السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2012-01-31

ولا يغتب بعضكم بعضا


الحمد لله الذي خلق لنا من الجوراح ما نعبده بها ونشكره، نحمده سبحانه ونثني عليه، ومن هذه الجوارح التي خلقها الله لنا اللسان، فهو أعظمها أثرا، وأشدها خطرا، فإن استعمل فيما يرضيه جلب الحسنات، وأن استعمل فيما يسخطه جلب السيئات، فبكلمة واحدة يقولها العبد يرضى الله بها عنه إلى يوم يلقاه، وبكلمةٍ واحدةٍ يقولها العبد يسخط الله بها عليه إلى يوم يلقاه، وأعظم البلاء على الإنسان في الدنيا فرجه ولسانه، فمن وقي شرهما فقد وقي أعظم الشر، فينبغي للعاقل أن يحفظ لسانه أكثر من حفظه لموضع قدمه، وكان بعض السلف يحفظ كلامه من الجمعة إلى الجمعة.
الغيبة
وللسان له آفات كثيرة ومنها الغيبة، وقد ضبطها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الضابط الجامع المانع المحكم وهو قوله : ((ذكرُك أخاك بما يكْرهُ)) مسلم (2589).
فإذا ذكرته بشيءٍ فيه عيب له تصريحاً أو تلميحاً أو إشارةً، سواء كان ذلك في بدنه أو دينه أو دنياه، أو نفسه أو خلقه أو خُلقه أو ماله، أو ولده أو زوجته أو خادمه أو ثوبه، أو حركته أو طلاقته، أو عبوسته،أو مهنته ونحو ذلك، سواءً كان لفظاً أو إشارةً أو رمزاً فإنها غيبة.
قالت عائشة رضي الله عنها: قلت للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ( حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا – وأشارت يَعْنِي قَصِيرَةً يكفيك من عيبها أنها كذلك،وهذا مما يكون بين الضرائر - فَقَالَ: ((لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ)) ) أبو داود (4875) وصححه الألباني.
فكل ما أفهم الغير من عيبٍ عن مسلم فهو غيبة، سواءً كان تعريضاً أو تصريحاً ويدخل في ذلك قول فلان الله المستعان، وفلان نسأل الله العافية، وفلان الله لا يبلانا، ونحو ذلك فكل ذلك من الغيبة، ويكون قد جمع بهذه الكلمات بين أمرين، غيبته لأخيه المسلم ومدحه لنفسه، يعني أنه ليس كذلك، وقد تكون الغيبة في جسمه كأن يقول أعمى أو أعور أو أسود أو بدين ونحو ذلك، وقد تكون في نسبه كأن يقال : هذا فلان من بلد كذا على وجه التحقير أو أصله كذا ونحو ذلك، أو لا أصل له ولا نسب على وجه الاحتقار، وكذلك بسبب المهنة أو أن يذكره بمهنةٍ على وجه التنقص والازدراء مما يعتبر عند الناس وضيعاً، وقد يكون بخلقٍ أو بأمرٍ دنيويٍ، كأن يقول فلان دمه ثقيل، أو بمظهرٍ، كأن يقول فلان رث الهيئة ونحو ذلك، فكل ما أفهمت به غيرك نقصاً في مسلم فهو غيبة، وبعضهم إذا وعِظ قال : أني مستعد أن أقول هذا الكلام في وجهه، فإذا قال عن شخصاً مثلاً هو غبي، فوعِظ فذهب اليه فقال له في وجه أنت غبي، فإن الغيبة لا زالت غيبة، ويكون قد أضاف إليها إثماً آخر وهو السب والشتم فجمع إلى ذكر أخيه بغيبته أثم الغيبة، وبقوله في وجهه أثم السب والشتيمة.
والغيبة آفة خطيرة من آفات اللسان، وهي من أقبح القبائح وأكثرها انتشاراً بين الناس، وقد بغّض إلينا ربنا هذا فقال : {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ }(الحجرات: من الآية12). تكرهون أن تأكلوا لحوم إخوانكم الموتى فلا تغتابوهم، كما تكرهون هذا فاكروه الغيبة.
" فضرب المثل بأكل اللحم, لأن اللحم ستر على العظم, والشاتم لأخيه كأنه يقشر ويكشف ما عليه " روح المعاني (26/158).
وكثيرمن المسلمين يتورعون عن تناول بعض اللحوم خشية أو شكاً في مصدرها، ولكنهم لا يتورعون عن الولوغ في لحوم إخوانهم المسلمين، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم لما عُرج به أنه رأى أقواماً (( لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ )) من هؤلاء ؟ قال : (( الذين يغتابون الناس)) سنن أبي داود (4878) وصححه الألباني.
تتقطع الأواصر الأخوية بسبب الغيبة، وتفسد المودة، وتبذر العداوة وتنشر المعايب ولا سيما إذا كان في شخصٍ قدوةٍ بين الناس، أو مما يد عو إلى الخير، وكثير من هؤلاء المنافقين أصحاب الأقلام المشبوهة من اللمّازين والهمّازين والغمّازين الذين يريدون تشويه صورة أهل الدين وإسقاطهم من أعين الناس وأنظارهم، يسعون في كثير من ذلك تبت أيديهم وتباً لهم ما كتبوا وما كسبوا، والمغتاب يخسر من حسناته بإعطائها إلى من يغتابه رغماً عنه، ولما بلغ الحسن البصري رحمه الله أن رجلاً اغتابه، أهدى له طبقًا من رطب.
" وغيبة المسلم من شعار المنافق ". عون المعبود (13/224).
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمانُ قلبَهُ لا تغتابوا المسلمين ولا تتَّبعوا عوراتهم؛ فإنه من اتّبعَ عوراتِهم يتّبع اللهُ عورتَهُ، ومن يتبع الله عورته، يفضحهُ في بيته)). أبو داود 4/270 وأحمد 4/421، 424 وانظر صحيح الجامع للألباني (3549).
فهذه الغيبه والاستطالة في أعراض المسلمين من أعظم الربا وكان بعض العلماء كعبد الرحمن بن مهدي يرى بأن الغيبة تنقض الوضوء، وينبغي لمن سمع غيبة مسلم أن يردها وأن يزجره وأن يعضه وأن ينهاه وأن يدافع عن أخيه المسلم الذي اغتيب، فإلم ينزجر المتكلم فارق المجلس، ويحرم سماع الغيبه وفحش القول كما ذكر أهل العلم، وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا وحث عليه، فقال : ((من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة)) . أخرجه أحمد 6/450 والترمذي 4/327 وصححه الألباني.
ودُعي إبراهيم بن أدهم إلى وليمة، فحضر، فذكروا رجلا لم يأتهم، فقالوا: إنه ثقيل!
فقال إبراهيم: أنا فعلت هذا بنفسي، أجبت أناساً يغتابون إلى دعوةً أنا فعلت هذا بنفسي،  حيث حضرت موضعا يغتاب فيه الناس، فخرج ولم يأكل..
وسمعَكَ صُنْ عن سماعِ القبيحِ
 
كصونِ اللسانِ عن النطقِ بهْ
  
فإنك عند سماعِ القبيحِ
 
شريكٌ لقائلهِ فانتبه
  

وكانت بعض النسوة في مجلسٍ يأتيها من جاراتها وصاحباتها من تفعل ذلك، فوضعت في صدر مجلسها لوحة عليها قول الله تعالى : { وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } وكم من ساكتٍ عن غيبة المسلمين عند فرح قلبه وهو آثم من ثلاثة أوجه:
 أولاً : فرحه بوجود هذه المعصية.
وثانياً : سروره بثلب وعيب إخوانه المسلمين.
الثالث: سكوته وعدم إنكاره للغيبة. تلبيس إبليس.
وعلاج الغيبة تقوى الله، والانشغال بعيوب النفس وتدبرها، ومجاهدة نوازع الشر، قال بن وهب - رحمه الله - : نذرنت كل ما اغتبت إنسانا أن أصوم يوما فأجهدني فكنت أغتاب وأصوم، فنويت أني كلما اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم فمن حب الدراهم تركت الغيبة .
فهل تحريم الغيبة مطلق ؟ الجواب : فيه استثناءات ولا شك للمصالح الشرعية، فتباح عند كل غرضٍ صحيحٍ شرعاً عندما لا يمكن الوصول إليه إلا بها، أولاً : التظلم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى القاضي أو صاحب الولاية والسلطة فيذكر ما في من ظلمه من الظلم أو الخيانة ونحو ذلك لأخذ حقه، وفيه هذا قول الله تعالى : {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ }(النساء: من الآية148).
ثانياً : الاستعانة على تغيير المنكر، بذكره لمن يغيره كأهل الحسبة بما فعل فلان من المعاصي أو الموبقات ونشر الفساد ونحو ذلك من أنواع المنكرات بين المسلمين، وهذا لا يذكره إلا لصاحب الشأن الذي يغيره .
ثالثاً : الاستفتاء فإذا احتاج أن يقول للمستفتي : ظلمني أبي بكذا فماذا أفعل ونحو ذلك فهذا جائز للحاجة، وكمن تخبر المفتي عن زوجها في أمرٍ شرعيٍ لا بد لها من سؤاله عنه، وقالت هند لرسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن أبا سفيان رجل شحيح فهل علي جناح أن آخذ من ماله سراً)؟
قال: ((خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)). البخاري 3/36.
رابعاً :تحذير المسلمين من الشر، وذلك من وجوه، منها : بيان حال الرواة من المجروحين حتى يحذر من روايتهم، إنه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشوكاني:" بيانُ كذب الكذابين من أعظم النصيحة الواجبة لله ولرسوله ولجميع المسلمين".
ومنها : الإخبار بالعيب عند المشاورة، وقد شاورك واستنصحك فلا بد أن تنصح له فيما لا بد له أن يعرفه، وإلا فإنه قد يقدم على تزويج فلان ثم يتورط، أو الدخول شريكاً مع فلان ثم يتعثر، ومنها : أنك إذا رأيت من يشتري شيئاً معيباً أن تبين له العيب أو الغش الذي في هذا، ولو كان يعود على البائع بذم، فإنك تقصد النصيحة ولا ذم البائع، ومنها : أنك إذا رأيت شخصاً يتردد إلى مبتدعٍ أو فاسقٍ فإنك تحذره منه، وإذا رأيت أخاك مثلاً يتردد إلى قرين سوءٍ فإنك تحذره منه ولا يعد ذلك غيبة، ومنها : شكوى مسؤولٍ إلى مسؤوله ومن هو أعلى منه في بيان ظلمه للناس وليست القضية طعناً شخصياً أو عدواة وأن تحاك مؤامرة لعزل أو إبعاد إنسان صالح، ومما يسقط الحرمة في الغيبة أن يكون مجاهراً بالمعصية، كالمجاهر بالرشوة أو الخمر أو الزنا  ونحو ذلك، فهؤلاء ليس لهم حرمة، فقد أسقطوا حرمتهم بمجاهرتهم، ولذلك قال العلماء ليست لفاسقٍ - يعني مجاهرٍ غيبة - ولكن لا يجوز أن يذكر بغير ما جاهر به، سادساً : التعريف، كقول أهل الحديث : الأعمش، والأعرج، ونحو ذلك لأنه قد غلب اللقب عليه فلا سبيل إلى تمييزه عن غيره إلا به، وللا بد أن يفرغ قلب المتكلم من التنقص عندما يصفه بذلك، ولو أمكن التعريف بغيره فهو أولى.
ومن الأمور المهمة أن يخلو قصد المتكلم من التشفي والانتقام الشخصي، وأن يكون الغرض من الكلام الانتقام الشخصي والتشفي مُلبّساً بلباس النصيحة، وهذا التلبيس يجيده إبليس ويوقع فيه كثيراً من الناس، ولذلك فإنه لا بد من ضبط المصلحة العامة للمسلمين، وضبط قضية النصيحة والمشورة وضبط المصلحة ونحو ذلك لئلا يتوسع فيه، فتقال الغيبة تشفياً أو انتقاماً بلباس النصيحة.

تعلّم أن تبقي فمك مقفلاً أحياناً

تعلّم أن تبقي فمك مقفلاً أحياناً

يحكى أن ثلاثة أشخاص حكم عليهم بالإعدام بالمقصلة، وهم : عالم دين،  محامي ، فيزيائي وعند لحظة الإعدام تقدم عالم الدين ووضعوا رأسه تحت المقصلة، وسألوه: هل هناك كلمة تود قولها؟ فقال : عالم الدين : الله هو من سينقذني، وعند ذلك أنزلوا المقصلة، فنزلت المقصلة وعندما وصلت لرأس عالم الدين توقفت. فتعجب الناس، وقالوا: أطلقوا سراح عالم الدين فقد أنجاه الله . ونجا عالم الدين.
وجاء دور المحامي إلى المقصلة فسألوه: هل هناك كلمة أخيرة تود قولها؟ فقال: أنا لا أعرف الله كعالم الدين، ولكن أعرف أكثر عن العدالة، فهي بعد الله من سينقذني. ونزلت المقصلة على رأس المحامي، وعندما وصلت لرأسه توقفت فتعجب الناس، وقالوا: أطلقوا سراح المحامي، فقد قالت العدالة كلمتها، ونجا المحامي.
وأخيراً جاء دور الفيزيائي فسألوه: هل هناك كلمة أخيرة تود قولها؟ فقال لا أعرف الله كعالم الدين، ولا أعرف العدالة كالمحامي، ولكني أعرف أن هناك عقدة في حبل المقصلة تمنع المقصلة من النزول ، فنظروا إلى المقصلة ووجدوا فعلاً عقدة تمنع المقصلة من النزول، فأصلحوا العقدة وانزلوا المقصلة على رأس الفيزيائي وقطع رأسه( وهكذا فمن الأفضل أن تبقى فمك مقفلاً أحياناً، حتى وإن كنت تعرف الحقيقة).

الشتاء أحكام وآداب

الشتاء أحكام وآداب

زاهر بن محمد الشهري


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
في هذه الأيام يتردد على أسماعنا الحديث عن الشتاء، بل ونحسه ونستشعره استشعاراً، فنشتاق إلى لياليه، وننتظر أيامه. وقد نكون الآن ممن يعيشه.

ولذا لنا مع هذا الفصل وقفات لعلَّ الله عز وجل يفتح لها القلوب:

الوقفة الأولى: تأمل وتفكر

إن أحسن ما أتفقت فيه الأنفاس التفكر في آيات الله وعجائب صنعه، والانتقال منها إلى تعلق القلب والهمّة به دون شيء من مخلوقاته.

وكم لله من آياته في كل ما يقع الحس عليه، ويبصره العباد، وما لا يبصرونه، تفنى الأعمار دون الإحاطة بها وبجميع تفاصيلها. لكن تأمل معي هذه الحكمة البالغة في الحر والبرد، وقيام الحيوان النبات عليهما. وفكر في دخول أحدهما على الآخر بالتدريج والمهلة حتى يبلغ نهايته. ولو دخل عليه مفاجأة لأضنَّ ذلك بالأبدان وأهلكها، وبالنبات، كما خرج الرجل من حمام مفرط الحرارة إلى مكان مفرط البرودة، ولولا العناية والحكمة والرحمة والإحسان لما كان ذلك

فهل من متأمل ومتفكر؟!

الوقفة الثانية: آيات الله في الشتاء

1 - الصواعق:

قال تعالى: وَيُرسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُم يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ [الرعد:13].

وقد جاء في سبب نزولها أن رجلاً من عظماء الجاهلية جادل في الله تعالى فقال لرسول الله : ( أيش ربك الذي تدعوني إليه؟

من حديد هو؟ من نحاس هو؟ من فضة هو؟ من ذهب هو؟ فأرسل الله عليه صاعقة فذهبت بقحف رأسه وأحرقته ).

2 - الرعد والبرق:

عن ابن عباس قال: اقبلت يهود إلى النبي

فقالوا: ( يا أبا القاسم أخبرنا عن الرعد ما هو؟ )

قال: { ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله }

قالوا: ( فما هذا الصوت الذي نسمع؟ )

قال: { زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر }

قالوا: ( صدقت ) [السلسلة الصحيحة للألباني:1872].

3 - المطر والبرد:

قال تعالى : أًلَمَ تَرَ أَنَ اللهَ يُزجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَينَهُ ثُمَّ يَجعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الوَدقَ يَخرُجُ مِن خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنَ يَشَاءُ وَيَصرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرقِهِ يَذهَبُ بِالأَ بصَارِ [النور:43].


الوقفة الثالثة: شكوى

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب. أكل بعضي بعضاً فجعل لها نفسين؛ نفس في الشتاء ونفس في الصيف فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها وشدة ما تجدون من الحر من سمومها } [رواه البخاري ومسلم].

فتذكر يا أخي شدة زمهرير جهنم بشدة البرد القارس في الدنيا، وإن ربط المشاهد الدنيوية بالآخرة ليزيد المرء إيماناً على إيمانه.

يقول أحد الزهاد: ( ما رأيت الثلج يتساقط إلا تذكرت تطاير الصحف في يوم الحشر والنشر ).


الوقفة الرابعة: التوحيد في الشتاء

يكثر في هذه الأيام من بعض المسلمين نسبة المطر إلى الأنواء ( منازل القمر ) وهذه النسبة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

1 - نسبة إيجاد: أي أنها هي الفاعلة المُنزلة للمطر بنفسها دون الله وهذا شرك أكبر مخرج من الملة الإسلامية.

2 - نسبة سبب: أي أن يجعل هذه الأنواء سبباً مع اعتقاده أن الله هو الخالق الفاعل، وهذا شرك أصغر؛ لأن كل من جعل سبباً لم يجعله الله سبباً لا بوحيه ولا بقدره فهو مشرك شركاً أصغر.

3 - نسبة وقت: وهذه جائزة بأن يريد بقوله:

مطرنا بنوء كذا، أي جاءنا المطر في هذا النوع أي في وقته، لهذا قال العلماء:

( يحرم أن يقول مطرنا بنوء كذا، ويجوز مطرنا في نوء كذا ).

والأفضل من هذا أن يقول العبد كما جاء في الحديث: { مطرنا بفضل الله ورحمته }.


الوقفة الخامسة: الشتاء وعمر الإنسان

بإدراكنا هذا الشتاء يكون قد مضى وانصرم من أعمارنا عاماً كاملاً سيكون شاهداً لنا أو شاهداً علينا. والمؤمن يقف مع نفسه وقفة صادقة ويقول لها:

إنما هي ثلاثة أيام.

قد مضى أمسٌ بما فيه.

وغداً أملٌ لعلك لا تدركه.

إنك إن كنت من أهل غد فإن غداً يجيء برزقه. ودون غد يوماً وليلة تخرم فيه أنفاس كثيرة. لعلك المخترم فيها كفى كل يوم همُّه.

ثم قد حملت على قلبك الضعيف همّ السنين والأزمة، وهمَّ الغلاء والرخص وهمَّ الشتاء قبل أن يجيء الشتاء، وهمَّ الصيف قبل أن يجيء الصيف فماذا أبقيت من قلبك الضعيف لآخرته؟

كل يوم ينقص من أجلك وأنت لا تحزن.

مضى الدهر والأيام والذنب حاصل *** وجاء رسول الموت والقلب غافل

نعيمك في الدنيا غرور وحسرة *** وعيشك في الدنيا محال وباطل


الوقفة السادسة: الجسد الواحد

أحدهم يقسم بالله العظيم أن عنده جدّتين لأمه وأبيه تنامان في لحاف واحد من شدة البرد.

أختي -أخي الحبيب:

إن هذا الفصل نعيشه ويعيشه معنا أناس يستقبلون قبلتنا، ويصلون صلاتنا،

ويحجون حجنا فلهم حق. إن هذا الفصل وما يمر علينا فيه من الشدائد هنا وهنا فقط، لابد وأن نستشعر جميعاً أن هناك من هو أحوج بالرأفة والمساعدة منا، لابد أن نتذكر أولئك الذين لامس بل اخترق بردُ الزمهرير عظامهم.

إن هناك مسلمون لا يحلم بل لا يتصور أحدهم وإن شئت فقل لا يتوقع في الحسبان أن يصل إليه ثوب قد جعلته أنت مما فضل من ثيابك وملابسك.

أخي- أختي في الله:

قل لي بربك كم يملك أحدنا من ثوب؟ وكم يُفصِّل أحدنا من ثوب؟

وكم.. وكم.. وكم..؟ خير كثير كثير. ونِعَمٌ لا تحصى.. ولكن أين العمل؟

. إلى الله المشتكى فلا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى.

فهيا أخي امضِ وتصدق ولو بشيء يسير، فربما يكون في نظرك حقير وعند ذلك الفقير المحتاج كبير وعظيم.

الوقفة السابعة: من أحكام الطهارة في الشتاء

1- ماء المطر طهور: يرفع الحدث ويزيل الخبث قال تعالى : وَأَنَزَلنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً [الفرقان:48].

2- إسباغ الوضوء في البرد كفارة للذنوب والخطايا : والإسباغ مأمور به شرعاً عند كل وضوء.

3- يكثر في فصل الشتاء والوَحَلُ والطين فتصاب الثياب به مما قد يُشكِل حكم ذلك على البعض.

فالجواب: أنه لا يجب غسل ما أصاب الثوب من هذا الطين؛ لأن الأصل فيه الطهارة. وقد كان جماعة من التابعين يخوضون الماء والطين في المطر ثم يدخلو المسجد فيُصلون.

لكن ينبغي مراعاة المحافظة على نظافة فُرش المسجد في زماننا هذا.

4- يكثر في الشتاء لبس الناس للجوارب والخفاف ومن رحمة الله بعبادة أن أجاز المسح عليهما إذا لُبسا على طهارة وسترا محل الفرض، للمقيم يوماً وليلة - أي أربعاً وعشرين ساعة - وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن - اي اثنتان وسبعون ساعة - وتبدأ المدة من أول مسح بعد اللبس على الصحيح وإن لم يسبقه حدث بأن يمسح أكثر أعلا الخف فيضع يده على مقدمته ثم يمسح إلى ساقه، ولا يجرى مسح أسفل الخف والجورب وعقبه، ولا يُسن.

ومن لبس جورباً أو خفاً ثم لبس عليه آخر قبل أن يحدث فله مسح أيهما شاء.

وإذا وإذا لبس جورباً أو خُفاً ثم أحدث ثم لبس عليه آخر قبل أن يتوضأ فالحكم للأول.

وإذا لبس خُفاً أو جورباً ثم أحدث ومسحه ثم لبس عليه آخر فله مسح الثاني على القول الصحيح. ويكون ابتداء المدة من مسح الأول.

وإذا لبس خُفاً على خُف أو جورباً على جورب ومسح الأعلى ثم خلعه فله المسح بقية المدة حتى تنتهي على الأسفل.

5 - من مخالفات الطهارة في الشتاء:

أ - بعض الناس لا يسبغون الوضوء لشدة البرد

بل لا يأتون بالقدر الواجب حتى إن بعضهم يكاد يمسح مسحاً. وهذا لا يجوز ولا ينبغي.

ب - بعض الناس لا يسفرون أكمامهم عند غسل اليدين فسراً كاملاً - أي يكشفون عن موضع الغسل كشفاً تاماً -

وهذا يؤدي إلا أن يتركوا شيئاً من الذراع بلا غسل، والوضوء معه غير صحيح.

ج - بعض الناس يُحرَجُون من تسخين الماء للوضوء وليس معهم أدنى دليل شرعي على ذلك.

الوقفة الثامنة: من أحكام الصلاة في الشتاء

1 - الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما سنة إذا وجد سببه وهي المشقة في الشتاء، من مطر أو وحلٍ أو ريح شديدة باردة، وهي رخصة من الله عز وجل والله يحب أن تؤتى رخصه. وتفصيل أحكام الجمع مبسوطة في المطولات.

2 - من مخالفات الصلاة في الشتاء:

أ - التلثم: صحّ عن النبي أن يغطي الرجل فاه.

فينبغي للمسلم إذا دخل المسجد أن يحل اللثام عن فمه، ولا بأس أن يغطي فمه أثناء التثاؤب في الصلاة ثم ينزع بعده. بل هو المشروع سواءً أكان باليد أم بشيء آخر.

ب - الصلاة إلى النار : يكثر في الشتاء وضع المدافئ في المساجد أو في البيوت وتكون أحياناً في قبلة المصلين.

وهذا مما نص أهل العلم على كراهته لأن فيه تشبهاً بالمجوس وإن كان المصلي لا يقصد ذلك ولكن سداً لكل طريق يؤدي للشرك ومشابهة المشركين.

3 - الصلاة على الراحلة أو في السيارة: جائزة خشية الضرر إذا خاف الضرر وإذا خاف خروج وقتها وهي مما لا يجمع مع غيرها في الشتاء.

قال ابن قدامة في المغني: ( وإن تضرر في السجود وخاف من تلوث يديه وثيابه بالطين والبلل فله الصلاة على دابته ويؤمئ بالسجود ).

الوقفة التاسعة: الدعاء في الشتاء

1 - عند رؤية الريح : ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به ).

2 - عند رؤية السحاب : ( اللهم إني أعوذ بك من شرها ).

3 - عند رؤية المطر : ( اللهم صيباً هيئاً ) أو ( اللهم صيباً نافعاً ) أو ( رحمة ) ويستحب للعبد أن يكثر من الدعاء عند نزول المطر لأنه من المواطن التي تطلب إجابة الدعاء عنده، كما في الحديث الذي حسنه الألباني في الصحيح [1469].

4 - إذا كثر المطر وخيف منه الضرر : قال: ( اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظرب وبطون الأودية ومنابت الشجر ).

فائدة: يستحب للمؤمن عند أول المطر أن يكشف عن شيء من بدنه حتى يصيبه ( لأنه حديث عهد بربه ) هكذا فعل النبي وعلل له.

الوقفة العاشرة: النار في الشتاء

ينبغي للمؤمن أن يحذر في الشتاء وغيره من إبقاء المدافىء بأنواعها مشتعلة حالة النوم لما في ذلك من خطر الاحتراق، أو الاختناق.

جاء في البخاري ومسلم أن النبي قال: { إن هذه النار إنما هي عدو لكم فإذا نمتم فاطفئوها عنكم } وفي رواية: { لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون } والسلامة في اتباع النبي .

الوقفة الحادية عشرة: فرح السلف بالشتاء

قال عمر رضي الله عنه: ( الشتاء غنيمة العابدين ).

وقال ابن مسعود: ( مرحباً بالشتاء تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام ).

وقال الحسن: ( نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه ). ولذا بكى المجتهدون على التفريط - إن فرطوا - في ليالي الشتاء بعدم القيام، وفي نهاره بعدم الصيام.

ورحم الله معضداً حيث قال: ( لولا ثلاث: ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ولذاذة التهجد بكتاب الله ما بالبيت أن أكون يعسوباً ).

هذا خبر من قبلنا، أما خبر أهل زماننا فنسأل الله أن يصلح الأحوال؛ تضييع للفرائض والواجبات، واجتراء على حدود رب الأرض والسموات، وسهرٍ على ما يغضب الله، ويظلم القلب، ويطفىء نور الإيمان.

فيا إخوتاه...

جدّوا في طلب مرضاة الرحمن في ليال الشتاء الطوال وفي غيرها.. وأكثروا من صيام نهاره. فقد قال : { الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة } إيه وربي إنها لغنيمة فأين المشمرون المخلصون؟!

الوقفة الثانية عشر: أحاديث ضعيفة في الشتاء

تتردد على ألسنة بعض الناس من العامة، ومن أهل الصحافة

- ممن يلبسون ثوب العلم الشرعي فيفتون فيُضلَّون ويضلُّون-

أحاديث ضعيفة بل باطلة سنداً ومعنى ومتناً وإن كان منها ما معناه صحيح لكن لا يصح رفعه إلى النبي ومنها:

1 - ( الشتاء ربيع المؤمن ).

2 - ( أصل كل داء البرد ).

3 - ( إن الملائكة لتفرح بذهاب الشتاء لما يكون على الفقراء من الشدة والبلاء ).

4 - ( اتقوا البرد فإنه قتل أخاكم أبا الدرداء ).

5 - ( قلوب بني آدم تلين في الشتاء وذلك أن الله خلق آدم من طين، والطين يلين في الشتاء ).

أسأل الله عز وجل في ختام هذه الوقفات التي هي بعدد شهور السنة أن يشرح قلوبنا للإيمان وأن يستعملنا في طاعته.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كنت أظن . . ولكني اكتشفت . . فقررت!!

كنت أظن . . ولكني اكتشفت  . . فقررت!! (17-18)
أبو مهند القمري

بسم الله الرحمن الرحيم
كنت أظن . . ولكني اكتشفت  . . فقررت!!
 
. .  الحلقة (17)  . .
 (
خبرات الحياة!!)
كنت أظن . .
أنه يجب عليَّ كملتزم عدم الأخذ بأي توجيهات أو نصائح إلا من خلال الشيوخ الذين يتكلمون بقال الله (
سبحانه وتعالى) وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعليه فخبرات الناس في هذه الحياة لا قيمة لها عندي، وليس لها أي وزن ولا اعتبار!! طلما أنها لم تخرج من ألسنة هؤلاء الشيوخ الذين أثق فيهم!!

ولكني اكتشفت . .

أن بلوغ فهمنا وفهم مشايخنا معاً لما قاله الله (
سبحانه وتعالى) في كتابه، وما قاله رسوله (صلى الله عليه وسلم) في أحاديثه، لن تتعمق معانيه إلا بتطبيقه على ما تزخر به حياة الناس من تجارب!!

حيث أن ما واجههم فيها من أحداث ومواقف مختلفة، كفيل بأن يلقي لنا الضوء على جوانب متعددة من خبرات هذه الحياة، كي نتمكن - إذا كنَّا حقاً
دعاةً شموليين لهذا الدين الشامل – من إيجاد الحلول لمشاكل الناس على ضوء الكتاب والسنة، ولن يتحقق لنا ذلك إلا أن كنَّا بالفعل مستمعين جيدين لخبرات الناس وما واجههم من مختلف المشاكل في هذه الحياة، حيث سيمكننا تنمية خبراتنا الحياتية من جهة، وكذلك تفسير مختلف ما يقع لهم من أحداث، على ضوء توجيهات هذا الدين الشامل من جهة أخرى، فنؤصل ضمناً كل معاني الخير التي يشتمل عليها هذا الدين في نفوسهم؛ من خلال ما نطرحه عليهم من حلولٍ لمشاكلهم، ونجعلهم يعيشون حياتهم في إطار أعمق لفهم هذا الدين، الذي بوسعه أن ينير لهم الطريق وسط تلك الظلمات الحالكة في دروب حياتهم!!

لذا فقد قررت
. .

أن أفتح قلبي للناس، وأستمع لهم بكل حرص واهتمام، كي أجعل من مشاكلهم وما واجهوه من خبراتٍ في هذه الحياة، حقلاً عملياً لفهم شمولية هذا الدين، وأبرز بما فتح الله عليَّ من بصيرةٍ، قدرته على التجاوب العملي في حل مشاكل الناس، فأعيش بالدين مع الناس، وأجعلهم يعيشون به
!! حيينها فقط، سوف نكون نبض القلوب ومهوى أفئدة الحائرين، كي ندلهم برفق وبصيرة على الله والدار الآخرة!!

تابعوا
. .
والدكم المحب
أبو مهند
القمري
 


كنت أظن . .
ولكني اكتشفت . . فقررت!!
. . الحلقة (18) . .
(حُسن الخطاب)
كنت أظن . .
أنه حين تتاح لي الفرصة لدعوة أحد العصاة أو المذنبين؛ فإنه ينبغي عليَّ أن أفرغ كل ما في جعبتي من الآيات والأحاديث والعبر والقصص المؤثرة؛ حتى أستشعر أنه لم يتبق لدي شيء منها لم أذكره له
!! رغبة مني في هدايته من جهة، وإشباعاً لشعوري الذاتي بأنني لم أكتم علماً من جهة أخرى، وأخيراً لإقامة الحجة عليه من جهة ثالثة؛ حتى أكون قد أعذرت إلى الله فيه!!

ولكني اكتشفت
. .
أن ذلك العاصي،
إنما يقبع بمعاصيه في أعماق تلك المستنقعات السفلية التي استدرجه الشيطان إليها بالمعاصي!! وعليه فمن غير المنطقي أن أكتفي بمجرد إخباره - وهو في مثل هذه الحالة المتردية من المعاناة - عن أحوال ساكنى القصور الإيمانية، وأفرد له من الأمثلة عن السلف الصالح، ممن كانوا يقومون الليل كله ولا ينامون، أو يصومون النهار جل دهرهم ولا يفطرون، حيث سينعكس هذا الحديث سلباً على نفسيته من حيث لا أدري!! بل قد يتحول إلى عنصر هدمٍ، يزيد من الطينة بلة!!

حيث أن أقل شعور يمكنه أن ينعكس على نفسيته من جراء هذا الخطاب، هو استشعاره بأن
البون شاسعٌ وكبير جداً بينه وبين أهل الصلاح؛ ولا مجال لبلوغ تلك المنزلة العالية؛ إلا بمشقة لا يحتملها أمثاله (من أصحاب النفوس الضعيفة المهلهلة) وعليه فإن الأولى في حقه هو الاستمرار في المزيد من الإمعان في الانغماس فيما هو واقعٌ فيه أصلاً من تلك الموبقات!! بعدما جعلته يستشعر من سوء تقدير خطابي أن الأبواب مغلقة تماماً أمامه!! في حين كنت أزهو بالمقابل في أوهامي خيلاءً بنفسي أنني أقمت عليه الحجة التي لا عذر لجاحدها!!

وعليه فقد قررت
. .
أن آخذ بقلوب الخلق
من أقرب نقطة توصلهم إلى رحمة الله تعالى، وأبذل وسعي لإشعارهم بأن الطريق من أيسر ما يكون سهولةً ويسراً!!
قال تعالى : (
الرحمن . . علم القرآن . . خلق الإنسان . . علمه البيان)
أفيفتتح
خالق هذا الكون بعظمته الطريق إلى العلم باسمه الرحمن، وما يتضمنه من معاني سعة الرحمة!! ونحرم نحن الناس منها بسوء خطابنا؛ حين نشق عليهم في تعليمنا إياهم الطريق لهذا الدين؟! ونتوهم أننا بذلك قد أحسنا صنعاً؟!!!!!!!
إن
العاصي إذا كان قد أغرق نفسه بألوان الموبقات، فإن أقرب نقطة تأخذ بيديه منها هي أصل التوحيد، الذي لو صح لكان أفضل عند الله من الراكع الساجد الذي شاب توحيده بشوائب البدع والشركيات!!

وعليه فلو بدأنا حديثنا مع
العصاة بأمور التوحيد، وأشعرناهم من خلال ما أقروه من أصول التوحيد الثابتة، أنهم على خير، وان رحمة الله واسعة لمغفرة الذنوب، وأنه لم يبق أمامهم فقط إلا دخول المسجد؛ لتنمية الخير الذي في نفوسهم، فإن قافلة المسجد كفيلة وقتذاك باصطحابهم معها في رحلة الطريق إلى الله، فيكمل كل واحدٍ منهم مسيرته إلى ربه بعيداً عن الذنوب والموبقات، وبالتالي، نكون قد أحسنَّا الخطاب، ومهدنا لهم الطريق إلى الله تعالى!!
قال تعالى : (
فبما رحمةٍ من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حوالك . . الآية)
تابعوا . .
محبكم في الله تعالى
أبو مهند القمري