في أرجوزة لها تقول فيها:
أَحْلِفُ بالْمَرْوَةِ حَقَّاً وَالصَّفَا ... أَنَّكَ خَيْرٌ مِنْ تَفَارِيقِ الْعَصَا 
قيل لإعرابي: ما تفاريق العصا تقطع ساجوراً والسواجير تكون للكلاب وللأسرى من الناس، ثم تقطع عصا الساجور فتصير أوتاداً ويفرق الوتد فتصير كل قطعة شظاظاً، فإن جعل لرأس الشظاظ كالفلكة صار للبختي مهاراً وهو العود الذي يدخل في أنف البختي، وإذا فرق المهار جاءت منه تواد وهي الخشبة التي تشد على خلف الناقة إذا صرت، هذا إذا كانت عصا، فإذا كانت قناة فكل شق منها قوس بندق، فإن فرقت الشقة صارت سهاماً، فإن فرقت السهام صارت حظاء، فإن فرقت الحظاء صارت مغازل، فإن فرقت المغازل شعب به الشعاب أقداحه المصدوعة وقصاعه المشقوقة، على أنه لا يجد لها أصلح منها وأليق بها. يضرب فيمن نفعه أعم من نفع غيره. 
قصة الشرقي مع التغلبي: 
قال الشّرْقيّ: خرجتُ من الموصل وأنا أريد الرَّقّةَ مستخفياً، وأنا شابٌّ خفيف الحاذِ، فصحبني من أهل الجزيرة فتى ما رأيتُ بعده مثلَه، فذكر أنه تغلبي، من ولد عمرو بن كلثوم، ومعه مِزْود وركوة وعصاً، فرأيتُه لا يفارقها، وطالت ملازمتُه لها، فكدت من الغيظ أرمي بها في بعض الأودية، فكنَّا نمشي فإذا أصبنا دوابَّ ركبناها، وإن لم نُصب الدوابَّ مشَينا، فقلت له في شأن عصاه، فقال لي: إنّ موسى بن عمران صلى الله عليه وسلم حين آنس من جانب الطُّور ناراً، وأراد الاقتباس لأهله منها، لم يأتِ النارَ في مقدار تلك المسافة القليلة إلاّ ومعه عصاه، فلما صار بالوادي المقدَّس من البقعة المباركة قيل له: ألق عصاك، واخلَعْ نعليك، فرمى بنعليه راغباً عنهما، حين نزّه اللَّه ذلك الموضِع عن الجِلد غير الذَّكيّ، وجعل اللَّه جِمَاعَ أمره من أعاجيبه وبرهاناته في عصاه، ثم كلمه من جوف شجرةٍ ولم يكلّمه من جوف إنسان ولا جانّ، قال الشّرْقيّ: إنه ليُكثر من ذلك وإني لأضحك متهاوناً بما يقول، فلما برزْنا على حمارَينا تخلَّف المُكَاري فكان حمارُه يمشي، فإذا تلكّأَ أكرهَه بالعصا، وكان حماري لا ينساق، وعلم أنه ليس في يدي شيءٌ يُكرهه، فسبقني الفتى إلى المنزل فاستراح وأراح، ولم أقدر على البَراح، حتَّى وافاني المُكاري، فقلت: هذه واحدة، فلمّا أردْنا الخروجَ من الغدِ لم نقدْر على شيءٍ نركبُه، فكنا نمشي، فإذا أعيا توكأ على العصا، وربما أحضَرَ ووضع طرف العصا على وجه الأرض فاعتمد عليها ومَرَّ كأنه سهم زالج، حتى انتهينا إلى المنزل وقد تفسَّخْتُ من الكلال، وإذا فيه فضل كثير، فقلت: هذه ثانية، فلمَّا كان في اليوم الثالث، ونحن نمشي في أرض ذات أخاقيقَ وصُدوع، إذْ هجمنا على حيَّةٍ منكَرة فساورتْنا، فلم تكن عندي حيلةٌ إلا خِذلانَه وإسلامَه إليها، والهربَ منها، فضربها بالعصا فثقلت، فلمَّا بَهَشَت له ورفعت صدرَها ضَربَها حتَّى وقذَها، ثمّ ضربها حتَّى قتلها، فقلت: هذه ثالثةٌ، وهي أعظمهنّ، فلمّا خرجنا في اليوم الرابع، وقد واللّه قَرِمْت إلى اللَّحم وأنا هاربٌ مُعْدِم، إذا أرنبٌ قد اعترضَتْ، فحذفها بالعصا، فما شَعرتُ إلاّ وهي معلَّقة وأدركنا ذكاتَها، فقلت: هذه رابعة، وأقبلتُ عليه فقلت: لو أنّ عندنا ناراً لما أخّرتُ أكلَها إلى المنزل، قال: فإنّ عندك ناراً فأخرج عُوَيداً من مِزْودِه، ثمّ حكّه بالعصا فأورَتْ إيراءً المَرْخُ والعَفَارُ عنده لا شيء، ثم جَمَع ما قدَر عليه من الغُثاء والحشيش فأوقد نارَه وألقى الأرنبَ في جوفها، فأخرجناها قد لزِق بها من الرَّماد والتُّراب ما بغّضَها إليّ، فعلَّقَها بيده اليُسرى ثم ضرب بالعصا على جُنوبها وأعْراضها ضرباً رقيقاً، حتَّى انتثر كلُّ شيءٍ عليها، فأكلناها وسكن القَرَم، وطابت النَّفس، فقلت: هذه خامسة، ثمّْ إنّا نزلْنا بعضَ الخانات، وإذ البيوتُ مِلاءٌ روثاً وتُراباً، ونزلنا بعَقِب جُنْدٍ وخَرابٍ متقدّم، فلم نجدْ موضعاً نَظلُّ فيه، فنظر إلى حديدةِ مِسحاةٍ مطروحةٍ في الدّار، فأخذَها فجعل العصا نِصَاباً لها، ثمّ قام فجرفَ جميعَ ذلك التُّرابِ والرَّوث، وجرَدَ الأرضَ بها جَرْداً، حتَّى ظهر بياضُها، وطابت ريحُها فقلت: هذه سادسة، وعلى أيِّ حالٍ لم تَطِبْ نفسي أن أضعَ طعامي وثيابي على الأرض، فنَزَع واللَّه العصا من حديدة فلما صرتُ إلى مَفْرِق الطُّرق، وأردتُ مفارقته، قال لي: لو عَدَلت فبتَّ عندي كنتَ قد قضيتَ حقَّ الصُّحبة، والمنزلُ قريب، فعدلتُ معه فأدخلَني في مَنزلٍ يتَّصل ببيعة، قال: فما زال يحدِّثني ويُطْرِفني ويُلْطِفني اللّيلَ كلَّه، فلما كان السّحرُ أخذ خُشَيْبة ثم أخرجَ تلك العصا بعينها فقرعَها بها، فإذا ناقوسٌ ليس في الدنيا مثلهُ، وإذا هو أحذَقُ الناس بضرْبه، فقلت له: ويلَك، أمَا أنت مسلم، وأنت رجلٌ من العرب من ولد عَمرو بن كلثوم؟ قال: بلى، قلت: فلِمَ تضربُ بالناقوس؟ قال: جُعلتُ فِداك إنَّ أبي نصرانيّ، وهو صاحب البِيعة، وهو شيخٌ ضعيف، فإذا شَهِدتُه بَرَرته بالكفاية، فإذا هو شيطانٌ مارد، وإذا أظرفُ النّاس كلِّهم وأكثرُهم أدباً وطلباً، فخبَّرته بالذي أحصيتُ من خِصالِ العصا، بعد أن كنتُ هممتُ أن أرمَي بها، فقال: واللَّه لو حدّثتُك عن مناقب نفع العصا إلى الصبح لما استنفَدْتُهاالمِسحاة فوتَدها في الحائط، وعلَّقَ ثيابي عليها، فقلت: هذه سابعة . ([3])
العصا وما قيل فيها من الشعر :
ما القوس إلاّ عصاً في كفّ صاحبها ... ترعى بها الضأن أو ترمى بها البقر
وقيل كانت العرب تقاتل بالعصي ، فلهذا قال الأعشى ميمون بن قيس ابن جندل في قصيدته:
وَرَأَت بِأَنَّ الشَيبَ ... جانَبَهُ البَشاشَةُ وَالبَشارَه
لسنْاَ نُضَارِبُ بالعِصِيِّ ... ولا نُقاذِفُ بالحِجَارَه
إلا بِـكُلِّ مـُهَندٍ ... عَضْبٍ من البِيض الذكارة
قال أوس بن حجر :
لَحَينَهُمُ لَحيَ العَصا فَطَرَدنَهُم ... إِلى سَنَةٍ جِرذانُها لَم تَحَلَّمِ
وقال صالح بن عبدالقدوس
لا تدخلن بِنَميمَة ... بَينَ العَصا وَلحائِها

بر الوالدين عند السلف الصالح


الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين...أمابعد :
فقد ظهر مؤخراً شباب وفتيات لايراعون حق أبويهم ولا يرونه لازماً , يرفعون أصواتهم على الأب والأم , خاصة بعدما كبرا وضعفا واقتربا من القبر واحتاجا إلى العطف والبر, أنكروا حقهما وجحدوا معروفهما , فكم سهرا لتنام وكم جاعا لتشبع وتعبا لترتاح , والبر هو خدمتهما وطاعتمها بالمعروف , ومن فضل الله تعالى أن بر الوالدين لا ينقطع عنهما أحياءً وأمواتاً..وقد ذكرت للموفق أثار نافعة للبررة وزاجرة للعققة وتركت الكثير منها.. وحقوق الوالدين أكثر من أن تحصى ولعل ما كتبت يكفي ويشفي اللبيب, فأجتهد في برهما...والله والمعين ونعم الوكيل.
1- قال ابن عباس : مامن مؤمن له أبوان فيصبح ويمسي وهو محسن إليهما إلا فتح الله له بابين من الجنة. وقال أبوالليث السمرقندي: لولم يذكر الله تعالى في كتابة حرمة عقوق الوالدين , ولم يوص بهما , لكان يُعرف بالعقل أن خدمتهما واجبة. وقال هشام بن عروة مكتوب في الحكمة: ملعون من لعن أباه , ملعون من لعن أمه.( ومعناها: أي يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه , فيصبح كأنه هو الذي لعنهما).
2- قال بعض الصحابة: ترك الدعاء للوالدين يضيق العيش على الولد. وقال كعب: إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقاً لوالديه ليعجل له العذاب , وإن الله ليزيد في عمر العبد إذا كان باراً ليزيد براً وخيراً. وقال أبوبكر بن أبي مريم قرأت في التوراة: من يضرب أباه يقتل. وكان محمد بن المنكدر يضع خده على الأرض , ثم يقول لأمه: ضعي قدمك على خدي.
3- كان محمد بن سيرين إذا اشترى لوالدته ثوباً اشترى ألين مايجد , فإذا كان عيد صبغ لها ثياباً , وما رفع صوته عليها, كان يكلمها كالمصغي إليها , ومن رآه عند أمه لايعرفه ظن أن به مرضاً من خفض كلامة عندها. وقال سعيد بن عامر: بات أخي عمر يصلي , وبت أغمز قدم أمي , وما أحب أن ليلتي بليلته. وكانت أم منصور بن المعتمر فظةً غليظةً عليه وكانت تقول: يامنصور يريدك ابن هبيرة على القضاء فتأبى , وهو واضع لحيته على صدره , مايرفع طرفه إليها.
4- أراد كهمس العابد: قتل عقرب , فدخلت جحر فأدخل أصابعه خلفها فلدغته , فقيل له بذلك: قال: خفت أن تخرج , فتجيء إلى أمي تلدغها. وعن عبدالله بن عون: أن أمه نادته فأجابها فعلا صوته صوتها فأعتق رقبتين. وقيل أن بندار جمع حديث البصرة , ولم يرحل براً بأمه , ثم رحل بعدها.
5- قيل أراد أحمد الأبار الرحلة إلى قتيبة , فلم تأذن له أمه , ثم ماتت فخرج , فلما وصل إلى بلخ مات قتيبه , فكانوا يعزونه على هذا ,فقال: هذا ثمرة العلم , إني أخترت رضى الوالده. وقال الفضيل بن عياض تمام المروءة: من بر والديه , ووصل رحمه , وأكرم إخوانه. وقال علي رضي الله عنه: بر الوالدين من كرم الطبائع.
6- قال عبدالله بن عباس: كن مع الوالدين كالعبد المذنب الذليل للسيد الفظ الغليظ. وقال وهب بن منبه: بلغنا أن الله تعالى قال لعُزير عليه السلام: بر والديك , فإن من بر والديه رضيت , وإذا رضيت باركت , وإذا باركت بلغت الرابع من النسل. وسئل الحسن عن الوالد والوالده فقال: حق الوالد أعظم , وبر الوالدة ألزم.
7- كان الربيع بن خثيم: يميط الأذى عن الطريق ويقول هذا لأمي , وهذا لأبي. وكان علي بن الحسن: لايأكل مع والديه فقيل له في ذلك فقال: لأنه ربما يكون بين يدي لقمة أطيب مما يكون بين أيديهما وهما يتمنيان ذلك , فإذا أكلت بخست بحقهما. وقال سفيان بن عيينه في قوله عزوجل:(( أن اشكر لي ولوالديك )) من صلى الخمس فقد شكر الله ومن دعا لوالديه عقبهما فقد شكرهما.
8- عن أبي حازم: أن أباهريرة لم يحج حتى ماتت أمه. وسئل الحسن عن بر الوالدين؟ فقال: أن تبذل لهما ماملكت , وتطيعهما مالم تكن معصية. وسئل عطاء أن رجلاً أقسمت عليه أمه أن لايصلي إلا الفريضة ولايصوم إلا شهر رمضان؟ قال: يطيعها.
9- قال حميد: لما ماتت أم أياس بن معاوية: بكى , فقيل له: مايبكيك؟ قال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة , وأُغلق أحدهما. قال عمر بن عبدالعزيز: لأبن مهران , لاتصاحب عاقاً، فإنه لن يقبلك وقد عق والديه. ( لأن حقهما أوجب حقاً منه عليه ). وقال علي رضي الله عنه: لوعلم الله شيئاً في العقوق أدنى من [ أف ] لحرمه. وقال أحد السلف: من عق والديه عقه ولده.
10- عن عون بن عبدالله قال: قال عبدالله: صل من كان أبوك يصله , فإن صلة الميت في قبره أن تصل من كان أبوك يصله بالدنيا. وعن الأشجعي أنه قال: كنا عند سفيان الثوري , فأقبل ابنه سعيد فقال: ترون هذا؟ ماجفوته قط , وإنه ليدعُوني في الصلاة غير المكتوبة فأقطعها له. وكان حجر بن عدي: يلمس فراش أمه بيده , فيتهم غلظ يده , فيتقلب عليه على ظهره فإذا أمن يكون عليه شيء اضجعها.
11- عن الحسن البصري: أن رجلا قال له: إني قد حججت وقد أذنت لي والدتي في الحج.. فقال الحسن: لقعدة تقعدها معها على مائدتها أحب إلي من حجك. وعن منصور بن المعتمر كان يقال: للأم ثلاثة أرباع البر. وقال عروة بن الزبير: مابر والديه من أَحَدَّ النظر إليهما. وكان مورق العجلي: يفلي رأس أمه.
12- كان كهمس : يعمل في الجص كل يوم بدانقين فإذا أمسى أشترى به فاكهة فأتى بها إلى أمه. وقيل لعمر بن ذر لما مات ابنه: كيف بره بك؟ قال: ما ماشيته قط بالنهار إلا مشى خلفي , ولا بالليل إلا مشى أمامي , ولا رقى سطحا أنا تحته. وقال بعض العلماء: رب ابناً بعيد لايفقد خيره, ورب ابناً قريب لايرجى خيره. وقال ابن عباس: إني لا أعلم عملاً أقرب إلى الله عزوجل من بر الوالدة.
13- قيل لأعرابي: ماتقول في ابنك , وكان عاقا ! فقال: بلاء لايقاومه الصبر , وفائدة لايجب عليها الشكر. وقال ابن عباس في قوله جل وعلا:(( أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير )) قال: فمن شكر الله ولم يشكر والديه لم يقبل منه. وقال علي رضي الله عنه: من أحزن والديه فقد عقهما. وقال وهب بن منبه: في التوراة: على من صك والديه الرجم.
14- كان أبوحنيفة يُضرب كل يوم ليدخل في القضاء , فأبى ولقد بكى في بعض الأيام , فلما أطلق قال: كان غم والدتي أشد علي من الضرب. و رأى ابن عمر رجلاً يطوف بالكعبة حاملا أمه على رقبته , فقال: يا ابن عمر أترى أني جزيتها؟ قال: لا , ولا بطلقة واحدة , ولكنك أحسنت والله يثيبك على القليل الكثير. وقال بعض الحكماء: من عصا والديه لم يرا السرور من ولده.
15- قال وهب بن منبه: أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: ياموسى وقر والديك , فإن من وقر والديه مددت له في عمره , ووهبت له ولداً يبره , ومن عق والديه قصرت عمره , ووهبت له ولداً يعقه. وقال ثابت البناني: أن رجلاً كان يضرب أباه في موضع , فقيل له: ماهذا؟ فقال الأب أتركوه , فإني كنت أضرب أبي في هذا الموضع فابتليت بابني يضربني في نفس هذا الموضع. وعن اضبغ بن زيد قال: إنما منع أويسا القرني أن يقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بره بأمه.
16- قال ابن محيريز: من دعا أباه باسمه أو كنيته فقد عقه , إلا أن يقول: يا أبتِ. وقال سعيد بن جبير: لدغت فأمرتني أمي أن أناول الراقي يدي , فناولت الراقي اليد التي لم تلدغ. وقال مجاهد: لايدفع الولد يد والده عنه , بل يدعه يضع به ما يشاء. وقال الحسن: لا يعدل بر الوالدين لا حج ولا جهاد , ولا صدقة.
17- قال عثمان رضي الله عنه: ماقدرت أن أتأمل أمي منذُ أسلمت. وكان حارثة بن النعمان: يطعم أمه بيده , ولم يستفهمها كلاماً قط تأمر به حتى يسأل من عنده بعد أن تخرج: ماذا قالت أمي؟. وكان أبوهريرة إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه فقال: السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته , فتقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته , فيقول: رحمك الله كما ربيتيني صغيراً , فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيراً , وإذا أراد أن يدخل صنع مثله.
18- قال سفيان بن عيينه: قدم رجل من سفر فصادف أمه قائمة تصلي , فكره أن يقعد وهي قائمة , فعلمت ما أراد فطولت ليؤجر. وقال بشر الحافي: الولد بقرب أمه بحيث تسمع نفسه , أفضل من الذي يضرب بسيفه في سبيل الله عز وجل , والنظر إليها أفضل من كل شيء. وقال ابن عمر: بكاء الوالدين من العقوق. وقال الحسن: دعاء الوالدين للولد نجاة، ودعاؤهما عليه أستئصال وبوار.
19- رأى موسى عليه السلام رجلاً عند العرش فغبطه بمكانه فسأل عنه , فقالوا: نخبرك بعمله , لايحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله , ولايمشي بالنميمة , ولايعق والديه , قال أي رب ومن يعق والديه؟ قال: يستسب لهما حتى يسبان. وقال الحسن البصري: من عقل الرجل أن لا يتزوج وأبواه في الحياة. وقال رجل لعبيد بن عمير: حملت أمي على رقبتي من خرسان حتى قضيت بها المناسك , أتراني جزيتها؟ قال: لا , ولاطلقة واحدة.
20- قال ابن عباس في قوله تعالى:(( وبالوالدين إحسانا )) قال: لاتنفض ثوبك فيصيبها الغبار. وقال عطاء بن أبي رباح في قول الله تعالى:(( ولا تنهرهما )) قال: لا تنفض يدك عليهما وقل لهما قولاً كريماً. وقال عون بن عبدالله: النظر إلى الوالدين عبادة [ قلت: فكيف البُر بهما].
21- قال عمر رضي الله عنه لرجل قتل نفساً: والذي نفس عمر بيده لو كانت أمه حية فبرها وأحسن إليها , رجوت أن لا تطعمه النار. وقال رفاعة بن إياس: رأيت الحارث العكلي في جنازة أمه يبكي , فقيل له تبكي؟ قال: ولِمَ لا أبكي وقد أُغلق عني باب من أبواب الجنة. وكان ابن الحنيفية يغسل رأس أمه بالخطمي ويمشطها ويقبلها ويخضبها. 
22- قال لقمان لأبنه: يابني إن الوالدين باب من أبواب الجنة , إن رضياعنك مضيت إلى الجنة , وإن سخطا حجبت. وسئل كعب عن العقوق؟ فقال: إذا أقسم عليه فلم يفعل , وسأله فلم يعطه.( للأسف بعض الناس عند أبويه كأنه هو المنعم المتفضل). وقال بشر: أرى للأب والأم أن يأخذا من مال أبنهم مايكفيهم , إذا كانا محتاجين.
23- قال جعفر سمعت عروة بن الزبير يقول في سجوده:اللهم أغفر للزبير بن العوام ولأسماء بنت أبي بكر. وقال ابن عباس: ليس شي أحط للذنوب من بر الوالدين. وقال يونس بن عبيد: يرجى للذي به رهق إذا كان باراً , وكان يتخوفون على أعماله إذا كان عاقاً. وقال بعض السلف: أفضل النفقة نفقة الرجل على والدية.
24- قال عطاء: لا يؤم الرجل أباه وإن كان افقه منه. وقال القيسي: قلت يا أباهريرة , إن الجهاد قد فضله الله وإني كلما رحلت راحلتي جاء والداي فحطا رحلي قال: هما جنتك فأصلح إليهما ثلاثا. وقال مجاهد: دعوة الوالد لاتحجب دون الله تعالى.
25- سئل رجل ابن عباس فقال: أني نذرت أن أغزوا الروم وإن أبواي يمنعاني؟ قال: أطع أبويك , فإن الروم ستجد من يغزوها عنك. وقال الحسن: لاتقطع من كان أباك يصله فيطفأ بذلك نورك. وقال سعيد بن المسيب: إن الرجل ليُرفع بدعاء ولده بعده , ثم قال بيده هكذا فرفعها.
26- قال رجل لكعب: أحتسب عند الله ما فاتني من بر الوالدين , قال لم يفتك برهما , أستغفر لهما , وأجعل لهما حظا من طاعاتك , تكن من الابرار إن شاء الله. وعن الحسن أن رجلاً سأله: آمر والداي وأنهاهما؟ قال: إن كرها ذلك فلا. وقال رجل لمعاذ بن جبل: ماحق الوالدين على الولد؟ قال: لو خرجت من اهلك ومالك ما أديت حقهما.
27- كان حيوة بن شريح: يقعد في حلقته يعلم الناس , فتطل له أمه , وتقول له: قم ياحيوة فالق الشعير للدجاج , فيقوم ويترك التعليم. وقيل: من لم يبر أبويه في حياته , لم تبك عيناك على وفاته. وقيل لمعاوية بن قرة: كيف أبنك معك؟ قال: نعم الأبن كفاني أمر دنياي , وفرغني لآخرتي. وكان أبوهريرة يحمل أمه معه إلى المرافق وينزلها عنه , وكانت مكفوفة كبيرة.
28- كان الزبير بن هشام باراً بابيه , إن كان ليرقى إلى السطح في الحر فيؤتى بالماء البارد فإذا ذاقه فوجد برده لم يشربه وأرسله إلى أبيه. وقال الامام أحمد: بر الوالدين كفارة الكبائر. وعن عروة في قوله تعالى:(( وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة )) قال: لاتمتنع من شيء أحباه. وقال أبوهريرة: ترفع للميت بعد موته درجته , فيقول: أي رب أي شيء هذه؟ فيقال: ولدك أستغفر لك.
29- قال الحسن البصري: دعاء الوالدين ينبت المال والولد. وقال يزيد بن أبي حبيب: إيجاب الحجة على الوالدين عقوق [ أي الانتصار عليهما بالكلام ]. وقال الحسن: للوالدة الثلثان من البر , وللوالد الثلث. وقال علي بن أبي طالب: العجب كل العجب , من عاقل يعق والديه بعد قراءته سورة لقمان , وقد قرنهما الله تعالى بنفسه.
30- قال كعب: من البر أن تبر من كان أبواك يبرانه. وسئل الحسن في الرجل تقول له أمه أفطر؟ قال: ليفطر وليس عليه قضاء , وله أجر الصوم والبر. [ المقصود به صوم التطوع ]. وقال محمد بن سيرين: كنا عند أبي هريرة ليلة , فقال: اللهم أغفر لأبي هريرة ولأمي ولمن أستغفر لهما , قال محمد: فنحن نستغفر لهما حتى ندخل في دعوة أبي هريرة. 
31- قال الشافعي: لو كنت مغتاباً أحدا لأغتبت أمي فإنها أحق الناس بحسناتي. وقال عامر بن عبدالله بن الزبير: مات أبي، فما سألت الله - حولاً - إلا العفو عنه. وقال ابن عباس: من نظر إلى أباه شزرا فقد عقه.

الحياة بين الانتصارات والانكسارات


نجاح .. مكسب .. فرح .. قلق .. خوف .. حزن .. إحباط .. إحساس بالفشل .. استياء.. تختلف المشاعر التي نتعرض لها، وتختلف ردود أفعالنا تجاهها .. ربما نكون جزء من الألم الذي نتعرض له، وربما نكون الضحية بلا ذنب .. قد نجد من يستمع إلينا ويرشدنا إلى بر الأمان.. يذكرنا في حين غفلة أن أمر المؤمن كله خير، وأن رحمة الله وسعت كل شيء .. وقد نجد الأبواب مؤصدة ونبقى أسرى لمشاعرنا حينا من الزمن. 
قد تمر عليك لحظات تكون فيها يائسا إلى أبعد الحدود .. ولكن يبقى هناك شعورا غريبا بداخلك يقف بجانبك، وهو الذي يجعلك تستمر وتكابد مصاعب الحياة .. نعم عندما تقفل جميع الأبواب في وجهك، يظل هذا الباب مفتوحا أمامك، وأنت تمني النفس وتبني الآمال أن يكون لهذا الباب الوحيد دورا في تغير حياتك وإبعاد اليأس عنك .. نعم إنه باب «الأمل» فالحياة كلها تدور لحظاتها سريعة وتتفاوت بين اليأس أحيانا وبين الأمل أحيانا أخرى، فهل اليأس هو الحل الوحيد لك وللمشاكل كلها .. بالطبع لا .. فجميعنا لدينا أمل أن تتحسن الظروف ويتغير الحال.
«الأمل» .. تلك القوة الدافعة التي تشرح الصدر للعمل، وتخلق دواعي الكفاح من أجل الواجب، وتبعث النشاط في الروح والبدن، وتدفع الكسول إلى الجد، والمجد إلى المداومة، كما تدفع المخفق إلى تكرار المحاولة حتى ينجح، وتحفز الناجح إلى مضاعفة الجهد ليزداد نجاحه. 
الأمل الذي نتحدث عنه هنا ضد اليأس والقنوط .. إنه يحمل معنى البشر وحسن الظن بالله تعالى، بينما اليأس معول الهدم الذي يحطم في النفس بواعث العمل، ويُوهن في الجسد دواعي القوة. ولهذا قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «الهلاك في اثنتين: القنوط والعُجب».. القنوط هو اليأس، والعجب هو الإعجاب بالنفس والغرور بما قدمته.
قال الإمام الغزالي: «إنما جمع بينهما: لأن السعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب، والجد والتشمير، والقانط لا يسعى ولا يطلب، لأن ما يطلبه مستحيل في نظره».
وقمّة الأمل والتفاؤل في اتصال القلب بالرب جل وتعالى؛ فالصلاة تفاؤل، والذكر تفاؤل؛ لأنه يربط الفاني بالحي الباقي، ولأنه يمنح المرء قدرات واستعدادات وطاقات نفسية لا يملكها أولئك المحبوسون في قفص المادة .. إن المؤمن في كل أحواله صاحب أمل كبير في روح الله وفرجه ومعيته ونصره؛ لأنه لا يقف عند الأسباب الظاهرة فحسب، بل يتعداها موقنا أن لها خالقا ومسببا وهو الذي بيده ملكوت كل شيء، وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون، فيمتلئ قلبه توكلا ورجاء وأملا. وهذا ما يفتقده غير المؤمنين؛ لذلك تراهم ينتحرون ويصابون بالعقد والأمراض النفسية الكثيرة، نسأل الله العافية.
ولذلك كان الصالحون يتقربون إلى الله عز وجل بقوة رجائهم، فهذا ذو النون المصري كان يقول في دعائه: "اللهم إليك تقصد رغبتي، وإياك أسأل حاجتي، ومنك أرجو نجاح طلبتي، وبيدك مفاتيح مسألتي، لا أسأل الخير إلا منك، ولا أرجو غيرك، ولا أيأس من رَوحك بعد معرفتي بفضلك".
قضية اليأس والأمل ليست مجرد قصة تتصل بالحالة النفسية للإنسان عبر نتائجها الإيجابية والسلبية، بل تتصل بالنفس عبر كلام الله تعالى والخط العقائدي .. فأن تكون الإنسان الذي يعيش الأمل في عقله وقلبه يساوي أن تكون مؤمناً قويا في إيمانك .. أما أن تكون الإنسان اليائس يساوي أن تكون المرء الفاتر ضعيف الإيمان. 
ونحن قد نعيش في مجتمع سلبي، ونحاط بأخبار سيئة ابتداءً من صحيفة الصباح وحتى أحداث المساء بشكل عام، قد تكون ثقافتنا ليست مشحونة دائما بجو إيجابي، وكل يوم نقوم بخيار ما لنملأ عقولنا إما بأفكار إيجابية أو بأفكار سلبية .. وللهروب من مجرى الأفكار السلبية، فأنت تحتاج لأن تفسح مجالاً لعادة التفكير بإيجابية، فالإسهاب في الأفكار السلبية هو سلوك مكتسب، وما تم اكتسابه يمكن للمرء أن يتخلص منه، لأن التفكير السلبي يشبه القطار الذي تزداد سرعته كلما تحرك مسافة أبعد.
إنك تبرهن عن النجاح أو الفشل طبقا ًلنوعية وطريقة تفكيرك الاعتيادي .. أيهما أقوى في حياتك: أفكار النجاح، أم أفكار الفشل؟ إن كان تفكيرك سلبيا ًفي معظم الأوقات، فلن يكفي التفكير الإيجابي بين الحين والآخر لاجتذاب النجاح. ولكن إن فكرت باستقامة وإيجابية فستعثر على ضالتك وستبلغ غايتك، حتى ولو شعرت أنك محاط بظلمة كثيفة.. أنت الوحيد المسئول عن نفسك. 
ولا سبيل إلى جعل مستقبلك أفضل من حاضرك - بإذن الله تعالى - إلا بشيئين: 
«الأول»: تخيل صورة ذهنية للمستقبل أفضل من صورة الحاضر. 
«الثاني»: بذل الجهد واتخاذ الخطوات العملية التي تستطيع أن تحيل بها تلك الصورة الذهنية المتخيلة إلى واقع متحقق.
فمن الخطأ الجسيم أن ننسى ما يجب أن يكرسه المرء من وقت وجهد وتركيز ومواصلة لتحقيق صورته الذهنية، بل ينبغي في نفس الوقت تخصيص الجهد والوقت والمثابرة والمواصلة حتى نجعل الوسائل المتاحة لدينا ناجعة وذات فاعلية وتأثير في تحويل الصورة الذهنية إلى واقع حي.
فعلى الإنسان المؤمن إذا أحاطت به المشاكل أن يدرسها على أساس الواقع، وأن يدرس الثغرات التي يمكن أن ينفذ منها، والآفاق التي يتطلع إليها، وأن لا يحبس نفسه في سجن ضيق من التشاؤم ومن اليأس، بل يفتح لنفسه كل أبواب الرجاء وكل أبواب الأمل. 
وقد حدثنا الله تعالى في بعض آياته أن التقوى التي يعيشها الإنسان في عقله وفي قلبه وفي حياته تمنحه المخرج حيث لا مخرج، ويكتشف الحل حيث لا حل، ويحصل على الرزق من حيث لا يحتسب {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق: ٢ – ٣].
ومن يتوكل على الله وهو يسعى لحل مشكلته .. ومن يتوكل على الله وهو يعي طبيعة الواقع .. ومن يتوكل على الله وهو يخطط للمستقبل ..{وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣] فإذا أراد الله شيئاً بلغه {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} أي قد جعل الله للمشاكل قدراً محدوداً، ولحلولها قدراً محدوداً، وفتح للإنسان أكثر من أفق جديد، في عقولنا وفي قلوبنا ومشاعرنا.
فأن نكون مؤمنين يعني أن لا يزحف اليأس إلى حياتنا، وأن نبقى محدقين في الشمس عندما تميل إلى الغروب وينتشر الظلام، ونحدق بالنجوم وهي تشير إلينا أن الظلام ليس خالداً، وأن هناك إشراقة الفجر التي تنطلق من كل نقاط الضوء .. فإذا كنت تشعر بالظلام ففكر بنقاط الضوء التي تجدها منتشرة في الحياة حتى تلتقي بالفجر، وفي قلبك أكثر من أمل، وفي قلبك أكثر من انفتاح على الشروق، وأقولها للشباب، عندما ينطلقون في دراساتهم وفي مشاعرهم وفي عواطفهم، وأقولها للثائرين وللمجاهدين الذين يواجهون التحديات .. «ليس هناك ظلام مطلق» .. علينا أن ننتج النور من عقولنا، وأن ننتج النور من قلوبنا، وأن ننتج النور من جهدنا، لنلتقي بالنور الذي يفتحه الله تعالى لنا من خلال إشراقة شمسه.

في ظلال الآية الكريمة


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد : 
قال ﷻ [ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ] [البقرة: 216] 
في هذه الآية عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد ، فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب ، والمحبوب قد يأتي بالمكروه ، لم يأمن أن توافيه المضره من جانب المسرة ، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعواقب ، فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد أوجب له ذلك أموراً :
منها : أنه لا أنفع له من امتثال الأمر وإن شق عليھ في الإبتداء ، لأن عواقبه كلها خيرات ومسرات ولذات وأفراح وإن كرهته نفسه فهو خير لها وأنفع . وكذلك لا شيء أضر عليھ من ارتكاب النهي وإن هويته نفسه ومالت إليه ، فإن عواقبه كلها آلام وأحزان وشرور ومصائب ، وخاصية العقل تحمل الألم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير ، واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبها من الألم العظيم والشر الطويل .
فنظر الجاهل لا يجاوز المبادئ إلى غاياتها ، والعقل الكيّس دائماً ينظر إلى الغايات من وراء تلك الستور من الغايات المحمودة والمذمومة ، فيرى المناهي كطعام لذيذ قد خلط فيه سمُّ قاتل ، فكلما دعته لذته إلى تناوله نهاه ما فيه من السم ، ويرى الأوامر كدواء كريه المذاق مفضٍ إلى العافية والشفاء ، وكلما نهاه كراهة مذاقه عن تناوله أمره نفعهُ بالتناول .
ولكن هذا يحتاج إلى فضل علم تدرك به الغايات من مبادئها ، وقوة صبر يوطن به نفسه على تحمل مشقة الطريق لما يؤمل عند الغاية ، فإذا فقد اليقين والصبر تعذّر عليھ ذلك ، وإذا قوي يقينه وصبره هان عليھ كلَّ مشقة يتحملها في طلب الخير الدائم واللذة الدائمة .
ومن أسرار هذه الآية أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور ، والرضا بما يختاره له ويقضيه له ، لما يرجو فيه من حسن العاقبه .
ومنها : أنه لا يقترح على ربه ولا يختار عليھ ولا يسأله ما ليس له به علم ، فلعل مضرَّته وهلاكه فيه وهو لا يعلم ، فلا يختار على ربه شيئاً بل يسأله حسن الاختيار له وأن يرضيه بما يختاره فلا أنفع له من ذلك .
ومنها : أنه إذا فوّض أمره إلى ربه ورضي بما يختاره له أمدَّه فيما يختاره له بالقوة عليھ والعزيمة والصبر ، وصرف عنه الآفات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه ، وأراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه .
ومنها : أنه يريحه من الأفكار المتبعة في أنواع الإختيارات ، ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة وينزل في آخرى ، ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليھ ، فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به فيه ، وإلا جرى عليھ القدر وهو مذموم غير ملطوف به فيه ، لأنه مع اختياره لنفسه ، ومتى صح تفويضه ورضاه ، اكتنفه في المقدور والعطف عليھ واللطف به فيصير بين عطفه ولطفه ، فعطفه يقيه مايحذره ، ولطفه يهون عليھ مافدّرهُ .
إذا نفذ القدر في العبد كان من أعظم أسباب نفوذه تحيله في رده ، فلا أنفع له من الاستسلام وإلقاء نفسه بين يدي القدر طريحاً كالميته ، فإن السبع لا يرضى بأكل الجيف .
والله أجل وأعلم

الحب صانع المعجزات

طلب أحد الأستاذة الجامعين من طلابه الذهاب إلى حي فقير جدا بمدينة (بالتيمور) بالولايات المتحدة وتقييم مستقبل 200 فتى يعيشون في حالة بائسة، فكان تعليق الطلاب على كل حالة درسوها عبارة: «لا أمل» وبعد 25 سنة أحب أستاذ جامعي آخر - رأى الدراسة السابقة - أن يعرف ما حلّ بهؤلاء الفتيان، فأرسل طلابه للبحث عنهم فوجدوا 180 منهم، وتبين لهم أن من هؤلاء الـ180، حقق 176 منهم نسبا من النجاحات كأطباء ومحامين ورجال أعمال. بسؤالهم عن الأسباب التي ساهمت في نجاحهم أشاروا جميعا إلى معلمة فذة كانت تعلمهم في مرحلة من مراحل دراستهم .. بحث الطلاب عن تلك المعلمة فوجدوها على قيد الحياة، وسألوها عن سرّها مع هؤلاء الفتية، فأجابتهم : «الأمر بسيط .. لقد أحببتهم» .. نعم إنه الحب صانع المعجزات.
ليس من المهم أن نعمل أكثر، ولكن من المهم أيضاً أن نفعل ذلك بحب ورغبة، لأننا عندما نعمل بجد نؤدي العمل بطريقه جيده .. وعندما نعمل بحب نؤدي نفس العمل بطريقة رائعة، فبالحب نسير بإيجابية بعيداً عن كدر الحياة، فلا تندم على لحظات كفاح عشتها بحب، حتى ولو صارت ذكرى تؤلمك، فإذا كانت الزهرة قد جفت وضاع عبيرها ولم يبق منها غير الأشواك، فلا تنسى أنها منحتك يوماً عطراً جميلاً أسعدك.
هناك من لا يدرى ما هو الذي يحبه؟ وما هو الذي يكرهه من الأعمال؟ .. يحيا كل يوم بشكل آلي روتيني، رغم أنه قد يكون ما يقوم به من أعمال هو أنسب من يقوم به على الأرض، ولكنه أغمض عينيه على بعض الأفكار والمشكلات فأغرق نفسه فيها متجاهلا ما في أعماله من نعم من الله تعالى ومتعة لا نهاية لها.
فلماذا لا نكتشف أنفسنا من جديد، ونعيد صياغة عقولنا ومهاراتنا ورؤيتنا لحياتنا بشكل أكثر تفتحاً وثقة في أن الله قد كتب لنا ما نحن فيه لنتقنه ونبرع فيه لا أن نهرب من أنفسنا ومن حياتنا.
أما إن كان عملك لا يحقق لك كل أمنياتك التي يحق لك جنيها منه، فلا تنسى أنه يتيح لك تحقيق جزء من ذاتك، ويكف وجهك عن سؤال الناس، وهذا كفيل بأن تحرص من كل قلبك على إنجازه، وتنمي استعدادك وقابليتك على تذوق ما تفعله، والتلذذ ببهجة أن تتعلم شيئاً ما مهما تكن خبرتك السابقة.
إن النجاح شعور، والناجح يبدأ رحلته بحب النجاح والتفكير بالنجاح .. فكر وأحب وابدأ رحلتك نحو هدفك .. تذكر أن النجاح يبدأ من الحالة النفسية للفرد، فعليك أن تؤمن بأنك ستنجح _بإذن الله _ من أجل أن يكتب لك فعلا النجاح .. فالناجحون لا ينجحون وهم جالسون لاهون ينتظرون النجاح، ولا يعتقدون أنه فرصة حظ، وإنما يصنعونه بالعمل والجد والتفكير والحب واستغلال الفرص والاعتماد على ما ينجزونه بأيديهم.
الحب الحقيقي 
يقول د. عائض القرني: كن من أولياء الله وأحبائه لتسعد، إن من أسعد السعداء ذاك الذي جعل هدفه الأسمى وغايته المنشودة حب الله عز وجل، وما ألطف قوله تعالى {يحبهم ويحبونه} قال بعضهم: ليس العجب من قوله {يحبونه} ولكن العجب من قوله {يحبهم} فهو الذي خلقهم ورزقهم وتولاهم وأعطاهم ثم يحبهم، قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران:31]
إن رجلا من الصحابة أحب {قل هو الله أحد} فكان يرددها في كل ركعة ويتوله بذكرها ويعيدها على لسانه، ويشجي بها فؤاده، ويحرك بها وجدانه، فقال له –صلى الله عليه وسلم-: (حبك إياها أدخلك الجنة) .. إن مجنون ليلى قتله حب امرأة، وقارون حب المال، وفرعون حب المنصب، وقتل حمزة وجعفر وحنظلة حبا لله ولرسوله، فيا لبعد ما بين الفريقين.
إنما يتعثر من لم يخلص 
يقول ابن الجوزي رحمه الله: واعلم أن الطريق الموصلة إلى الحق سبحانه ليست مما يقطع بالأقدام، وإنما يقطع بالقلوب، والشهوات العاجلة قطاع الطريق، والسبيل كالليل المدلهم، غير أن عين الموفق بصر فرس، لأنه يرى في الظلمة كما يرى في الضوء، والصدق في الطلب منار أين وجد يدل على الجادة، وإنما يتعثر من لم يخلص. 
حب الناس
التعامل مع الناس فن من أهم الفنون نظراً لاختلاف طباعهم، فليس من السهل أبداً أن نحوز على احترام وتقدير الآخرين، وفي المقابل من السهل جداً أن نخسر كل الناس، وكما يقال: «الهدم دائماً أسهل من البناء»، فإن استطعنا توفير بناء جيد من حسن التعامل فإن هذا سيسعدنا نحن في المقام الأول، لأننا سنشعر بحب الناس لنا وحرصهم على صحبتنا ودعمنا. 
والتوجيهات النبوية في هذا الشأن جواهر ثمينة، حرى بنا أن نقتنيها. قال –صلى الله عليه وسلم-: 
(ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس)، (شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس)، (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)، (أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما)، (أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل).
كلمات في الحب 
- الإنسان قبل الحب شيء، وعند الحب كل شيء، وبعد الحب لا شيء.
- الحب فرصة ليصبح الإنسان أفضل وأجمل وأرقى.
- الحب ليس عاطفة ووجداناً فقط، إنما هو طاقة وإنتاج.
- الحب فضيلة الفضائل، به نعلو بأنفسنا عن العبث والتهريج والابتذال العاطفي، ونحمي عقولنا من الضياع والتبعثر الفكري.
- الحب تجربة إنسانية معقدة، وهو أخطر وأهم حدث يمر في حياة الإنسان، لأنه يمس صميم شخصيته وجوهره ووجوده، فيجعله يشعر وكأنه وُلد من جديد.

الجانب المشرق في حياتنا

من القصص الرمزية .. يحكى أن سقاء كان له جرتان كبيرتان معلقتان على طرفي عصا يحملها على عاتقه، وكانت إحدى الجرتين فيها شرخ صغير بينما الأخرى سليمة تعطي نصيبها من الماء كاملا بعد نهاية مشوار طويل من النبع إلى البيت، أما الجرة المشروخة فدائما ما تصل في نصف عبوتها.
استمر هذا الحال يومياً لمدة عامين، وكانت الجرة السليمة فخورة بإنجازاتها التي صُنعت من أجلها، أما الجرة المشروخة فكانت خَجِلة من عِلتها وتعيسة لأنها تؤدي فقط نصف ما يجب أن تؤديه من مهمة.
وفي أحد الأيام خاطبت الجرة المعيبة السقاء عند النبع قائلة: " أنا خجلة من نفسي، وأود الاعتذار منك، لأني أعطي نصف حمولتي بسبب الشرخ الموجود في جنبي الذي يسرب الماء طيلة الطريق إلى منزلك، والنتيجة أنك تقوم بكل العمل ولا تحصل على جهدك كاملا". 
شعر السقاء بالأسى حيال الجرة المشروخة، وقال لها في غمرة شفقته عليها: "عندما نعود إلى المنزل أرجو أن تلاحظي تلك الأزهار الجميلة على طول الممر" .. وأثناء اجتيازهم الممر لاحظت الجرة المشروخة تلك الأزهار البرية على أحد جوانب الممر، وأثلج صدرها ذلك المنظر الخلاب، فابتدرها السقاء قائلا: "هل لاحظت أن وجود الأزهار فقط في جانبك من الممر، وليس في جانب الجرة الأخرى؟ ذلك لأني كنت أعرف دائما عن صدعك، وقد زرعت بذور الأزهار في جهتك من الممر، وعند رجوعي يوميا من النبع كُنتِ تسقينها من شرخك الصغير، ولمدة عامين كنت أقطف هذه الأزهار الجميلة لتزيين المائدة، ولو لم تَكوني كما كُنتِ لما كان هنالك جمال يُزيِّن هذا المنزل". 
جبل البشر على النقص فالكمال لله وحده، لذا فكم هو رائع أن نأخذ الجانب المشرق في كل شيء، وأن نقبل الآخرين على ما هم عليه بحب وود، مع محاولة التغيير الهادئة المتزنة .. إن الحياة بطبيعتها تحتوي على الحلو والمر، النور والظلام، السعادة والشقاء. هكذا خلقها الله، وهكذا أرادها مليئة بالمتناقضات التي علينا أن نختار منها ما نريد. فنحن متحكمون في حياتنا إلى حد بعيد. أما البكاء بسبب الظلم الواقع علينا وقسوة الظروف فليس من الواقع، ولا من الإرادة الإنسانية القوية في شيء. 
ما يحدد حياتنا أولاً هو نظرتنا لها، فكل شيء حولنا له جانبه المضيء وجانبه المظلم، وحتى نحن هكذا، فليس هناك إنسان خير محضا وإلا كان من الملائكة، ولا إنسان شرا محضا وإلا كان من الشياطين. فإذا وعينا هذه الحقيقة فسنبحث داخل كل مشكلة أو عائق يقابلنا عن الجانب المشرق، فهناك - مثلا - من لا يسمي المشكلة «مشكلة»، بل «تحديا». وهو بذلك قد غيّر نظرته إليها، وبحث عن الجانب المضيء فيها. فكلمة «التحدي» ستوحي له بمواجهة هذا التحدي ومقابلته ومحاولة التغلب عليه. أما مسمى «مشكلة» فيعني لدى الكثيرين الإحباط والاكتئاب.
آمن إذن بوجود الجانب المشرق في كل شأن. فإذا آمنت بذلك فابحث عنه كلما واجهتك مشكلة أو عائقا ما، فستجده بالتأكيد .. غيّر نظرتك إلى الأفضل والأكثر تفاؤلا، وستجد دائما من الحياة جوانب مشرقة تساند نظرتك تلك وتؤيدها وترسخها لديك.
الأمل خير مطية 
- كن مبتسما واحرص أن تكون الابتسامة طبيعية غير متكلفة، وإذا لم تستطع فتصنع الابتسامة حتى تكون طبعا راسخا فيك، فالابتسامة لها أسرار كثيرة: إنها تكسبك الآجر والثواب عند الله، قال –صلى الله عليه وسلم-: «تبسمك في وجه أخيك صدقة» [رواه الترمذي]، وتؤخر عنك شبح الشيخوخة المبكرة، وتقوي عضلات وجهك، وتعطي قلبك حيوية ونشاطا.
- لا تحقر نفسك، فأنت مخلوق عظيم، قد أودع فيك المولي - سبحانه وتعالي - من القدرات والطاقات الشيء الكثير، فما عليك إلا أن تعزز نفسك بالعبارات أولا وبالأفعال ثانيا، وتذكرك قوله النبي عليه الصلاة والسلام السلام: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» [رواه الطبراني] 
- تسامح مع نفسك واغفر لها زلاتها، ولا تقف كثيرا عند أخطاء ماضيك، لأنها ستحيل حاضرك جحيماً، ومستقبلك حُطاماً،، يكفيك منها وقفة اعتبار،، تعطيك دفعة جديدة في طريق الكفاح، وإذا غفرت لنفسك ما أخطأت فمن الشهامة والكرم أن تغفر للآخرين أخطاءهم.
- لا تدع اليأس يستولي عليك، انظر إلى حيث تشرق الشمس كل فجر جديد لتتعلم الدرس الذي أراد الله للناس أن يتعلموه .. إن الغروب لا يحول دون شروق مرة أخرى في كل صبح جديد، وانظر إلى الجانب المشرق من حياتك، فهناك أعمال قد تكون عملتها في ظهر الغيب تستحق الوقوف لها والتصفيق، فنور النهار يجلي سواد الليل.
- عقلك بفضل من الله سبحانه وتعالى يعطيك في اليوم حوالي 600 فكرة جديدة، فاحرص على الاستفادة من هذه الطاقة العقلية بشكل مستمر، فإن طاقة العقل مثل طاقة الماء إن استخدمته تحرك وتنشط وأنتج، وإن تركته فسد.
- كن ايجابيا في الحياة، وانظر إليها بتفاؤل، واحذر من مجالسة المتشائمين الذي لا يرون من الحياة إلا اللون الأسود.
- لا يعني أن تكون إيجابيا أن تسعي دائما لتحري الجانب المشرق من الحياة، وطرح أي سلبية تواجهها من النافذة. فالأشخاص الإيجابيين هم الأشخاص الذين ينظرون بواقعية إلى الحياة. وهؤلاء لا يخشون سلبياتهم أو سلبيات الآخرين. لذلك ليس هناك أي سبب يجعلك تختبئ من تلك الأفكار أو المشاعر أو السلوكيات مهما كانت سوءتها .. حاول الاعتراف بسلبياتك وبسلبيات الآخرين حتى يمكنك استثمارها لصالحك. خاصة وأن أي عواطف سلبية تمتلك إمكانية التحول إلى عواطف إيجابية. لذلك فإن جملة ( لا أثق بنفسي ) يمكن أن تتحول إلى ( أثق بنفسي ) وجملة ( أنا فاشل ) يمكن أن تتحول إلى ( أنا إنسان ناجح ) ويمكن أن تتحول جملة ( لا أستطيع أن أتغير ) إلى ( أستطيع أن أتغير )
- أن يكرهك الناس وأنت تثق بنفسك وتحترمها، أهون كثيرا من أن يحبك الناس وأنت تكره نفسك ولا تثق بها .. فكن واثق الخطوة، تنظر للوجه الإيجابي في كل شؤون الحياة.

لماذا نقرأ سورة الكهف يوم الجمعة؟



حين يبدع العقل بتحليل النص
لماذا نقرأ سورة الكهف يوم الجمعة؟
•• سورة الكهف.. تشمل:
٤قصص=٤ فتن=٤قوارب نجاة
١- أصحاب الكهف = فتنة الدين
قصة شباب مؤمنين كانوا يعيشون في بلده كافرة فعزموا على الهجرة والفرار بدينهم بعد مواجهة بينهم وبين قومهم؛ كافأهم الله برحمة الكهف ورعاية الشمس... استيقظوا فوجدوا القرية مؤمنة بكاملها!
قارب النجاة منها: }الصحبة الصالحة{
٢- صاحب الجنتين = فتنة المال والولد
قصة رجل أنعم الله عليه فنسى وأهان النعمة فطغى وتجرأ على ثوابت الايمان بالطعن والشك ولم يحسن شكر النعمة رغم تذكرة صاحبه... هلاك الزرع والثمر... الندم حين لا ينفع الندم!
قارب النجاة منها: }معرفة حقيقة الدنيا{
٣- موسى والخضر = فتنة العلم
عندما سئل موسى من أعلم أهل الأرض فقال أنا؛ فأوحى الله إليه أن هناك من هو أعلم منك فسافر إليه موسى ليتعلم منه كيف أن الحكمة الإلهية قد تغيب أحياناً ولكن مدبرها حكيم.. مثال: السفينة.. الغلام
قارب النجاة منها: }التواضع{
٤- ذي القرنين = فتنة السلطة
قصة الملك العظيم الذي جمع بين العلم والقوة وطاف الأرض يساعد الناس وينشر الخير في ربوعها.. تغلب على مشكلة يأجوج ومأجوج ببناء السد واستطاع توظيف طاقات قوم لا يكادون يفقهون قولا!
قارب النجاة منها: }الإخلاص{
•• في وسط السورة يظهر أن إابليس هو المحرك الأساسي للفتن }أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا{
••ماعلاقة سورة الكهف بالمسيح الدجال؟
•• سيظهر الدجال قبل القيامة بأربع فتن:
١- يطلب من الناس عبادته من دون الله ]فتنة الدين[
٢- سيأمر السماء بالمطر ويفتن الناس بما في يديه من أموال ]فتنة المال[
٣- فتنة العلم لما يخبر الناس به من أخبار ]فتنة العلم[
٤- يسيطر على أجزاء كبيرة من الأرض ]فتنة السلطة[
•• قوارب النجاة:
١- الصحبة الصالحة: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (الكهف:٢٨{
٢- معرفة حقيقة الدنيا: ]وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً[
٣- التواضع: }قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمراً{
٤- الإخلاص: } قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً{
•• اللهم نجنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن..
•• فهل عرفتم سر قراءة سورة الكهف يوم الجمعة و دورها في الوقاية من فتن الدنيا وفي العصمة من المسيح الدجال

ولمَ غطيناه إذاً


يقول أحد دهاة العرب : ما غلبتني إلا جارية ، كانت تحمل طبقا 
مُغطّى .. فسألتها: ماذا يوجد في الطبق ؟؟ فقالت: ولمَ غطيناه إذاً !!؟ فأحرجتني! لا أقول حكمة اليوم بل حكمة العمر : " أي شيء مستور لا تحاول أن تكشفه" لا تحاول أن تبحث عن الوجه الآخر لأي شخص ، حتى لو كنت متأكدا بأنه سيّء يكفي أنه احترمك و أظهر لك الجانب الأفضل منه ، واجعل من إكتفائك قناعة ، فلكل مِنّا جانب سيّء يتحاشاه حتى مع نفسه. والإشتغال بسرائر الناس ، يفتح باب سوء الظن وظلم الخَلق ! سترنا الله وإياكم في الدنيا والآخرة 

نصيحة من غير فعل


وﻗﻒ ﺭﺟﻞ ﻳﻌﻆ ﺟﻤﻮﻋﺎ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻗﺎﺋﻼ ﻳﺠﺐ أﻥ ﻧﺴﺎﻣﺢ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺑﻌﻀﺎً ﻓﻜﻴﻒ ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ أﻥ ﻳﺴﺎﻣﺤﻨﺎ ﻭﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺴﺎﻣﺢ ﻏﻴﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ . ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﻛﻠﻤﺘﻪ أﺧﺬ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻭﺍﻧﺼﺮﻑ ﻭأﺛﻨﺎﺀ ﻋﻮﺩﺗﻬما ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ : هناك ﺷيء ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ اخبارك ﺑﻪ لكني  ﻛﻨﺖ ﻣﺘﺮﺩﺩﺓ، ﻭﻟﻜﻦ ﻛﻼﻣﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ أﻋﻄﺎﻧﻲ دافعا قويا ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌﻚ ﺑﺸﺄﻧﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺗﺤﺪﺛﻲ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ. ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻘﺪ ﺃﺧﺬﺕ ﺳﺎﻋﺘﻚ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴة ﻭ ﻗﻤﺖ ﺑﺒﻴﻌﻬﺎ ﻛﻲ ﺃﺷﺘﺮﻱ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﺗﻨﻘﺼﻨﻲ ﻓﺄﻭﻗﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻓﺠﺄﺓ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻘﻮﻟﻴﻦ !! ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ : ﻧﻌﻢ، ﻛﻨﺖ ﺃﺣﺘﺎﺝ إﻟى ﻧﻘﻮﺩ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭ أﻧﺖ كثير الإنشغال  ﻓﻠﻢ أﺟﺪ ﺃﻣﺎﻣﻲ ﺷيئا لأﻓﻌﻠﻪ ﺳﻮﻯ ﻫﺬﺍ الفعل ، ﻓﺼﻔﻌﻬﺎ ﻋﻠى ﻭﺟﻬﻬﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺇﻧﻬﺎ ﺳﺮﻗة ، ﻫﻞ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻲ ﻭﻟﻢ أﻋﻄﻚ !! ﻓﺎﺑﺘﺴﻤﺖ ﺭﻏﻢ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺼﻔﻌﺔ ﻗﺎﺋﻠﺔ ، ﺃﺭﺩﺕ أن ﺃﺧﺘﺒﺮﻙ  بعد مواعظك التي لقيت تجاوبا من الناس ، تراك  ﺳﺘﺴﺎﻣﺤﻨﻲ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻭﻋﻈﺖ ﺍﻟﺠﻤﻮﻉ ﻣﻨﺬ ﻗﻠﻴﻞ ﺃﻡ ﻻ ؟ أم انها محض كلمات تقال وفقط ؟ ﺍﻃﻤﺌﻦ ﻳﺎ ﺯﻭﺟﻲ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻓﺴﺎﻋﺘﻚ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﻓﻲ ﻳﺪﻙ
ﻻ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻙ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ أﻧﺖ ﺗﻔﺘﻘﺪﻩ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﻛُﻦ ﺩﺍﻋﻴﺎً ﺑﺄﺧﻼﻗﻚ ﻭ ﺃﻓﻌﺎﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺴﺒﻘﻬﺎ ﺑﺄﻗﻮﺍﻟﻚ ﺍﻧﺼﺢ ﻭﻻ ﺗﻔﻀﺢ، ﻭﻋﺎﺗﺐ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺠﺮﺡ .. ﻻ ﺗﺤﺘﻘﺮ ﺷﺨﺼﺎً ﻭ ﻟﻮ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﻳﻌﺼﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺄﻛﺒﺮ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ، ولا تقل ما لاتفعل ، وكن ناصحا لنفسك قبل الآخرين ، فما جدوى أن تطالب الناس بفل أشياء انت غير قادر على فعلها مع غيرك بل حتى مع أقرب الناس إليك فلا ﺗﺪﺭﻱ ﻣﻦ منكما ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ.

حكمة الأسبوع


حينما سئل ابن تيمية: كيف أصبحت ؟ قال : بين نعمتين ﻻ أدري أيتهما أفضل ! ذنوب قد سترها الله فلم يستطيع أن يعايرني بها أحد من خلقه، ومودة القاها في قلوب العباد ﻻ يبلغها عملي . وحينما سئل ابن المغيرة : يا أبا محمد كيف أصبحت ؟ قال : أصبحنا مغرقين بالنعم عاجزين عن الشكر . يتحبب ربنا إلينا بالنعم وهو الغني سبحانه، ونتمقت إليه بالمعاصي ونحن له محتاجون . ولابن القيم قول جميل قال : لو رزق العبد الدنيا ومافيها ثم قال الحمدلله؛ لكان إلهام الله له بالحمد أعظم نعمه من إعطائه له الدنيا؛ ﻷن نعيم الدنيا يزول، وثواب الحمد يبقى . فاللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك ﻻشريك لك فلك الحمد ولك الشكر .

إنما يوفى الصابرون أجرهم










عروة بن الزبير قطعت رجله لمرض أصابه .. وفي نفس اليوم توفي أعز أبنائه السبعة على قلبه بعد أن رفسه فرس ومات .. فقال عروة : اللهم لك الحمد وإنّا لله وإنّا إليه راجعون , أعطاني سبعة أبناء وأخذ واحداً , وأعطاني أربعة أطراف وأخذ واحداً إن ابتلى فطالما عافا , وإن أخذ فطالما أعطى , وإني أسأل الله أن يجمعني بهما في الجنة .
 و ذات مرة دخل مجلس الخليفة , فوجد شيخاً طاعناً في السن مهشم الوجه أعمى البصر , فقال الخليفة : يا عروة سل هذا الشيخ عن قصته . قال عروة : ما قصتك يا شيخ ؟ قال الشيخ : يا عروة اعلم أني بت ذات ليلة في وادٍ , وليس في ذلك الوادي أغنى مني ولا أكثر مني مالاً وحلالاً وعيالاً , فأتانا السيل بالليل فأخذ عيالي ومالي وحلالي , وطلعت الشمس وأنا لا أملك إلا طفلا صغيرا وبعيرا واحدا , فهرب البعير فأردت اللحاق به , فلم أبتعد كثيراً حتى سمعت خلفي صراخ الطفل فالتفتُ فإذا برأس الطفل في فم الذئب فانطلقت لإنقاذه فلم أقدر على ذلك فقد مزقه الذئب بأنيابه , فعدت لألحق بالبعير فضربني بخفه على وجهي , فهشم وجهي وأعمى بصري !!! قال عروة : وما تقول يا شيخ بعد هذا فقال الشيخ : أقول اللهم لك الحمد ترك لي قلباً عامراً ولساناً ذاكراً . هذا هو الصبر ..
 هؤلاء الذين بشرهم الله بقوله : } إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب { ماهي مصائبنا لكي نحزن ونتضايق ! هل تقاس بمصائبهم ! هم صبروا فبشرهم الله ، ونحن جزعنا فماذا لنا ؟! ربنا لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه
تعيش بين أهلك تتمتّع بالصحة والعافية تنام على فِراش خاص بك تأكل و تشرب وتخرج وتعيش بأمان !!! ولاتشعر بالخوف حولك وكل ماترغب به تحصل عليه إما بوقته أو بعد حين تضحك وتتحرك وتتتمتع بِكامل قواك العقلية والجسدية لكن تكتب بالرسالة الخاصة# }يآ همومي ارحميني ماعدت أقوى على الصبر{ }يا موت خذني كم بدنياي عانيت { وتتصنع الحزن وتضع صور لأناس يبكون ويتألمون أريد أن أعرف " عن أي حزن يتحدثون احمدوا الله' واشكروه فإنكم لاتعلمُون ماهو الهمّ والخوف والفزع والجوع والتشريد أخشى أن يبتلينا الله لنذوق حقيقة مانكتب تأملوها رُبما البعض يتغير عن تصنع الأحزان

2015-07-26

حاجتنا إِلى التفاؤل وإِتقان العمل




لو أعطى الإِنسان أُذُنه للإِعلام لأدار ظهره للحياة ، مِنْ كثرة ما يَبُسُّونَه مِنْ رسائل إِحباط وتيئيس لخلق الله، والعجيب أَنَّهم يطالبون غيرهم أَنْ يرسل رسالة طمأنة للثكالى والمعذَبين في الأرض مع أَنَّهم أحوج الناس لذلك،
فالسيئة عندهم يُضْرَبُ لها الطبل، والحسنة يُهمس بها، لذا مَسَّتْ الحاجة إِلى التذكير بما يساهم في اخراج الناس من ضيق الإِحباط إِلى سعة التفاؤل والإِنخراط في العمل:
حاجتنا الى التفاؤل :
- التّفاؤل: يعني انشراح القلب وتوقّع الخير ، وفوائده لا تحصى، فهو يقوي العزم، ويبعث على الجدّ، و يُعِين على إِدراك الهدف؛ وهو يجلب الطّمأنينة وسكون النّفس ، وفيه اقتداء بسيد الخلق القائل \"وأنا مبشّرهم إذا أيسوا\" ، و القائل \"سدّدوا وقاربوا، وأبشروا\"؛ والتفاؤل يُمَكِّن الإِنسان مِنْ إِدارة أزمته بثقة وهدوء فيحصل الفرج بعد الشّدّة،كما أَنَّه يقوى الروابط بين الناس ، فالمتفائل يحبّ من يبشّره و يستأنس به،وفيه إِحسان الظّنّ بالله تعالى، و حُسْن الظَّنِّ مِنْ حُسْنِ العبادة،
- ويكفى في مِدْحَةِ أَنَّ أضداده: التشاؤم واليأس والإِحباط والإِنهزامية والقنوط، وكل واحد منها كفيل بأَنْ يصيب الانسان بإِضطراب النّفس وبلبلة الفكر، و يحرمه الإبداع والتّفوّق ويسهل عليه البطالة والكسل ، و يجعله عبدا للخزعبلات والدّجل والإِشاعات المغرضة، ويوقعه فريسة للأمراض بشهادة ذلك الحكيم الذى يقول:« إِنَّ قرحة المعدة لا تأتي مما تأكل، ولكنها تأتي مما يأكلك»، في إِشارة واضحة إِلى الثمرة المرة لمضادات التفاؤل، وكاد أَنْ يصيب كبد الحقيقة مَنْ وصف المتشائم بأَنَّه « مَيِّت الأحياء» وقد صدق، ألا يكفي أَنَّه مطرود مِنْ رحمة الله مطعون في قوة يقينه وإِيمانه!! إِنَّه يستجدي الزمان أَنْ يأتيه بكل ماعنده من مِحَن ، ولسان حاله يقول : «إِنْ كان عندك يازمان بَقِيَّة مما يُهَانُ به الأنام فَهَاتِهَا»، أما المتفائل فشعاره : «إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَلَيَّ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنْ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي»
و« لَنْ يَغْلِب عُسْر يُسْرَيْنِ»
- أما كيف نزرع التفاؤل في داخلنا ؟ فأقول : 
جُلْ بقلبك في حنايا التاريخ مستصحبا معك ما أسميته ميثاق التفاؤل : «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وفي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغرسها »، إِنَّه حث على التفاؤل و العمل وإنْ لم يبق مِنْ الدنيا إلا دقائق ، لتبقى عامرة إلى آخر أمدها المعدود عند خالقها،
و تذكر نبأ ثاني اثنين إِذْ هُمَا في الغار ، في تلك الحالة الحرجة الشديدة ، وقد انتشر الأعداء من كل جانب يطلبونهما ليقتلوهما، فأنزل الله عليهما من نصره ما لا يخطر على البال. وقصة يوسف النبي - الكريم ابن الكريم- الذي بدأ حياته بالسجن وختمها بملك مصر ، لم يُؤَهله لهذا المنصب حسب ولا نسب، وانما أهله حفظه و علمه، فالعلم إشارة إلى الإتقان والكفاءة ،والحفظ إشارة الى الثقة، 
و لا تنسى موسى الكليم الذي جعل الله هلاك فرعون على يديه ، والذي زكته ابنة الرجل الصالح ، بعد ما شاهدت مِنْ نشاطه ما عرفت به قوته، وشاهدت مِنْ خلقه ما عرفت به أمانته ،فأصدرت حكمها لأبيها
« إِنَّ خير من استأجرت القوي الأمين»، وياله مِنْ حكم صائب، لأن مَنْ يجمع بين إِتقان العمل والأمانة، يكون موفقا مسددا، و لا يكون الخلل في أمر ما إلا بفقدهما أو فقد إحداهما، 
وكُنْ على ذكر من قصة الثلاثة الذين أواهم المبيت إلى الغار ، وحادثة الإفْك ، ودعاء حبيبك طلعة كل صباح: \" «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ. وَمِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ»، 
إِنَّ واقعنا اليوم ، وما هي فيه مِنْ أَنواع الْمِحَنِ و الرزايا ، ليستدعي إحياء صفة التفاؤل ، تلك الصفة التي تأخذ بالهمة الى القمة ، وتضيء الطريق لأهلها
– اتقان العمل :
التفاؤل ليس شعورا مصحوبا بالقعود ،بل هو و العمل قرينان و صِنْوَان لايفترقان ، فلا يسمى المرء متفائلا إلا إذا بَلَغَ بالأسباب إلى منتهاها وعمل ما في وسعه ، لَكِنْ يسرف في المبالغة مَنْ يقول لك : « سأعطيك وصفة سحرية للتفاؤل واتقان العمل» ، لأَنَّ ما نحن فيه هو تراكمات ثقافة طويلة ،شاب عليها الصغير وهرم عليها الكبير ،يحتاج تغييرها إلى عمل مؤسسي متكامل ومنظومة ممنهجة ، ليصبح الأفراد داخلها كخلية نَحْل يعرف كل واحد فيها دوره ويؤديه باتقان ، إلا أَنَّ هذا لا يبرر لنا التقصير والقعود ، فبإمكاننا أنْ نتقدم خطوة بل خطوات إلى الأمام ، إذا أتقن كل منا عمله فى حدود استطاعته، فالإحصائيات تقول \"إذا تغيرت ثقافة خمسة بالمائة من الأفراد فإنَّه ينعكس على المجتمع كله بنسبة عشرين فى المئة\" ،فماذا لو تغيرت ثقافة خمسين بالمائة ؟!
وفيما يلى بعض النقاط المهمة التي تعين على تحسن الأداء ، بعضها آخذ بعناق بعض :
- استشعار المسئولية والقيام بالواجب نحو إصلاح الأحوال ، و التكيف مع ظروف العمل في الشدة والرخاء . فبدلا من أن نلعن الظلام نوقد شمعة
- تنمية الرقابة الذاتية داخل الفرد بدافع من ضميره الحي وواجبه الوطني ، و النظر إلى إتقان العمل على أَنَّه واجب ديني وعبادة وقربى إلى الله، وفوق كل هذا نفع الخلق، فهو ذكراك الحسنة فيمن جاء بعدك ، و التي يسألها الصالحون في كل وقت ، اقتداء بقدوتهم في دعائه «واجعل لي لسان صدق في الاخرين» أي : اجعل لي في الناس ثناء صدق، مستمر إلى آخر الدهر
- إحسان الْخُلُقِ في المعاملة مع الناس والمبادرة إلى القيام بمصالحهم ، ولا يغيب عن بالك أَنَّ السعي في مصلحة شخص ما خير من عبادة أزمنة مديدة
- تحدّيد ألأولويات أولاً ، ثم الإلتزم بها ما أمكن ، ومِنْ ثَمَّ إنجاز الأعمال في أوقاتها المحدودة و الالتزام بالمواعيد واحترامها ، وهذا كله يقتضي ضرورة الاهتمام بالوقت والرغبة الجادة في استثمار كل دقيقة منه
- تفعيل الرقابة المؤسسية مِنْ خلال القوانين واللوائح والأساليب التي تنظم سير العمل كل على حسبه ، على أَنْ يكون ذلك بحزم وصلابة مع مرونة ولطف ، وليس صحيحا ما وَقَرَ في الأذهان أَنَّ المرونة تعنى التسيب ، و أَنَّ الصلابة تعني القسوة والجفاء ،
وأخيرا : علينا الا نيأس فخَلْفَ الغيوم نجوم، و تحت الثلوج مروج. اللهم أعنا على انفسنا و احفظ أوطاننا من كل مكروه وسوء.آمين
 

دلالات الصمت .. وآثاره على شخصية الإنسان !!..


الإنسان الصامت هو ذلك الشخص الذي يميل إلى عدم التحدث مع الآخرين وغالباً ما يلجأ إلى الإنعزال عن الناس وتجنب التعامل معهم .. بل والمبالغة في سكوته أحياناً . إن عامل الصمت لدى الإنسان له أسباباً عديدة لعل من أهمها هو عدم قدرة هذا الفرد على التكيف مع البيئة المحيطة به . كما أن من أهم الأسباب التي تجعل الفرد منا يميل إلى الصمت هو عدم ثقته بالآخرين من حوله هذا غير أنه عديم الثقة بنفسه أصلاً . إن عوامل الحياء والخجل والخوف أحياناً ما تعد من أهم أسباب الصمت لدى الإنسان إضافة إلى عدم قدرة الشخص الصامت على التعبير عما يجول بنفسه من أفكار وأحاسيس ومشاعر .
لو نظرنا إلى واقع حال الشخص الصامت لوجدنا أن من أهم صفاته عدم الصراحة وقلة الوضوح مع الآخرين .. بل هو أشبه ما يكون بالإنسان الغامض .. ( اللي ما تعرف خيره من شره !!.. ) . إن الشخص الصامت عادة لا يميل إلى أن يتعارف على الناس من حوله ولا حتى التعاون أو التعامل أو التكامل معهم ، هذا إلى جانب أنه غالباً ما يكون على وضع ( الصامت .. ) أثناء حواراته مع الآخرين .. بل إن الشخص الصامت غالباً لا توجد لديه أية رغبة في التعبير عن وجهة نظره .. ولا حتى عن ميوله وأهدافه ورغباته واهتماماته . إن من أهم العوامل التي نستطيع من خلالها أن نكتشف حقيقة الشخصية الصامتة هو الهدوء المبالغ فيه والخجل المفرط والميل إلى السكوت كثيراً وكثرة سماعه إلى الآخرين وتلقي الأوامر منهم .. بل إن لسان حاله غالباً ما يقول : ( ويش لي بالكلام الكثير ووجع الراس !!!! ) .
إن الشخص الصامت يعد من الشخصيات التي يصعب علينا التعامل معها إلا إذا كنا نتمتع بدرجة مهارية فائقة في التعامل مع الآخرين . كما أنه ليس من السهل التعامل مع هذا الشخص نظراً لأنه لا يمتلك وجهاً تعبيرياً أثناء تعاملاته مع الآخرين ( بمعنى أنه لا يظهر على وجهه أية ملامح للفرح أو الحزن أو الغضب أو التعجب .. إلخ .. ) .. أي أنه إنسان مبهم وغير واضح .
عزيزي القارئ الكريم .. لو أردت التعامل مع الشخص الصامت فاحرص جيداً على أن إثارة رغبته في التحدث إليك وذلك كأن تذكر له أمور يتعجب منها ومواقف غريبة لأول مرة يسمع عنها منك وذلك حتى يخرج عن صمته ( وينطق .. ) .. حيـث أنـه بـذلـك سـيتشجع تدريجياً على السؤال عنها ومن ثـم يـتحدث معك بشأنها .. بل وسيسترسل معك في الحديث عنها . يجب علينا أثناء التعامل مع هذه الشخصية أن نحرص تماماً على عدم وضعه في مواقف تسبب له الحرج أمام الناس . كما يجب علينا أن نتقبل طبيعة هذا الإنسان لكي نستطيع أن تتعامل مع حالته الصامتة وبشكل يتناسب مع شخصيته . إن من أهم العوامل التي تفيدنا في كيفية التعامل مع الإنسان الصامت هو إحترامك وتقديرك له وإبداء مزيداً من المرونة والتساهل أثناء تعاملك معه ( يعني لا توقف له على كل صغيرة وكبيرة !!.. ) وذلك من أجل كسر الحاجز النفسي فيما بينك وبينه . كما أن التعامل بروح الدعابة والمرح مع الشخص الصامت يفيد كثيراً في خلق جواً من الألفة والمحبة فيما بينك وبينه ومن ثم كسر حاجز الصمت لديه أثناء حواراتك معه . إن توجيه الأسئلة المفتوحة مثل : ( ماذا- متى – كيف – أين .. ) وهي الأسئلة التي عادة ما تتطلب إجابات طويلة يعد عاملاً في غاية الأهمية في أن يكسر حالة الصمت التي تسيطر على شخصية الإنسان الصامت .. مع أهمية مراعاة تجنب توجيه الأسئلة المغلقة التي عادة ما تكون إجاباتها قصيرة مثل : ( نعم – لا – صح – خطأ ) وذلك مع الحرص على عدم مقاطعته حينما يتحدث نظراً لأن ذلك يسهم وبشكل مباشر في قطع حبل أفكاره .

الإطار العام لحوار مثمر مع الآخرين


الحوار الإيجابي الصحي هو الحوار الموضوعي الذي يطرح الإيجابيات والسلبيات في ذات الوقت، ويرى العقبات ويرى أيضا إمكانيات التغلب عليها، وهو حوار صادق عميق وواضح الكلمات ومدلولاتها، وهو الحوار المتكافئ الذي يعطي لكلا الطرفين فرصة التعبير والإبداع الحقيقي، ويحترم الرأي الآخر، ويوقن بحتمية الخلاف في الرأي بين البشر وآداب الخلاف وتقبله.
الطريق من هنا 
السماع الكامل للآخر، وإعطاءه الفرصة له حتى يُتم كلامه، مع استيضاح أي غموض فيما يعرضه من أفكار، وعدم الطمع في الكلام بدلاً منه، لأن هذا الطمع يزهدنا في أقوال مَن نتحاور معه، ويحرمنا من تَدبّرها. كما أن السماع الكامل للآخر يُشْعره باهتمامنا بما يقول، وجديتنا في التحاور وهذا يقلل الحافز العدائي لديه ويجعله يشعر بأنك محايد.
لا تقاطع محدثك، ودعه يعرض قضيته كاملة حتى لا يشعر بأنك لم تفهمه، كما أنك إذا قاطعته أثناء كلامه فإنك تحفزه نفسيا على عدم الاستماع إليك، لأن الشخص الذي يبقي لديه كلام في صدره سيركز تفكيره في كيفية التحدث ولن يستطيع الإنصات لك جيدا ولا فهم ما تقوله. 
فإذا تبين لنا خطأ المتحدث، فإن السماع الكامل له وعدم مقاطعته هو المقدمة الصحيحة لرجوعه عن الخطأ مهما كان عناده وغلظته؛ فإن أشد الناس جفافاً في الطبع وغلظة في القول لا يملك إلا أن يلين ويتجاوب إزاء مستمع صبور عطوف يلوذ بالصمت إذا أخذ محدثه الغضب. 
هدف الحوار هو الاستفادة من الأفكار وليس تخطئة الأشخاص، ولذلك فإن من أهم ضوابط الحوار: التركيز على فض الاشتباكات الفكرية دون التعرض السلبي للأشخاص بتشويه أو تجهيل أو تجريح، فلا خلاف مطلقاً بين أشخاص المتحاورين، وإنما بين أفكارهم، والفكرة الحسنة تُمْتدح بغض النظر عن قائلها، والفكرة الخطأ تُرَاجع دون تسفيه قائلها أو التهكم منه، فالنظر دائماً إلى الآخر من خلال ما قال، لا من خلال من قال .. كن دقيقاً، وتحدث عن المشكلة الصعبة وليس عن الشخص الصعب. إن التعميمات مثل قول: " كلما حضرنا اجتماعاً تلجأ إلى المبالغة.." لن تساعد أبداً، وعليك أن تعطي أو تقدّم أمثلة محددة بدلاً من ذلك.
ترك المراء والجدل، والتزام بيان الحق بالحجج والبراهين، قال –صلى الله عليه وسلم-: «أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً» [رواه أبو داود] .. فرغم القناعة بملكية الحق لا يكون إثباته عن طريق المراء والجدل، وإنما عبر الطرق والمسارات الشرعية التي تصل بسالكها إلى بيان الحق، وعدم الانتقال بأي حال من الأحوال من شواهد الأدلة إلى دوافع الآخر، أو من إقامة الحجج للتدليل على صحة ما نراه ونعتقده إلى إثارة الجدل للتدليل على خطأ الآخر وخبث بواعثه، فيدور حوارنا في حلقة مفرغة، ويتفرع إلى مضايق ومتاهات تتمزق فيها الأفكار، ويُقْتل التفكر والتدبر على مذابح المراء والجدل العقيم!! 
إن المراء يغلق باب الحوار ويلغيه، لأنه يدفع طرفي الحوار إلى التصور الخاطئ بأن حوارهما هو مباراة لا تكون نتيجتها إلا قاتل أو مقتول، فلا يبحث كل منهما عن حقائق أو أدلة، وإنما يكون بحثه وجهده في محاولة إغراق الآخر في طوفان من الكلام الذي يُضيع الوقت والجهد في غير فائدة، ويوغر الصدور، ويكرس الفرقة.
رُوي أن الإمام أبا حنيفة – رحمه الله تعالى - رأى ولده حماداً يناظر في المسجد فنهاه، فقال له ولده: أما كنت تناظر؟! قال: بلى، ولكن كنا كأن على رؤوسنا الطير من أن يخرج الباطل على لسان الخصم، بل كنا نود أن يخرج الحق على لسانه فنتبعه، فإذا كنتم كذلك فافعلوا!! وهذه هي سمة سلفنا الصالح في حواراتهم، فقد ذُكِر عن حاتم الأصم أنه قال: معي ثلاث خصال أظهر بها على خصمي، قالوا: وما هي؟ قال: أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن إذا أخطأ، وأحفظ نفسي لا تتجاهل عليه، فبلغ ذلك الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- فقال: سبحان الله! ما كان أعقله من رجل. 
البدء بالإيجابي قبل السلبي من الأساليب المحبّبة في الحوار، حيث تبدأ بالإيجابي فتشيد به وتثمّنه ثمّ تنتهي إلى السلبي، وبهذه الطريقة تكون قد جعلت من الإيجابيات مدخلاً سهلاً للمناقشة، لأنّك بذلك تفتح مسامع القلب قبل الأذنين ليستمع الآخر إلى نقدك أو نصيحتك.. إنّك تقول له: إنّه جيد وطيب وصالح ومحترم، لكنّ ثمة مؤاخذات لو انتبه إليها لكان أكثر حسناً وصلاحاً. فإذا ما احترمت إيجابيات الشخص الآخر وحفظتها له، ولم تنسفها أو تصادرها لمجرد ذنب أو خطأ أو إساءة، فإنّك سوف تفتح أبواب الاستماع إلى ما تقول على مصراعيها، وبذلك تحقق هدفك من الحوار، في إيصال رسالة للآخر، كما إنّك لم تجرح إحساسه ولم تخدش مشاعره. وقد دعا القرآن المسلمين إلى احترام إيجابيات الناس في قوله تعالى: {وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ} [الأعراف: ٨٥].
وقد يكون السلبي لدى أحد الأشخاص أكثر من الإيجابي بحيث يغطّي عليه، ويكون الإيجابي نادراً للدرجة التي يتعيّن عليك أن تبحث أو تنقّب عنه تنقيباً، فلا تعدم المحاولة لأن ذلك يجعلك في نظره كريم الطبع.
مرّ عيسى -عليه السلام- وحواريّوه على جثّة كلب متفسّخة، فقال الحواريون: ما أنتن جيفة هذا الكلب! فقال عيسى: انظروا إلى أسنانه، ما أشدّ بياضها! .. لقد كان الحواريون محقّين في نقدهم للجثّة المتفسخة التي تنبعث منها روائح كريهة، لكنّهم ركّزوا على السلبي «الطاغي» على الجثّة. أمّا المسيح -عليه السلام- فكان ناقداً لا تفوته اللفتة الإيجابية الصغيرة حتى وإن كانت ضائعة وسط هذا السلبي من النتانة.
ثم إنّ بِدْءَ الحديث والحوار بمواطن الاتفاق طريق إلى كسب الثقة وفُشُوِّ روح التفاهم. ويصير به الحوار هادئاً وهادفاً .. الحديث عن نقاط الاتفاق وتقريرها يفتح آفاقاً من التلاقي والقبول النفسي والإقبال، مما يقلّل الجفوة ويردم الهُوَّة ويجعل فرص الوفاق والنجاح أفضل وأقرب، كما يجعل احتمالات التنازع أقل وأبعد. والحال ينعكس لو استفتح المُتحاورون بنقاط الخلاف وموارد النزاع، فذلك يجعل ميدان الحوار ضيقاً وأمده قصيراً، ومن ثم يقود إلى تغير القلوب وتشويش الخواطر، ويحمل كل طرف على التحفُّز في الرد على صاحبه مُتتبِّعاً لثغراته وزَلاته، ومن ثم ينبري لإبرازها وتضخيمها، وهكذا يتنافسون في الغلبة أكثر مما يتنافسون في تحقيق الهدف.
يقول جون ماكسويل رائد فن الإدارة العالمي الشهير: «ناقش وحاور من أمامك مستخدماً نظرية 101%»، وما يقصده السيد ماكسويل أنه ليس من الذكاء أن نجادل لمجرد المجادلة بلا فائدة تذكر، بل أن فن الحوار الحقيقي يكمن في أن تحاول أن تجد الواحد في المائة المشترك في حديث من أمامك وتعطيه موافقتك الكاملة بنسبة مائة في المائة حتى تكسبه، وبعد أن تنجح في الدخول إلى عقله المتحجر، وتكسبه في صفك عد إن شئت لنقطة البداية.
والخلاصة أنه يجب أن لا نحاول التدليل على صحة موقفنا بالكامل، وأن الطرف الآخر مخطئ تماما في كل ما يقول. فإذا أردنا الإقناع فما علينا إلا أن نقرأ بعض النقاط التي يوردها الآخر - حتى ولو كانت بسيطة - ونبين له أننا نتفق معه فيها، بعدها سيصبح أكثر ميلا للإقرار بوجهة نظرنا، ونحاول دائما أن نكرر هذه العبارة «أنا أتفهم وجهة نظرك»، «أنا أقدر ما تقول وأشاركك في شعورك». 
عندما يحاول المتحدث فرض وجهة نظره بطريقة الإقناع القوى بمختلف الطرق المباشرة وغير المباشرة، يزرع في المستمع مقاومة هذا التوجه ورفضه، لأن المستمع يستنتج من سلوك المتحدث أنه ينظر إليه على أنه غير كفء لاتخاذ القرار المناسب بنفسه، ومن ثم يأخذ موقفاً دفاعياً يجعل المناقشة لا تراوح مكانها. غير أن المتحدث عندما يعطى الانطباع في حديثة أنه يرغب بالتعاون مع المتحدث إليه يفهم الطرف الآخر من هذا أن المتحدث يقدر قدرته على البحث عن حل والرغبة في التعاون، وبالتالي فإن المستمع يشترك بطريقة تلقائية تعاونية في المناقشة ويسهم إسهاماً كبيراً في البحث عن حل بطريقة تنم عن المرونة، ومن ثم الحرية في مناقشة الموضوع. 
عندما يقوم المتحدث باستخدام استراتيجيات غريبة مثل الغموض في الكلام، فإن ذلك قد يعبر عن سذاجة وعدم مصداقية أو إمكانية خداع، وهنا نجد المستمع يتخذ موقفاً دفاعياً، ذلك أن الناس لا يريدون أن يكونوا ضحاياً للغموض والدوافع الذاتية. لكن المستمع عندما يدرك أن المتحدث يتكلم بتلقائية طبيعية والتي تعنى الوضوح والأمانة والاستجابة حسب طبيعة الأحوال المحيطة، فإنه يبادل المتحدث بنفس الطريقة، وهنا تنساب المعلومات المتبادلة، ويتم فتح ميدان خصب لتنمية المهارات المختلفة واستفادة كلاهما من الآخر.

ابدأ والنهاية في ذهنك



كثير من شباب الأمة يملك من الطاقة والقدرة والمبادرة الشيء الكثير، إلا أنه يعاني كما عانى من قبله من المصلحين - من الاستهزاء والازدراء والتشمت- من "الكبار" وينسبون لهم صفات الطيش والتبسيط وعدم التعقل.
وكأنهم بهم يقولون لا تفعلوا شيئا وكونوا من القاعدين حتى تتحسن الظروف وتسير الرياح في الاتجاه الصحيح؛ كأنهم يريدون أن تنصلح الدنيا وحالها من نفسها.
أن تنتظر الإصلاح قبل العمل؛ كالذي يقول أعطني الجنة وسأعمل، أو الذي يقول للمدفئة أعطني النار وأعطيك الخشب.
"إذا عزمت فتوكل" تلك وصية ماسية لكل محب للفعل والإصلاح، لا تنتظر أن تمطر السماء ذهبا؛ بل توكل واعمل قدر المستطاع.
إن دائرة الاهتمام مهمة غير أن اتساعها ممكن يؤدي للأرق وعدم العمل لذلك على الإنسان تقليص دائرة الاهتمام وتكبير دائرة الفعل، السؤال المهم ليس ماذا يحدث ولكن الأهم هو سؤال ماذا يمكنني أن أفعل لتغيير الواقع للأفضل، لنسأل نفسنا هذا السؤال ما موضعنا من الإصلاح، ما مكاني بعجلة التطور والنهضة؟ 
أن تبدأ بالقليل خير من أن تكون من المنتظرين، واعلم أخي الحبيب أن أقوى دافع للانجاز متعة الإحساس به، لذلك فمتعة كل انجاز مهما بدا بسيطا هي دافع لانجاز أكبر منه، وبذلك تخرج من دائرة اللاعمل لدائرة النجاح والفلاح.
غير أني أخي الكريم أذكر بمحاذير أجملها في الكلمات التالية :
أهم ما يمكنك القيام به العمل؛ لكن العمل الصحيح في الوقت الصحيح وبالوسائل الصحيحة.
العمل المخطط والمنهجي أفضل وأكثر فاعلية من العمل العشوائي وتذكر أن كل ساعة في التخطيط تساوي ثلاث ساعات عمل.
أن تعمل لا يعني أن تغرق في التفاصيل وتنسى الرؤية الأكبر، ابدأ في العمل الصغير على أن يؤدي لتنفيذ الرؤيا الكبيرة، لا تنسى الصورة الكبرى.
الغاية لا تبرر الوسيلة العمل وسيلة لتحقيق غاية سامية؛ فانتبه لعملك وأتقنه.
ليس هناك مبررات لعدم النجاح إلا القصور في الخبرات والمهارات، لذلك كل " فشل " لا بد أن يتبعه تقييم حقيقي ليس لذات الإنسان فأنت خير المخلوقات وأشرفها، لكن تقييم لحصيلتك من الخبرات والمهارات.
انتبه أكثر عند النجاح وتذكر أن النجاح معلم فاشل؛ ففي نشوة النجاح تختفي الأخطاء ولا يظهر القصور.
أختم بقوله تعالى: " وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " التوبة105