السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2011-05-30

استراتيجية التحضير للامتحانات(بكالوريا، ش ت متوسط، جامعي).

 استراتيجية التحضير للامتحانات(بكالوريا، ش ت متوسط، جامعي).
لماذا أدرس؟ ماذا أدرس؟ كيف أحضر دروسي؟ أين أحضر دروسي ؟ متى أحضرها ؟

   الاستعداد المعرفي:
1-  فهم وإدراك الإطار العام للبرامج ومحاورها والترابط الموجود فيما بينها مثلا نتائج الحرب ع1 وأسباب الحرب ع2 وكذا العلاقة بين أدب عصر الانحطاط وأدب عصر النهضة وحساب المثلثات والأعداد المركبة وقواعد اللغات ......
2-    تحديد مواطن الضعف في المواد والعمل من أجل تجاوز ذلك الضعف .
3-    عدم السقوط في لعبة تفضيل أو تبجيل مادة على غيرها فلكل مادة حقها من التحضير .
4-   الاعتماد على النفس في التحضير مهم جدا لكن إيجاد صيغ للتعاون والتحضير الجماعي تساعد على الاسترجاع والتصحيح والترسيخ (تعليم الآخرين يعلمك).
5-  إدراك أن ما ستمتحن فيه هو المقرر الدراسي لكن حسن الإطلاع قد ينقذك في كثير من الحالات في الاستشهاد أو التعليق والتحليل.
6-  الاستعداد والمراجعة للامتحان يتطلب وضع جدول منظم يحترم بصرامة.
7-    الخط الواضح والمقروء يسهل مهمة المصحح ويضمن لك حقك.
الاستعداد النفسي:
1-   الإيمان والاقتناع بأن الامتحان أمر طبيعي في الحياة بشكل عام وهو في الدراسة مجرد عملية تقييم لمدى التحصيل.
2-   تأكد أن الخوف أو الارتباك عامة وفي الامتحان خاصة شعور إنساني بالنسبة للجميع.
 3-   التحضير والعمل الجيد في الاختبار الأول هو بشرى بالنجاح وان حصل العكس فليكن حافزا لتدارك الموقف.
4-   ضع مشاكلك وانشغالاتك الشخصية (غير الدراسية) على رفوف الانتظار فالامتحان هو أول الأوليات .
5-   تفادي كل أشكال الصدامات والنزاعات مع الأهل والأصدقاء فهي تعكر المزاج وتقلل من القدرة على التركيز والإستيعاب .
6-   عقد صفقة محبة وانسجام وتفهم مع أفراد العائلة حتى تهيئ لنفسك الأجواء الملائمة للعمل والتحضير
7-   تجنب الجدال والنقاش مع زملائك حول مواقع الخطأ والصواب في الأسئلة مباشرة قبيل أو بعد الامتحان لأن ذلك يشوش الذهن ويقلص من الطاقة النفسية اللازمة للاسترسال في الاختبارات اللاحقة.
8-  اعلم في الأخير أن البكالوريا هي الهدف الأول في ختام المرحلة الثانوية والفوز بها تتويج مرغوب ومطلوب ، لكنها في أخر المطاف هي فقط مفتاح من أهم المفاتيح – ليس الوحيد – لطرق أبواب المستقبل .
إعداد: 
عبد النور خبابة     و    منير بن هناية

2011-05-27

حـلاوة الإيـمان


حـلاوة الإيـمان
...فيا أيها الناس، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فتقواه خير زاد، وهي نعم العدة ليوم المعاد.
أيها المسلمون، يجد المتبصر في أمور الحياة وشؤون الأحياء يجد فئات من الناس تعيش ألواناً من التعب والشقاء،وتنفث صدورها أنواعاً من الضجر والشكوى،ضجر وشقاء يعصف بالأمان والاطمئنان، ويفقد الراحة والسعادة،ويتلاشى معه الرضى والسكينة.نفوس منغمسة في أضغانها وأحقادها وبؤسها وأنانيتها،ويعود المتبصر كرة أخرى ليرى فئاتٍ من الناس أخرى قد نعمت بهنيء العيش وفيوض الخير،كريمة على نفسها،كريمة على الناس،طيبة القلب سليمة الصدر طليقة المحيا.ما الذي فرق بين هذين الفريقين؟وما الذي باعد بين هاتين الفئتين؟إنه الإيمان وحلاوة الإيمان.(ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً).بذلك أخبر الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام كما أخبر أن(ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما،وأن يحبّ المرءَ لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)أيها الإخوة، للإيمان طعم يفوق كل الطعوم،وله مذاق يعلو على كل مذاق.ونشوة دونها كل نشوة.حلاوة الإيمان حلاوة داخلية في نفس رضية وسكينة قلبية تسري سريان الماء في العود،وتجري جريان الدماء في العروق.لا أرقَ ولا قلق ولا ضيق ولا تضييق،بل سعة ورحمة،ورضىً ونعمة:﴿ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً﴾ ﴿وذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ الإيمان بالله هو سكينة النفس،وهداية القلب،وهو منار السالكين وأمل اليائسين،إنه أمان الخائفين ونصرة المجاهدين.وهو بشرى المتقين ومنحة المحرومين.الإيمان هو أب الأمل وأخ الشجاعة وقرين الرجاء.إنه ثقة النفس ومجد الأمة وروح الشعوب.وأول منافذ الوصول إلى حلاوة الإيمان وطعم السعادة الرضى بالله عز وتبارك رباً مدبراً فهو القائم على كل نفس بما كسبت،رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما،قيوم السماوات والأرضين،خالق الموت والحياة والأكوان.مسبغ النعم،مجيب المضطر إذا دعاه وكاشف السوء.أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، سوَّى الإنسان ونفخ فيه من روحه، أطعمه من جوع، وكساه من عري،وآمنه من خوف،وهداه من الضلالة،وعلمه من بعد جهالة.إيمان بالله تستسلم معه النفس لربها،وتنزع إلى مرضاته، تتجرد عن أهوائها ورغباتها، تعبده سبحانه وترجوه، تخافه وتتبتل إليه، بيده الأمر كله، وإليه يرجع الأمر كله، رضىً بالله ويقين يدفع العبد إلى أن يمد يديه متضرعاً مخلصاً:(اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) 
ومذاق الحلاوة الثاني ـ أيها الإخوة ـ:الرضى بالإسلام ديناً،دين من عند الله أنزله على رسوله ورضيه لعباده ولا يقبل ديناً سواه.اسمعوا إلى هذا التجسيد العجيب للرضى بدين الله؛غضب عمر بن الخطاب رضي الله عنه على زوجته عاتكة فقال لها: والله لأسوأنك.فقالت له:أتستطيع أن تصرفني عن الإسلام بعد إذ هداني الله إليه؟ فقال:لا. فقالت: أي شيء يسوءني إذن؟! الله أكبر...إنها واثقة مطمئنة راضية مستكينة مادام دينها محفوظاً عليها حتى ولو صب البلاء عليها صباً.بل إن إزهاق الروح مستطاب في سبيل الله على أي جنب كان في الله المصرع. الإسلام منبع الرضاء والضياء، ومصدر السعادة والاهتداء.ومذاق الحلاوة الإيمانية الثالث:الرضى بمحمد رسولاً ونبياً.محمد الناصح الأمين، والرحمة المهداة، والأسوة الحسنة،فلا ينازعه بشر في طاعة، ولا يزاحمه أحد في حكم:﴿فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ الرضى بمحمدr اهتداءً واقتداءً. وبسنته استضاءةً وعملاً.أيها الإخوة، إذا صح الايمان ووقر في القلب فاض على الحياة، فإذا مشى المؤمن على الأرض مشى سوياً، وإذا سار سار تقيا، ريحانة طيبة الشذى، وشامة ساطعة الضياء.حركاته وسكناته إيمانية مستكينة:(فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به،وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها،ورجله التي يمشي عليها،ولئن سألني لأعطينه،ولئن استعاذني لأعيذنه) من ذاق حلاوة الايمان طاب عيشه،وعرف طريقه،ومن عرف طريقه سار على بصيرة، ومن سار على بصيرة نال الرضى وبلغ المقصد.نعم يمضي في سبيله لا يبالي بما يلقى،فبصره وفكره متعلق بما هو أسمى وأبقى ﴿يأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِى إِلَى رَبّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ﴾﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مّن رَّبّهِ﴾ هل رأيت ـ رحمك الله ـ زياً ومنظراً أحسن وأجمل من سَمْت الصالحين؟!وهل رأيت ـ وفقك الله ـ تعباً نصباً ألذ من نعاس المتهجدين؟!وهل شاهدت ـ حفظك الله ـ ماءً صافياً أرق وأصفى من دموع النادمين على تقصيرهم والمتأسفين؟!وهل رأيت ـ رعاك الله ـ تواضعاً وخضوعاً أحسن من انحناء الراكعين وجباه الساجدين؟!وهل رأيت ـ عافاك الله ـ جنة في الدنيا أمتع وأطيب من جنة المؤمن وهو في محراب المتعبدين؟! إنه ظمأ الهواجر ومجافاة المضاجع...فيالذة عيش المستأنسين.هذه حلاوتهم في التعبد التحنث.أما حلاوتهم في سبح الدنيا وكدها وكدحها.فتلك عندهم حلاوة إيمانية تملأ الجوانح بأقدار الله في الحياة. اطمئنان بما تجري به المقادير،رضىً يسكن في الخواطر فيقبل المؤمن على دنياه مطمئناً هانئاً سعيداً رضياً.مهما اختلفت عليه الظروف وتقلبت به الأحوال والصروف.لا ييأس على ما فات ولا يفرح بطراً بما حصل.إيمان ورضىً مقرون بتوكل وثبات،يعتبر بما مضى ويحتاط للمستقبل ويأخذ بالأسباب،لا يتسخط على قضاء الله،ولا يتقاعس عن العمل،يستفرغ جهده من غير قلق،شعاره ودثاره:﴿وَمَا تَوْفِيقِى إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ موقن أن (ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه).لو اجتمع أهل الأرض والسماوات على نفعه بغير ما كتب له فلن يستطيعوا،ولو اجتمعوا على منعه عما قدر له فلن يبلغوا.لا يهلك نفسه تحسراً، ولا يستسلم للخيبة والخذلان.معاذ الله أن يتلمس الطمأنينة في القعود والذلة والتخاذل والكسل،بل كل مسارات الحياة ومسالكها عنده عمل وبلاء، وخير وعدل،وميدان شريف للمسابقات الشريفة.جهاد ومجاهدة في رباطة جأش،وتوكل وصبر. ظروف الحياة وابتلاءاتها لا تكدر له صفاءً ولا تزعز له صبراً (عجبا لأمر المؤمن أمره كله خير؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن) بالإيمان الراسخ يتحرر المؤمن من الخوف والجبن والجزع والضجر﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (لا مانع لما أعطى ربنا،ولا معطي لما منع،ولا ينفع ذا الجد منه الجد)﴿ورَبَّكَ يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ﴾حلاوة ورضاً تقوم في حياة الكفاح على هذه الأصول والمبادئ؛ إذا أعطي تقبل وشكر،وإذا منع رضي وصبر،وإذا أمر ائتمر،إذا نهي ازدجر،وإذا أذنب استغفر.بهذا الإيمان وبهذا المذاق ينفك المؤمن من ربقة الهوى،ونزعات النفس الأمَّارة بالسوء وهمزات الشياطين وفتن الدنيا بنسائها ومالها وقناطيرها ومراكبها وسائر مشتهياتها وزينتها،سعادة وحلاوة ملؤها القناعة.سعادة وحلاوة يتباعد بها عن الشح والتقتير والبخل والإمساك،وينطلق في معاني الكرم والإيثار والعطاء.إن في حلاوة الإيمان ترطيباً لجفاف المادة الطاغية، وحداً من غلواء الجشع والجزع، وغرساً لخلال البر والمرحمة. ومن ثم تتنزل السكينة على القلوب، وتغشى الرحمة النفوس:﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صلاتٌ مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ ﴿أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مّنْهُ﴾ ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى﴾ ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حياةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾.
الخطبة الثانية:الحمد لله لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع،أحمده سبحانه وأشكره، فضله مرتجىً وفي عفوه الطمع،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،منح الخير وللمكروه دفع، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، دعا إلى الحق وجاهد في الله وأشاد منار الإسلام ورفع، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أهل الإيمان والرضى والتقى والورع والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الفزع أما بعد:فاتقوا الله رحمكم الله، فالسعيد من خاف يوم الوعيد وراقب ربه واتقاه فيما يبدئ وما يعيد.أيها المسلمون،من ضعف إيمانه يضج من البلاء؛ لأنه لا يعرف المبتلي، ويخاف السفر؛ لأنه لا زاد له، ويضل الطريق؛ لأنه لا دليل معه.فيالخسارة المستوحشين:﴿فَوَيْــلٌ لّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مّن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾من فقد الإيمان انفرط أمره وانحل عقده، يقول ويفعل من غير رقيب، ويسير في دنياه من غير حسيب، سيرته مطبوعة بطابع الأثرة والأنانية.معدوم الثقة بنفسه وبالناس يحل التدابر عنده محل التراحم،.بغير الإيمان وحلاوة الإيمان يصير الناس وحوشاً ضارية،يقطعون حبالهم مع الله ومع الناس، انقادوا لنفوسهم الأمارة بالسوء، واجتالتهم شياطين الجن والإنس.والحضارة المعاصرة بمادياتها المغرقة وتقنياتها الجافة خير شاهد على أن السعادة والحلاوة لا تحققها شهوات الدنيا ولا مادياتها، لا ترى المرء فيهم إلا منهوماً لا يشبع، شهواته مستعرة ورغباته متشعبة، يجره الحرص على الخصام فيشقى ويشقي، ويغرس العداوة والعدوان حيثما حل وارتحل.لقد أورثتهم حياتهم هذه أمراضاً نفسية، واضطرابات اجتماعية، وتقلبات فكرية، فكان مفزعهم إلى المخدرات والمهدئات والعيادات النفسية والعلاجات العصبية ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى . ﴿وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّمَاء ألا فاتقوا الله ـ رحمكم الله ـ، وآمنوا بربكم، وأطيعوا رسولكم، واستمسكوا بدينكم (رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناَ وبمحمدٍ رسولاً ونبياً).
بقلم أ عبد النور خبابة


حاجة البشرية لأخلاق الإسلام

حاجة البشرية لأخلاق الإسلام
إنّ النّاظر بعين سليمة لأحوال البشر في هذا العالم المتصارع ليشفق عليهم وهو يراهم يتخبّطون في ظلمات بعضها فوق بعض، فالتيّارات الفكريّة الفاسدة تعمُّ العالم، ونظم ضالة مضلة تسير البشر والشباب خاصة وفق مصالحها ومآربها الخاصة،مما جعل الخمور والفجور تشيع في المجتمعات، وتعاطي الحشيش والمخدرات، والجرائم تزداد في كل عام، فأصبح الفرد غير آمن على نفسه وعياله وماله وعرضه، بل أصبح العرض مشاعا، والزنا مباحا، فسقطت دول وإمبراطوريات عظيمة بسبب تفسخ شبابها، وانحطاط مجتمعها، فلا دين ولا خلق، ولا سمو ولا كرامة، فقام مصلحون كثر يطالبون بإصلاح المجتمع عن طريق إصلاح وسائل الإعلام، وغيرهم يطالب بالإصلاح عن طريق صلاح مناهج التربية والتعليم، وثالث يطالب بالإصلاح عن طريق منع الخمور كما حصل في أمريكا، واستمرت المناداة واستمرت البحوث، ودخلت نتائج بعض البحوث مضمار الممارسة العملية لإصلاح المجتمع، فانتكست أكثر من ذي قبل، وشاع الفساد، وعم الخراب وزاد الإجرام لعدم طرق الباب الاصيل الذي به يكون العلاج.
        وقام مصلح أسترالي وقال في كتاب نشره ما معناه:"إن العالم يتخبط في تيارات فاسدة وقد سُئلتْ كل الأمم عن حلول ناجعة ناجحة لعلاج تلك المفاسد فلم تجد، وبقيت هناك أمة لم تسأل، وأظن أن لديها العلاج الشافي، ألا إنها أمة الإسلام".
        فالإسلام ينشئ علاقة بين الفرد وخالقه، فهو يرجو الثواب، ويهاب العقاب، فيصلح خلقه في كل زمان ومكان، بعكس الحال لدى غير المسلمين حيث يرجون الثواب من رؤسائهم، فإذا غفلوا عنه أساؤوا. وغلى ذلك تنبه أحد ضباط المرور الإنجليز فقال:"أنتم أيها المسلمون لو كان عندنا في كتابنا آية كالتي في قرآنكم ما احتجنا لنظام وقانون مرور ينظم السير، مشيرا إلى قوله تعالى:" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" (سورة ق: آية 18).
        فالمسلم يتقي الله حيثما كان، صدوقٌ في كلّ المواضع حتّى ولو على نفسه. وأتصور بعضا من النّتائج للتّعامل بالأخلاق الإسلاميّة في نوعين:
أولا: نتائج للفرد:
*       شعوره بالطمأنينة والراحة النفسية في طل مجالات حياته.
*       أمنه على نفسه وماله وعرضه وممتلكاته العامة.
*       حصوله على حقوقه كاملة؛ وإعطاؤه لمجتمعه ما يجب عليه كاملا.
*       زيادة إنتاج وعطاء الفرد لمجتمعه.
*       شيوع روح المحبة والألفة والترابط بين أفراد المجتمع.
ثانيا: بالنسبة للأمة:
*       قوة الأمة و الزيادة في إنتاجها.
*       حلول البركة من الله تعالى والرضا عليهم.
*       احترام سائر الأمم لهذه الأمة؛ وجعلها قدوة لهم.
*       هيبة سائر الأمم لهذه الأمة.
*       رقي هذه الأمة يكون أسرع من باقي الأمم.
وقد يسأل سائل أو يعترض معترض فيقول: ما الدليل على حصول هذه النتائج حالما تطبق الشريعة الإسلامية بنظمها وأخلاقها؟
        فتقول: إن الأمر مرهون بالتجارب، وهناك تجربة سجلها التاريخ في أنصع صفحاته، حيث كانت أمة العرب لا يؤبه لها ولا يعتد بها، ولا يحسب لها أدنى حساب بين باقي الأمم، مثل فارس والروم والإغريق وغيرهم...،فقد كان العرب ينضح مجتمعهم بالجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء من وأد للبنات والثأر الظالم والخمور والفجور، والزنا والكرامات المهدرة للعبيد والمستضعفين، وضياع الحقوق ما لم تسندها قوة، فلما جاء هذا الدين أخرج من العرب بالإسلام خير أمة أخرجت للناس، فدكت حصون الأمم الأخرى، وتفوقت عليها بالعلم والعلماء، حتى أصبحت المدن الإسلامية منابر علم تقصدها الأمم لتنهل منها، وفي هذا الوقت جيء بتاج كسرى ذلك التاج العظيم محمولا على حمار من المدائن إلى المدينة وألقي بين يدي رجل عليه صياب مرقعة،وأصبحت أمة الإسلام كالبُنيان المرصوص يشدُّ بعضه بعضا، وأضحى المسلم لأخيه كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
بقلم أ عبد النور خبابة

2011-05-26

مابين الواقع والافتراضي ....كيف تتشكل الحياة؟ بقلم : مريم ماضوي

مابين الواقع والافتراضي ....كيف تتشكل الحياة؟ بقلم : مريم ماضوي
الحياة كما نريدها
الأرقام هي الشيء الوحيد الذي أصبحت تتمركز حوله حياتنا ، لما استسلمنا لمنطق الآلة باتت حياتنا مجرد أرقام أعادت بناء سلم التدرج للعوالم ، فقد انتهى زمن العوالم الأولى والثانية والثالثة وخلفه زمن العوالم المعلوماتية والعوالم غير المعلوماتية (المتخلفة معلوماتيا )
فالتكنولوجيا والالكترونيات أسست مجتمعا جديدا تجاوز المجتمع الصناعي وكان بديلا له مجتمعا يقوم على التكنولوجيا الجديدة للاعلام والاتصال التي تغلغلت في حياة الفرد وأصبحت مسيطرة عليه وتحولت المعادلة من تكييف التكنولوجيا بما تقتضيه حياة الفرد إلى تكييف حياة الفرد بما تقتضيه التكنولوجيا إذ باتت هذه الأخيرة هي من يرسم ملامح الحياة ويحدد مسارها .
الأرقام هي الشيء الوحيد الذي أصبحت تتمركز حوله حياتنا ، لما استسلمنا لمنطق الآلة باتت حياتنا مجرد أرقام أعادت بناء سلم التدرج للعوالم ، فقد انتهى زمن العوالم الأولى والثانية والثالثة وخلفه زمن العوالم المعلوماتية والعوالم غير المعلوماتية (المتخلفة معلوماتيا ) فالمجتمعات التي كانت بالأمس تصنف في الخانة الأولى هي اليوم وفق مقاييس القرن 21 قرن التكنولوجيا والالكترونيات تسمى المجتمعات المعلوماتية فهي التي أسست لهذا المجتمع الجديد الذي تجاوز المجتمع الصناعي وكان بديلا فرضه التطور التكنولوجي والتزاوج بين تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الحاسب الآلي الأمر الذي خلق ما يعرف بالتكنولوجيا الجديدة للإعلام والاتصال التي تغلغلت في حياة الفرد وأصبحت مسيطرة عليه وتحولت المعادلة من تكييف التكنولوجيا بما تقتضيه حياة الفرد إلى تكييف حياة الفرد بما تقتضيه التكنولوجيا إذ باتت هذه الأخيرة هي من يرسم ملامح الحياة ويحدد مسارها .
إن زيادة الاعتماد على التكنولوجيا وتطبيقاتها فرض العديد من التحديات أمام المجتمعات التي أدركت أن زمن الموارد الطبيعية قد ولى والرهان أصبح قائما على الموارد المعرفية فأصبحت المعلومة راس المال الذي يجر قاطرة التنمية والتقدم والتطور الشيء الذي يحتم إعطاء الأهمية القصوى لقطاع التعليم بكافة مستوياته (الأساسي والعالي ) وتشجيع البحث والتطوير العلمي وإقامة الشراكات ما بين القطاع العلمي والقطاعات الاقتصادية (القطاع الصناعي ،التجاري، الزراعي ..) بما يسمح باستغلال المعلومات استغلالا امثلا يدفع إلى زيادة الاعتماد على تقانة المعلومات كمصدر للعمل والثروة والبنية التحتية وهي الخطوة التي تقود إلى التحول نحو اقتصاد المعلومات ، هذه التحولات سمحت بتحسين شروط الحياة وتوسيع استخدام التكنولوجيا وانتشارها مجتمعيا على نطاق واسع فاستغلت لممارسة العديد من النشاطات ودفعت الأفراد إلى اكتساب الوعي الكامل بأهمية المعلومات في تسيير الحياة واتخاذ القرارات والمشاركة في صنع القرار السياسي وإثارة النقاشات حول القضايا الحساسة ما جعل البناء الاجتماعي متعدد المراكز ولا يدور حول مركز واحد . إدراك المجتمعات الغربية لهذه المعطيات جعلها تنجح في تحقيق خطوة إلى الأمام –يلزمنا نحن مجتمعات العالم الثالث آلاف السنين حتى نحقق ما حققته هي – تجاوزت بها عصر المجتمع التقليدي إلى المجتمع الالكتروني الذي يقوم أساسا على التكنولوجيات الجديدة .
الواقع الذي باتت تعيشه المجتمعات المعلوماتية جعلها تنقل واقعها المحسوس إلى الفضاء الافتراضي فمستخدمي المجال الافتراضي من المواطنين الغربيين أو مواطني مجتمع المعلومات أقاموا في هذا المجال مجتمعا وان كان افتراضيا إلا انه يعكس ملامح مجتمعاتهم الواقعية ما يقودنا إلى اعتبار أن الممارسة الافتراضية ما هي إلا ترجمة للممارسة الواقعية في صفتها الكلية فالفضاء الالكتروني اليوم يجعلنا نعيش داخله وفق مبادئ المجتمع الغربي القائم على الديمقراطية والحرية في صورة التدفق الحر والمتكافئ للمعلومات والمشاركة في بنائها ونقلها وتوزيعها والمساحة الكبيرة المتوفرة للتعبير عن الآراء والدفاع عنها .
المتأمل للمجتمع الافتراضي سوف لن يرى سوى مجتمعا مدنيا في صيغة الكترونية ، ورغم أن الاتفاق على معنى ثابت للمجتمع المدني لازال جدليا إلا أن مفهومه الشائع هو انه المجتمع أو المجال الذي تحكمه الجمعيات والنوادي والاتحادات ويقوم أساسا على سلطة الشعب لذا يعتبر البديل عن المجتمع السياسي الذي تحكمه سلطة الدولة ، فالمجتمع المدني يستمد قوته من إرادة الشعب ويطبع بمبادئ الديمقراطية والحرية الشخصية والمسؤولية والاهم من ذلك مبدأ الاختيار أو الطوعية الذي يمكن الفرد من الانتماء إلى الجماعة التي تلائم حاجاته ورغباته .
إن صورة المجتمع المدني نقلت من الواقع المحسوس إلى الواقع الالكتروني وفرضت منطقها عليه فهذا الأخير تحكمه التجمعات التي يشكلها أفراد يؤمنون بنفس القيم ويحملون نفس الآراء والأفكار على اختلافها إن كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو خيرية أو غيرها والتي اتخذت من الفضاء الافتراضي مجالا لممارسة نشاطاتها والعمل على تعزيز اتجاهاتها وتقويتها فمجتمع الانترنت بات يسير وفق مبدأ الديمقراطية القائم بدوره أساسا على المعلومات التي كانت حكرا على الحكومات وأصحاب القرار أما اليوم فهي في متناول الجميع وبإمكان أي شخص مهما كان موقعه من الهرم المجتمعي الإطلاع عليها واستغلالها الأمر الذي دفع إلى تعميق مفهوم المشاركة في اتخاذ القرار وعمق أكثر معنى الثقافة السياسية كما فتح المجال لإثارة النقاشات المدنية حول مختلف القضايا التي تهم الإنسان.
إن الخصائص التي تميز العالم الافتراضي كعالم تقل فيه الرقابة القانونية والسياسية بالدرجة الأولى سمح بنمو التجمعات وأضفى حركية وحيوية اكبر على حياة الفرد كما سمح بتطبيق واسع للديمقراطية –المعلوماتية – والحرية وكان داعما لحركية المجتمع المدني الواقعي وان كان قد قضى من ناحية ما على أسس الانتماء المجتمعي ، فقد ألغى ما يعرف بالانتماء القهري الذي تفرضه الرابطة الأسرية أو العائلية أو القبلية أو حتى الجغرافية وعزز الانتماءات الطوعية القائمة على أساس فكري.
قد يبدو للمتأمل لملامح المجتمع الالكتروني المرسوم داخل شبكة الانترنت انه تطبيق للعالم الحقيقي إلا أن الاختلاف بينهما يكمن في القوانين المنظمة لكل منهما فمجتمع الانترنت لازال يطرح قضايا الملكية الفكرية والقرصنة والاحتيال ومشاكل التجارة الالكترونية وغيرها من المجالات التي تحتاج إلى تقنين وتنظيم يضمن حقوق الأشخاص بالرغم من صعوبة تطبيق القانون على مجتمع افتراضي .
العلاقة بين العالم الحقيقي والافتراضي لا تتوقف عند تأثير الأول على الثاني بل أصبح الحديث والتركيز اليوم أكثر حول تأثير العالم الافتراضي على الواقعي ، فإذا كان المجال الالكتروني في المرحلة الأولى مجرد تطبيق لحياة الفرد الواقعية فان ذلك سرعان ما بدا يتغير وبدأت ترتسم تأثيرات الحياة الالكترونية أو لنقل الآلة على النسق الحياتي للفرد فإلى جانب أن الفضاء الافتراضي عزز الممارسات المرتبطة بالديمقراطية والحريات العامة على ارض الواقع وجعلها أكثر قوة إلا انه من جانب آخر اثر على العلاقات الإنسانية التي باتت افتراضية أكثر منها واقعية فصحيح أن التكنولوجيا قلصت البعدين المكاني والزماني –أو يمكن القول أنها قضت عليهما – إلا أنها عمقت البعد الإنساني والاجتماعي ، كما أن التدفق الحر للمعلومات وسع الآفاق المعرفية للفرد وسمح له بالإطلاع على الغير بل ابعد من ذلك جعله يتعرف على ثقافات جديدة تبناها كبديل عن ثقافته الأصلية –خاصة الثقافة الأمريكية – فتشكلت نتيجة لذلك ثقافة عالمية موحدة راحت تهدد الثقافات المحلية وجعلت الفرد يعيش انسلاخا تاما عن مجتمعه الحقيقي ، ناهيك عن ما سمح به الفضاء الافتراضي من انتشار للجريمة والعنف والاحتيال والإدمان والانحلال الخلقي والتأزم القيمي وأزمات الهوية والانتماء.كما قد يتعدى هذا التأثير –أي تأثير الواقع الافتراضي – إلى تغيير ملامح الحياة الواقعية كليا فتتحول المعادلة من محاولة عيش الحياة الواقعية في إطار الكتروني افتراضي إلى محاولة نقل الحياة الافتراضية إلى الواقع وهو ما يمكن أن نلمحه من خلال ثورات المجتمعات العربية التي قامت في مجملها حاملة شعارات الحرية والديمقراطية والحقوق المدنية وكلها مطالب تعرفت عليها من خلال الفضاء الافتراضي المتمثل في شبكة الانترنت (إضافة إلى ما حملته الفضائيات)، فالانترنت سمح لمواطن مجتمعات العالم الثالث بالإطلاع على حياة الآخر وفتح مداركه على معايير المجتمعات الديمقراطية (على الأقل كما يبدو) بل سمح له بممارسة هذه المعايير ، فوجد لنفسه مكانا يشعر فيه بالاستقلالية والحرية والمشاركة في صنع القرار ، فضاء أصبح يشكل ضمنه طرفا في بناء المعلومة ، وإدمانه هذا الفضاء وانبهاره به أدى إلى تنمية الرغبة بداخله لإحياء هذا العالم وتحويله إلى حقيقة يعيشها فعلا .
إن منتجات مجتمع المعلومات التي تصل إلى المواطن العربي من هناك ويستهلكها جعلته يتبنى حلم الديمقراطية ويطمح أكثر كي يعيش كما تعيش الأرقام داخل حاسوبه ، فبدأت الثورة من هذا المكان (جهاز حاسوب ---فضاء افتراضي ) أين أطلقت الصرخات الأولى المنادية بضرورة الحصول على مزيد من الحريات والحقوق وضرورة رسم الواقع بنفس الخطوط التي ترسم فضاء الانترنت بحيث يشارك الجميع في بناء الفضاء الاجتماعي والسياسي بنفس درجة المشاركة في بناء الفضاء المعلوماتي ، فيبني الجميع لنفسه مركزا اجتماعيا والجميع يقرر ماذا يريد والجميع يعبر عن رأيه والطموح إلى نقل التجمعات الالكترونية إلى الواقع مما يشكل مجتمعا مدنيا فاعلا، اشتداد 
رغبة في إقامة هذه الحياة جعل الثورة تزحف إلى الواقع حاملة طموحات تتعدى تغيير الأنظمة الحاكمة إلى تغيير مبدأ الحياة ونمطها كليا ، ولما لا جعلها صورة طبق الأصل عن الحياة الافتراضية وبالتالي القيام بعملية عكسية تحول المجتمع الالكتروني إلى مجتمع واقعي .
لقد نجح الغرب في مرحلة ما في نقل الحياة الواقعية إلى الفضاء الالكتروني وجعله ترجمة لها قبل أن يتحول إلى صورة عن حياة يطمحون في عيشها وهي نفس الحياة التي جعلت العرب يطمحون بدورهم في نقلها إلى الواقع فصحيح أنهم خلال ثوراتهم حملوا شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" لكنهم في حقيقة مغيبة يريدون حمل شعار "الشعب يريد إسقاط الواقع" ، فهل سينجحون في ذلك ؟
هل سيسقطون واقعهم لينصبوا محله واقعا آخر وجدوه في عالم افتراضي؟؟

نشر في مجلة أصوات الشمال  بتاريخ : الخميس 23 جمادى الثاني 1432هـ الموافق لـ : 2011-05-26

2011-05-24

ألهب نيرانك أو اللهب المقدس

 ألهب نيرانك أو اللهب المقدس
ألهِبْ نيـــــرانك فالنّــــفـَــقُ            قــد أظلم واحــتجب الأفُــقُ
من ضوء فتيلِك نقتـــبــــسُ           نظـــرا ويزايـــلُنا الغــــسقُ
ويلوح الفجـــرُ فتشـــدو لنا            أطيـــارُ القــــلبِ وتنـــطـلقُ
ونسـيم الــدّرب فـــإنّ لـــه             نفَـسا مـــن نــارك يعتــــبقُ
فيطيب ُالسّعيُ وتحضُـــنُنا             أكنـافُ المــقـدِسِ والشّـــفَـقُ
ألهِبْ نيـــــرانَك يا بَطـَــلا             قدْ زاغَ المـــوكبُ والــحدَقُ
ورياحُ الغدرِ بنَا عصَــفَت             وبُنُــودُ الغــــارةِ تصْــطفـقُ
ومنائرُنا صمتــَـت فبــدَتْ             كالـوَالـــهِ خَانــهُ مَنْ عَشقُوا
وحُداةُ الرّكب احتضنُوا الـ             أبــــكــارَ فألـهبــهُــم شبـــَقُ
وفحــيحُ النــّـزو يفــحُّ وما             خصفُوا العوراتِ وما طفقوا
فغصون الـــواحةِ قد ذبلت            وتطــاير واحتــــرقَ الورقُ
ألهِبْ نيــــرانَك يا بـــطلا              فحُصُونُ القلـــــــعة تُختَرقُ
وحقولُ السُّنبُل قد نَهَـــبَتْ             نَاطُـــورُهُ خَانَ؛ بــمنْ نَثِقُ؟
دَمْدِمْ كالرِّيح ستنتبهُ الـــــ              أسمــاع ُوينتـــعُشُ الــرّمقُ
واجْعل أشلاءكَ تـــــقذفُهم             كشـــظايَا المـِــدفعِ تنْدفـــقُ
يا بـــرْقا لاحَ بـــــــداجيةٍ              وتجــلّى فنُـــورُهُ مُــؤتلـــقُ
بضيــائكَ تنـــحسرُ ظُــلَمٌ              ويُــنيخُ بســـاحتنا الفــلـــقُ
ويلذ ثمــــالةَ نوركَ مَـــن              بمــــدامةِ ليـــلِهم شـَـرَقـُوا
من نارك تطلُع شمسُ غَدٍ             فيضُوعُ بشُــرفــتنا الحبَقُ
وسيزْهُو لروضنا مبسمُهُ              ويزولُ عن البصر البخقُ
اهجُم كاللّيث لـهُ خشـعتْ              ذؤبانُ يسكُـــنُها الفَــــرَقُ
اضرب أعداءَك كُنْ حَذرا             لا تبغِ الهُــدنةَ ما صدقُوا
واجعل أيّـامَهُــم نكَـــــــدا              وجحيما إنّــهم مــرَقُـــوا
بالكــيِّ سنبْرأُ مِــن أَلــــمٍ               يتعافَى الجُــرْحُ وينمحقُ
فكلـــيمُ اللـّـه رآى قبـَــسًا              بالـــوادِ فبـــارحَهُ القَلـَقُ
شعر أ عبد النور خبابة

2011-05-21

في قلب المعركة..

في قلب المعركة..


في  قلب المعركة.. في ذكرى رحيل ابن باديس و الإبراهيمي رحمة الله عليهما

         مرّت ذكرى يوم العلم ورحيل العلامة عبد الحميد بن باديس هذه السنة مرور الكرام، و أدركت بأن طريق العلم لم يعبّد بعد، كما اقتنعت بفكرة اغتراب الإسلام في وطنه وبين أهله و ناسه. مرت ذكرى وفاة أمير البيان الشيخ محمد البشير الإبراهيمي فلم أكد أسمع أحدا يتكلم عن فضائل الرجلين و علمهما وورعهما و جهادهما الفكري لتأليف الرجال في الجزائر. حاولت الرجوع إلى الوراء قليلا مستخدما منهجية حداثية تراجعية تقدمية لأفهم الرّاهن بعين العقل، فوجدت أن أولى محطة عليّ التوقف عندها هي طريقة الاحتفاء بذكرى يوم العلم هذه السّنة، حيث أقامت لنا وزارة الثقافة مشروعا حضاريا كبيرا سمّي تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، ودعي التلفزيون الرّسمي الفرنسي لحضور التظاهرة في حين غابت كل تلفزيونات الدول الإسلامية و العربية، لقد كان حدثا ثقافيا كبيرا غنّت فيه نجوم الراي ورقص محبوها حتى الصباح، جاؤوا لنا بمخرج لبناني كبير ليقدم لنا عملا فنيا باسم تلمسان منبع الإيمان، فكان مثل الساحر الذي كانوا يحضرونه لنا في المدرسة قديما ندفع له و لا نشاهد شيئا يستحق الذكر، إنّها الطريقة الأكثر احتفالية في عالم الثقافة الإسلامية الجزائرية، حيث حضرت تلمسان وغابت الثقافة الإسلامية.
         بقيت أتتبع الأحداث و أرجع إلى الوراء و أتقدم حتى وقعت يديّ على مقال كتبته يوم قرأت كتابا عن شيخ البيان محمد البشير الإبراهيمي بعنوان" في قلب المعركة "، ويحوي الكتاب عديد رسائل الشيخ للشعب الجزائري  يحثه فيها على الجهاد و الاستعداد لاسترجاع السيادة الوطنية من فرنسا الظالمة المستبدة، وكنت يومها قد دوّنت بعض الأسطر بكثير من الألم وشيء من الحسرة على ما وصلنا إليه من حالة نكران للذات وتزييف للوقائع و الحقائق وبخس الرّجال أشياءهم. سألت نفسي وقلت: هل نحن في قلب معركة ثقافية، أم هي أزمة ستمر مثلما مرّت كثير من الأزمات؟، قلت في نفسي: لماذا لم ينظم ملتقى دولي يتناول سيرة و آثار علماء الجزائر في ذكرى يوم العلم؟، لم لا نقيم تظاهرة للعلم في الجزائر وتستمر لسنة كاملة هكذا نكون قد احتفلنا حقا بالعلم والعلماء؟، لم لم تفكر وزارة الثقافة بإحياء  بذكرى رحيل أهم رجلين في تاريخ الجزائر الحديث في القرن العشرين، لكن صوتا بداخلي نطق عني وقال لي: دعك من هذا الكلام فليس في الجزائر من يذكرهما سواك وبعض المخلصين من أبناء الأمة الذين يحبون العلم و يقدرون العلماء.. 
لقد تعلمت في المدرسة أنّ جمعية العلماء المسلمين تأخرت في دعم الثورة وشككت في قيادتها، لكنني عندما كبرت قرأت بأنّ الشّيخ الإبراهيمي كان أوّل الدّاعين للثورة، فمن أصدّق ومن أكذّب إذن؟، هل أبقى في ظلالي القديم أم أغير وجهة نظري وأرجع إلى الوثائق التاريخية التي تقدم لنا الحجة و البرهان، وتبين لنا من كان في قلب المعركة ممن كان خارجها؟. ما حز في نفسي وقوفي على بعض المراجع التاريخية التي تتطاول على الرجال الشرفاء من خيرة أبناء هذه الأمة، كتب مسمومة لكتاب مأجورين تكلموا عن أمير البيان وقالوا بأنه لم يكن منسجما مع ثورة التحرير إلا بعد أن حمى وطيسها وحققت نصرها، لكنهم لو قرأوا كتاب في قلب المعركة للشيخ محمد البشير الإبراهيمي لأدركوا يقينا بأننا ظلمنا الرجل مرتين مرة في حياته و أخرى بعد مماته.إن الإبراهيمي ومن خلاله جمعية العلماء المسلمين الجزائريين احتضن الثورة ودعا إليها منذ الأيام الأولى لشهر نوفمبر 1954، ها هو كتاب في قلب المعركة الذي جمعه ابن الشيخ الدكتور احمد طالب الإبراهيمي يضم كتابات الشيخ و يتناول قضايا ساخنة أثناء الثورة و بعد الاستقلال،ها  هي كلمات أمير البيان رنانة، حماسية تدعوا الشعب الجزائري للانتفاضة ضد الاستدمار، هاهو الإبراهيمي يقول للشعب الجزائري في ذكرى عيد من الأعياد الدينية: " أيها الشعب الجزائري: عيد مبارك إذا أردتم، سعيد إذا استعددتم.."، أما الشيخ ابن باديس فقد كان رائد النهضة العلمية الإصلاحية و محرك الثورة الجزائرية يوم أسس مع زملائه في الجمعية معاهد لتعليم القرآن الكريم في كل شبر من ربوع الجزائر.
أيها الناس نحن في قلب معركة علمية و ثقافية حقيقية تتطلب منا يقظة وعملا استشرافيا استراتيجيا لحفظ و استرجاع و إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تراث غني حبا الله به هذه الأمة الجزائرية، علينا أن نبادر للاستثمار في تراثنا حتى ننأى به عن أيادي العابثين بمصير أمتنا من جهلة لا يقدرون قيمة هذا الكنز المكنون، هكذا فقط تتعزز الهوية لدى أبناء هذا الشعب البار فيشعرون بالانتماء و الأمن الثقافي في بلدهم، فيسارعون للانخراط في مسيرة البناء الوطني.                                                                                                                                                                                         قلم: أحمد بلقمري

2011-05-20

ذاك البشيــرُ





ذاك  البشيــرُ
أكرِمْ  بيـومِ العلمِ أروعَ مولـدِ          أكرمْ به ذكرى لشعبٍ أمجـدِ
ذِكرى  تُـخلِّدُ  نـهضةً جبَّارةً          ورسالة بعثت حياة الرُّقَّــدِ
جمعيَّـةُ  العلماءِ  مشـعلُ دربِها                لا ينطفي أبدا بجيل محمَّــدِ
ذاك  البشيــرُ يتـيمةُ  الأُدباء           محيي لسان الضاد بعد تجمُّـدِ
صاغ  الكـلامَ  بلاغــةً دُرِّيةً            فأتى بيانُهُ بالشِّـفاء المنـجِدِ
عَلَمٌ  تسامى في ربوع  المغـربِ              صلبَ الإرادةِ لايهاب المعتدي
ماضي الشكيمة،مـؤمن  برسالةٍ               عظمى تكفَّلها ولم يتــردَّدِ
أدبٌ ، وفقـهٌ  كلُّهُ  ومـعارفٌ          يسمو لها بيراعه المتفـــرِّدِ
أرسى خـلالاً في الشباب حميدةً            إذ قال كونوا : همَّـةَ المُتوحِّدِ
شحـذ العزائمَ في الرِّجالِ أبيَّـةً        وجَلاَ العقولَ بفكره المتوقِّـدِ
الذكر منهجُه  الرَّشـيدُ  وروحُهُ                والضاَّد حَرْبَتهُ السَّديدةُ باليـدِ
وجزائرُ الشُّهداء  منبـعُ حبِّـهِ          ومبادئَ الإسلام بالدَّم  يفتـدِ
مهما وصفتُ جهادَكَ فمُـقصِّرٌ                لله درُّك مـن إمام  أوْحـدِ !
لم يَثنِ عزمَكَ ما لقيتَ من الضَّنى           ووقفتَ في وجه المدى المتمدِّدِ
ومضَيْتَ تحـدُو  بالرعيَّة نشأَها               نحو السِّيادة والمُقام المُسعــِدِ
ستظلُّ تحـيا يا بشير  بحبِّـنـا          في كلِّ مدرسةٍ ، وفي كلِّ مجلَّدِ
ستظلُّ نبراسا   يُنـيرُ  طريـقنا          وتظلُّ نجمًا ساطعًا به نهتـدِي
 ستظلُّ تُذكرُ في  المحافـل كلِّها              فذًّا  بليـغا عبـقريَّ المحـتِدِ