السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2011-04-23

تهون الحياة وكل يهون ولكن إسلامنا لا يهون

تهون الحياة وكل يهون ولكن إسلامنا لا يهون

إن قضية العمل للدين، والبذل في سبيل الله ورفع راية الإسلام، والاجتهاد ليعلو الإسلام على كل الملل والنحل، وعودة الخلافة، وعودة هذه الأمة لقيادة الدنيا بدين الله عز وجل، وتعبيد الناس لرب الناس سبحانه وتعالى؛ ليست مسئولية شخص بعينه أو هيئة معينة، وإنما مسئولية كل مسلم على حسب طاقاته وإمكانياته وقدرته.

وإننا مَن نحتاج إلى هذا العمل الصالح وهذا البذل؛ لنجاة أنفسنا وسعادة دنيانا وأخرانا، وليس ديننا المحتاج إلى ذلك؛ لأن الإسلام قوي بذاته ظاهر بذاته؛ لأنه هو الحق وما سواه باطل؛ ولذلك ينتشر الإسلام في كل ربوع الدنيا، ويدخل كل يوم في الإسلام المئات، بل الآلاف على رغم ضعف المسلمين وعجزهم.

ولننظر إلى هذا المشهد الرائع ليعقوب عليه السلام حينما جمع أبناءه في آخر لحظات حياته؛ ليطمئن على القضية التي عاش مِن أجلها طوال حياته، وبذل الغالي والنفيس في سبيلها، قضية الدين: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133].
فهو لم يرضَ أن يموت فقط على الإيمان، بل يطمئن على مستقبل أولاده وأمته في طاعتهم وعبوديتهم لله.
وجده الخليل عليه السلام: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132].

والحفيد يوسف عليه السلام ما شغله السجن وما فيه مِن ظلم وألم عن القضية الكبرى في حياته؛ العمل للدين والدعوة إلى الله تعالى، فحين جاءه الرجلان يسألانه عن تأويل الرؤيا دعاهما إلى الله تعالى أولاً: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ . مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 39-40].
ولما تولى الملك والسلطان ما شغله عن قضيته هذه كما أخبر عنه مؤمن آل فرعون بعده بسنين في زمن موسى عليه السلام: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً} [غافر: 34].

ونوح عليه السلام دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، ومع ذلك قابلوا دعوته بالعناد والكفر: {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} [نوح: 7].

ومع ذلك ظل على دعوتهم ولم ييأس ويقل: "لا خير فيهم"، و "لن يرجى مِن ورائهم خيرًا"؛ فدعاهم سرًا وجهرًا، وجماعات وفرادى، ليلاً ونهارًا، ترغيبًا وترهيبًا: {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا . ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا . فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا . مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 8-13].

ونبينا صلى الله عليه وسلم ظل في مكة يدعو إلى الله تعالى ويبذل في سبيل الله، ولما وقف له كفار قريش تكذيبًا وعنادًا وكفرًا، ذهب إلى الطائف؛ ليفتح لدعوته مجالاً آخر فموطن الداعية حيث مصلحة الدعوة، وقوبل بمثل ما قوبل به مِن قريش، بل أشد، ثم ترك أحب البلاد إليه وأحب البلاد إلى الله، وموطنه ومكان مولده هجرة إلى الله تعالى، ثم جهاده في سبيل الله حتى آخر لحظات حياته، وكان في آخر اللحظات حريص على أمته وعلى دينها، وحماية جنابه، فكان آخر ما تكلم به: «الصَّلاَةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» [رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني]، وقال: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا [متفق عليه].

والأنبياء هم الأسوة والقدوة: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، وهم الذين يمثلون المنهج الرباني في كل عصر ومصر.

وغلام الأخدود الغلام الذي لم يبلغ سن الشباب حين هداه الله إلى الإيمان ظل يدعو الناس إليه حتى وصل الأمر للملك فحاول قتله، فلم يستطع فدله على طريقة موته، إنه عاش مِن أجل قضية هي قضية الدين، ويريد أن تصل الدعوة إلى كل إنسان في بلده فبذل نفسه في سبيلها حتى آمن الناس رغم أنه مات قبل أن يرى ثمرة دعوته.

وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه حينما ولي الخلافة، وارتد مَن ارتد مِن العرب، ومنع مَن منع الزكاة، قال قولته المشهورة: "أينقص الدين وأنا حي؟" أي لا يمكن أن يحدث هذا، وهو الذي ظل حياته مجاهدًا في سبيل الله، بذل ماله كله في سبيل الله، وظل حياته إلى أن مات يعيش لدينه ونصرته.

والطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه حينما أسلم.. في أول لحظات إسلامه يعلم أن عليه واجبًا تجاه دينه، ودورًا في نصرته، فيقول للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن نطق بالشهادتين: "إن دوسًا كفرت بالله فمرني فلأذهب إليها".

وصحابة النبي صلى الله عليه وسلم جميعًا بعد جهاد ثلاثة وعشرين عامًا من البذل والتضحية وتحمل الآلام والصعاب، وترك الأهل والأوطان والأولاد، وبذل الأموال وغير ذلك ما جلسوا ليستريحوا بعد ذلك، أو ليحصلوا على النياشين والأوسمة، ويرووا قصص البطولات الماضية، وإنما انطلقوا جميعًا استمرارًا في العمل للدين، ونصرة للإسلام حتى مات كل منهم في قارة مِن قارات العالم.

ونور الدين وصلاح الدين
رحمهما الله الذين  أوقفا حياتهما لله حتى حرر الله تعالى  المسجد الأقصى على يد صلاح الدين، وقالا قولتهما المشهورة التي وردت على لسانيهما: "كيف أضحك والقدس أسير؟".

والمواقف مِن حياة سلفنا في العمل للدين، ونصرة الإسلام والبذل لله لا يحصيها إلا الله، وانظر لهذا الإحساس عند سلفنا، يقول بعضهم: "إني لأرى المنكر لا أستطيع تغييره فأبول دمًا"، ويقول الآخر: "وددت لو قرض جلدي بالمقاريض وعبد الناس ربهم".

وقد تقول: ومَن أنا؟ وهل يكون لعملي قيمة؟

نقول: لا تحتقر نفسك.. فقد يجعل الله على يديك خيرًا كثيرًا، فاصدق الله وأخلص وابذل الجهد واجتهد في العمل تجد خيرًا بإذن الله، وكل مَن جرب الدعوة إلى الله وجد أمام عينيه ثمارًا طيبة كثيرة، قال صلى الله عليه وسلم: {إِنْ تَصْدُقْ اللَّهَ يَصْدُقْكَ} [رواه النسائي والحاكم، وصححه الألباني]، «لا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا» [رواه مسلم].

وتعبدنا الله تعالى بالعمل، ولم يتعبدنا بالنتائج، قال صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ، وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ» [متفق عليه]، فهذا نبي لم يؤمن به أحد، ولكنه أدى ما عليه وقام بدوره.

فتقول: وما دوري أنا؟ وماذا أفعل لخدمة ونصرة ديني؟
أولاً: ابحث لنفسك عن دور، فلا تنتظر أحدًا يُعرفك دورك، فمن حبك لدينك ستجد أدوارًا.

وهذه مفاتح أدوار تعينك:
1- التزامك بشرع الله وتربية أولادك على الإسلام مِن أعظم النصرة للدين.
2- الدعوة إلى الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
3- تعلم الدين وتعليمه للناس، ومنه: الخطبة والدرس.
4- الاهتمام بقضايا المسلمين في كل مكان، وتعريف الناس بها وبحقيقتها، وحقيقة كيد الأعداء.
5- رعاية الأيتام والفقراء والمساكين وكفالتهم.
6- تفوقك الدراسي، وبذلك مِن أجل تقدم أمة الإسلام: اقتصاديًا، وسياسيًا، وعلميًا وتكنولوجيًا.
7- خدمة المسلمين في مكان عملك، والبعد عن الحرام؛ سواءً كنت موظفًا أو عاملاً أو طبيبًا أو مهندسًا أو غير ذلك.
8- الدعاء والتضرع إلى الله لنصرة المسلمين، وهذا والأول عمل لا يعجز عنه أحد، قال صلى الله عليه وسلم: «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلا بِضُعَفَائِكُمْ» [رواه البخاري]، وفي وراية: «إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلاتِهِمْ وَإِخْلاصِهِمْ» [رواه النسائي، وصححه الألباني]
9- اذهب لأهل العلم والدعاة إلى الله في مكانك ومنطقتك ليدلوك على أعمال يحتاجونها، وتبذل أنت فيها لله.

قال بعض أهل العلم: "كانوا يقولون لنا: دقك المسمار لتعليق لوحة إعلان عن درس علم نصرة للدين، ومشاركة في عودة الخلافة".
وصدقوا.. فلا تحقرن عملاً، فميزان الله بمثاقيل الذرات، ورب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تحقره النية.

والمرأة كذلك لها دور؛ فلا بد أن تعيش قضايا أمتها فهي ليست بمعزل عن العمل للإسلام ونصرته، فمن أدوارها:
1- التزامها بشرع الله وخاصة فريضة الحجاب، وأن تكون أسوة وقدوة لغيرها في حسن الخلق، وحسن الأدب والحياء.
2- تربية أولادها على الإسلام.
3- دفع زوجها وأولادها وحثهم على طاعة الله والعمل لدين الله.
4- تهيئة البيت لزوجها وأولادها للعمل والبذل، "فزوجة الداعية الجندي المجهول".
5- ألا ترهق زوجها بالمطالب والمصاريف حتى لا تشغله عما هو أهم.

والله أسأل أن يعز الإسلام وينصر المسلمين، ويذل الشرك والمشركين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على عبدك وخليلك محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

2011-04-22

الشباب ودوره في الحراك الاجتماعي للشعوب

الشباب ودوره في الحراك الاجتماعي  للشعوب
كثيراً ما كان الخبراء يخوضون في ضرورة علم المستقبليات، وفنون استكشاف المستقبل كعلم متعمق بعيداً عن الحديث عن الغيبيات، التي لا يعلمها إلاَّ الله عزَّ وجل، وقليل منهم بل أقل القليل من كانوا يتوقعون حدوث انقلابة معاصرة تهز عروش الطغاة في غضون شهر أو أكثر بقليل، لكني أجزم أنَّه لم يكن يتخيَّل أحد قبل أربعين يوماً أن تقع ثورات في كثير من الشعوب العربيَّة، وبمثل هذه الطريقة من سرعة التغيير، وتهاوي كثير من الأنظمة الطاغوتيَّة التي حكمت البلاد والعباد ردحاً من الزمن، وقد انقلبوا على وجوههم كأحجار الدومينو، وبدون حلفاء يناصرونهم، ولا قوى تتذكرهم، بل وتبرؤ قوى الشرق والغرب منهم وعدم استقبال الكثيرين منهم، ونستذكر حينها قول الله تبارك وتعالى: {فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين . وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون لولاً أن منَّ الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الظالمون . تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين}.


·
سيد الأدلَّة الاعتراف:

إنَّ خير ما يُعترف به في هذا الزمان أنَّ هذه الثورات المباركة كان الشباب وقودها، ومشعل نورها، ومحرك ضمير الشعوب من خلالها، ومُهيِّج الكثير من الوسائل الإعلامية لمتابعة اجتماعاتهم ومظاهراتهم واعتصاماتهم، ولقد كانوا بالفعل مثار اهتمام الجميع، ومحط أنظار الكثيرين من الساسة وأهل العلم والفكر والتربية، وكان لهم قصب السبق في إشعال نوَّار الثورة، وإطلاق تلك الهبَّات الاحتجاجيَّة الجماعية التي تطالب الأنظمة المستبدَّة بالتغيير والإصلاح، بعد عقود من أزمنة التردي والتخلف وأردية العفن السياسي التي غطَّت تلك الأنظمة البائسة ردحاً من الزمن.


ولقد كانت تلك الأنظمة المنهارة تظنّ أنَّها بتضييقها الأمني الشديد على تلك الشعوب وخصوصاً (الإسلاميين منهم)، وتضييق الخناق على الحريَّات وحقوق الشعوب، وإفقار الشعوب بناء على مبدأ (جوِّع كلبك يتبعك)، والتفريق بين الإسلاميين، واستغلال حالة الاختلاف بينهم، بل الدخول فيها عبر أطراف مدسوسة منهم؛ لكي تكون هنالك حالة من استحكام العداء بينهم باسم (الدين) تارة و(الحفاظ على المنهج) تارة و( المفاصلة الحزبية) تارة أخرى، وإلهاء الشباب بالفن والمسارح والأغاني ونجوم العفن الفني، وأن يكون همّ الشباب متابعة مثل هذه الجوانب، ومحبة السياحة والسفر لأغراض غير شريفة، والولوج لعالم الإنترنت والفضاء غير المقنَّن لرؤية ما لا يرضي الله، كان ذلك في مخيَّلة تلك الأنظمة وأجهزتها القمعيَّة تدبيراً مخطَّطاً له لإيجاد حالة الإلهاء لدى الشعوب، وتفريغ شحنتها في الكدّ وجمع المال، والوصول إلى البيت بحالة مترديَّة من الضنك والهمّ والإرهاق، فلا يبقى هنالك ما يُمكن التفكير به، غير عمل الغد والذهاب إليه..!!

لكنَّ ما كل ما يتمنى المرء يدركه، والصبر إن طال يومه على المتمسك به، فلربما يفرغ من تلك الشحنة التي تغذيه، والكبت يولد الانفجار، وويل للأغنياء من جوع الفقراء، حينما يرونهم يخرجون عليهم بأنفسهم ومُهَجهم وأرواحهم أن أطعمونا !


وليست القضيَّة مجرد زيادة مال وكساء ورغيف خبز فحسب، بل كانت مطالب تلك الشعوب الثائرة أطعمونا الحريَّة، لكي نستنشقها، ونعيش في ظلالها، وهكذا كانت هبَّة الجماهير الشبابيَّة، الذين ولدوا وهم يرون أنفسهم في حالة مزرية من الفقر والخوف والجوع والمرض، ولا أحد يسأل عنهم، بل إن ذُكِرَ الشباب فمعناه في العقل الجمعي للشعوب هم الشباب المكدس والمتسكع في الشوارع وشباب (الكرة) و(الشطرنج) و(البلياردو) و(متابعات الفضائيات).

لم يكن يرى الشباب كذلك تحلو هذه الحياة إلاَّ للنخب، فالمنابر الإعلامية للنخب المثقفة، والقنوات الفضائية لهم كذلك، والمراكز الاجتماعية والقيادية والإدارية لا يتولاها إلاَّ الشخصيات المفكرة والمثقفة وأهل العلم والدعوة، ومواقع الإنترنت الرسميَّة لا يمكن أن (يفضفضوا) فيها عن همومهم، فلم تكن سوى المنتديات والمدونات والمواقع الشخصيَّة والتجمعات على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) و(تويتر) وغيرها، وهي الوسائل الاجتماعية التي لا يُحسن التعامل معها في الغالب إلاَّ الشباب، ومنها صنعوا الأعاجيب، وحاكوا خيوط النسيج الاجتماعي الذي جمعهم على شاشة الحاسوب، بالتواصل السريع والحر من خلال لوحة المفاتيح (الكيبورد).


·
وخرج الشباب كالأُسْد تزأر في غابتها غضباً :

إنَّ أقصى ما يعانيه الشباب اليافع الفتي، أن يرى الدنيا تلتفت للكثيرين من طبقات المجتمع أكثر مما تلتفت إليهم، فلربما تكون هنالك مؤتمرات باسم (حقوق الطفل) و (حقوق المرأة) و( حقوق العلماء) و(حقوق البيئة) و(حقوق الحيوان)، ولكنَّ الشباب لا يجدون حديثاً عنهم، وإن كان هنالك حديث فهو قليل، ولربما يكون محسوبًا على فئة معيَّنة منهم، مِمَّن مَنَّ الله عليهم بنوع ذكاء وزكاء، والأغلبية الساحقة منهم لا يرون أنَّ حقوقهم وكرامتهم الإنسانية قد لُبِّيت لهم.


إنَّنا والحالة هذه لا ننظر إلى شبابنا اليوم إلاَّ بعين الرحمة والمحبة والإجلال والاحترام، ونحن ننظر إليهم وهم يطالبون بحقوقهم، ولا تخش على حق يُطالب به لسان شديد اللهجة، ونستذكر الحديث الصحيح الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوه فإنَّ لصاحب الحق مقالاً)، ولا غرو أن نجدهم ينظرون لمجتمعهم حينما لم يعطهم الكثير من حقوقهم:


فأين حقوقهم في دعم تعليمهم في الجامعات؟

وأين الحكومات والجمعيات الأهلية والمدنية لتزويج الكثيرين منهم، وقد بلغ الكثيرون منهم الثلاثين سنة وهم يبحثون عن لقمة العيش التي يمكن أن تسد رمقهم فضلاً عن المال الذي يجمعونه بآلاف الدولارات لكي يتزوجوا (بنت الحلال)؟

ولماذا يرى الشباب أنفسهم في حالة بطالة متكدِّسة بعد التخرج من الجامعات، فلا يرون أنَّ شهادتهم قد نفعتهم، بل لربما أرهقتهم مالياً، ولم يجنوا من ثمارها إلا الفقر والبطالة، وهم في المقابل يرون أموالاً مهدورة من تلك الحكومات بمليارات الدولار في دعم أنشطة تافهة، وأمور لا تُحمد عقباها!


وأين حقهم في استهدافهم بتنمية مواهبهم واستثمار طاقاتهم؟

وأين جهود الدول والحكومات في استقطابهم لخدمة المجتمعات والإفادة من سواعدهم الفتيَّة ولو كان ذلك نظير أجر مادي يسير كجائزة تقديريَّة لإنتاجهم؟

بل لربما يتساءلون : أين إشراكهم في أخذ رأيهم والاستعانة بفكرهم، وابتغاء حدَّة عقولهم، والجمع بين حماستهم وحكمة الشيوخ؟

ولماذا يرون كثيراً من طبقات المجتمع لا تنظر إليهم إلاَّ على أنَّهم مراهقون وأطفال في صورة (كبار)؟


ولطالما رأيناهم كذلك يرفعون صور بعض الشباب ممَّن قتلوا ظلماً على أيدي المجرمين دون ذنب، كصورة (خالد سعيد) وصور (سيد بلال) ـ رحمهما الله ـ، أو أنَّنا نراهم يرفعون صورة (محمد بو عزيزي) ـ رحمه الله وغفر له ـ الذي حرق نفسه بالنار بسبب الظلم والاستبداد الذي حصل في بلاده ضدَّه وعدم وقوف العدالة معه، فلقد رأى الشباب أنَّ كثيراً من إخوانهم يُقتلون ويُنكَّل بهم ويحرقون أنفسهم بسبب ظلم الطغاة لهم.


لقد زادت تلك الجرائم البشعة الشباب حماسة لأن يبقوا صامدين في مطالبتهم بحقوقهم؛ ما رأوه من أجهزة الأمن التي قمعتهم وقتلت بعضهم دون ذنب إلاَّ لأنَّهم طالبوا بحقوقهم، فصاروا أشدَّ ثباتاً في مطالبتهم بحقوقهم، وباتت المسألة عند الشباب في موقف تحدٍ: نكون أو لا نكون، فثبتوا وصبروا وإنَّما النصر صبر ساعة ....


إنَّ من أبرز أسباب انفجار الشباب وحرصهم على التغيير الكلي للأنظمة الحاكمة هو القبضة الأمنية الغاشمة التي تعتمد علها الأنظمة المستبدة في تثبيت أركان حكمها، ويكفي القارئ أن يعلم أن سجون مبارك ضمت بين زنازينها أكثر من ثمانين ألف شاب بينهم من قضى أكثر من خمسة عشر عامًا دون محاكمة وفي تعذيب مستمر، ومعظمهم حرموا من زيارة أهليهم لهم لمدة تزيد على سبع سنوات حتى ظن أهلوهم أن أبناءهم لقوا حتفهم، وكذلك الحال في تونس وليبيا وغيرها من البلدان التي قامت فيها الثورات.

وحينما خرج هؤلاء الشباب المساجين من سجون الظلم، فاجأتهم عجلة الزمان بدوران يجلب الدوار، فلا فرص عمل ولا مؤهلات تقنية وفوق كل هذا متابعات أمنية ومداهمات من ضباط أمن الدولة؛ كل هذا شكل حطب الاحتجاجات ضد أنظمة تهين مواطنيها وتجبرهم على حياة الموت قد يكون أفضل منها.

هي بالفعل أسئلة وأفكار أرجو ألاَّ يستخفَّ بها قارئ، ولا أن يستبعدها مطالع، فإنَّ لكل نتيجة أسبابًا، وإنَّ من أسباب نتائج التغيير وتحريك الشعوب له؛ قيام أولئك الشباب، وحمل أرواحهم على أكفهم بمظاهرات واعتصامات سلميَّة، لا يريدون سوى حقوقهم التي يكفلها لهم شرع رب العالمين، وجميع الأنظمة والقوانين الأرضيَّة العادلة، من قبيل: الحرية، والكرامة، والعدالة الاجتماعية، والمساواة، وتحقيق الأمن والرفاء، والغنى والهناء.


ما الشباب إلا قوم قد اجتمعت فيهم جميع الخصال الخيِّرة من طبائع الشجاعة، وألحان الحماسة، وصدق الحميَّة، وقوَّة العصبيَّة، وإجادة تشكيل المجموعات والتكتلات، فبعد أن رأوا كلَّ تلك المظالم، والمكائد السياسيَّة بهم وبشعوبهم، لم يكن منهم سوى أن طلقوا الدنيا بأجمعها، فإما حياة تسر الصديق، وإمَّا ممات يغيظ العدى.


ولقد كان أغلب الشباب في تلك الثورات الشعبيَّة شباباً مؤمنًا بالله،ـ نشيطاً يقظاً، واعياً منتبهاً لجميع المكائد السياسيَّة، وألاعيب الطغاة، وأحابيلهم المتلونة، ولقد كنَّا نراهم على شاشات التلفاز، ما أن ينادي منادي الصلاة، إلا ويقومون لله ملبين النداء، قائلين في بداية أذانهم (الله أكبر) وفي نهايته (لا إله إلا الله) وقائلين خلف الإمام الذي يؤمهم للصلاة (الله أكبر) ومختتمين الصلاة بقولهم : (السلام عليكم ورحمة الله) فكأنَّهم يُشعِرون الطغاة والعتاة وجلاوزة الإجرام أنَّ (الله أكبر) من أفعالكم وهو أكبر من ملككم وحكمكم، فلن تقفوا أمام من لبَّى نداءه أبداً، ويختتمون صلاتهم بالسلام وكأنَّهم يقولون: لسنا أهل عنف وإرهاب، بل نحن أمَّة الإسلام والسلام، ولن نرفع في وجوهكم السلاح، بل إن متنا فنحن أدَّينا ما علينا وكنَّا شهداء. فلله درَّهم !


·
كيف استطاع الشباب أن يؤثروا على واقع المجتمعات؟

 
أهدي الشباب تحية الإكبار * * * هم كنزنا الغالي وذخر الدار

ما كان أصحاب النبي محمد * * * إلا شبابا شامخ الأفكار


ليس لهؤلاء الشباب الذين كسروا بمعاولهم رؤوس الطغاة، إلاَّ التحية والعرفان، والتبجيل والشكران، فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله.


لقد أيقظوا هذه الأمَّة من سباتها يوم أن صرنا نسمع عبارات اليأس والتشاؤم من كبار السن، وقد احدودبت ظهورهم، واختنقت الكلمات في حناجرهم، واحتبست الدمعات في أعينهم وهم يقولون لأولادهم وأحفاهم : (الله يجعل أيامكم خيراً من أيامنا) و(التعويل عليكم يا شباب، فلقد هرمنا وأكلتنا السنين).


فماذا بعد؟!

لقد طفق هؤلاء الشباب يتذكرون كلام شيوخهم الركع، وهم ينظرون إلى إخوانهم الصغار أو أولادهم الرضَّع، فلربما قالوا : ( إن عاش أجدادنا وآباؤنا حياة الهوان فسنؤمن لكم حياة الحرية)، ولو على أن تدق رقابنا، وأن تسحل أجسادنا، وأن تسيل الدماء من عروقنا، بثورة سلمية تهز الأرض هزًّا، وتدك عروش الطغاة دكاً، فإمَّا نحن وإما الطغاة، وإمَّا الحريًَّة وإما الشهادة، وكان ما كان من فتوحات شبابيَّة على تلك الدول العربيَّة التي تحرَّرت من كيد الطغاة أو من بعضهم ..!!!

 
يا شباب الدين يا حصن العلا * * * أهديك حب الحب في الأشعار

 
إنَّ هؤلاء الشباب المؤمن بالله، لم يكن منتسباً لحزب أو جماعة، لكنَّهم شباب ينتسبون لهذا الإسلام الرحب، الذي أعطاهم بدفعته وقوَّته وحيويَّته، كيف يمكن لفتية آمنوا بربهم أن يتصدَّوا للطغاة، ويفلقوا هام البغاة، ويدمدموا عليهم عروشهم وقصورهم فيتخلوا عنها هاربين مذعورين من تلك الهبَّة الشبابيَّة التي أيقظت الشعب بأجمعه فشارك معهم في صناعة النصر، وصياغة العزَّة، واسترداد الكرامة.

 
قوم كأن وجوههم شمس الضحى ** طلعت ففر الليل كالح مظلما

ملكوا الفؤاد وما دروا يا ويحهم ** أن الفؤاد بهم يهيم متيما

سكنوا شغاف القلب ليس لهم به ** غير الشغاف تفضلاً وتكرماً

يتلذذون ببذلـهــم ويرونــــــــــه ** حقاً أكيداً للإله ومغنما


يروي بعض الناس عن رسول الله صلًَّى الله عليه وسلَّم: (نصرت بالشباب)، وإن كان هنالك من إشارة لذوي الخبرة والجدارة، فإني أنبِّه على أنَّ هذا الحديث موضوع لا أصل له عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فلا يصح روايته عن رسول الله إلا تنبيهاً على أنَّه موضوع مكذوب عليه الصلاة والسلام.



إلاَّ أنَّ معناه صحيح، فلقد كان أول من ناصر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الشباب، وكان معهم كذلك بعض الغلمان الصغار، وكان منهم العشرة المبشرون بالجنة، مثل : أبي بكر الصديق أسلم وكان عمره (38) عاماً، وعلي بن أبي طالب وكان عمره (10) سنين ، والزبير بن العوام وكان عمره(8) سنوات، وعمر بن الخطَّاب وكان عمره(26) عاماً، وسعد بن أبي وقاص وكان عمره (17) عاماً، وطلحة بن عبيد الله وعمره (17) عامًا، وعبد الرحمن بن عوف وكان عمره (30)عاماً، وأبو عبيدة عامر بن الجرَّاح وكان عمره (32) عامًا، وكل هؤلاء من العشرة المبشرين بالجنَّة وكانوا جميعاً شبابا، فهنيئاً لهم ولشبابهم ولصباهم.


ثم من ينسى من كان مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في مساندته بهجرته من مكَّة إلى المدينة إلاَّ الشباب ونحن نستذكر تلك الأسماء العظيمة (علي بن أبي طالب، أسماء بنت أبي بكر، عبد الله بن أبي بكر)؟

ومن الذي استقبل رسول الله في المدينة وكانوا أشدَّ المحتفين به سوى الشباب؟

ومن نصر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في معركة بدر إلاَّ الشباب؟

وهل ننسى أسامة بن زيد حيث استخلفه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على قيادة جيش كان فيه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، إلاَّ أحد الشباب وكان عمره دون العشرين؟!

أليس هذا كلَّه يُعبِّر عن مدى نصرة الشباب للدعوة الإسلامية، واحتفاء رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بهم ورضاه عنهم.


وهكذا في جميع الحروب والمعارك التي خاضها الإسلام مع دعاة الكفر والضلال، والزندقة والردة، ما كان من حارب فيه إلاَّ شباباً، ولا ننسى موقف محمد بن القاسم بن محمد الذي قاد الجيوش لفتح بلاد الهند والسند، حتَّى قال الشاعر فيه:
 
إنَّ السماحة والمروءة والندى *** لمحمد بن القاسم بن محمد

قاد الجيوش لسبع عشرة حجَّة *** يا قرب ذلك سؤدداً من مولد

فغدت بهم أهواؤهم وسـمت به *** همم الملوك وسورة الأبطال


إنَّ الخيرية في الأمَّة معدنها الأساس في الشباب، والفضل في الأمَّة والإصلاح والبناء لن يتم إلاَّ بسواعد الشباب، وهممهم ونشاطهم وجدهم واجتهادهم، ولماذا نبعد عن تراث سلفنا الصالح الذي أولى الشباب أهميَّة عظمى، فهذا الإمام محمد بن شهاب الزهري يقول: "لا تحتقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم، فإن عمر بن الخطاب كان إذا نزل به الأمر المعضل دعا الفتيان، واستشارهم يبتغي حدة عقولهم".


ومن منَّا لا يعرف الصحابي الجليل ابن عبَّاس، الذي كان شاباً ودعا له الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم بأن يفقّهه الله في الدين، وأن يعلمه التأويل، وتوفي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، ثمَّ جد واجتهد في طلب العلم فصار عالماً من كبار العلماء، وحينما كان في العشرينيات من عمره كان يجمعه عمر بن الخطَّاب مع كبار مستشاريه من الصحابة، ولربما سأله أحدهم عن سبب جمع ابن عبَّاس معهم مع أنَّهم من شيوخ الصحابة، وكثير منهم حضر معركة بدر؟! فيقول رضي الله عنهم : (ذاكم فتى الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول) هذا الصحابي الجليل والمفسر العبقري ابن عباس الذي تربَّى في مدرسة النبوَّة يقول: " ما آتى الله عز وجل عبدا علما إلا شابا، والخير كله في الشباب"، ثمَّ استدلَّ على كلامه بما في كتاب الله حيث تلا قوله عز وجل: {قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم}، وقوله تعالى: {إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى} ، وقوله تعالى: {وآتيناه الحكم صبيا}.

وهكذا كانت حفصة بنت سيرين ترشد الشباب وتقول لهم: "يا معشر الشباب اعملوا، فإنما العمل في الشباب"، وقال الأحنف بن قيس: " السؤدد مع السواد". (أي: من لم يسد في شبابه لم يسد في شيخوخته).


ولقد كان الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله – مستكشفاً للمستقبل، ومادحاً الشباب المسلم الحر الذي كان يتصدَّى لأهوال الطغاة؛ حيث قال: "وقد راقبنا الثورات التي اشتعلت في أرجاء الشرق ضد الغزاة المغيرين على بلاد الإسلام، فوجدنا جماهير الشباب هم الذين صلوا حرها، وحملوا عبئها، واندفعوا بحماستهم الملتهبة وإقدامهم الرائع يخطّون مصارع الأعداء، ويرسمون لأمتهم صور التضحية والفداء، ولا يزال الشباب من طلاب وعمال وقود الحركات الحرة، وطليعة الثائرين على الفساد والاستبداد، وقبلة المربين والمرشدين" من كتابه : في موكب الدعوة : ص38.


·
ما المطلوب من الشباب؟

لله درُّ الشباب الذين احتشدوا للمطالبة بحقوق الشعوب المهضومة، والمستلبة أموالها، والتي استخفَّها الطغيان لمدَّة ولكنَّه فشل في ذلك بهمَّة الشباب الذين طوَّحوا بنيان الطغيان بتكبيرات الإيمان.
 

وقفوا على هام الزمـان رجـالاً *** يتوثبـون تـطلعًا ونضالاً

وحي السماء يجيش في أعماقهـم *** ونداؤه من فوقهم يتعالـى

باعوا النفوس لربهم واستمسكـوا *** بكتابه واستقبلوا الأهـوالا

في وقدة الصحـراء في فلواتهـا *** حملوا تكاليف الجهاد ثقالاً

تُشوى على رمضائهـا أجسامهم *** لكنهـم لا يعرفون محالاً
 

على إخواني من الشباب المسلم في تلك الربوع الطاهرة عدَّة مُهمَّات، لتكون مساعدة لنجاح ثوراتهم من قبيل المتمِّمات لها والمُكَمِّلات لنجاحها، ومن ذلك:


1)
إنَّ عليهم أن يدركوا أنَّ الفضل كل الفضل لنجاح ثوراتهم العادلة، هو بإذن الله تعالى، فإذا أراد الله شيئاً هيَّاً له الأسباب، وأتاح له الوسائل والسبل، كما قال الله تعالى: {ثمَّ جئت على قدر يا موسى}، وإنَّ من شكر النعمة الاعتراف للمنعم بأصلها، فعلى الناس جميعاً والشباب خصوصاً أن يشكروا الله تعالى على ما أولاهم من نعمة زوال الطغيان.


2)
الاعتراف بالفضل والجميل لكل من كان مسانداً لهم من كبار السن، والحكماء، وذوي التجارب، وأصحاب العلم والفكر والدعوة والتربية، في انتفاضتهم المباركة، وكان معهم بقلبه وقالبه، بل شاركهم في الميدان حتى زوال الطغيان، وإذا كان الشباب قد بدؤوا في قدح شرارة هذه الثورة وكسروا حاجز الخوف، فإنَّ بقية الشعب كذلك شاركهم برجالهم ونسائهم وقدَّموا التضحيات وأذكوا روح الثورة، ومن المعلوم أنَّ أهل الفضل لا ينسون لأهل الفضل فضلهم عليهم، ولقد شاهد الشباب بعض كبار السن والعجائز وهم يقفون معهم في شدَّة البرد وتحت الأمطار، للمطالبة معهم بحقوقهم العادلة ومطالبهم السامية، فعلى الشباب ألاَّ ينسوا وقفة أولئك معهم.


3)
عدم الإعجاب بالنفس ونسبة النصر إلى الأنفس فحسب، والنظر بعجب أو غرور أو كبر للآخرين، باعتبارهم الذين استطاعوا أن يحرّكوا الشعوب، ويزرعوا فيها الأمل في القدرة على إسقاط الأنظمة الطاغوتيَّة، بل لا بد من التواضع ونسيان الذات، فمن تواضع وُقِّر، ومن تكبر احتُقِرَ، ولا ننسى كيف كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في ساعة النصر مطأطئ الرأس حتى إنَّ رأسه يكاد أن يصيب مورك رحله؛ خشوعاً وتواضعاً لله تبارك وتعالى.


4)
ضرورة الاستفادة والإفادة والاستشارة لكل مكونات الشعب في تحقيق مزيد من نجاحات الثورة، وعدم الاستغناء إطلاقاً عن مشورة أهل العلم الربانيين، والحكماء المفكرين، والساسة المؤتمنين على دينهم ووطنهم، مع الاعتناء بخبرة أهل التجارب، فالتجربة فيها موعظة، والتجربة مرآة العقول كما يقال، فمن الضرورة بمكان توثيق صلة الشباب بهم فالعقول ينقّح بعضها بعضاً، ونعم المؤازرة المشاورة، وما أجمل الجمع بين حماسة الشباب وحكمة الشيوخ، والحذر من التسرع أو العجلة؛ ففي العجلة الندامة، والعجلة فرصة للعجزة، والأناة من الله، والعجلة من الشيطان.


5)
الحذر من الفرقة والاختلاف والأَثَرَة بالرأي؛ فإنَّ هذا من الاستبداد المنهي عنه، بل الأخذ بمبدأ التشاور، وتلاقح الأفكار، وتقريب وجهات النظر، والحذر الحذر من التنازع الذي سيكون مآله المنافرة والخصومات وضغائن الأنفس واختلاف القلوب.


6)
إنَّ من جميل ما رأته الشعوب مسلمة وغير مسلمة ذلك البعد الحضاري لدى الشباب الذي يقوم بتنظيف أماكن الجلوس، وتحسين الشوارع والسكك العامَّة، وتهيئة الجو العام لاستكمال المظاهرات والاعتصامات، والقيام بلجان شعبيَّة لحماية البيوت الآهلة بسكانها من بطش البلطجيَّة وإرهابهم وترويعهم، والتصدي لهم، وهذا يعطينا دلالة أنَّ الشباب يمتلكون بعداً حضارياً، واهتماماً بالبيئة، فما أجمل مواصلة ذلك، بقيام مجموعات شبابيَّة طوعية تأخذ على نفسها خدمة البلد والاهتمام به في كثير من الأوقات.


7)
أن يكون لكل شاب من الشباب بعد هذه الثورات طموح وهدف لإنجاز عمل يخدم به دينه ووطنه وأمَّته، ويبني به دولته التي أكلها الفساد والجشع والطمع، ولم ينتبه كثيراً لجوانب إصلاحية فيها من قبل، سواء أكانت إصلاحات اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو إعلامية وغيرها من الإصلاحات المهمة، فأمجاد الثورة والتغيير لا تكتمل إلاَّ بالإصلاح الميداني، وهذا ما يستلزم من الشباب، المواصلة في دراساتهم الجامعيَّة، والبحث الجاد عن وظائف أو أعمال حرَّة يقومون بها لاستكمال مسيرة الإنتاج وخدمة البلاد، وأن يكون لكل واحد منهم إنجازه الخاص به والذي يحتفل به يومياً بعد استكمال شيء منه.


8)
يقال من صحَّت بدايته صحَّت نهايته، ومن صدقت لهجته ظهرت محبَّته، فجميل أن يكون الشباب صاحب بداية في الثورة، وصاحب عزيمة ومواصلة لها، فليست القضية ثورة وتغيير فحسب، وليس الأمر كامناً في تحريك الشعوب فقط، أو الوقوف لأيام أو أسابيع للمطالبة بالحقوق ثمَّ الركون والسكون والتواني، فهذا ما قد يراهن عليه الأعداء وخصوصاً من الشباب الذي لربما يتحمَّس في البداية ويفتر في النهاية، بل لا بدَّ من المواصلة في درب الإباء والثبات والعظمة حتَّى ينال المرء حريَّته، كما قال الشاعر الفرنسي (موسيه) : (لا شيء يجعلك عظيماً غير ألم عظيم)، وأعظم منه قوله تبارك وتعالى: {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً}، وإنَّ من أجلَّ الأهداف التي يجب أن يتكون في مخيلة الشباب ولو إلى وقت قادم أن تكون هنالك مطالبات حقوقيَّة لأن يسود حكم الله في الأرض، فجميع البلاد التي حصلت فيها تلك الثورات مسلمون، ولا يحق أن يحكمهم إلاَّ هذا الدين، فعلام الخجل من ذلك وأهل تلك البلاد يدينون بدين الإسلام؟!


صحيح أنَّه يجب الدراسة الشرعيَّة لوقت مطالبة التطبيق الكامل للشريعة الإسلامية، وسياسة الدنيا بالدين، وتقدير ذلك في حدود الممكن والمتاح والمستطاع عليه، فإنَّ معرفة ذلك راجع لفقه السياسة الشرعيَّة، ولأهله الذين تخصًّصوا فيه وبرعوا، وليس مرجعه لآحاد الناس أو لمنتسبين للعلم ليس لديهم من العلم بالشرع والواقع كبير علم وفقه وفهم، فالمهم دراسة الواقع بشكل عميق، إذ المعرفة بالظروف الدوليَّة المحيطة ومآرب الساسة الغربيين ودسائسهم وكراهيتهم لقيام الدولة التي تطبق شرع الله مِمَّا هو معروف، ومن كان تحت هذه الضغوطات فإنَّ وضعه لا يُحسد عليه، وعموماً فأهل مكَّة أدرى بشعابها وصاحب البيت أدرى بما فيه، فإن رأى أهل العلم الربانيون وأهل الفضل والخير أنَّ فرصة المطالبة بتطبيق الشريعة قد لاحت، وساعتها قد آنت، ووقته قد حان فما المانع من إعلان ذلك إن كان ذلك كذلك؟!!


9)
أن يحذر الشباب شدّة الحذر من مكر الطواغيت، واستدرار عواطفهم ببعض العبارات والوعود الكاذبة، والحذر من أن يلتف على هذه الثورات من ليس من أهلها الصادقين المؤمنين برب العالمين، أو أن يسرقوها أو يركبوا موجتها لغاية في أنفسهم، أو يتلونوا ويتحولوا لغاية في أنفسهم، ثمَّ ينقلبوا على البلد مرَّة أخرى، ويعيثوا في الأرض فساداً، أو أن يشقوا صفها ويحدثوا الاختلافات الكبيرة بين الشباب من أجهزة تتقصَّد ذلك وتتغيَّاه، فعلى الشباب أن ينتبهوا لهذه الجوانب وأن يواصلوا مسيرتهم لإسقاط فلول النظام السابق وأزلامه، ولا يرضوا بأي وجه كان بارزاً في إعانة الظالم، فالمؤمن كيِّس فُطِنٌ، وقناعتي أنَّه لا بدَّ من جلسات الوعي السياسي، واستبانة سبيل المجرمين وطرائق حرفهم لمسيرة الثورات والتغيرات إلى حيث الرجوع لمراحل سيئة أو للمربع الأول ، وإدراك مآرب من يحتالون على الثورة بألاعيبهم وكيدهم ودجلهم، فيجب أن يعرفوا أنَّه لا مجال للكذب والدجل بعد هذه الثورات، وأنَّ الشباب مستعد للنزول للشارع مرة أخرى إن لم يوفِّ من امتلكوا ناصية البلاد عهودهم ومواثيقهم ووعودهم.



10)
اعتراف الشباب بالفضل والجميل لجميع الحركات والجماعات والتيارات الإسلاميَّة، الذين خاضوا مع هذه الأنظمة الكثير من الصعوبات والبلاءات، وجنت عليهم هذه الأنظمة بجبروتها، وقتل بعض أنصارها، وتشريدهم وتفريقهم بدداً، وسجن الكثيرين منهم وما يزال كثير منهم في السجون، وإيذاء بعضهم بالمنع من السفر، ووضع بعضهم رهن الإقامة الجبريَّة، ومحاربة الكثيرين منهم، فكل أولئك خاضوا معارك مع الطغيان لعشرات السنين، وكانت لها نتائجها في ربط الناس بالإسلام، ونشر التدين، وانتشار اليقظة الإسلاميَّة، فلا بد أن يتذكر فضلهم وألاَّ يُنسى جهدهم وجهادهم المدني، بل من الجميل أن يعتبر أولئك الشباب المسلم الثائر على الظلم والطغيان ما قاموا به هدية وجائزة لما قامت به تلك التوجهات الإسلاميَّة بشتَّى ألوانها وتتويجاً لهم بالنصر، وإني لأجزم أنَّ كثيراً من أولئك الشباب الثائر على الطغاة قد تأثروا من خطبة عالم رباني لا يخاف في الله لومة لائم، وحديث مفكر يتحدث عن الطغيان والاستبداد، وهموم مجتمع المثقفين وهم ينادون بالحرية والعدالة والكرامة، فكلَّ هذا كان مختزناً في العقل الباطن لدى أولئك الشباب الحي الحر الأبي، وعلى كلٍّ فمعرفة الشباب لأهل الفضل فضلهم أمرٌ جميل وخلق نبيل، سواء أكانوا إسلاميين أو وطنيين أحرار شرفاء.


11)
أن يحذر الشباب من المحاولات الغربية الرسمية الرامية إلى مديح فعالهم، ومحاولة كسبهم، والتحدث بلهجتهم من قبيل الثورة على الظلم، وضرورة نشر الحريات والاعتناء بحقوق الشعوب، فما تلك إلاَّ من ضمن محاولاتهم البائسة للتأثير على الشعوب وغالبيتهم من الشباب اليافع، لتحسين صورة الحكومات الغربية عمومًا والأمريكية خصوصًا.



12)
هذه الثورات المباركة لا تقل خطراً على أعداء الدين من الجهاد في سبيل الله، ولقد رأيناهام يراقبونها عن كثب، ويتابعونها وبمرارة حينما يرون أزلامهم يسقطون على أيدي عموم الشعب المسلم، فإنَّ هذه الثورات المباركة تعطينا دلالة على أنَّ الأمَّة المسلمة لم تمت، وأنَّ فيها ماء الحياة، وأنَّها قد تُجرح وقد تتألَّم، ولكنَّها إن وثبت وثبة فإنَّها تأكل الأخضر واليابس، وكم كنت أتخيل منظر اليهود الصهاينة وقادتهم المحتلين لفلسطين، وهم يرون شباب الإسلام ورجالهم ونساءهم في ميدان التحرير وقد كانوا قرابة ثلاثة ملايين نسمة، وهم يصلون الجمعة ويقولون جميعاً (الله أكبر)، فإني وربي كنت أتخيل أولئك القادة الصهانية وهم يتلجلجون في أماكنهم وترتعد فرائصهم وتصطك رُكَبهم خوفاً وهلعاً من شباب الإسلام الذين ذللوا سبل المعالي وما عرفوا سوى الإسلام ديناً، إنَّ ذلك يعطينا سعادة غامرة أنَّ هناك روحاً جهاديَّة في الأمَّة المسلمة، يستحيل أن تنساها؛ حيث قامت هذه الأمَّة بتطويح الأصنام، وتكسير الأوثان، ومن هنا فإنَّ تربية الشباب على معاني الجهاد في سبيل الله، وأهميَّة الإعداد الكامل له، وذكر قصص المجاهدين، والاعتزاز بها، وتحديث النفس بالغزو، كلّ هذه الأمور ملحّ طرقها في زمن الصراع الديني والحضاري، وإنَّ من صفات هذه الأمَّة أنَّ راية الجهاد قائمة فوق سنامها، وأنَّه ماضٍ إلى قيام الساعة، وأنَّ من صفات الطائفة المنصورة مواصلة المقاومة للكفرة المحتليَّن ، وجهاد أعداء الدين ، ولو كره الكافرون.



13)
جدير بأولئك الشباب المسلم الذين حطَّموا الطاغوت في بلادهم أن يكون لديهم ارتباط وثيق بالإيمان بالله عبادة والتزاماً وأداء للشعائر، وقياماً بالواجبات الدينيَّة؛ فإنَّ غاية الله من خلقه هي أن يكونوا أحراراً لا يعبدون إلاَّ الله، ولا يتحاكمون إلاَّ إليه، ولقد امتدح الله تعالى شباب الكهف، فقال عنهم : {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى . وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} [سورة الكهف:13-14].


فهؤلاء هم الشباب الذين يرضى الله عنهم ويرضى عنهم الناس؛ إذ إنَّهم كانوا في خط المواجهة مع العدو الطاغوتي، وهم كذلك لا يلجؤون إلاَّ إلى الله تعالى في أزماتهم ووقت رخائهم، ونتذكر قوله صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث الصحيح المتفق عليه: (وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ)، فما أجمل الشباب أن يعيشوا حياتهم في طاعة الله تعالى وعبادته بتحقيق الشعائر الدينية، وإعمار الأرض بحضارة الإيمان، وحمل الأمانة التي كلَّفهم الله إيَّاها، وخدمة العباد والبلاد، والحذر من أهل الفسق والفجور والعصيان، وفي الحقيقة لقد رأيت من شباب ميدان التحرير في القاهرة معايير جميلة حينما قاموا بطرد أحد دعاة الفسق والمجون والحب والغرام الزائف، حينما هاجمهم وكان يتحدث وكأنه بوق للنظام، فحينما شعر بأنَّ الموجة بدأت تسير لصالح المتظاهرين في ميدان التحرير نزل إليهم لكي يركب الموجة، فما كان منهم إلاَّ أن طردوه شرّ طردة، فليس هو ولا أمثاله من الراقصين على جراح أمَّتنا يستحقون الاحتفال بالنصر، أو يقفون لكي يخطبوا في الناس خطباً ضدَّ الطغيان والاستبداد.


14)
إنَّني على قناعة أنَّ ما وقع من أحداث في تلك البلدان ليس إلاَّ مفتاح البداية، وأعتقد أنَّ مآلاتها ستكون فتحاً عظيماً على جميع الأمَّة الإسلامية، وقد يأتي من خلالها ابتلاءات، ولكنَّ من كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة، ومن ركب الأهوال نال الآمال، ولن تدرك الراحة إلاَّ بترك الراحة، والنعيم لا يُدرك بالنعيم ، ومن يطلب الحسناء لم يغله المهر، ومن لم يُعانِ لم يدرك المعاني، وعلى الشباب أن يدرك أنَّ المسلم لا يتوانى ولا يكل ولا يعجز، بل يمتثل قوله تعالى: {ادخلوا عليهم الباب}، ويوقن بعدها بالغلبة كما قال تعالى: {فإذا دخلتموه فإنكم غالبون}، ولهذا فإنَّه يقتحم ويبادر ولا ينتظر الأوامر إلاَّ من عند الله ـ عزَّ وجل ـ ، ويرى أنَّ هذه العوائق والعقبات التي تعترضه في طريقه أمر لا بدَّ منه ، ولا مفر عنه ، فيزمُّ نفسه بالعمل ويبذل الجهد والطاقة لينال رضا الرحمن، ومن ثمَّ رضا الذات، فيكون الشاب عصامياً ، واثقاً من ربه، ملتزماً بالمنهج الإسلامي الذي يسير عليه، معتمداً على نفسه ومستعيناً برأي إخوانه، فيكون الشاب المسلم من صِغَره داعية إصلاح ومعلم تغيير، ومن أولئك الغرباء الذين أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «فطوبى للغرباء الذين يُصلِحُون ما أفسد الناس، أو الذين يَصْلُحون إذا فسد الناس»، فهذه المعاني هي التي تتّقد في قلوب الشباب فتدفعهم للبذل في الدين وممارسة الدعوة إلى الله على بصيرة.


والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل  .

ما يكشف الغمة عن الأمة

ما يكشف الغمة عن الأمة
عـندما تتكاثر المصائب وتتابع المحن وتطول الغمـة يجـد المؤمن نفسـه أمام أسئلة عــدة : كيف نثبت في المصائب ؟ كيف الســـبيل إلى الخروج من هذه المحـن ؟ كيـف تكشـف هـذه الغمـة ؟؟؟

ولقد أخذت أقلب في كتاب الله عزوجل وسـنة نبيـه صلى الله عليه وسلم وســيرة السـلف الصالح فوجدت الكثير من العوامل التي تعين على ذلك أذكـرأهمهـا : ـ
• استشعار معيـة الله :

قال تعالى { إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم } [ التوبة : 40] وقال تعالى { قال كلا إن معي ربي سيهدين * فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم } [ الشعراء : 62ـ63] قوله لأبي بكر: { لا تحزن إن الله معنا } أي دع الحزن فإن الله بنصره وعونه وتأييده معنا، ومن كان الله معه فلن يغلب، ومن لا يغلب فيحق له أن لا يحزن..

قال ابن القيم رحمه الله في (مدراج السالكين جـ3/195 ) والمعية نوعان : ـ

- معية إحاطة وعلم : كقوله تعالى { وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير } [ الحديد : الآية 4]

- معية خاصة : كقوله تعالى { إن الله مع الصابرين } [ البقرة: من الآية153] وتتضمن المولاة والنصر والحفظ . (ا.هـ ) .

ثم تأملوا أيها المؤمنون المصدقون بكتاب الله ماذا كانت نتيجة هذا العامل ؟؟؟

كانت نتيجته كشف الله الغمـة ونصر الله عباده المؤمنين فبعد قوله تعالى { لا تحزن إن الله معنا } قال عز وجل { فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم } وبعد قوله عزوجل { إن معي ربي سيهدين } قال { فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم * وأزلفنا ثم الآخرين * وأنجينا موسى ومن معه أجمعين }

فعلينا أن نستشعر هذه المعية في كل وقت بصفة عامة و في وقت المحن بصفة خاصة وأن نرطب ألسنتنا بهذه الآية { إن الله معنا } معنا القاهر الذي لايقهر معنا الغالب الي لايغلب معنا الذي لايعلم جنوده إلا هو معنا الذي إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون فإذا استشعرنا ذلك ورسخ في قلوبنا وأيقنت به أنفسنا فحق علينا أن نكون كما أمرنا الله في قوله { فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم } [ محمد : 35 ]
• الاستعانة بالله والصبر الثقة في أن العاقبة للمتقين:

قال تعالى { بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين * وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم }[ آل عمران 126:125]

خطاب الله للمؤمنين في كل زمان ومكان { إن تصبروا وتتقوا } ماذا يحدث ؟؟ يأتيكم مدد الله الذي لاينفد { يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين } ثم ماذا ؟؟ على النفوس المؤمنة أن توحد اتجاهها فلاتطمع في نصرة الغرب ولا الشرق بل تتوجة لمن عنده النصر{ وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم }

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله في (الصفدية ج: 8 ص: 76) :و كل عمل لا يعين الله العبد عليه فإنه لا يكون و لا ينفع فما لا يكون به لا يكون و ما لا يكون له لا ينفع و لا يدوم فلذلك أمرالعبد أن يقول إياك نعبد و إياك نستعين والعبد له في المقدور حالان حال قبل القدر و حال بعده فعليه قبل المقـدور أن يستعين بالله و يتوكل عليه و يدعوه فإذا قدر المقدور بغير فعله فعليه أن يصبر عليه أو يرضى به و إن كان بفعله و هو نعمة حمد الله على ذلك و إن كان ذنبا إستغفر إليه من ذلك وله فى المأمور حالان حال قبل الفعل و هو العزم على الإمتثال والإستعانة بالله على ذلك و حال بعد الفعل و هو الأستغفار من التقصير و شكر الله على ما أنعم به من الخير و قال تعالى { فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك } [ غافر: من الآية 55 ]

أمره أن يصبر على المصائب المقدرة و يستغفر من الذنب و إن كان إستغفار كل عبد بحسبه فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين و قال تعالى: { وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور } [ آل عمران : من الآية 186 ] و قال يوسف { إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين } [ يوسف : من الآية 90 ] فذكرالصبر على المصائب و التقوى بترك المعائب.

و قال النبى صلى الله عليه و سلم « إحرص على ما ينفعك و استعن بالله و لا تعجزن و إن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا و كذا و لكن قل قدر الله و ما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان » فأمره إذا أصابته المصائب أن ينظر إلى القدر و لا يتحسر على الماضي بل يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و أن ما أخطأه لم يكن ليصيبه فالنظر إلى القدر عند المصائب و الإستغفار عند المعائب قال تعالى { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير }
• اللالتجاء إلى الله :

قال تعالى { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين } [ الأنفال : 9 ]
وقال تعالى{ ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فهزموهم بإذن الله } [ البقرة : 250ـ 251]
وقال عز وجل { فدعا ربه أني مغلوب فانتصر * ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر } [ القمر :10 ـ11]

إن هذه الآيات في غنى عن التعليق لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فانظروا رحمكم الله في التعقيب بعد كل آية من الآيات السابقة تجدون كشف الله للغمة وتفريجه للكربات ونصره لعباده { فاستجاب لكم }، { فهزموهم بإذن الله } { ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر }

ثم املأوا نفوسكم بهذا الحديث العظيم قال صلى الله عليه وسلم « ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء » رواه (حم خد ت ك) ( حسن : صحيح الجامع 5392. )

فتضرعوا يرحمكم الله إلى ربكم يكشف ما ألم بكم ‌فهذه سيرة نبينا تنطق بذلك وما كان من النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر من دعاء وتضرع معلوم وهكذا كان الصحابة والتابعين والصالحين من علماء وولاة أمر على هذا الأمر جاء في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية (ج 1ص: 419) أن نور الدين رحمه الله تعالى لما التقى الجمعان أو قبيله انفرد تحت تل حارم و سجد لربه عز وجل و مرغ وجهه و تضرع و قال يا رب هؤلاء عبيدك و هم أولياؤك وهؤلاء عبيدك و هم أعداؤك فانصر أولياءك على أعدائك أيش فضول محمود في الوسط يشيرإلى أنك يا رب إن نصرت المسلمين فدينك نصرت فلا تمنعهم النصر بسبب محمود إن كان غير مستحق للنصر و بلغني أنه قال اللهم انصر دينك ولا تنصر محمودا من هو محمود.. وقال ابن القيم في (حادي الأرواح ص:65 ) :وقد جعل الله لكل مطلوب مفتاحا يفتح به، ومفتاح حياة القلب تدبر القرآن والتضرع بالأسحار وترك الذنوب،.. ، ومفتاح العز طاعة الله ورسوله . (ا.هـ )
• الانتــقال من المعصيــة إلى الطاعــة :

{ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال } [ الرعد : من الآية 11] : فهذه المعاصي التي انتشرت والمنكرات التي فشت هل تكون عاقبتها إلا الهزيمة ؟ قال الطبري في تفسير ( ج: 13 ص: 121) وقوله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم يقول تعالى ذكره إن الله لا يغير ما بقوم من عافية ونعمة فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من ذلك بظلم بعضهم بعضا واعتداء بعضهم على بعض فتحل بهم حينئذ عقوبته وتغييره . ( ا.هـ )

فالمعاصي تضعف العبد أمام عدوه بل وأمام نفسه ، و من الدروس الغالية التي خرج بها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة أحد : وهي أن المعصية من أكبر عوامل الهزيمة ،قال ابن القيم رحمه الله ( زاد الميعاد جـ 3 ص:196) فصل في ذكر بعض الحكم والغايات المحمودة التي كانت في وقعة أحد :ـ فمنها : تعريفهم سوء عاقبة المعصية ، والفشل ، والتنازع ، وأن الذي أصابهم إنما هو بشؤم ذلك ، كما قال تعالى : { ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين } [ آل عمران : 152]
فلما ذاقوا عاقبة معصيتهم للرسول ، وتنازعهم ، وفشلهم ، كانوا بعد ذلك أشد حذرا ويقظة ، وتحرزا من أسباب الخذلان..
• الاســتشــعار في أحلك اللحظات بقرب النـصر :

{ ألا إن نصر الله قريب } [ البقرة: من الآية 214] { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } [ الروم : من الآية47 ]

إن المؤمن الذي يستشعر معية الله الصابر الملتجــأ إلى ربه المســتغفر من ذنبه لابــد أن ترتفع معنوياته لأنـه على الحق وإن كان وحيدا و لأنه يعلم أن ظهور أهل الكفر وعلوهم في الأرض أنما هو مؤقت ولأن في الوهن والضعف زايادة في المصيبة نهى الله المؤمنين وحذرهم من الوهن والضعف فقال { ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما } [ النساء : 104 ]
ولقد كانت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين من بعدهم خير مثال على ذلك .

فها هو النبي صلى الله عليه وسلم عند حفر الخندق يرفع معنويات أصحابه ويبشرهم : روى النسائي..
لما أمر النبي بحفر الخندق، عرضت لهم صخرة، حالت بينهم، وبين الحفر، فقام رسول الله وأخذ المعول، ووضع رداءه ناحية الخندق وقال: { وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم } . فندر ثلث الحجر، وسلمان الفارسي قائم ينظر، فبرق مع ضربة رسول الله برقة، ثم ضرب الثانية وقال { وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم }. فندر الثلث الآخر، فبرقت برقة، فرآها سلمان، ثم ضرب الثالثة وقال: { وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم }. فنذر الثلث الباقي، وخرج رسول الله، فأخذ رداءه وجلس.
قال سلمان يا رسول الله، رأيتك حين ضربت ما تضرب ضربة، إلا كانت معها برقة، قال له رسول الله: يا سلمان، رأيت ذلك؟
فقال: أي والذي بعثك بالحق يا رسول الله، قال: فإني حين ضربت الضربة الأولى، رفعت لي مدائن كسرى وما حولها، ومدائن كثيرة، حتى رأيتها بعيني. قال له من حضرة من أصحابه: يا رسول الله، ادع الله أن يفتحها علينا، ويغنمنا ديارهم، ويخرب بأيدينا بلادهم. فدعا رسول الله بدلك. ثم ضربت الضربة الثانية فرفعت لي مدائن قيصر وما حولها، حتى رأيتها بعيني. قالوا: يا رسول الله، ادع الله أن يفتحها علينا، ويغنمنا ديارهم، ويخرب بأيدينا بلادهم، فدعا رسول الله بذلك. ثم ضربت الثالثة، فرفعت لي مدائن الحبشة وما حولها من القرى، حتى رأيتها بعيني. قال رسول الله عند ذلك: دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم ( حسن ـ صحيح النسائي 2976 )
فأي لحظات أشد من هذه اللحظات ولكن هكذا يعلمنا صلى الله عليه وسلم .

أسأل الله عزوجل أن يثبتنا على الحق وأن ينصرنا على القوم الكافرين.

2011-04-21

همسة في أذن كل زوج أعجبته فلانة!!!!

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
ايها الأحبة . .
كثرت الفتن في هذا الزمان وأصبحنا نشاهد المغريات كل يوم . . فما نذهب الى أحد المتنزهات أو أحد الاسواق . . الا ونرى تلك الاجسام الممشوقه والملابس العاريه من بنات جلدتنا . .
المحسوبين على الاسلام ..!
حتى اننا لم نسلم منهم في بيوتنا على تلك القنوات الفضائية . . . .

ومانشاهده هو بيع للدين بإسم البرستيج والموضه ؟! فعليهن ان يتقين الله ويستعدون للقائه . . ولعلي أتطرق لهذا في أحد الموضوعات القادمه بإذن الله ..

الذي سأشير اليه من خلال هذه الأسطر .. هو اعجاب الرجل المتزوج بالفتيات اللاتي يشاهدهن ومقارنتهن بزوجته . . ومن ثم يأنف تلك الزوجه ويعيش في أحلامه . .

وهي تبقى كالخادمه بل تصبح أقل من ذلك !!

فهناك كثير من المشاكل تأتيني من بعض المتزوجات يشتكين من أزواجهن . . ونفورهن منهن . . حتى إإنه ذا خرج من البيت لا يعود الا كالذي يجرونه بالسلاسل !!

اخي المتزوج . . اسمح لي أن آخذ من وقتك القليل . .

اعلم حفظك الله . . ان اطلاق البصر لا يأتي بخير . . ولم تحذر منه الشريعه الا لما يترتب عليه من مساوئ كثيرة . .

فكونك تلاحق هؤلاء الفتيات بنظراتك فسوف يمرض قلبك . . ويستغلك الشيطان من هذا الباب . . ويبدأ يفرق بينك وبين زوجتك . .

لن يأتي ويقول لك طلق زوجتك . . فهو اذكى من ذلك بكثير . . ويعلم من اين تأكل الكتف . .!

تنظر الى جسد زوجتك فترى ما لايعجبك . . وتتذكر القوام الذي اعجبك لتلك الفتاه اللي شاهدتها في السوق . . وتبدأ تتحسر على عمرك الذي ضاع مع هذه الزوجه . .!

تسمع من زوجتك كلام لايعجبك لما تعانيه في المنزل لخدمتك . . فتبدأ تتذكر تلك الفتاة اللتي شاهدتها في احد المسلسلات وكيف كانت لبقه مع زوجها وتعطيه من الكلام المعسول . . فتحتقر زوجتك !!

تراها تضرب ابنائك لتأديبهن فتصرخ في وجهها وتعاتبها امام ابنائك . . ليس لانك اشفقت عليهم . . ولكن لانك تذكرت تلك المرأه التي تعطف على ابنائها . . فسقطت زوجتك من عينك !!

ان كانت زوجتك ليست جميله او انها ذات شكل عادي . . فإنك تصبح وتمسي وانت تتمنى ان تحظى بتلك الفنانه ذات الوجه الجميل . . الذي امتلأ بالمساحيق . . فتكره زوجتك !

وغيرها الكثير من المقارنات اللتي يقارنها الرجل المتزوج بين زوجته وبين الفتاة اللتي اعجبته ..!!

ايها الغالي . .

كل رجل يريد ان يحظى بالفتاة الجميلة ذات الصفات العاليه . . لكن الكمال لله سبحانه وتعالى ..

فارضى بما قسم الله لك . . ولا تجرح مشاعر زوجتك بمقارنتها بغيرها . . فمن الازواج من يقول لزوجته انظري لجسم فلانه الجميل وياليت انها عندي !!

الا تظن يا اخي الحبيب . . ان زوجتك ترغب ايضا بالرجل الجميل ذا الصفات العاليه ؟!

لكنها اختارتك اولا . . وقبلتك بما فيك من ايجابيات وسلبيات . . ولم تجرحك يوماً ولم تقارنك مع غيرك . . حفاظا على مشاعرك . . فكيف تجرحها انت !!

فتخيل معي انك انت وزوجتك امام التلفاز او في متنزه او سوق . . وخرج شاب اجمل منك . . ثم قالت زوجتك ما اجمل هذا الشاب . . ماذا ستكون ردة فعلك ؟!

بالتأكيد انها ستضيق بك الارض بما رحبت . . ويحصل ما لا يحمد عقباه . .

فتذكر ردة فعلها ايضاً . . ومع ذلك تكتمها في نفسها وتضحي من اجلك !!

اذا . . لا تضيع وقتك في التفكير بغيرها . . بل اجعل تفكيرك في اعادة صياغتها . . واعلم ان رجال الاطفاء لايطفئون النار بالنار . . وانما يطفئونها بالماء . .

وماصعب عليك تعديله وتغييره بالقوة . . يسهل عليك تغييره بالعفو والبسمه .. ثم اعلم ان السعادة تكمن في بيتك فلا تبحث عنها في حديقة الغرباء . .

اخي الكريم . .

ان كنت قد مللت من زوجتك واحببت ان تجرب حباً آخر . . فلا تبحث له في الاسواق والمتنزهات او في النت .. وتتسلى بذلك !!

فالله سبحانه وتعالى أحل لك اربع نساء .. فإن رأيت انك تملك القدرة على ذلك . . فأدخل من الباب وليس من النافذه !!

وان كنت لا تستطيع ذلك . . فاهتم بمن عندك . . واعلم انك تملك ما لا يملكه غيرك . . فانظر دائما لايجابيات زوجتك ولا تكن سلبياً . .

أخيرا . .

لا أريد أن أطيل . . واللبيب بالاشارة يفهم . . فهي كلمات من القلب الى القلب . . لنصلح الواقع المرير . . ولعل الزوجات ينتفعون بما كتبت . . فلهم نصيب من ذلك . .!
أسأل الله أن يصلح بين الازواج . . وان يجعل حبهم عامرا بطاعته سبحانه . .

وفقنا الله واياكم لكل خير
 قلم: عبد النور خبابة
 

من أجل غد أفضل



.. أسرة تعيش في جو من المحبة .. جو من المودة .. جو من التفاهم .. جو من التنازل عن بعض الحقوق للطرف الآخر في غير معصية .. طاعة .. عبادة .. روحاينة .. إيمان يخيم على سماء هذه الأسرة .. أفبعد كل هذا .. نستغرب إن قال الزوجان أنهما يعيشان السعادة الزوجية الحقيقية ..

قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : مع كل فجر يوم جديد .. يوقظنا الأذان بصوته الندي الذي يصفّي النفوس .. ويوقظ الهمم .. ويطرد الشيطان .. ويحل العقد .. يشع نور الإيمان من قلب الزوجين .. فيتفاعلان مع هذه المعاني الرفيعة وهما يرددان كلمات الأذان .. يتفاعلان معها استعداداً لإحياء يوم جديد بإحياء الإيمان في القلوب .. والسكينة في النفوس .. وقبل هذا كانا قد رددا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ) . البخاري ( 8 / 85 ) .

قلت : زوجان يحييان يومهما بتلك المشاعر الجياشة .. ألا تصفو النفوس بعدها وتطمئن الأفئدة والأرواح ؟؟!! بلى .

إن في الدنيا جنة من لم يدخلها .. لا يدخل جنة الآخرة .. فالحياة مع الله سعادة لا تنتهي .. ولذة لا تنقطع .. حياة كلها لله ..

حياة : الإيمان فيها يلامس أوتار القلب .. يبث في الجوارح لذة السعادة .. وتتردد في جنباتها مناجاة الساجدين ودعاء المحبين ..

أسرة تعيش مثل هذه المعاني .. تتقلب في جنة العبادة .. لاشك أن الله يسبغ عليها نعمه الظاهرة والباطنة ..

نعمه الظاهرة : بإشاعة السعادة والراحة النفسية بين الزوجين .. صلاح الأبناء والذرية .. التوفيق في العمل .. القبول في الأرض .. الخ .

ونعمه الباطنة : بالرضى .. القناعة في الرزق .. القبول بقضاء الله وقدرة .. والتسليم لأمر الله .. الخ .

قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : وبانعدام الإيمان في القلب .. يختفي النور من الأسرة .. وتختفي السعادة معها .. تزداد الخلافات الزوجية لأتفه الأسباب .. يتشتت الأبناء .. وفي النهاية تنهار البيوت ..

قلت : ومن هنا كان السلف يفسرون سبب المشاكل بين الزوجين .. و سوء خلق الزوجة .. و سوء معاملتها .. على أنها من كثرة الذنوب والمعاصي ومخالفة أمر الله ..

إننا كثيراً ما ننسى الآخرة في خضم أمواج الحياة الهادرة .. نحن لا ننسى شراء الملابس الجديدة كل عيد .. لا ننسى شراء ألوان الأطعمة والشراب استقبالاً لشهر كريم .. لا نفوت فرصة التخفيضات ( التنزيلات ) السنوي ..

نحن نتسابق ونتنافس في أن تظهر بيوتنا في أبهى صورها – وهذا شيء طيب ومطلوب – لكن هل نتسابق بنفس الدرجة في أعمال الآخرة ؟؟!!

أيها الزوجان الكريمان : انظرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطرق باب ابنته فاطمة وزوجها علي رضي الله عنهما ليلاً وهو يقول لهما : ( ألا تصليان ) .. إنها دعوة إلى التنافس في الخير .. وإلى الخلوة مع الله .. حتى تصفوا الأرواح وتحل البركة ..

وفي الحديث ( رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت ، فإن أبت نضح في وجهها الماء ، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى فإن أبى نضحت في وجهه الماء ) صحيح الجامع برقم ( 3494 ) .

ولا أظن أن أسرة هذه حالها ، يمكن أن ترقى إليها مشكلات أو تحدث بينها فجوات .. بل الخير كل الخير في بيت تعلوه الطاعة والحض على الخيرات ..

فعندما يعود كل من الزوجين إلى الله .. تعود الحياة إلى طبيعتها .. فالمحبة الحقيقية تنبع من قلب يقظ يغمره الإيمان .. وطاعة الله تضفي على البيوت السرور ..
أحبتي في الله : إنه من المتعارف لدى الجميع .. ولعلها تكون معلومة عند أغلب النساء : ( أن أقصر أو أقرب طريق لقلب الزوج ، هي المعدة !! ) .. ولكن هل حقاً المعدة طريق من الطرق الموصلة إلى قلب الزوج ؟؟!!

إن مما لاشك فيه أن الجوع يُحدث خللاً من نوع خاص في أجهزة الجسم .. فيضطرب الفكر .. وربما يضيق الخلق .. خاصة إذا جاء الرجل إلى بيته بعد يوم شاق ولا يجد الطعام قد أعد .. أو أنه أعد بطريقة غير سليمة كأن يجد فيه رائحة احتراق مثلاً ..

هنا نجد أن النفس الإنسانية وخاصة عند الجوع ، كثيراً ما تشتاق إلى ألوان الطعام والشراب الشهي ، وتسعد بذلك وتحب من صنع لها هذا الطعام .. وكذلك يكون العكس ..

وفي وصية أمامة بنت الحارث لابنتها عند الزواج : ( التفقد لوقت منامه وطعامه ، فإن تواتر الجوع ملهبة ، وتنغيص النوم مغضبة ) .

والمرأة التي تحترم مواعيد الطعام الخاصة بزوجها .. وفي المقابل تتفنن في إعداد أجود أنواع الأطعمة بحسب ما يتاح لها .. جديرة بأن تكسب ود الزوج واحترامه .. بل ربما يصل الأمر إلى أكثر من ذلك عند بعض الأزواج ، فنجده يشكر ويمتدح جودة طعامها وخبرتها الكبيرة في إعداد الأطعمة ، عند أقاربه وزملائه ..

ولا يعني هذا أن تضيع المرأة الساعات الطوال في إعداد الطعام والتبذير والإسراف .. بل تصنع ما يحب زوجها من غير أن يطغى ذلك على واجباتها الأخرى ..

فإذا ما عاد الزوج من عمله والجوع يلهبه .. وجد الطعام معداً ، والبيت نظيفاً .. والروائح الزكية تعم المكان .. ووجد زوجته وأميرته تنتظرة حتى تشاركه الطعام .. عندها يبارك الله هذه الأجواء الإيمانية .. وتلك الأسرة الكريمة ..

قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : إن علاقة المرأة مع زوجها ليست متعلقة فقط بالاهتمام بطعامه وإهمال حقوقه الأخرى ، بل على العكس فإن علاقة المرأة مع زوجها فن .. وذوق .. وتجديد .. وابتكار .. يقابلها من الطرف الآخر ، تلك الكلمات الجميلة التي يعجز اللسان عن وصفها والتعبير عنها .. فالدنيا متاع .. وجنة تحوي بين حناياها زوجة صالحة .. فيتفيء الرجل ظلالها .. ويتنفس من عبيرها ..

هل تعلمين أيتها الزوجة الصالحة أن جمال الحياة يكون في يدك أنتِ ؟؟!! ولكن كيف ذاك ؟!!
قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : أختي الزوجة .. كوني فنانة في بيتك !! نعم كوني فنانة ، ولا أقصد بالفنانة تلك التي تمثل وترقص أو تغني أو .. أو .. وإنما قولي بأن تكوني فنانة ، أي أن تكوني فنانة في إدراة بيتك و ترتيبه وتزيينه ..

قلت : إذا كان مفهوم الفن ، هو البحث عن الجمال الذي يثير الإعجاب في النفس ، فيملؤها بهجة وسعادة .. فالمطلوب من كل زوجة أن تكون طبقاً لهذا المفهوم ( فنانة في بيتها ) ..

ونؤكد على ذلك فنقول : البيت السعيد هو الذي يشرق بالنظافة ويروع بالتنسيق ، ويضيء بالفن صوراً ولوحات ، وينفح بالعطر ، وتكملة ذاك الفن وجود المكتبة ..

فإن نظافة بيتك تعلن عن نظافتك ، وتنسيقه يومئ إلى ذوقك ، وضبط أموره يدل على شخصيتك ، ( فكوني فنانة في بيتك ) ..

قلت : إن الرجل عند عودته من عمله ، يعود منهكاً .. فما الذي يعيد إليه نشاطه وحيويته ؟!! إنها الزوجة التي تخرجت من كلية الجمال والفن ، فتسحره بعطرها الفواح .. وتحفّه بأجنحتها الدفيئة ، وتبهره بتنسيقاتها اللطيفة و ترتيباتها العجيبة .. فينشرح صدره ..ويطمئن فؤاده .. وتسكن جوارحه .. فينطلق لسانه بكل ما يحفظ من كلمات الإعجاب والتقدير والثناء .. فيزيد كل ذلك من قربها منه ، فينسى كل ما يكدر صفوه ..

قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : إن لمستكِ الرقيقة تجعل من جدران منزلك الجامدة ، مرتعاً للحب والدفء ، وثقي بأن باقة صغيرة من الزهور أو إصيصاً هنا وهناك يفيض على عشك بالجمال والعطر ، ويهدئ النفوس المتعبة ..

وإن مجرد لوحة طبيعية للشروق أو الغروب ترتفع ببيتك درجات لتقول في صمت : هنا إنسانة رفيعة الحس تقدر الفن والجمال ..

هنا تبدو الحياة جديدة وكأنها محفوفة بالزهور والورود والياسمين .. فإذا تجمل القمر ( الزوج ) بنوره .. والشمس ( الزوجة ) بإشراقها .. والنجوم ( الأبناء ) بلمعانها .. تجملت الحياة للزوجين ..

قلت : وثقي أيتها الزوجة أن وجود مكتبة بسيطة وصغيرة في بيتك ، تعلن أنه توجد حياة في نسقها الأعلى .. توجد أشياء أخرى غير الطعام والشراب والنوم تهتم بها الزوجة .. وبمثل هذه الأشياء تسمو المنازل وتطيب الحياة ..

وأعود وأقول : ما أجمل الحياة الزوجية وما أسعدها .. وتكون أكثر سعادة إن كانت مبنية على طاعة الله ..
عندما يأتي المساء .
قلت : عندما يأتي المساء .. احرص عزيزي الزوج على إسعاد زوجتك .. مهما كانت الظروف .. خاصة بعد عناء يوم كامل من العمل والكد .. وسواء كان هذا العمل عادياً أم شاقاً .. فلا بد من السكون .. ولابد من الراحة .. الراحة والاستمتاع ، بالكلمة الطيبة .. واللفتة الإنسانية الخلابة .. وحديث القلب والروح .. وهمس المشاعر .. ولمسات الحب الحانية .. كل هذه وأكثر هو ما يسعد كل زوجة .. وسواء انتهى ذلك باللقاء ، أم اقتصر المساء على اللفتات واللمسات والهمسات ..

قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : وفي المساء يكون الهناء .. وكثير من الزوجات تنتظر حلول المساء لتنعم بالسعادة الزوجية .. وما أكثر ما ينسى الأزواج أن زوجاتهم تلتمس الحب من الزوج أكثر من اهتمامهن باللقاء .. ولذلك تشتهي الزوجة من زوجها دائماً أن يقدم اللقاء مصحوباً بمظاهر الحب ملفوفاً بدلائل الإعزاز والتكريم والتدليل .. بل ترى كل زوجة أن تقديم الحب أولاً شرط أساسي لنجاح اللقاء ..

قلت : وأكثر ما يسعد الزوجة ، هو سلوك الزوج الحنون معها .. وتفانيه في البذل والتضحية من أجل سعادتها .. كما وأن استغلال المساء لللقاء فقط دون الجانب الإنساني والعاطفي .. يجعل الزوجة تشعر بأن زوجها لا يحبها لنفسها ، بل لمتعته فقط ..

عندما يأتي المساء اجعل قلبك مفتوحاً لزوجتك .. اجعل مشاعرك مُلكاً لها .. شاركها الإحساس بالحب وبالمشاعر المتدفقة .. فالزوجة مهما طالت سنوات زواجها تسعد حين تشعر بأن زوجها يحبها ويرغب فيها لشيء أسمى من متعة الجسد ..

فإذا عسعس الليل .. وتلامست الأجساد .. وآوى كل حبيب إلى حبيبه .. ولبس كل زوج لباس زوجه { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } .. لبس الليل ثوبه المزخرف بلونه البهي لينساب في الحياة .. ويبث السعادة في الوجود ..

فعندما يتستر الليل بثوبه الأسود .. يتستر الزوجان .. فتتعانق الأرواح في جو مشحون بالمودة والرحمة .. فهدوء الليل يسكن كل ما في وجداننا من شجون وحنان .. و الأزواج كالأرواح .. جنود مجندة .. ما تعارف منها ائتلف ، وما تنافر منها اختلف ..

قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : والحقيقة التي يجب أن يعرفها كل زوج يرغب في اكتساب قلب زوجته ويصبح زوجاً ناجحاً ، أن الزوجة تهتم بالمشاعر أكثر من المتعة الجسدية ، وأن كثيراً من الزوجات تشكو من أن الحب عند أزواجهن يبدأ وينتهي في الفراش ..

قلت : إنه ينبغي على كل زوج ألا ينسى أن يسمع زوجته بين الفينة والأخرى أعذب الكلمات وأصدق العبارات .. خاصة تلك التي تمتدح جمالها وأناقتها ، أو حسن ذوقها .. لماذا ؟!! حتى لا يتسرب إلى نفسها تلك المشاعر التي ذكرتها ( أميرتي ) ..

وليعلم الجميع أن التفاهم والحب والحنان والمودة واستمرار كل ذلك ، يجب أن يكون على الدوام وليس فقط عندما يأتي المساء.
بقلم: عبد النور خبابة