السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2012-12-31

الذكاء الوجداني (العاطفي)


 الذكاء الوجداني (العاطفي)
Emotional Intelligence
نافذتك على التوازن النفسي والنجاح في الحياة
أستاذ واستشاري في العلاج النفسي / الظهران - السعودية    

أنظر للعبارات التالية وأجب عن كل سؤال منها بالموافقة إذا كنت تعتقد أنها تنطبق عليك ، أو عدم الموافقة إذا كنت تعتقد أن العبارة لا تنطبق عليك:

·      أشعر أحياناً بالضيق بدون أن أعرف السبب في ذلك .
·      بعض الأشخاص يثيرون استيائي مهما حاولت أن أبدو غير مهتم بهم .
·      كل شخص يعاني من بعض المشاكل في حياته ، ولكن مشكلاتي النفسية
       أضخم من أي شخص آخر .
·           عندما تواجهني مشكلة تكون دائماً نتيجة لفشلي وخيبتي وغبائي .    
·      لا  أشعر بالراحة في المواقف التي تحتاج للتعبير عن إظهار المشاعر
       الطيبة والمودة والحب .
·      عندما أقرر تحقيق هدف معين أجد كثيراً من العقبات التي تحول بيني
       وبين الوصول لأهدافي.
·      أشعر بالملل وفقدان الصبر .
·      أشعر بالتعاسة لأسباب لا أعرفها .
·      أحتاج دائماً لتأييد الناس حتى أرضى عن أي عمل أفعله .
·      أحتاج لقوة دفع خارجية حتى أتمكن من ممارسة أعمالي بنجاح .

إذا كانت إجاباتك عن الأسئلة السابقة أو أمثالها بالإيجاب فمعنى ذلك أنك تفتقر للذكاء الوجداني، أي أنك من النوع الذي تسيطر عليه التقلبات الانفعالية، والاستغراق في القلق. وأنك تجد صعوبة في تكوين علاقات مستقرة ودافئة مع الآخرين. كما يعني أنك لا تشعر بالرضا عن نفسك ولاعن الآخرين و لا عن المجتمع الذي تعيش فيه. بعبارة أخرى فإن فرصك في النجاح والتفوق والسعادة في الحياة العملية والمهنية ستكون محدودة بالمقارنة مع الشخص الآخر الذي يتمتع بعكس هذه المشاعر، أي ذلك الذي يتسم بقدرة عالية من الذكاء الوجداني.
ما هو الذكاء الوجداني ؟
الذكاء الوجداني هو عبارة عن مجموعة من الصفات الشخصية والمهارات الاجتماعية والوجدانية  التي تمكن الشخص من تفهم مشاعر و انفعالات الآخرين، ومن ثم يكون أكثر قدرة على ترشيد حياته النفسية والاجتماعية انطلاقاً من هذه المهارات .  فالشخص الذي يتسم بدرجة عالية من الذكاء الوجداني، يتصف بقدرات ومهارات تمكنه من أن:            
·            يتعاطف مع الآخرين خاصة في أوقات ضيقهم
·            يسهل عليه تكوين الأصدقاء والمحافظة عليهم
·            يتحكم في الانفعالات والتقلبات الوجدانية
·            يعبر عن المشاعر والأحاسيس بسهولة
·           يتفهم المشكلات بين الأشخاص و يحل الخلافات بينهم بيسر         
·            يحترم الآخرين ويقدرهم
·            يظهر درجة عالية من الود والمودة  في تعاملاته مع الناس.
·            يحقق الحب والتقدير من الذين يعرفونه .
·                        يتفهم شاعر الآخرين ودوافعهم ويستطيع أن ينظر للأمور من وجهات  نظرهم.
·            يميل للاستقلال في الرأي والحكم وفهم الأمور
·            يتكيف للمواقف الاجتماعية الجديدة بسهولة.
·            يواجه المواقف الصعبة بثقة.
·                       يشعر براحة في المواقف الحميمية التي تتطلب تبادل المشاعر والمودة.
·            يستطيع أن يتصدى للأخطاء والامتهان الخارجي.
إذن فأنت تلاحظ أن الذكاء الوجداني مفهوم يحمل في طياته عدد من السمات والصفات التي يمكن تلخيصها فيما يأتي:
1.  الإدراك الواضح لدوافعه الشخصية بما في ذلك وعيه بمختلف المشاعر التي تتملكه حتى وهو في قمة الانفعال.
2.    يثق في نفسه ويتحمل مسؤولية أفعاله وينزع للاستقلال في تصرفاته وآرائه.
3.    يتمتع بدرجة عالية من الصحة النفسية بما في ذلك الخلو النسبي من اضطرابات القلق والكآبة.
4.      ينظر للحياة بتفاؤل وإيجابية.
5.   قد يشعر أصحاب هذا النوع من الشخصية بالكدر والضيق أحياناً كالآخرين ولكنهم يستطيعون التخلص من هذه المشاعر في فترات قصير بسبب ما يتسمون به من عقلانية وحنكة.
6.  لديهم قدرة عالية على التحكم في تقلباتهم الانفعالية، مع توظيف مشاعرهم وعواطفهم  لما فيه الصالح الشخصي دون تضحية بصالح الآخرين.
7.   يتفهمون جيداً ما يواجههم من آمال أو آلام  ومن ثم تتسع الفرص أمامهم  للنجاح والتفوق وتكوين علاقات إنسانية فعالة بالآخرين.
8.   يمكنك أن تتوقع ما تستطيع تحقيقه في الحياة من فوز وتفوق إذا كنت تملك قدراً مرتفعاً من الذكاء الوجداني بالإضافة للذكاء العقلي الذي يرتبط  بالنجاح الأكاديمي  وتحصيل العلم  والمعلومات وغيرها من المهارات الفكرية والذهنية التي تقيسها مقاييس الذكاء التقليدية.
ومنذ تبلور هذا المفهوم،  أصبح من أكثر المفاهيم رواجا في علم النفس لدرجة أن الرئيس السابق "كلينتون" عندما سألوه في إحدى اللقاءات عن أهم المفاهيم التي أثرت في حياته المهنية ونجاحه السياسي والاجتماعي كان مفهوم الذكاء الوجداني من أكثر المفاهيم التي ذكر أنها أثارت تشوقه واهتمامه وأفادته في حياته أجل الفائدة.
الذكاء الوجداني يمكن تعلمه واكتسابه:
ولعل من أهم جوانب التطور إثارة في موضوع الذكاء الوجداني، ما يتعلق بتدريبه وزيادته في السلوك. فالذكاء الوجداني - بعكس الذكاء العقلي  ونسبة الذكاء التقليدية - يتصف بعدد من المهارات التي يمكن تعلمها واكتسابها بيسر.  وقد كشفت بحوث العلماء في هذا الصدد أن الذكاء الوجداني خاصية أو مجموعة من الخصائص يمكن تدريبها وتنميتها من خلال  كثير من الأساليب التي تساعد علي تنميتها وتقويتها في الشخصية.
سر اللعبة
الآن عرفت ما هو الذكاء الوجداني وتعرفت على بعض خصائصه الثابتة، ويبقى لك أن تعرف بعض ما يجب عمله لاكتساب مهاراته.  وقد استطاع العلماء لحسن الحظ أن يكتشفوا كثيرا من أسرار هذا النوع من الذكاء كما استطاع البحث العلمي أن يمنحنا كثيراً من التوجيهات التي ترفع من معدل الذكاء الوجداني من بينها :
·    تدريب الذات على الهدوء والاسترخاء في مواجهة الأزمات.
·   كن واعياً بالمشاعر والانفعالات السلبية التي تتملكك أحياناً دون توقع. كن منتبها بشكل خاص لحالات القلق والاكتئاب والغضب، وأعمل على  التخلص منها أو الإقلال منها بقدر ما تستطيع، لأنها تعيق تفاعلاتك الجيدة بالناس وتجعل بينك وبينهم سدا منيعا يعيق تفاعلك بهم.
·    لاتجعل العناد أو المكابرة يحرمانك من التعلم من الآخرين حتى ولو كانوا أصغر منك أو مختلفين عنك أو أقل مركزاً أو سطوة فالرأي الجيد والحكمة لا تعرف التمييز فاطلبها حيثما وجدتها وأينما وجدتها ومع من تجدها.
·   حافظ دائماً على مشاعر طيبة عند التعامل مع الآخرين بأن تتفهم مشاعرهم وما يوجههم من دوافع وحاجات شخصية واجتماعية. تفهم مخاوفهم، ومشاعرهم بالغيرة والغضب حتى تكون أقدر على توجيه تفاعلاتك معهم في الطريق الإيجابي دائما وبأقل قدر من التوتر.
·    علينا أن ندرب أنفسنا جيداً على مواجهة الأزمات بهدوء، وأن نتصدى لحل الخلافات خاصة تلك التي تثور عندما نواجه مختلف التأثيرات السلبية والعقبات التي قد تطرحها أمامنا بيئة اجتماعية  تعوق قدراتنا علي النمو السليم والصحة النفسية.
·   كذلك ينصح العلماء بأن تنمي قدرتك على مواجهة النقد الخارجي. أنظر للنقد بوصفه فرصة للناقد والمنتقد للعمل معاً نحو تحقيق هدف له معنى للوصول إلى حلول ناجحة للمشكلات التي أثارت النقد ، وليس بوصفه خصومة وتآمر.
·   راقب تحيزاتك وتعصبك الشخصي ضد بعض الأشخاص المختلفين عنك اجتماعياً أو ذهنياً. تذكر أن التعصب نوع من الجمود العاطفي ولهذا تتصف الشخصية المتعصبة بالعدائية نحو المختلفين عنا في الرأي أو السلوك مهما كانت الحقائق مختلفة عما نحمل من رأي متحيز أو توجه سلبي نحو الآخرين.
·   لكي تنمي شخصيتك في اتجاه الذكاء الوجداني امنح فرصة لنمو مهاراتك على التعاطف ومؤازرة الآخرين ومد يد العون لهم. تذكر أن العطاء لا يكون مادياً فحسب بل يمتد ليشمل قدرتك على العطاء من جهدك ووقتك وعلمك.  تذكر أنه إذا كان من أهدافك أن تمد يد العون والمساعدة للآخرين فثق أنك ستجد الكثير من الطرق الملائمة لعمل ذلك، فالمجال أمامك واسع جدا لتكون خدوماً و " خادم القوم سيدهم" .
·   وأخيراً أنظر وتأمل العبارات التي بدأنا بها هذه الموضوع وعامل هذه العبارات على أنها عقبة في تطورك الشخصي ونجاحك في العمل،  ومن ثم تجنب ما تصفه هذه العبارات من آراء أو سلوك، واعمل على أن تتصرف بعكسها ، أي بحسب الخصائص الثمانية المذكورة في الموضوع ، استمر في ذلك حتى تصبح تصرفاتك الجديدة عادية وترتبط بحق بما يسمى بالذكاء الوجداني.
                ·   إذا كنت أباً أو أماً  كن على وعي بالعوامل التي تيسر نمو الذكاء الوجداني لدي أطفالك مبكراً، قلل من انتقاداتك لأرائهم. ناقش آرائهم في الناس والآخرين بدون تعصب. شجعهم على التعاطف مع الآخرين والتطوع للأعمال التعاونية والخيرية. دربهم مبكراً على اكتساب المهارات الاجتماعية وتنويع صداقاتهم بفئات مختلفة من الناس. شجعهم على التخلي عن الغضب والفورات الانفعالية بأن ترسم أمامهم بتصرفاتك قدوة لهم على الهدوء وتجنب الانفعالات. أطلب منهم دائماً أن يقدموا لك على الأقل ثلاثة حلول لأي مشكلة قد تواجههم أو تعترض نموهم.   

أساليب التعبير الانفعالي والصحة النفسية


  أساليب التعبير الانفعالي والصحة النفسية  
استشاري الطب النفسي - دمشق

هل الذي يغضب بسرعة يضحك بسرعة أيضاً ؟ وماهو الحد الفارق بين السوي والمريض في سرعة الانفعالات أو حجمها ؟
وفي الجواب على هذه التساؤلات يمكننا القول أن الناس يختلفون في سرعة استجاباتهم الانفعالية وفي حجمها وفي طرق التعبير عنها .. كما يختلف الجنسين في ذلك ، ويلعب العمر دوراً في شكل الاستجابات الانفعالية .. حيث نجد فرقاً واضحاً بين انفعالات الأطفال والبالغين والكهول . ويمكن للعوامل الوراثية والتكوينية أن تحدد درجة السلوك الانفعالي ، إضافة للعوامل التربوية والثقافية والاجتماعية وتجارب الحياة المتنوعة التي يتعرض لها الإنسان .
وفي دراسة الانفعالات وتصنيف أشكال التعبير الانفعالي نجد أن هناك خمسة نماذج أساسية من أشكال التعبير الانفعالي .. وعلى سبيل المثال في حالة التعبير عن الغضب نجد في المجموعة الأولى بعضاً من الناس يرفع صوته أو يجادل الشخص الذي أغضبه بحدة . وفي الثانية يحاول الشخص أن يوضح ويشرح أسباب غضبه بهدوء وروية.
أما الأشخاص في المجموعة الثالثة فهم يحاولون أن لايغضبوا لأنهم يعتقدون أن ذلك خطأ أو غير مقبول أو مناسب. وفي المحموعة الرابعة يقولون أن غضبهم غير مهم ولايفصحون عنه ولايظهروه . وفي المجموعة الأخيرة الخامسة يقول الإنسان لنفسه أنه ليس غاضباً أصلاً وهو يتنصل من هذه الانفعالات ويبرر ذلك بأنه لايوجد هناك مايستحق الغضب أو يستدعيه .
وهكذا نجد النماذج التالية : 1- تعبير واضح وشديد عن الانفعال
                                    2- تعبير هادئ ومنطقي عن الانفعال
                                   3- هروب من التعبير الانفعالي
                                   4- ضبط شديد للتعبير الانفعالي ومظاهره
                                   5- تنصل من الانفعالات
وبالطبع هناك تداخل بين هذه الأساليب وهي تمتزج أحياناً وتتعدل وتصبح أكثر مرونة .. وفقاً لشخصية الإنسان وظروفه وأحواله ..
غير أن معظم الناس تتكرر أساليبهم التعبيرية السابقة الذكر في تعبيرهم عن معظم الانفعالات الأساسية مثل الحزن أو التضايق ، والخوف والقلق ، وأيضاً مشاعر الفرح والسعادة والمشاعر الدافئة كالحب والعطف ، إضافة لمشاعر الكره والغضب والقرف وغيرها ..
وهكذا قد يكون صحيحاً إلى حد ما أن نقول " أن الذي يغضب بسرعة .. يضحك بسرعة أيضاً " ، على اعتبار أن أسلوبه التعبيري سريع وحاد ويظهر ذلك في حال الغضب والضحك معاً ، وهو يستجيب للمثيرات الانفعالية المتنوعة وحتى المتعاكسة في نوعها بشكل مشابه . لآن هذا هو أسلوبه في التعبير عن الانفعالات .
وعملياً فإن الحياة اليومية وتنوع المواقف فيها التي يتعرض لها الإنسان ، وما تتطلبه من مرونة وتكيف مستمرين ، تجعل الإنسان الناضج والناجح أكثر مرونة في طرق وأساليب تعبيره الانفعالية . وهو يضطر أحياناً أن يضبط نفسه وأن يكتم انفعالاً معيناً ، مع أنه في مواقف أخرى يكون أكثر سرعة أو حدة في تعبيراته الانفعالية .
والحقيقة أن الأساليب التعبيرية الخمسة السابقة الذكر ليس فيها أسلوب واحد صحيح أو صحي .. بل هي جميعها أساليب مفيدة وسليمة .. حيث تعتمد الصحة النفسية إلى حد كبير على ضرورة المرونة وعلى اكتساب القدرات التعبيرية المتنوعة بدلاً عن التطرف والجمود في أشكال التعبير .. مما يضفي على الشخصية غنى وتنوعاً يتناسب مع الحياة العملية الواقعية ومع ضرورات التكيف .
وفي الحالات المرضية نجد أن سرعة الغضب يمكن أن تكون جزءاً من حالات الاكتئاب أو القلق أو اضطرابات الشخصية العدوانية أو أحد أعراض الإدمانات . كما أن التغيرات السريعة في المزاج من حالة الغضب إلى حالة الفرح أو البكاء تصف بعض الحالات النفسية مثل اضطراب الهوس الاكتئابي واضطراب المزاج الدوري ، إضافة لبعض الاضطرابات العضوية التي تؤثر على الحالة النفسية المزاجية الإنسان مثل التسممات المختلفة وحالات الخرف الشيخي وغير ذلك .
ويتم تفريق التغيرات المزاجية الطبيعية عن المرضية من خلال شدة الانفعالات ودرجتها ومدتها ، إضافة الأعراض الأخرى المرافقة مثل فقدان النوم وازدياد النشاط وتسارع الأفكار والتفكير الخيالي كما في بعض الحالات النفسية الشديدة مثل الهوس ، حيث يرافق الغضب الشديد أعراض التهيج وازدياد الفرح والمرح والجرأة ولمدة عدة أسابيع .. يعود بعدها المزاج والسلوك إلى الحالة الاعتيادية ولاسيما إذا تلقى المريض العلاج المناسب .
ولابد من الإشارة إلى أن الانفعالات تلعب دوراً رئيسياً في تكوين الإنسان النفسي . وكثير من الاضطرابات النفسية والعقد النفسية واضطرابات السلوك والاضطرابات الجسمية نفسية المنشأ ( كالصداع وآلام البطن والضعف الجنسي ) تجد تفسيرها في اختناق التعبير الانفعالي الصحيح والمناسب ، وفي الكبت المدمر للانفعالات الإنسانية الطبيعية ، وفي إلتواء التعبير الانفعالي الصحيح . ويقوم العلاج النفسي على بحث واستثارة الانفعالات المختلفة المرضية والتعرف عليها ثم التعبير عنها ومناقشتها دون خوف شديد أو قلق معطل ، وفي جو علاجي يسوده الأمان والطمأنينة . وهذا مايعرف بالتبصر والوعي الذاتي الانفعالي والعقلي .. وكل ذلك يساهم في إعادة التوازن النفسي للإنسان ويحفظ طاقاته النفسية دون تعطيل أو شلل .
ومن المعروف أنه عندما يحكي الإنسان عما في قلبه ويعبر عن مشاعره وانزعاجاته لصديقه العزيز أو قريبه فإن في ذلك راحة وشفاء .. وبالطبع قد لاتكفي مثل هذه الأساليب التعبيرية البسيطة وهذا التنفيس الانفعالي مالم تترافق مع وعي وتبصر، ولكن فيها فوائد واضحة .
وفي الدعوات الأخلاقية والدينية والإنسانية المتنوعة نجد الدعوة إلى تهذيب النفس وضبط شرورها ونوازعها السيئة وانفعالاتها المدمرة أوالسلبية مثل  الكره والأنانية والحسد والغيرة واحتقار الآخر .. ونجد أيضاً التأكيد على الصبر وضبط النفس والرحمة والعطاء وأن لانكون من قساة القلوب .. وكل ذلك يرقى بالإنسان وحياته وانفعالاته إلى درجات سامية متألقة ومفيدة في الحياة .. وهي لاتتعارض مع ضرورات التعبير المناسب والصحيح عن الانفعالات والأحاسيس والمشاعر، بل تتكامل معها وصولاً إلى الصحة النفسية والانفعالية ، والتي يسعى الجميع نحوها .

نقص الانتباه وفرط الحركة عند الأطفال


نقص الانتباه وفرط الحركة عند الأطفال..معلومات للأسرة
أخصائي نفسي تربوي / الشارقة

يعتبر ضعف الانتباه والنشاط الزائد اضطراباً سلوكياً شائع الحدوث لدى الأطفال وتزيد نسبة انتشاره عند الذكور أكثر من الاناث، ومع أن هذا الاضطراب يحدث في المراحل العمرية المبكرة إلا أنه قليلاً ما يتم تشخيصه لدى الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، وهو ليس زيادة بسيطة في مستوى النشاط الحركي ولكنه زيادة ملحوظة جداً بحيث أن الطفل لا يستطيع أن يجلس بهدوء أبداً سواءً في غرفة الصف أو على مائدة الطعام أو في السيارة.
وأحيانا يكون من الصعب جداَ تشخيص هذه الحالة حيث أنها تتشابه مع أمراض كثيرة أخرى، و تبدأ الأعراض عادة قبل أن يبلغ الطفل سن السابعة و يجب استبعاد كل الأمراض والأضطرابات العاطفية الأخرى قبل وضع التشخيص.
وكثيراً ما يوصف الطفل الذي يعاني من النشاط الزائد بالطفل السيئ أو الصعب أو الطفل الذي لا يمكن ضبطه، فبعض الآباء يزعجهم النشاط الزائد لدى اطفالهم فيعاقبونهم ولكن العقاب يزيد المشكلة سوءاً، كذلك فإن إرغام الطفل على شيء لا يستطيع عمله يؤدي إلى تفاقم المشكلة.
إن هؤلاء الاطفال لا يرغبون في خلق المشكلات لأحد، ولكن جهازهم العصبي لديهم يساعد في ظهور الاستجابات غير المناسبة، ولذلك فهم بحاجة إلى التفهم والمساعدة والضبط، ولكن بالطرق الايجابية، وإذا لم نعرف كيف نساعدهم فعلينا أن نتوقع أن يخفقوا في المدرسة بل ولعلهم يصبحون جانحين ايضاً، كذلك فهؤلاء الأطفال كثيراً ما يواجهون صعوبات تعلمية وبخاصة في القراءة، ولكن العلاقة بين النشاط الزائد وصعوبات التعلم ما تزال غير واضحة.
أعراض ضعف الانتباه المصحوب بالنشاط الزائد:
يظهر الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب مجموعة الأعراض والتي لا ينبغي أن تكون جميعها متوفرة فيهم، وأهمها:
- عدم الجلوس بهدوء والتحرك باستمرار،  التهور، الملل المستمر، تغير المزاج بسرعة، سرعة الانفعال، الشعور بالاحباط لأتفه الاسباب، عدم القدرة علي التركيز، التوقف عن تأدية المهمة قبل انهائها بشكل مرضي،اللعب لفترة قصيرة بلعبه والانتقال بسرعة من عمل الى آخر، اللعب بطريقة مزعجة أكثر من بقية الأطفال، تشتت الانتباه بسهوله عند وجود أي مثير خارجي، وجود صعوبة في اتباع التعليمات المعطاة، التكلم في أوقات غير ملائمة والاجابة على الاسئلة بسرعة دون تفكير، صعوبة في انتظار الدور، التشوش الدائم وإضاعة الأشياء الشخصية، تردي الأداء الدراسي، الاستمرار في الكلام و مقاطعة الآخرين.
الأسباب:
لا زالت أسباب هذا الإضطراب غير معروفة، إلا أن هناك دراسات تشير إلى ما يلي:
- وجود اضطراب عند  الطفل في المواد الكيماوية التي تحمل الرسائل الى الدماغ
- قد ينجم الاضطراب عن التسسمات المزمنة أو عن أذية دماغية قديمة
- عوامل وراثية واضطراب في الكروموسومات
- بعض الدراسات الحديثة تشير الى ان قلة النوم عند الطفل على المدى الطويل قد تكون سببا في هذه الحالة، وأخرى تشير إلى تردي الحالة النفسية والانفعالية للأم أثناء فترة الحمل بالطفل، أو طبيعة التنشئة الأسرية التي تتبع نظام التسامح الزائد أو الحماية المفرطة
-  وتوجد دراسات أخرى تشير إلى أغذية الطفل التي تحتوي على المواد الحافظة والملونات والمشروبات الغازية.
آثارهذا الاضطراب على الطفل:
 يؤثر هذا الاضطراب على مدى تفاعل الطفل الاجتماعي مع الآخرين، فينفر منه أقرانه وينعته المعلم بالغبي مع أن مستوى ذكائه في المستوى الطبيعي أو أفضل من الطبيعي، وكذلك تطلق عليه الأسرة ألفاظاً كالطفل الشقي وغيرها، ونتيجة ذلك عادة ما تكون الثقة بالنفس لدى الطفل ضعيفة والسبب انه يخاصم داخل البيت، وفي المدرسة، ولا يرغب به بقية الأطفال، ويفشل في دراسته، ولا يستطيع الانجاز بالشكل الجيد المناسب... فتتكون لديه صورة سيئة عن نفسه وييأس من كونه قادراً على الإنجاز والأداء.
ويعاني أيضاً من اضطراب في المزاج مثل التقلب السريع للمزاج وكذلك الاكتئاب والقلق، وبعض الاحيان يختلط على الاطباء اضطراب المزاج مع اضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه لكثرة ما يضطرب مزاج الطفل المصاب.
دور الأسرة في العلاج :
 إن أكثر الطرق استخداماً العقاقير الطبية المنشطة نفسياً وأساليب تعديل السلوك. وتتضمن العقاقير المستخدمة لمعالجة النشاط الزائد «الريتاليين والدكسيدرين والسايلرت».
ومع أن هذه العقاقير منشطة نفسياً إلا أنها تحد من مستوى النشاط لدى الأطفال الذين يعانون من النشاط الزائد وذلك بسبب اضطراب الجهاز العصبي المركزي لديهم، وبما أن النشاط الزائد غالباً ما ينخفض بشكل ملحوظ في بداية مرحلة المراهقة، فإن هذه العقاقير يمكن أن يتم إيقافها عندما يبلغ الطفل الثانية عشرة أو الثالثة عشرة .
أما بالنسبة لأساليب تعديل السلوك فتتم عن طريق:
 - الاسترخاء حيث يتم تدريب الاطفال على الاسترخاء العضلي التام في جلسة تدريبية منظمة على افتراض ان الاسترخاء يتناقض والتشتت والحركة الدائمة.
- التعاقد السلوكي «العقد السلوكي هو اتفاقية مكتوبة تبين الاستجابات المطلوبة من الطفل والمعززات التي سيحصل عليها عندما يسلك على النحو المرغوب فيه ويمتنع عن اظهر النشاطات الحركية الزائدة والتعزيز الرمزي».
 - التدعيم الإيجابي  المادي واللفظي للسلوك المناسب، وذلك بمنح الطفل مجموعة من النقاط عند التزامه بالتعليمات، تكون محصلتها النهائية الوصول إلى عدد من النقاط تؤهله للحصول على مكافأة، أو هدية.
 - جدولة المهام، والأعمال، والواجبات المطلوبة، وبأوقات النوم والطعام واللعب ومشاهدة التلفاز، والاهتمام بالإنجاز على مراحل مجزأة مع التدعيم والمكافأة معين وفي وقت معين.
 - التدريب المتكرر على القيام بنشاطات تزيد من التركيز والمثابرة، مثل تجميع الصور، وتصنيف الأشياء (حسب الشكل/ الحجم/ اللون/..)، والكتابة المتكررة، وألعاب الفك والتركيب، وغيرها.
-وضوح اللغة والتعليمات: و المعنى هنا أن يعرف الطفل ما هو متوقع منه بوضوح وبدون غضب، وعلى والديه ذكر السلوك اللائق والبديل عن السلوك غير المرغوب فيه.
- إتاحة الفرصة للطفل تفريغ الطاقة الموجودة لديه في أنشطة مثمرة هادفة، عن طريق الرياضة والتمارين الحركية، وتنمية ميوله الفنية والموسيقية.